لم تكن محاولات السوريين الدؤوبة لتأسيس إعلام سوري جديد سهلة أبدا، فعدا عن العوائق الأمنية المكثفة هناك ضعف التجربة والخبرة، وهجرة العديد من الكوادر الإعلامية إلى خارج البلد والتخوّف من الوقوع في فلك المعارضات الجديدة التي تعمل على أن يكون لها فضاءها الإعلامي الخاص.
ضمن هذا المناخ الصعب، ولدت إذاعة رزونة في منتصف عام 2013 تقريبا، علما أنه بدأ العمل عليها منذ سنتين تقريبا، بعد "الكثير من الاجتماعات والدراسات والبحث"، كما تقول إحدى مؤسسات الإذاعة الصحفية "ميس قات" لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold"، حيث ترى أنّ هناك "حاجة ملحة لوجود منصة إعلامية تنقل الحدث السوري بموضوعية بعيدا عن التحيز، وهذه الحاجة هي التي جعلتنا نفكر بمشروع نستطيع إيصال الأخبار وحكايات السوريين و أفكارهم لأكبر قدر من الناس، وكان الراديو هو الفكرة الأكثر عملية بالنسبة لنا".
التحدي الأبرز الذي واجه فريق العمل تمثل بــ "إيجاد مراسلين محترفين داخل البلاد، فغالبية الصحفيين تركوا سوريا تحت ضغوط أمنية أو معيشية ، وإيجاد مواطنين صحفيين، ومن ثم تدريبهم"، حيث عمل مؤسسو روزنة لتذليل هذه العقبات من خلال "ورشتي عمل لمراسليها الذين بدؤوا بالعمل تحت الهواء، وتحضير نشرات إخبار تجريبية، و تقارير إخبارية وقصصية قبل انطلاق المشروع بخمسة أشهر".
يسعى فريق روزنة لتأسيس إعلام مهني يقطع مع إعلام السلطة الذي تصفه "قات" بأنه "فروع أمنية فعلية.. فالنظام لم يكن لديه إعلام أصلاً"، و ينجو من الخضوع لأطراف أخرى تريد أن تجيّر الإعلام لخدمتها، مؤكدة وقوف روزنة إلى جانب "الناس الذين خرجوا من أجل الكرامة، وتحاول نقل أصواتهم وأوجاعهم وآمالهم عبر أثيرها".
رغم ذلك، فإن أغلب فريق روزنة، سواء الموجود في الداخل أو الخارج، هو من الناشطين الذين يحاولون نقل حياة " السوريين اليومية، مشاريعهم وطرق عيشهم، وقصصهم.. نحاول رسم أمل بحياة أفضل من خلال التركيز على تجارب ناجحة وقصص أشخاص جميلة"، مع التأكيد الدائم على "الفصل قدر المستطاع بين التحيز السياسي والمهنية الصحفية".
على الموقع الإلكتروني لروزنة نقرأ قصصا قادمة للتو من الداخل السوري، وتقارير بأصوات مراسلين سريين خوفا من أجهزة النظام تنقل صوت الداخل ومعاناته، ومقالات رأي لمثقفين وناشطين سوريين تسلط الضوء على أبرز أحداث الساعة، وكل ذلك على صوت فيروز الصادح دوما في أفق الوجع السوري، إضافة إلى النشرات والتقارير الإخبارية التي تقدمها الإذاعة طوال اليوم.
حظيت روزنة عند انطلاقتها بالكثير من الاهتمام الإعلامي عربيا وعالميا، ويسعى فريق العمل دوما لتطوير نفسه واضعا نصب عينية أن يكون إعلام الناس بعيدا عن أية سلطة سواء النظام أو المعارضة، منتمية إلى الحقيقة أينما كانت، وساعية إلى أن تؤسس لسلطة رابعة في سوريا الجديدة، من خلال "نقل حقيقة ما يحدث في سوريا بعيون السوريين أنفسهم، بعيداً عن تضليل الاعلام الكبير المسيطر الآن على المشهد السوري"، فهل تنجح؟