طلاب سوريا يبدعون حرية: أنا طالب من حقي طالب


05 أيار 2013

سبّورات مدارس تتحول إلى لافتات، وجدران جامعات تصبح فجأة ساريات لعلم أراده المنتفضون تحديا لسلطة مستبدة، ومقاعد دراسة تتلون بحرية غابت عنها طويلا، وصفوف تشّع بما غاب عنها بفعل العسف والاستبداد، لتصبح المدارس السورية لا تشبه ما عرفه السوريون عنها طيلة عقود خمسة مضت، لأن المنتفضين أدركوا أن الانتفاضة لا تنجح دون انتفاضة العقل الذي تصنعه مدارس وجامعات جديدة تتلون حرية وأملا.

 "منهجنا الحرية و ليس البعث"، هذا ما كتبه طلاب مدرسة "نايف جربوع" على مقاعد دراستهم، ضمن حملة "أنا طالب .. من حقي طالب" وكأنهم يكملون ما خطته أيدي أطفال درعا على جدران مدرستهم قبل عامين وشهر، حين كتبوا" الشعب يريد إسقاط النظام" و " إجاك الدور يا دكتور" مؤكدين أن الانتفاضة تلك هي انتفاضة " طلاب الحرية والعلم"، ساعين لاستعادة مدارسهم وجامعتهم من براثن النظام الذي صبغها بإيديولوجية البعث طيلة عقود، ليرفع الطلاب في مواجهتها: من حقي عيش بحريـــــة.....ما بدي إتعلم مناهج البعثية...... و لا النظريات الأسدية.......أنـــــا طــــالـــــب حريــــــــة"، لنكون أمام حكاية لا بد أن تروى: حكاية طلاب سوريا الذين غيّبوا عن هذه الانتفاضة إعلاميا، رغم حضورهم منذ البدء وحتى الآن.

ولعل الحملة التي أطلقتها تنسيقية طلاب السويداء من تاريخ 28/4/ 2013 وحتى تاريخ 2/5/2013 "بناء على فكرة اقترحناها لتفعيل حراك الطلاب و إشعارهم بأهمية دورهم مهما كان العمل الذي يقومون فيه بسيطا" كما يقول أعضاء التنسيقية في حوار أجريناه معهم، تأتي ردا ضمنيا على هذا التهميش حتى لو لم تقله، وسعيا لـ "نشر أفكار الثورة و الحرية بين الطلاب و التأكيد على أهمية دورهم في رسم مستقبل سوريا الجديدة"، مقدمين أجمل الصور والمعاني عن انتفاضة ذات مضمون تحرري من الجهل والاستبداد في آن، مؤكدين أن أبطال هذه الانتفاضة هم طلّاب علم ومعرفة وليسوا "إرهابيين وسلفيين" كما تروّج السلطة و أبواقها الإعلامية ليل نهار، حيث الإصرار هنا على ذكر اسم المدرسة والجامعة مع اللافتة أو الكلام المرافق معها يأتي ليؤكد ما يسعى النظام لطمسه والطلاب الأحرار لترسيخه: ثمّة مدارس وطلاب تنتفض بوجه السلطة وترفع شعاراتها المتحدية في المدارس بعد عامين ونيّف من عمر الانتفاضة، مما يعني أن السلاح والعنف ومحاولة النظام إعادة بناء جدار الخوف، لم ينفع في إطفاء جذوة الانتفاضة ومطالبها العادلة التي عبرت عنها لافتات الحملة التي كُتبت على سبّوارت المدارس والجامعات وجدرانها ومقاعد الدراسة، فكتبت فتيات مدرسة ممدوح نصار: نريد دولة مدنية..........و ليس اسلامية، العبيد فقط يطلبون الحرية...........أما الأحرار فيصنعونها"، و في كلية الآداب في السويداء رفعت لافتة محتجّة تقول: "إلى متى ستبقى جامعاتنا مرعى للشبيحة".

وعن تفاعل الجامعات وطلاب المدارس مع الحملة يقول المسؤولون أن الحملة حصلت "على تجاوب واسع من المدارس و الكليات و حتى جاءت رسائل تحيي الجهد في الحملة من مناطق أخرى، و قد تم نشر إحدى هذه الرسائل .. و حصلت الحملة على تجاوب من قبل الناشطين على الفيس بوك بالنشر و الترويج لها ... شاركت التنسيقيات وعدة مواقع الكترونية بعضاً من صور الحملة"، الأمر الذي يعكس قدرة الناشطين على التقاط طرف خيط وحّد الطلاب وكثّف جهودهم حول هدف محدد، وهو ما تجلّى في مشاركة اتحاد طلبة سوريا الأحرار- فرع السويداء، بمشاركة مكثّفة، حيث رفعت عدة لافتات وشعارات باسمهم في المدارس والجامعات، فكتبوا: "الثورة أمانة في أعناقنا فلنحافظ عليها جميعاً "، و "لا تحزنوا على من مات شهيداً .. احزنوا على من عاش ذليلاً "و "لا أقلية ولا أكثرية كلنا سوريون" ، و " أنا طالب ومن حقي طالب بعدم قصف الجامعات" في حين اختار طلاب كلية الزراعة في جامعة دمشق رفع علم الاستقلال في جامعتهم، و شارك أحرار مدرسة "كمال عبيد" بتشويه صور الرئيس الراحل "حافظ الأسد" المعلّقة داخل المدرسة.

وجاءت الحملة لتؤكد فشل ما سعى النظام طيلة أشهر على ترسيخه في تفريق الجامعات والسوريين عن بعضهم، فهاهم طلاب "ريف دمشق" يشاركون في الحملة التي أطلقتها تنسيقية طلاب السويداء بلافتة تقول" من حلبون للسويدا طلاب المستقبل واحد"، و أحرار كلية التربية و قسم التاريخ في جامعة عريقة يشاركون برفع الافتات، ومدارس "تـــوفـــيق مـــزهـــر"  و"نايف جربوع" وغيرها تتضامن مع بعضها البعض، إضافة إلى مشاركة طلاب من "ألمانيا" و"أبوظبي"، مؤكدين على وحدة النضال والهدف، متماهين مع مطالب شعبهم ومطالبين بحقوقهم وحق المعتقلين بالحرية: "معتقلينا ما رح ننساكم و الحرية ما بتحلا بلاكم"، وهو ما دفع المسؤولين عن الحملة للقول: "جاءتنا المشاركات من عدة مدارس و كليات في السويداء و أيضا من مدن سورية أخرى، و كما وصلتنا مشاركات من سوريين في الخارج يتضامنون مع الحملة"، الأمر الذي دفعهم لاعتبار أن حملتهم نجحت، لأنه  "بحسب ما طمحنا له من إيصال الفكرة من الحملة بإشعار الطلاب بأهمية دورهم، و إن كان بسيطا و تفاعلهم معها فهي ناجحة و من الناحية الاعلامية أيضا"، وذلك رغم " العائق الاعتيادي الأمني، و الذي نخشى منه على طلابنا الاحرار من سلوك مدرائهم أو الجهات الأمنية معهم".

"أنا طالب .. من حقي طالب" تأتي لتؤكد توّحد الطلاب مع انتفاضة شعبهم من جهة، وعلى القدرة على البناء بالعمل على استعادة المدارس والجامعات وبنائها من جديد عبر تخليصها من ثقافة الاستبداد لبناء ثقافة الحرية، أي لتصبح مدارس وجامعات للحرية والعلم بدلا من أن تكون جامعات الأسد!

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد