"لا....NO"


24 آب 2013

أساسُ الانتفاضةِ السوريَّة، نفي الوضع القائم بكلّ أسسه، أي بمعنى أخرى "لا" لكل ما هو سائد سياسيَّاً وثقافيَّاً واجتماعياً، هذا النفي البسيط البديهي هو سبب خروجِ الآلاف من السوريين في مظاهرات ضد السلطة، ولأنَّ "نعم" تعني القبول والتسليم في الأمر، فإنَّ "لا" هي التعبير عن حق الرفض الذي يجب أن يمتلكه كل إنسان ومواطن في بلدٍ يُحترم أبناءه. كما أنَّها تمثِّل أحد أهمّ الواجبات المُناطة بالمواطنين من خلال الإشارة للخطأ والاعتراض عليه، انطلاقاً من هذا فقد تأسست مجموعة عمل اسمها "لا.. NO"، والتي هي تعبير سمعي- بصري لحق الرفض. إذ أنَّ "كل تحرك ينشدُ التغيير يبدأ برفض الوضع القائم، يبدأ برفض ما يسيء لحاضرنا ومستقبلنا من أفكار أو حالات أو ممارسات أو طرق إدارة وتعامل ومواقف".

ولأنَّ كل ثورة تبدأ برفض، فإن فكرة إطلاق المجموعة تولَّدت مع الثورة التي بدأَت برفض النظام القائم في سوريا، يقولُ أحد الناشطين في المجموعة حول ظروف تأسيس المجموعة لموقعنا سيرياأنتولد Syrianuntold :"وكما كانت الثورة تعبيراً عن الرفض من خلال المظاهرات والاحتجاجات، كان لزاما علينا أن ننقل صدى هذا الرفض وهذه الثورة بطرق فنية سمعية- بصرية، وإعادة صياغة المطالب وهذا الرفض بطرق فنيَّة إبداعيَّة، وأينَ يمكِنُ أن نجد في تاريخنا الحديث أفكاراً اقدر على نقل هذا الحق أكثر من القضية الفلسطينية؟ لقد كان  ناجي العلي وكاريكاتوره (لا) الشرارة الأولى للفكرة".

أما أهم الأهداف التي تأسَّست من أجلها المجموعة، فهي تأمين منبر للمواطنين يتمكَّنوا من خلاله من كشفِ الأخطاء والمُمارسات المُسيئة, بالإضافةِ إلى التَّأكيد على رَفْض القيم السلبيَّة في المُجتمع، وترسيخِ حقِّ الرّفض كخطوةٍ أولى نحو التغيير ، وربطه بفهمٍ أعمق للمشكلات والظروف.

والناشطون المجتمعون في مجموعة العمل "لا..NO"، لا يعتبرون أنفسهم صفحة فيسبوك فقط، حيث أن مجموعات العمل التابعة لهم منتشرة في الكثير من البلدان، وتشارك وتمارس النشاطات في الكثير من المجالات والمناطق، ليبقى الفيسبوك المنفذ الأساسي، وهو مكان المبادرات الفردية، ولكنه بالتأكيد ليس الساحة الوحيدة للعمل.

وتتركَّزُ نشاطات الأعضاء في المجموعة على نقل المعاناة الجارية على الأرض، من خلال التصاميم الفنيَّة إلى الصحافة والإعلام، وتبدأ هذه النشاطات بالتصوير الفوتوغرافي الفردي، حيثُ تقيم المجموعة حفلات تصوير جماعي في الأمكنةِ التي يستطيعون الدخول إليها، بالإضافة إلى إنتاج أفلامٍ قصيرة دعائيَّة، وتشجيع الشباب السوريين على الكتابة والنشر، وإقامة ورشاتٍ وحوارات من أجل تجذير ثقافة الرفض البناء في المجتمع.

وحول التواصل مع الناشطين والمبدعين عند طرح المبادرات الإبداعية يقول الناشط "كما ذكرنا سابقاً فإن الفكرة بدأت بمبادرة فردية ولم يكن هنالك تجاوب وتعاون من الأشخاص في البداية، وكانت مستويات التعاون متفاوتة. إذا أردنا تقييم تواصل المبدعين مع الأخذ بعين الاعتبار، خطورةُ المحاذير الأمنية ومشاكل الخوف و التواصل مع جهات غير محددة على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل صفحتنا الفايسبوكية في بدايتها وبروفايلات بأسماء مستعارة, على الرغم من كل هذا  فقد كان هناك الكثير من الناشطين الذين قرروا التواصل معنا وقدموا الكثير من الجهد والأفكار. بشكل عام يمكننا تقييم التجاوب بأنه إيجابي ويدعو إلى التفاؤل".

ويعتبر الناشطون في المجموعة  ظهور البوستر الشهير "لا لمشروع الدستور السوري الجديد" الذي لاقى الكثير من النجاح والانتشار، من أجمل اللحظات في تاريخ عمل المجموعة منذ انطلاقها، أما على الصعيد الشخصي للأفراد فإنَّ كل مظاهرة سلمية خرجت في الأراضي السورية كانت لحظة جميلة بالنسبة لهم.

أما عن أكثر اللحظات حزناً يختصر الناشط "هذه كثيرة جدا، مع كل استشهاد ومع كل قصف ومع كل اعتقال..."

مجموعة "لا ..NO" تحاول التأسيس لثقافة سورية مستقبلية، يؤكد فيها السوريون مستقبلهم فقط، لأنَّ الحياة حقّ على السوريين، من أجل الاستقرار و التغيير من أجل الأمان.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد