دير الزور تحت النار: فعالية مستمرة مادام الظلم قائم


13 نيسان 2015

بعد سقوط المراكز الأساسية في محافظة دير الزور بيد تنظيم داعش الإرهابي، نزحت كثير من العائلات، وأغلقت العديد من المؤسسات المدنية ومنظمات العمل المدني والمشاريع الخيرية، وهاجر العديد من الناشطين المدنيين إلى البلدان المجاورة وخصوصا تركيا، الأمر الذي خلق فراغا هائلا في العمل المدني من جهة، وحاجة ماسة للتوثيق والرصد لمعرفة ما يجري ونقله للعالم من جهة ثانية، مما دفع عدد من النشطاء الذين بقوا في المدينة للاجتماع وإطلاق حملة "دير الزور تحت النار".

الحملة التي انطلقت في الربع الثالث من السنة الماضية ٢٠١٤ بدأت مع اجتماع " صاحب الفكرة مع عدد من الناشطين بسرية تامة، ونوقشت الفكرة والفوائد والأضرار المحتملة، ليتم الاتفاق على إطلاق الحملة مع الحفاظ على سرية هوية الأعضاء لحمايتهم من غدر التنظيم الذي يعتبر حامل القلم أشد عداء ً له من حامل المدفع" كما يقول أحد أعضاء الحملة لحكاية ما انحكت.

مع انطلاق الحملة وجّه التنظيم العديد من التحذيرات والتهديدات لفريق الحملة المؤلف من مجلس إدارة ومراسلين وناشرين وصل عددهم إلى العشرين. إلا أن "دقة العمل حالت دون الخضوع لهذه التهديدات والتي كانت تهدف إلى خلق نوع من الشقاق الداخلي وخصوصاً في بداية الانطلاق".

لافتة مرفوعة في هولندا، تضامنا مع مع دير الزور. المصدر: صفحة الحملة على الفيسبوك
لافتة مرفوعة في هولندا، تضامنا مع مع دير الزور. المصدر: صفحة الحملة على الفيسبوك

وثقت الحملة نزوح أكثر من ١٠٠ ناشط ولجوؤهم إلى بلاد الجوار، ليتركز عملها على ثلاثة أمور: الرصد - النقل – التوثيق، معتمدة في ذلك على نشطاء موّزعين في الداخل والخارج، وعلى نوع "آخر من الأعضاء غير المنتسبين وهم المتعاونين المعجبين بالفكرة. ولكنهم ولأسبابهم الأمنية الخاصة يخشون الانضمام. وفي ذات الوقت يعطون الحملة الأخبار ويزودونها بالصور إن وجدت".

تختلف نشاطات الحملة بين فترة وأخرى، ففي الفترة التأسيسية رصدت الحملة بعض الانتهاكات بحق المدنيين من قبل من تسميهم "طرفي الإرهاب الأكبر (النظام والتنظيم)". إلا أن الصمت العالمي عن الجرائم المرتكبة دفعهم إلى تأسيس منظمة عمل مدني تعني "بالتوثيق والمسح الجغرافي ورصد حركة التعليم والصحة والإغاثة، بالإضافة إلى قسم التوثيق السري".

لوغو الحملة. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك
لوغو الحملة. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك

يتركز عمل الحملة اليوم (13 نيسان 2015) على إعداد الكوادر و إيجاد طرق لتدريب مدربين "في التنمية قادرين على إدارة هذه المرحلة من النكبة السورية"، حيث يتعرّض النشطاء لمخاطر كبرى من التنظيم الذي عرف بشدة بطشه وجرائمه وعدائه الصريح لكافة الأنشطة المدنية بما فيها الإعلام والصحة والإغاثة والتعليم، الأمر الذي جعل جهود الفريق مضاعفة للحفاظ على السرية الكاملة للعمل، لأنها السبيل الوحيد "للحفاظ على حياة الناشطين المهددين، خصوصاً في ظل غياب أي طرف في التمويل مما يعني قلة في المعدات والتجهيزات ووسائل التشفير والمراسلة الآمنة" كما يقولون لحكاية ما انحكت.

الحملة التي مضى أشهر عديدة على انطلاقها لم تتلق حتى اليوم أي دعم "لا من حيث التجهيز ولا من حيث كفاية الناشطين وسد حاجاتهم"، الأمر الذي جعل قدرتهم على الصمود محدودة في ظل عدم وجود منافذ عمل أخرى، ما تسبب بتسرب عدد من الكوادر نحو الخارج، بحثا عن الرزق.

أطفال في أحد مخيمات اللجوء السورية يرفعون لافتة تضامنا مع دير الزور. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك
أطفال في أحد مخيمات اللجوء السورية يرفعون لافتة تضامنا مع دير الزور. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك

الحملة حققت جزءا من أجندتها، من خلال لفت الأنظار إلى ما تتعرض له المدينة في مستوى أول، والسعي لجعل أخبارها في نشرات الأخبار في مستوى ثان، وحشد أكبر عدد من المناصرين والناشطين لقضية مدينتهم في مستوى ثالث، وتنظيم عدد من الاعتصامات في مدن خارج البلد نصرة للمدينة، وهو ما تجلى من خلال اللافتات التي رفعها ناشطون وأطفال في مدن متعددة نصرة للمدينة.

رغم كل هذا الحصار الذي تتعرض له المدينة والنشطاء في آن في ظل صعوبات تزيدها "الحرب المدمرة والمفتعلة في كثير من الأحيان وبمباركة أطراف وأقطاب دولية" كما يقولون، فإنهم لم يفقدوا الأمل بالبحث عن "مصدر يؤمن لنا الاحتياجات الأساسية للاستمرار في الكفاح، ولكسر شوكة الإرهاب المتمثلة بدولتي الأسد والبغدادي" لإيمانهم بأن "الصمود المستمر يجب أن تتوفر له بعض الاحتياجات".

"دير الزور تحت الحصار": نشاط شباب رؤوا ما حل بمدنيتهم على يد النظام أولا وداعش ثانيا، فأثروا العمل بصمت وسرية بدلا من النواح، مطوّرين أنفسهم من حملة ذات نشاط محدد إلى مجموعة عمل مدنية لها طابع الاستمرارية، الأمر الذي يجعل منها حملة مستمرة تقوم بمهام مجموعة عمل.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد