مع بدء العام الدراسي (2013- 2014) يكون قسم كبير من أطفال سوريا وطلابها قد أتم عامه الثاني على التوالي بدون مدارس، الأمر الذي ينذر بكوارث تعليمية لا تقل فداحة عن الكوارث التي تخلّفها الحرب الدائرة بين النظام والفصائل المعارضة له، مما يؤدي إلى فقدان سوريا لكوادر تضاف للخسائر البشرية التي يحصدها الموت كونها ستكون كوادر غير مؤهلة، الأمر الذي جعل الناشطون المدنيون يتنبهون للأمر ويطلقون حملة "بدي مدرستي" لأجل إطلاق ما يمكن إطلاقه من العملية التعليمية ولو بحدها الأدنى، خاصة في المناطق التي رحل عنها النظام، لأن أغلب هذه المدارس تهيمن عليها الكتائب المسلحة التابعة للمعارضة، وبالتالي ليس هناك حجج أمام عدم تأهيلها ليكمل الأطفال دراستهم.
موقعنا سيريا أنتولد Syria untold تمكن من التواصل مع الناشط "جيفارا نبي" من تجمع "لهون وبس" المشارك بالحملة ( بدي مدرستي)، للوقوف على تفاصيل الحملة ومسارها وأهدافها، إذ قال: "بدأت فكرة حملة "بدي مدرستي " بعد قدوم العام الدراسي وتوقّف العملية التعليمية لعامين على التوالي، وإيماننا بأنّ أهداف ثورة الكرامة تتحقق بإكمال التعليم ونشر الوعي، بدأنا بعمليّة إحصاء للمدارس التي يستخدمها المسلحون ومجالس الأحياء كمقرّات، بالإضافة لحملة الكترونية تتضمن صور للأطفال وتقارير عن أهمية استعادة المدارس وتوزيع مناشير توعوية للشعب تؤكد على أهمية استعادة المدارس لإكمال العملية التربوية, ونحضّر الآن لاعتصام لناشطين وأهالي الطلاب والمعلمين أمام مجلس المحافظة الحرة وآخر أمام لواء التوحيد لمساعدتنا في إفراغ المدارس".
رغم حماس الناشطين وعملهم إلا أنّ ثمّة مشاكل كثيرة تعترض حملتهم، يأتي في مقدمتها "عدم استيعاب الكتائب لأهمية إفراغ المدارس، وعدم وجود قوة عسكرية لها وزنها نلجأ لها لتكون ضاغطة, وعدم وجود الوعي الكافي بين المدنيين عن مدى أهمية إكمال التعليم"، إضافة إلى "عدم وجود مموّلين لإصلاح المدارس المتضررة وتوفير الأساسيات اللازمة للتعليم (أثاث , مازوت , لوح , كتب و...الخ)".
ورغم هذه المصاعب الكثيرة، إلا أن الناشطين مصرون على عدم الرضوخ لها والبحث عن سبل لتذليلها، إذ يسعون مبدئيا لـ "كسب القوى المدنية كهيئة المعلمين ومجلس محافظة حلب الحرة، وكسب القوى العسكرية أيضا، خاصة التي تضع يدها على عدد من المدارس كلواء التوحيد لنضغط على باقي الكتائب ".
وثمة مشاكل أخرى، ناجمة عن قلق الأهالي وتخوفهم على أبنائهم من القصف المستمر الذي يقوم به النظام، إضافة إلى وجود "بعض التنظيمات المتطرفة التي تحاول إبقاء الجهل متفشيا بين الشعب"، وهو ما يعمل النشطاء على حله عبر "تكثيف التوعية للشعب (أهالي الطلاب) من خلال المناشير والمساجد وشاشات العرض الحي في الشوارع (عرض فيديوهات) والمظاهرات المطالبة بتوفير الحماية للمدارس والطلاب".
حملة "بدي مدرستي" تأتي انعكاسا لوعي ناشطين يدركون أهمية الاقتران بين الحرية والتعليم من جهة، وأهمية مقارعة الاستبداد بيد وبناء الإنسان باليد الأخرى، مدركين أن التعليم من "الحقوق الأساسية للطفل" لذا يناضلون ضد نظام حرمهم أبسط حقوقهم، وهم يصرخون بيأس ضد عالم خذلهم" لم نرى من المجتمع الدولي موقفا جريئا ضد جرائم النظام السوري لشعبه في ثورة الحرية والكرامة"، متمنين " أن يضغطوا على النظام كي يتوقف عن قصف المدارس لتستمر العملية التعليمية لأطفال سوريا"، فهل هذا كثير، أم أن العالم أصبح أصما لدرجة البلاهة!