الحراك السلمي السوري


09 شباط 2013

"الحراك السلمي السوري"  مجموعةٌ من الشباب السوري المؤمن بالفعل السلمي والمقاومة المدنيَّة، لتحقيق التغيير ليس فقط على الصعيد السياسي، وإنمَّا الاجتماعي والثقافي أيضاً.

تأسست المجموعة في شهر نيسان من عام 2011، أي بعد أسابيعٍ قليلة من انطلاق الانتفاضة، وكانَ الهاجسُ الأساسيُّ من التأسيس المشاركة في الحراك الشعبي، ودعمه من خلال أطروحَات ومَبادئ المقاومة المدنيَّة، معزَّزة بأمثلة عن أساليبٍ لا عنفيَّة من التاريخ، إذ أكَّدت المجموعة على "بناء مجتمعٍ تعدُّدي تسوده قيم العدالة والحرية والكرامة، ويتساوى فيه جميعُ المواطنين على أساس المواطنيَّة"، كما يقول أحد نشطاء التجمع لموقعنا سيريا أنتولد syria untold.

التواصل بين أعضاء مجموعة الحراك السلمي السوري لا يعودُ تاريخَّهُ إلى بداية الانتفاضة السورية، بل كانت المراسلات جاريَّة بين أعضاء المجموعة المؤسَّسين وهم سوريون في الداخل والخارج، حيثُ كانَ التشبيك بينهم جارياً قبل بدء هبَّة "الربيع العربي"، وقد استطاع موقعنا سيرياأنتولد Syrianuntold أن يصلَ لأحد الناشطين في المجموعة حيث يقول "جمعتْنَا نحن أعضاء المجموعة مُراسلات لمدَّةٍ تزيد عن خمسة سنوات، كانت تعتمد على وجوب العمل على الفكر لتغيير ما في الأنُفس، وعندما انطلقت الثورة كنَّا من أوائل من انضموا إليها"، ومن الجدير بالذكر أن بعض أعضاء المنظمة في الداخل، شاركوا بوقفة أمامَ وزارة الداخليَّة في ساحة المرجة بدمشق في بدايات الانتفاضة يوم 16 آذار عام 2011، وشارك البعض الآخر في نشاطات سبقت الثورة بسنوات فيما عُرِف بمجموعة شباب داريا، وتركَّزت النشاطات في حينها على مكافحة الفساد وتنظيف الشوارع في المدينة، وذلك لخلق حالة من تغيير للواقع الاجتماعي في مدينة داريا، وفي العمق انقلاب مدني بطيئ على الاستبداد الحاكم.
يكمل الناشط قائلاً "جميع السوريين مدعوون للانضمام إلى المنظمة في حال وجدوا فيها ما يمثل أفكارهم ووجدوا في أهدافنا ما يحقق تصوراتهم عن مستقبل سوريا".

وقد قامت مجموعة الحراك السلمي بفعاليات مختلفة منذ بدء الحراك، كفعاليات العصيان المدني السلمي، حيث امتازت مشاريع المجموعة بطابع الدعوة إلى عصيان بوقت مبكر جداً من الثورة, مثل حملة "خليك بالبيت" أو حملة "خبي قرشك الأبيض ليسقط نظامك الأسود".
بدأت حملة "خليك بالبيت" بالاعتماد على المبدأ الأساسي الذي أخذته المجموعة بالحسبان، ألا وهو تسهيل وتبسيط انخراط المواطنين في الحراك  قدر الإمكان لكسر حاجز الخوف وإيصال صوت الشعب الرافض لممارسات النظام، دون إلحاق الضرر بالمشاركين في الفعالية من جهة الملاحقات الأمنية وتبعاتها. ولتحقيق تلك الأهداف مجتمعة فقد اقترحت المجموعة أن يكون الإضراب لبضع ساعات فقط، مساء يوم الخميس حيث لا يبقى الناس عادة في بيوتهم وكانت تلك أول دعوة إضراب أطلقت خلال الثورة، وقد كانت بالطبع أولى دعوات المجموعة إلى العصيان المدني.

ومن أوائل مشاريع العصيان المدني الاقتصادي، حملة "خبي قرشك الأبيض ليسقط نظامك الأسود"، الفكرة من هذه الحملة كانت تأخير دفع الفواتير أو الامتناع عن دفعها ليتوقف الإمداد المالي للنظام من خلال المواطنين، ولعل من أبرز الإعلانات التي ظهرت ضمن تلك الحملة صورة لشواهد قبور مكتوبة عليها "راح بفاتورة مي"، ولاقت هذه الحملة حماساً أقل من غيرها في وقتها لأسباب "شخصية" حيث" طيبة الشعب –حتى الشريحة الثائرة منه- و حرصهم على الاقتصاد الوطني، ولم تدرك الأغلبيَّة العُظمى من المواطنين حينها أنَّ النِظَام يجرُّنا إلى ما هو أبشَعْ من الخَراب الاقتصادي".

