" ثلاثاء أحرار سوريا " هو استثناءٌ غريب بين كل المنظمات المدنية التي تأسسَّت على هامش الانتفاضة السورية، إذ أنَّ الحراك الميداني دوماً يأتي قبل النشاط الفايسبوكي، ولكن في حالة تجمّع "ثلاثاء أحرار سوريا"، فإنَّ صفحة الفيسبوك تأسَّست قبل التقاء أعضاء التجّمع، وتم الاتّفاق على تسليط الأضواء على أوضاع المعتقلين السياسين في سجون السلطات السورية، حيثُ تقول بعض الإحصاءات الرسمية من الأمم المتحدة أنَّ هنالك أكثر من 200 ألف معتقل ، وتخصيص كلَّ يوم من أيَّام الأسبوع لمعتقل سياسي، ويتمّ اختيار المعتقل حسب قدمه وخطورةُ وضعهِ الصحّي والنفسي، بالإضافة إلى توثيق أكبر عدد ممكن من الحالات من أجل ملاحقة المرتكبين.
استطاع موقعنا "سوريا أنتولد syriauntold " أن يصل إلى أحد الأعضاء المؤسِّسين في المجموعة، حيث أكَّد قائلاً:" أتت فكرةُ إنشاء الصفحة من الحاجة الملحَّة لمنبر إعلامي، يغطّي ويتابع حالات الاعتقال القسري للناشطين، والتي ترافقت منذ بداية الحراك على امتداد الأراضي السورية، وقد بلغ عددها الآلاف. تُعنى الصفحة بتسليط الأضواء على قصص وحالات المعتقلين، التي كثيرا ما تكون مأساوية وفيها كثير من الإذلال والإهانة لكرامة الإنسان وحقوقه، إضافة إلى الخطورة على حياتهم، حيث إنّ كلّ معتقل هو مشروع شهيد والأمثلة كثيرة وهناك آلاف الحالات الموثقة لمعتقلين استشهدوا تحت التعذيب".
وحول الأهداف الأساسيَّة البعيدة المدى لإنشاء الصفحة يتابع قائلاً:" ومن ناحية أخرى نرى أن الصفحة تشكل دعما نفسيَّاً لأهالي المعتقلين وأصدقائهم، حيث نؤكد بأننا لن ننساهم، وهم أولوية بالنسبة لنا من خلال التضامن معهم، وقد وصلنا لهذه القناعة من خلال عدد المشاركين بالصفحة وحجم الرسائل التي تصلنا".
وحول الظروف في تاريخ الانتفاضة السورية التي انبثقت منها صفحة الفيسبوك يقول:" تمَّ اختيارُ يوم الثلاثاء لإطلاق الصفحة، وكان يوم التضامن مع المُعتقلة في كليَّة الطب البشري يمان القادري، والّذي أطلق عليه ثلاثاء الوفاء للمُعتقلة يمان القادري، حيثُ أنَّه بتاريخ 22-11-2011 أطلقَت مجموعة من صفحات الفيسبوك دعوة لتسمية يوم الثلاثاء 22-11 بثلاثاء الوفاء ليمان القادري، وتمَّ العمل على تغطية الحدث بزخم كبير من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وقام أصدقائها من طلاب الجامعات بتنفيذ اعتصام للمطالبة بها، شكَّلت هذه الحملة ضغطا كبيرا على النظام مما أجبره على إطلاق سراحها في اليوم التالي. ومن هنا استقينا الفكرة لإنشاء صفحة تسلط الأضواء على المعتقلين، وأن تحمل نفس الاسم واليوم".
ويتحدث الناشط عن الفعاليات التي قامت بها المجموعة، أهمُّها حملة التضامن مع المعتقل نجاتي طيّارة، بالإضافة إلى حملة أخرى للتضامن مع المعتقل أنس الشغري، وتمّت حملة واسعة من أجل التضامن مع الناشط والكاتب حسين عيسو، وترافقت هذه الحملات دوماً بدعم إعلامي وحراك على الأرض.
أما عن الفعاليَّات الأخرى التي قامت بها المجموعة يقول الناشط لموقعنا: "في البداية قمنا بآلاف حملات الوفاء والتضامن للأشخاص، ولكن عندما أصبحت أعداد المعتقلين بالمئات، اعتمدنا على تصنيف حملات التضامن بالاعتماد على الشرائح أو المهن أو المدن, نذكر منها: ثلاثاء المحامين, الأطباء, المهندسين, الطلاب, المعتقلات, الصيادلة, الاعلاميين, المهمشين , الأُسر وذلك عندما تكون هنالك أسرة كاملة في المعتقل، وأيضا للمدن والمناطق على امتداد التراب السوري".
ويقوم النشطاء في "ثلاثاء أحرار سوريا"، بالتعاون والتنسيق مع مجموعات ميدانية أخرى على الأرض للقيام بحملات مختلفة، مثل "أيّام الحريَّة" و"اتّحاد طلبة سوريا الأحرار" و"تجمع محامي سوريا الأحرار".
أما عن أهم العوائق التي تواجههم فيختصرها الناشط في المجموعة لموقعنا قائلاً:" شح المعلومات وضعف الخبرة بالتوثيق".
وعن أجمل اللحظات التي مرت على العاملين في المجموعة منذ تأسيسها يتابع الناشط" كل مرة يتم فيها إطلاق سراح معتقل بعد قيامنا بحملة له، هي من أجمل اللحظات بالنسبة لفريق العمل".
أما أصعب لحظة مرت على المجموعة يصفها لموقعنا قائلاً" اعتقال أحد العاملين معنا بالصفحة، واختفاء آخر دون معرفة مكانه بدقة، نحن أسرة واحد رغم أننا لا نعرف بعضنا البعض عن قرب".
يؤكد النشطاء في تجمع "ثلاثاء أحرار سوريا"، بأنَّ السجن السياسي أكبر عار في التاريخ العربي المعاصر، و مادام هنالك سجن سياسي واحد فسيبقى المواطن مقيّدا،لأن الحرية و الوطن شيء واحد.