بسبب الأفكار المسبقة عند العديد من السوريين عن العمل الإنساني والطبي وضروة حياديته في زمن الحروب والأزمات، تولد لدى البعض منهم مواقف مسبقة عن منظمة الهلال الأحمر السوري، التي يعتبرها البعض "جهة تابعة للدولة مثل وزارة الصحة" خالطا بين "سيارات الهلال الأحمر وسيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة التي يتم استخدامها للقبض على المتظاهرين"، الأمر ولد هجوما شرسا على متطوعي الهلال الأحمر السوري "من كافة الأطراف، واتهامهم المستمر بالتقصير في عملهم"، مما دفع "مجموعة من المتطوعين السابقين" لإطلاق حملة للتضامن مع متطوعي منظمة الهلال الأحمر السوري، بغية إنصافهم ورفع الحيف الذي يقع عليهم.
ويعود سبب هذه الرؤية السلبية عند بعض السوريين (معارضة وموالاة) للهلال الاحمر إلى جهل هؤلاء بالدور "المهم الغير واضح للعيان الذي يقوم به الهلال الأحمر في مساعدة الفئات المحتاجة في عدة مجالات" و " عدم معرفة صعوبة ظروف عمل المتطوعين"، الأمر الذي أخذت هذه الحملة على عاتقها مهمة شرحه وتوضيحه كما يقول القائمون على الحملة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
وبدأت الحملة مع ازدياد أعداد المعتقلين في صفوف الهلال الأحمر من قبل النظام و"عدم تسليط الضوء عليهم، فتم اختيار اسم الحملة بحيث يكون مباشر، بسيط ويعبر عن المضمون"، حيث قدم أحد أصدقاء الحملة اللوغو، وقامت "مجموعة أخرى بجمع أسماء وصور المعتقلين والشهداء، والتأكد من المعلومات المتعلقة بظروف وتفاصيل كل حالة على حدة، وعملنا على تجهيز مجموعة من التصاميم والصور لنشرها، مع الاتفاق على اعتماد 3 نقاط أساسية للعمل عليها:
- متابعة صفحات فروع الهلال الأحمر السوري، لنشر النشاطات الشباب والأخبار العاجلة ( علما أن الحملة مستقلة عن كل صفحات وفروع الهلال الأحمر في سوريا، وليس هناك اي صلة بين الطرفين).
- نشر معلومات وصور عن معتقلي الهلال، وتسليط الضوء عليهم ولفت النظر إلى أنهم سوريون أولاً وأخيراً.
- التذكير بشهداء الهلال الأحمر السوري بشكل دوري لتبقى ذكراهم موجودة ككل شهداء سوريا.
- التواصل مع المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية Amnesty ، ومنظمة هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة United Nations Office of High Commissioner for Human Rights OHCHR وتزويدهم بمعلومات دقيقة عن كل ما يتعرض له متطوعو الهلال الأحمر من إعاقة لعملهم إضافة لمعلومات كاملة ودقيقة عن المعتقلين للمطالبة بهم.
ثمة عوائق كثيرة تقف في وجه الحملة، يجملها القائمون على الحملة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold" في حوار معهم، بمايلي:
- تضارب المعلومات المتداولة، وصعوبة الوصول إلى المعلومة الصحيحة في بعض الأحيان.
- الخوف على مصادر معلوماتنا في الداخل الذين يقبعون تحت خطر الاعتقال أو التصفية بحال تم انكشاف هوياتهم.
- خوف الأهل المستمر على مصير أبنائهم المعتقلين، وعدم رغبتهم في بعض الأحيان بنشر معلومات عن ملابسات وتفاصيل اعتقالهم، مما يجعلنا نحترم رغبتهم ونوقف نشر الخبر.
- كلنا لديه عمله، وقد تشغلنا أعمالنا عن متابعة الصفحة مما يؤدي أحياناً لتقصيرنا في نشر الأخبار.
يسعى ناشطو الحملة لإيصال رسالة مفادها أن "متطوعو الهلال يعملون "لهدف إنساني سامي ونبيل ألا وهو تقديم المساعدة لكل من يحتاجها بغض النظر عن أي جهة ينتمي إليها، ويخاطرون بأنفسهم. هم بشر ولديهم إمكانيات قد يوقفها سلاح مشهر في وجوههم، ولا يعملون لخدمة أي طرف من الأطراف المتنازعة في سوريا، ويستحقون الاحترام مثلهم مثل أي سوري يعمل لبلده".
يعتبر القائمون على الحملة أنهم نجحوا جزئيا في تسليط الضوء على الحملة وعلى التعريف بمعتقلي الهلال الأحمر وشهدائهم، خاصة أن "التقصير الإعلامي .. في تسليط الضوء على متطوعي الهلال الأحمر السوري" مقصود برأيهم، إذ " ما يزال الكثير من الشبان على مواقع التواصل الاجتماعي يتجاهلون معتقلين وشهداء الهلال الأحمر السوري، ويتجاهلون أخبارهم، ومع ذلك نحاول أكثر وأكثر لنوصل الرسالة إلى كافة الجهات المستهدفة".
وقد يكون أحد أسباب التعتيم الإعلامي على الحملة و نشطائها أنهم يضعون حملتهم تلك بمواجهة العسكرة، لأن "صوت الرصاص يعلو على باقي الأصوات، ولكن صداه يتردد قليلاً ويختفي، ويبقى تأثير الكلمة وصدى العمل الحقيقي" وفق وجهة نظرهم.
يذكر أن متطوعي الحملة يعملون في شروط صعبة جدا، وتصادفهم تحديات كبرى في عملهم، منها إعاقة دخولهم إلى العديد من المناطق التي يتجهون إليها لتقديم الدعم، فيتم اتهامهم بالتقصير وعدم الاهتمام، وجرّ الجرحى والمصابين من السيارات تحت تهديد السلاح أو السلاح، لذلك تم توجيه عدة اتهامات إليهم بأنهم يتعاونون مع الأمن، وإطلاق الرصاص على سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر السوري، والتي أدت لإصابة العشرات من المتطوعين واستشهاد العديد أيضاً، و الاعتقالات المستمرة للمتطوعين، وتعرض العديد من المعتقلين من المتطوعين للتعذيب أثناء الاعتقال.
وهذا كله ناجم عن جهل بطبيعة العمل الطبي الإنساني الذي يجب أن يكون حياديا حتى ينجح، وهذا ما تسعى الحملة أن تسلط عليه الضوء، لنشر الوعي بأهميته والتعريف بأن "متطوع الهلال الأحمر السوري يمضون فترات قد تمتد إلى شهر أو أكثر دون أن يرى أهله، ولكل منهم عائلة وأصدقاء وأحباء يقلقون عليهم. فقدوا العديد من أصدقاءهم ورفاقهم كمعتقلين وشهداء، و على الرغم من مرور أكثر من سنتين ونصف وبالرغم من كل ما يتعرضون له من جهات متعددة، ورغم الخطر الذي يواجههم بشكل مستمر مازالوا يعملون، وبل وتزداد فعاليتهم وإصرارهم على العمل أكثر فأكثر، نرفع القبعات لهم ونحني رؤوسنا احتراماً لجهودهم وتضحياتهم".