ليست المرة الأولى التي تحدث فيها حملة اعتقالات من قبل قوات "الأسايش" في الشمال السوري، فقد سبق وأن قامت هذه القوات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومهمتها الحفاظ على الأمن الداخلي في المناطق التي يسيطر عليها الحزب، قامت باعتقال عدد من أبناء مدينة عفرين بشهر حزيران 2013 خلال ملاحقتهم لعناصر من لواء "صقور عفرين"، أما الاعتقالات الأخيرة التي طالت عدداً كبيراً من أبناء القرى والمدن الكردية في سوريا فقد بقي الغموض وتضارب الأنباء حولها سيد الموقف، وهو ما ينسحب حول أية قضية كردية في سوريا، بسبب تعقد الوضع الكردي وكثرة الأحزاب والانتماءات.
من خلال تصاريح النشطاء والأخبار متعددة المصادر التي تتبَّعها موقع "حكاية ما انحكت"، فإن قوات الأسايش قامت باقتحام قرية "السويدية" الواقعة في ريف مدينة "الحسكة"، يوم الإثنين 14/12/2015، بعد حصارها ليوم واحد، إثر رفض أهالي القرية للتجنيد الإجباري في صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي، ثم قامت قوات الأشايس باعتقال أربعة وثلاثين شخصاً من القرية بينهم نساء وأطفال، بتهم مختلفة، منها الاعتداء على مخفر الشرطة وحيازة أسلحة.
على صعيد آخر، كانت ردود أفعال المحللين الأكراد متماثلة من حيث استنكار ما يحدث بين المدنيين والقوات الكردية، إلا أنها تباينت في أسباب هذا الاستنكار، ففي حين اعترض البعض على أن يكون هناك صراع "كردي-كردي"، كما قال محمد إسماعيل أحد مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني، متجاهلاً أن هذه المناطق سورية قبلاً، رد بعض المعنيين بقوة على هذه الانتهاكات كونها تمس الحريات العامة أولاً وأخيراً، بغض النظر عن القومية والمناطقية، مثل الكاتب "محمد المطرود"، الذي نشأ في قرية قريبة من "السويدية"، حيث قال لـ(حكاية ما انحكت) إن حزب الاتحاد الديمقراطي يتبع سياسة التبعيَّة للنظام، وعلى المثقف الكردي أن يخرج من وهمه ويدين هذه الميليشيا بوصفها بعثية، إذا كان فعلاً ضد البعث، فما تفعله قوات الأسايش مماثل لما تقوم به قوات النظام من اعتقالات تعسفية في بدايات الثورة السورية تجاه المناطق المنتفضة.
قبل أيام من حادثة "السويدية"، في 08/12/2015، قامت قوات الأسايش بمداهمة مكاتب تابعة لمؤسسات المجتمع المدني في مدينة "عفرين"، لتعتقل عدداً كبيراً من الناشطين، كان بينهم مدير الدفاع المدني وزوجته وثلاثة عشر ناشطاً إغاثياً بالإضافة إلى الصحفية "جيهان مستو" مراسلة وكالة "آرانيوز"، وذلك دون استدعاء أو مذكرة توقيف، هذه الحادثة زادت من تأكيد التطابق بين سلوك "الأسايش" ومخابرات نظام الأسد.
لمعرفة المزيد عن هذه النقطة توجهنا إلى الباحث عمر كوجري من قرية "سويدية"، والذي قال لـ(حكاية ما انحكت) "حزب الاتحاد الديمقراطي تأسس عام 2002 من مؤيدي حزب PKK، قبل الثورة كان ضعيفاً وهشاً، وكان رئيسه الحالي محكوماً غيابياً، لكنه عاد وتحرك بلا رقيب في كل المناطق الكردية في سورية، وأعطي له السلاح بعد أن تمت عملية استلام وتسليم بينه وبين النظام السوري للمناطق الكردية، وبالفعل نجح في تحييد العديد من الكرد عن الانخراط في الحراك الثوري في سوريا عامة، وحقق ما طلب منه النظام". أما الأسايش فإنها الذراع الأمنية والعسكرية الضاربة لهذا الحزب الذي لا يمثل الأكراد بشيء، ولا حتى باسمه، كما يضيف "عمر"، وهي تمارس القمع والتنكيل واعتقال المواطنين وتعذبهم على خلفيات" الرأي"، كما أنها تملك قوة عسكرية كبيرة، تستطيع بموجبها فرض سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي على المنطقة".