ومن أهم المشاريع الموجَّهة للخارج في مجموعة الحراك السلمي السوري والتي أقيمت في أكثر من عشرين دولة خارجيَّة، مشروع "اليوم العالمي لسوريا-أنقذوا أطفال سوريا"، ومشروع "صلّوا من أجل سوريا". بالإضافة إلى مشاريع توعويَّة كثيرة قامت بها المجموعة مثل مشروع "شخابيط ثورية"، و مشروع "قصاصات ورقيَّة"، و مشروع "قرآن من أجل الثورة"، ومشروع "أنجيل من أجل الثورة".

ازديادُ وتيرَةُ الصراع المسلح وتبعَاتَهُ من قَصْفٍ وتَشْريد، وارتفاعُ وتيرَةُ العُنف والطائفية، والعوائق التي تواجه المجتمع والثورة ككل تعتبرُ من أهم الصعوبات التي تواجه المجموعات المدنيَّة. أمَّا حول الصعوبات في تمويل نشاط مجموعة الحراك السلمي، فإنَّ شأنهم في ذلك شأن باقي مجموعات العمل المدني الأخرى، إذْ كان التمويل ذاتيَّاً لفترةٍ طويلة إلا أنَّ المجموعة بدأت بالتعاون وفتح قنوات اتصال مع مؤسَّسات غير ربحية عالمية، تشارك أهداف المجموعة في وقف العنف وتحقيق السلام والتصدي لاستغلال الطفولة.

في مدرسة الشهيد مصطفى قرمان

ولأنَّ إضراب الكرامة قد حقَّقَ نسبة استجابةٍ كبيرة فاقَت كلّ التوقُّعات، فإنَّ جميع أعضاء المجموعَة يتَّفقون على أنَّ أهم لحظة تاريخيَّة مرَّت على المجموعة خلال الثورة، كانت أوَّل أيام "إضراب الكرامة"، حيثُ يكمل الناشط:" الفرح كان مرتبطاً بإعجابنا الشديد بقدرة الشعب على الإبداع و الاستجابة للفكر المدني".

أمَّا لحظة استشهاد الناشط غياث مطر واعتقال يحيى الشربجي وهما عضوان من أعضاء المجموعة، بالإضافة إلى استشهاد المخرج باسل شحادة الذي تعاون مع الحراك على إنتاج فيلم "أغاني الثورة" و"مشروع نقود الحرية" تحت مظلّة أيّام الحرية، تلاه استشهاد عضوين من أعضاء الحراك في داريا الجريحة، الشهيدان "محمد قريطم" مؤسَّس جريدة "عنب بلدي" و "محمد شحادة" أحد مدرائها، حيث كان الشهيدان من أعضاء الحراك الفاعلين و المميزين، كانت هذه اللحظات من أصعب اللحظات صعوبة في تاريخ المجموعة.

يؤمن الفاعلون في مجموعة الحراك السلمي السوري, بأنّ كل تغيير يبدأ من النفس والفكر، وبأنّ الثورات هي فرصة لإعادة السؤال حول مفاهيم خاطئة مرسَّخة عند الشعب لفترة طويلة، لذلك فإنَّ أهمية الثورة في أن تكون ثورة ثقافية وفكريَّة أيضاً، ويرى الفاعلون في المجموعة بأنَّ العسكرة واقعٌ فرض قسراً، وعلى الناشطين التعايش معه وإدارته، حيثُ أنَّ كثيرٌ من العسكريين الذين التقوا بهم أعضاءٌ من المجموعة أبدوا الدعم والاهتمام، وأثنوا على جهود الشباب في مواجهة العنفيين فكريَّاً، وكثيرٌ منهم يترحَّم على أيام السلمية، حتى إنَّ بعض الكتائب قامت بحماية مشاريع المجموعة إيماناً بأهميَّة الحراك السلمي والمدني".

تؤمن مجموعة الحراك السلمي بشكل مطلق على أن العمل المدني هو السبيل الأنجع لتأسيس الدول على أسس قوية اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً وأنه أحد أقوى ضمانات الديمقراطية، هناك مئات المشاريع المدنية المبدعة في مختلف مناطق سورية، جميع هذه المشاريع هي نواة المجتمع المدني السوري الراشد إن أحسنت رعايتها وخرج السياسيون من الخلافات الفكرية الضيقة إلى أفق الحرية والكرامة الذي يتسع للجميع.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد