لم يكد السيد حسن نصر الله رئيس حزب الله اللبناني ينتهي من كلمته التي ألقاها مساء الخامس والعشرين من أيار 2013 عبر شاشة التلفاز، والمتعلّقة بتدخل قواته إلى جانب الجيش السوري ضد المعارضة المسلحة، خاصة في مدينة القصير، حتى تحولّت ساحة الفيسبوك وتوتير إلى ميدان صراع بين مؤيدي تدخل حزب الله في سوريا وهم مؤيدو الرئيس الأسد أيضا، وبين المعارضين لهذا التدخل، حيث تمحوّر الصراع والجدل حول عدة أمور، اتخذ بعضها شكل الحديث الساخر والبعض الآخر شكل الحوار الجاد الذي يبحث في إشكالية دخول الحزب المعركة السورية، وتغذيته الطائفية و إشكالية المقاومة وتحرير فلسطين التي يبرر بهما الحزب دخوله المعركة.
السخرية من الخطاب تجلت في عدد كبير من البوستات التي كتبها ناشطون ومثقفون سوريون مناصرون للانتفاضة السورية، حيث كتب الشاعر مازن أكثم سليمان: "لاء يا حسّونة الملعون : هيك كتير . . . تتحاربوا بسوريا ؟ و الله مانك إلا أزعر تافه متل زعران المدارس"، وذلك ردا على دعوة حسن نصر الله في خطابه اللبنانيين للحرب على الأرض السورية بعيدا عن الأرض اللبنانية، وهو ما دفع الطبيبة هديل مرعي للقول: " سوربا صارت حلبة مصارعه. مزبلة لأشكال نصر الله . بكل وقاحة يقول. لا تتقاتلوا في لبنان . اذهبوا و اذبحوا شعب سوريا و تقاتلوا هناك . نحن نبشره أن سوريا ستكون مقبرة لحزبه ورجاله الخسيسين. شذاذ الآفاق".
واختار الشاعر حازم العظمة أن يسخر على طريقته، حيث قال: " شخص ضئيل تحت العمامة السوداء .. يهمس له كل قليلٍ .. أن عليه أن يبتسم"، ردا على ابتسامات نصر الله أثناء إلقائه الخطاب.
وذهبت الناشطة السورية لبنى الزاعور التي كانت أحد العرائس اللواتي كتب موقعنا عنهن إلى تشبيه نصر الله بالشيطان، حيث قالت: " ولا مرة خطرلي اتخيل انو في شيطان واتصور شكلوا. اليوم حسن نصرلله بزعيقو ونشازو و ردحو. جسّد هالصورة جواتي ما تخيلتوا غير شيطان!"، في حين قال "عبد الحميد برو": "لو لبسنا حسن نصر الله القبعه البيضا اليهوديه بذمتكن مو بيبين حاخام شوفيني".
مقابل سخرية المعارضين من نصر الله وخطابه، كان ثمة تمجيد وتعظيم لنصر الله على الضفة المؤيدة ممزوجة بسخرية من المعارضة، حيث كتب "عماد أبو شرار": "أين المفر ؟ ... أمامكم الأسد وجبروته والسيد وبركاته"، في حين نقلت صفحة "محبي الإعلامية المقاومة هناء الصالح": "إعلام العدو الإسرائيلي: ٣٥٠ مليون شخص شاهدوا خطاب نصرالله في العالم، وترجم الخطاب الي ١١ لغه"، إضافة إلى صورة
للسيد نصر الله مرفقة بعبارة : "لبيك يا سيد الوفاء لسورية الأسد". في الوقت الذي أرفق المعارضون صور تعاكسها، فأرفق محمد عبد الله (
)، الصورة التالية:
عدا عن السخرية، ثمة جدل اندلع حول قيام نصر الله بتأجيج الحرب الطائفية في سوريا بتدخله هذا، فيما يعكس رفضا ضمنيا من النشطاء السوريين للذهاب إلى حرب طائفية يستدعيها النظام وأنصاره، حيث كتبت هديل مرعي: " أبو غرة وعدنا بحرب طائفية بلا رحمة"، وكتب سليم باست Salim Bast :"عندما تختزل " المقاومة " بالبعد الطائفي .. فإنك بحاجة وقتها إلى كل تسلوكوبات وكالة ناسا وشقيقتها الروسية لترى الانسانية .. وعذاباتها .. وأحلامها .. وتوقها الشديد الى عالم حر دون اضطهاد ولا أغلال".
وعلى صعيد ثالث رأى قسم آخر من الناشطين والمثقفين السوريين أن خطاب "نصر الله" كشف كذب المقاومة التي يدعيها حيث تحرير فلسطين مجرد شعار، فكتب طاهر العريفي: "بعرف ناشطين معارضة بيكرهو فلسطين بسبب حسن نصر الله ... هدول ناشطين ها.. إنتبهو ناااشطين"، وكتب الشاعر السوري فرج بيرقدار ساخرا: " القصير خاصرة موجعة لإسرائيل.. وتحرير القصير أهم من تحرير القدس، وحسن نصر الله ليس غبياً.. ما شاء الله عليك يا حسن.. وبلا سيد.. حضرتو سيّد شو؟"، في حين ذهب عروة أحمد إلى حد تشبيه نصر الله بمؤسس الصهيوينة "صموئيل هرتزل" إذ قال: "حسن نصر الله : لنا في سوريا مزاراتٌ دينيّة من حقّنا الدّفاع عنها.صامويل هرتزل : لليهودِ في فلسطين أماكنهم الدينية, وهم يدافعون عنها. ذاتُ الحجّة الواهية .. ذاتُ المنطقِ الوقح. كيف لا .. وهذا الحسَنُ من ذاكَ الذَّنَبْ".
ومن جهة أخرى ذكر المصور أيهم ديب أن نصر الله قدم أولاده شهداء ضد إسرائيل وأن هذا الكلام لا يجوز بحقه، حيث قال: "مرة لما قال نصر الله لا نخشى اسرائيل. قال البعض: الصحاف هيك قال، و ليك شو صار فيه. و كانت الحرب و فعل نصرالله ما وعد . اليوم عندنا نفس المشكلة : يكاد من سرق البلد يسبق شرفاءها في الدعوة للقتال و الاحتفاء بالشهادة و التبرك بدم الشهيد. منذكر كل عرصى. إنو لا تخدع الكلمات من في قلبه وفى للضحية . و لا زلنا نميز الشحم في من شحمه ورم . تحية لمن وهب موته حياتنا. لقد دفع نصر الله بشهادة ابنه هادي يومها عربون صدق وعده . للشرفاء الرحمة.".
ولكن المصور ديب أنزل على صفحته صورة تجمع السيد نصر الله والرئيس الأسد والدردري الذي يعتبره البعض مسؤولا عن كل الكوارث الاقتصادية في سوريا!
وكانت صفحة لافتات كفر نبل المحتلة قد استبقت خطاب نصر الله بإنزال صورة كاريكاتيرية معبّرة جدا قبل يوم واحد من الخطاب، حيث ظهر الرئيس الأسد ونصر الله يجرّان لبنان إلى الصراع السوري في سخرية إبداعية تنبأت مسبقا بما سيتحدث به نصر الله، وهنا الصورة المدهشة كحال كفرنبل التي تدهشنا دوما بإبداعاتها:
.