أثارت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مواقع سورية، وأدت إلى حدوث ما يشبه الهزة الارضية في دمشق وقت حصولها كما يقول شهود عيان، انقساما حادا وعنيفا بين السوريين لم يشهد له مثيل منذ بداية الانتفاضة. وهذا أمر ليس غريبا نهائيا، فإسرائيل عدوة جميع السوريين لأنها تحتل أرضهم في الجولان منذ عام 1967، تلك الأرض التي طالما استخدمها النظام ذريعة لقمع الشعب السوري تحت حجة محاربة العدو واستعادة الأرض ليفاجأ السوريون أن ما ذاقوه على يد نظامهم لم يروا مثيلا له إلا في فلسطين وعلى يد الإسرائيليين.
هذا الأمر أشعل نقاشا حادا في الرأي على صفحات الفيسبوك، إذ رأى مؤيدو النظام السوري أن إسرائيل تساعد المعارضة المسلحة بعد عدد من النجاحات الجزئية التي حققها الجيش السوري على الأرض خاصة في حمص، وبالتالي فإن هذه المعارضة تخدم إسرائيل وهذا يثبت ممانعة النظام التي يسخر منها المعارضون ويرون أن الضربة جاءت لتنقذه عبر استدارار العطف الشعبي له على أنه يتعرض لعدوان خارجي، عدا عن كون تدخل إسرائيل سوف يزيد الأوراق تعقيدا في الداخل السوري، وهذا ما يخدم النظام السوري الباحث عن ذرائع لتعقيد ساحة الصراع السوري وإطالتها، في حين اعتبر البعض بوضوح أن النظام وإسرائيل متضامنان ضد الشعب السوري وهو ما عبر عنه الشاعر أحمد باشا حين كتب: "إننا نحيا نصاً من نصوص سعدلله "منمنات تاريخية". هلق صرلو سنتين "الدوبلير" عم يقصف!، وهلق وقت الأساسي".!
ردا وغضبا من الغارة الإسرائيلية صب المعارض السوري حازم نهار جام غضبه على النظام قائلا تحت عنوان "ابصقوا على أنفسكم": في عام 2001 استدعيت من قبل الأمن السياسي لكوني كنت أعمل في منظمة لحقوق الإنسان، ووجه لي رئيس الفرع التهمة التالية: منظمتكم تسيء لسمعة سورية لأنكم تنشرون عن وجود انتهاكات وفساد في سورية، وهذا يضر بسمعة البلد وبعلاقاتها مع الخارج. قلت له: لا أدري من يسيء لسمعة سورية فعلاً، هل هو البيان الذي نكتبه عن الفاسد أم ذلك الفاسد الذي لا يجد من يحاسبه؟ اذهبوا وحاكموا الفاسدين فلا يعود هناك حاجة للكتابة. واليوم أقول للمطبلين والمزمرين لـ "الممانعين" و"المقاومين" اذهبوا وحاسبوا من ترك أجواءنا مفتوحة للعدو يضربها متى يشاء، اذهبوا وحاسبوا من امتلك البلد والسلطة والجيش والاعلام والجامعات والاقتصاد واسألوه (إن كان لديكم الجرأة والصدقية) عن مسؤولياته طوال 40 عاماً في حماية البلد، بدلاً من مزاوداتكم الفارغة على السوريين في الوطنية. في البلدان الطبيعية عندما يتعرض البلد للعدوان يجتمع مجلس الشعب ويستجوب الحكومة والجيش والأمن بصفتهم المسؤولين عن التقصير وعن تسهيل العدوان، ويقيل من يستحق الإقالة ويسجن من يستحق السجن ويعيد تشكيل ما هو موجود.أيها المطبلون والمزمرون والمزاودون الفارغون أما آن لكم النظر في المرآة وتبصقوا على أنفسكم؟!!".
وبغضب مر كتب الناقد السوري حسان عباس: "أيها النظام الغبي المتوحّش.....انقلع..!. اعتقلت وشردت وعذّبت ودمّرت وخرّبت ما بناه السوريون عبر التاريخ. شتّت العائلات، فتّت النسيج الاجتماعي، خربت اللحمة الوطنية. وها أنت تفتح أرض الوطن أمام الغريب لتعطي الذريعة للعدو ليستبيح سماءه. أنت أكثر الأنظمة فشلا على مر التاريخ. انقلع.....!. انقلع.....!. انقلع.....!".
ورأى المعارض والسجين السابق الكاتب وائل السواح أن الاعتداء ولد لديه شعورا بالمهانة والإذلال، فقال: "تفظيع النظام بنا يولد عندي غضبا وحزنا. ولكن الاعتداء الاسرائيلي يولد لدي الى ذلك احساسا بالاهانة".
وتهكم المخرج السينمائي أسامة محمد على تصريحات النظام السوري بأنه سيرد على الاعتداءات الإسرائيلية بالقول: "حَقّ الرَدّْ .. مقبوض". ورد حازم النهار في بوست آخر على رد الحكومة واتهامها للمعارضين بالعمالة لإسرائيل بالقول: "الغريب هو أن المطبلين والمزمرين لـ "الممانعين" و"المقاومين" نسوا الرد على العدوان الإسرائيلي واتجهوا نحو دراسة مشاعر السوريين النازفين من "الممانعين والمقاومين" إزاء العدوان. أليس الأفضل أن تضعوا مخرزاً في عيننا ولو لمرة واحدة وتظهروا لنا جدية "زعبراتكم" أم أن الخصاء المزمن لم يعلمكم إلا ثرثرات لا تغني ولا تسمن؟ لطالما كان العجزة والمخصيون والأغبياء هم العملاء الرسميون لكل عدو خارجي". وكتب الشاعر أيمن مارديني: "بس حدا يقلي قديش حق الرد هالأيام ؟ و لا شكله هيك مفقود من السوق مثلا" ؟".
وفي الوقت الذي كان فيه النظام يتوعد بالرد على إسرائيل كانت طائراته تقصف بعض المناطق في ريف دمشق مثل مخيم اليرموك الأمر الذي دفع تجمع فناني سوريا من أجل الحرية أمارجي، للقول: "بين الجولان المحتل واليرموك المحاصر أحاديث وقصص. من الجولان المحتل .... إلى اليرموك المحاصر. حووول !!". وكتب رامي الشيخ : "اسرائيل تقصف قاسيون، ويردّ النظام الممانع على مخيم اليرموك بالقصف!!! الأول يستهدف سلاحي السوري الاستراتيجي، والثاني يستهدف شعبي السوري الوطني.. والفاعلان، وجهان لعملة واحدة."
ومن الجهة المقابلة كتب الكاتب والسيناريست المؤيد للنظام حسن م يوسف: " لكل من أعلنوا اعتباطهم لقصف إسرائيل لمواقع الجيش العربي السوري قرب دمشق، احذفوا أنفسكم من قائمة أصدقائي ، أنا لست صديقاً لكم!"، الأمر الذي دفع أمل حاتم للتعبير عن نفورها من سجالات المؤيدين والمعارضين حول أمر من المفترض أن يوحدهم، فكتبت: :من الصبح، عميزاودوا ع بعض بالوطنية ولووووووو بعد الغارة، بعد الغارة ياحلوين مافي مؤيد ومعارض وتفاصيل، في سوريين معتدى عليهن، سوريين كلن ولوحدن ، متلنا متل أهل غزة متروكين وما إلنا غير بعض".
وصبت الكاتبة والروائية السورية و صاحبة "طبول الحب" التي تتحدث عن الانتفاضة السورية "مها حسن جام غضبها على النظام والمعارضة معا فكتبت: " يحدث في هذا الزمن المدهش أن تقع مجازر أمام عيون العالم، يحدث أن تضرب إسرائيل دمشق بكل يُسر وكأنها تقوم بجولة في أراضيها، يحدث أن يفرح بعض السوريين بقصف العدو لأرض بلادهم... كثير من المدهش والمفاجئ والصادم، ولكن المعارضة الرصينة، تتمسك بعدم إدهاشنا، حيث لا يحدث معها شيء البتة... سنتان مكانك راوح، عدا طبعا التشكيلات والتسميات والمؤتمرات والأموال والثرثرة والصراخ والبيانات والانقسامات".
وفي الوقت الذي شككت فيه حنان شقير بذكاء كل من يؤيد الغارة الإسرائيلية على سوريا قائلة: "بشك بذكاء كل شخص بيشكر اسرائيل.................عذرا ....صار بدكون نضارة كتيييييير سميكة.. ....بلكي تخفف سماكة المخ......وذاكرة السمكة"، فقد عبر الشاعر والكاتب السوري فرج بيرقدار عن كراهيته لإسرائيل بالقول: "لم يبق لدي طاقة لمزيد من الكراهية لإسرائيل.أما بالنسبة لعصابة الأسد فإن طاقتي متجددة.ستاتوس برسم القومجيين، والبلهاء من وجهة نظري، ولهم بالمثل أن يعتبروني أبله"، وكتب أيضا: " للأسف أن هناك موتورين قومجيين يعتقدون أن كراهيتي لإسرائيل أقل من المطلوب.. ذلك ليس مشكلة، إلا إذا كان قصدهم تبرئة الأسد كقاتل وطني وقومجي".
إن كان عداء السوريين وموقفهم من إسرائيل واضحا لا لبس فيه، فإن موقفهم من هدف الغارة وتوظيفها هو ما انقسموا حوله، حيث سعى كل منهم لتوظيف الأمر ضد خصمه، و بانتظار أن يحسم التاريخ يوما ما ما تم الاختلاف بشأنه فإن السوريين يتابعون انتفاضتهم ضد النظام هادفين لإسقاطه وبلوغ عتبة الحرية.