دافنينو سوا


21 أيار 2014

على خلاف الحملات السورية الكثيرة التي انطلقت من مبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية التي أعلنت عنها السلطة مؤخرا، جاءت حملة " دافنينو سوا" لتتجاوز " فكرة رفض الانتخابات أو القبول بها" إلى البحث في مفهوم الديمقراطية ذاته، والعمل على  "نشر الوعي حول خطورة اختصارها بصندوق الاقتراع" لأن الانتخابات من وجهة نظر مطلقي الحملة "ليست هي المسرحية، بل إن كل ما يحدث منذ سنوات طويلة هو مهزلة مستمرة، إلا أنها اليوم تبدت أكثر مع طرح مفهوم الديمقراطية الجديد في الحياة السورية" كما يقول مؤسس الحملة "نائل حريري" لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

الحملة التي تستمد اسمها من اسم الحملة التي أعلنها الرئيس شعارا لحملته ( سوا)، إنما بشكل ساخر جاءت فكرتها من عبارة قرأها "الحريري" لصديق له تقول " سيادة الرئيس.. دافنينه سوا"، حيث تعكس العبارة التقابل الحاصل بين اسم الحملة وبين المفهوم الشعبي لمدى معرفة السوريين لكل ما يحصل، لتعتمد الحملة أساسا على مواد السلطة (قوانينها، تصريحاتها، خطاباتها وخطواتها)  نفسها عبر السخرية منها، إذ "لا داعي لشيء آخر"، وهو ما تجلى بقيام الحملة ( مثلا لا حصرا) بعرض فقرات من الدستور الجديد، مرفقة بعبارات سخرية، إذ نقرأ على أحد البوسترات " المادة 140: المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة. المادة 141: تؤلف المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء على الأقل يسميهم رئيس الجمهورية"، حيث يبدو واضحا هنا التناقض بين المادتين، المرفقتين بعبارة سخرية تقول: "اللي ما بيعرفك بيجهلك يا سيادة الرئيس".

بمجرد ما استقرت الفكرة جيدا بذهن مؤسسها، بدأ عملية البحث عن تنفيذها من خلال التواصل مع الأصدقاء والناشطين عبر الرسائل والتواصل الشخصي، إضافة إلى عملية البحث عن  مصممين غرافيكس وخبراء مونتاج، لأجل "إنتاج أفكار ليس لمنشورات وإنما لسلاسل منشورات"، مع السعي لأن يكون هناك مجموعة خاصة بمدراء الحملة. يشرفون على صفحات الحملة الثلاثة في فيسبوك وإنستاغرام وتويتر، و أربع مجموعات هي: (1): المتابعون، الذين يترصدون الأخبار والأفكار والتصريحات. (2): و مصممون يعملون على إخراج الأفكار. (3): المصممون. (4): مشرفون على قناة اليوتيوب.

إلا أن هذا الطموح لم يتجسد كله على أرض الواقع، بسبب "عدم التفرغ و عدم الاهتمام"، ليجد مطلق الحملة نفسه وحيدا في نهاية المطاف، حيث اضطر لأن يتفرغ عدة أيام لكي يتعلم التصميم على برنامج "كوريل درو"، حيث يدير الحملة حاليا وحده بالتعاون صديقين انضما إليه لاحقا هما "محمد زعتري" و"أركان الديراني".

على صفحة الحملة نشاهد صورا تسخر من شعار حملة الأسد، عبر العمل على إبراز التنافض بين ما يطرحه الأسد والواقع، ففي صورة يظهر فيها الأسد وخلفه الدمار الحاصل جراء القصف، نقرأ بسخرية: "مزبوط... منعمرها. عمار ده ولا مش عمار يا متعلمين يا بتوع المدارس؟"، إضافة إلى استحضار أغاني فيروز و اللعب بها بطريقة تتطابق مع الحدث بسخرية، كأن تظهر صورة فيروز وهي تغني "أنا وشادي دافنينو سوا".

لوغو الحملة. المصدر الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك
لوغو الحملة. المصدر الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك

حققت الحملة نجاحا في مجال الهدف الذي أطلقت لأجله حيث وصل عدد المعجبين بها خلال أيام قليلة 5689 معجب ( تاريخ 21/5/2014) من إطلاقها، وتمكنت من "نشر الوعي وخلق الجدل حول مسائل هامة كصلاحيات الرئيس في الدستور وشكل الديمقراطية التي نريدها"، إضافة إلى قيام الصفحات الأخرى بنقل أفكارها وبوستراتها ودون الإشارة للمصدر، إلا أن هذا الأمر لم يزعج مطلق الحملة طالما "الأفكار تنتشر"، وذلك بالرغم من العوائق الكثيرة التي صادفت الحملة، وعلى رأسها عدم التفرغ  حيث يضطر الناشطون للبحث عن عمل يدر مالا بعد فترة من تطوّعهم وهو أمر ينطبق على أغلب النشاط المدني اليوم، إضافة إلى عدم وجود  "تشبيك حقيقي للنشطاء العاملين في هذا المجال، وعدم القدرة على جمعهم في مشروع واحد. فأغلبهم يقودون حملات صغيرة على صفحات فيسبوك ويرفض كل منهم التخلي عن "ماركته المسجلة" لصالح مشروع أكبر".

لم تتلق الحملة أي تمويل سوى ما قدمته الدكتورة ريم تركماني عبر رعاية الصفحة في فيسبوك حيث دفعت كلفة الإعلان عنها في فيسبوك لعدة أيام، حيث تصل تكلفة اليوم الواحد إلى خمسة دولار.

تحلم "دافنينو سوا" أن تعيد الجو الذي بدأت به هذه الثورة، والأيام التي ظهرت فيها صفحات وأفكار شبابية مدنية مميزة مثل "صفحة الثورة الصينية"، حيث تسعى لأن "نعيد روح الشباب الذي بدأ بهذه الثورة ووصل اليوم إلى مراحل يأس متقدمة.

أهم ما في الحملة أنها "لن تنتهي أو تختفي بعد الانتخابات" لأن " نشر الوعي مستمر باستمرار المهزلة"، حيث أجابت الحملة على هذا الأمر على طريقتها حين كتبت: " فيه ناس عم تسألنا... لما تخلص الانتخابات بدكن تبطلو؟ عالسيرة اسمعوا هالنكتة: حمصي سأل رفيقه: إذا سقط النظام رح نوقف مظاهرات؟ رد عليه: شو خص هي بهي؟!!! الخلاصة: فيه كتير شغلات دافنينها سوا، منعد وما منخلص، لينهوا حديثهم معنا بالقول: "هلأ بلشنا" في رسالة تحدي واضحة للنظام بأن النضال ضده سيبقى قائما سواء جرت الانتخابات أم لا.

 

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد