فريق التحريك السوري


17 تشرين الثاني 2013

حركت الانتفاضة السورية في دواخل السوريين الحاجة للفعل والعمل تكفيرا عن عقود الاستبداد التي صمتوا خلالها على الظلم والاستعباد، فانبرى كل منهم يبحث عما يمكن أن يقدمه لوطنه في لحظة مصيرية، باحثين في دواخلهم وتجاربهم عن أفضل ماعندهم، لتكون الانتفاضة بالنسبة لهم ولادة جديدة، تمخضت عن أغاني ولوحات وإبداعات شكلت انتفاضة إبداعية موازية.

إلا أننا اليوم أمام حالة فريدة، إذ يقوم شخص واحد بعمل فريق متكامل من خلال رسوم التحريك، فهو من "يكتب القصة ويرسم الشخصيات والمناظر ويحركها ويسجل الأصوات ويقوم بهندستها وينتج الفِلْم، ويحظى بالمساعدة من أصدقائه في صياغة السيناريو وتسجيل الأصوات وكذلك إعادة ترتيب بعض الأفكار"، كما يقول في حوار لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold"، فما هي الحكاية؟

إنه "فريق التحريك السوري Syrian Animation" الذي تأسّس "في الأشهر الأولى من الثورة السورية" بهدف إيصال "أفكار توعوية هادفة إلى الشعب السوري بطرق رسومية جذابة، كما يهدف إلى توصيل المعاناة الحالية للشعب السوري، والطموحات المستقبلية، عبر الأفلام القصيرة".

حين تأسس الفريق لم يكن هناك أية "أيّ قناة أو جهة تقوم بتوعية الشعب السوري بما نطمح إليه" لهذا قام معد المشروع الذي يتحفظ عن ذكر اسمه الآن بتأسيس المجموعة وعقد "عدة ورش عمل تشاورية مع بعض المستشارين، ثم بدأنا بالمشروع، بمعدات وخبرات بسيطة، ومع مرور الوقت اكتسبنا الخبرات وتطورنا في العمل".

https://www.youtube.com/watch?v=0hV6E0em1dU

التطوّر في العمل يبدو واضحا من ملاحظة الفرق بين الأعمال الأولى للمجموعة والأعمال الأخيرة، ففي الأولى  يطغى الطابع الإنشائي التعليمي في حين تتميز الأخيرة برؤية فنية إبداعية تقدّم من خلالها طرحها التوعوي بشكل مبدع وفني وغير مباشر، ففي حلقة " الجنينة" التي تحكي عن عائلات سورية باتت تعيش في الحدائق بعد أن فقدت بيوتها في قصف أو هجرتها بحثا عن الأمان، لنشهد حكاية نزوح متكاملة نفهم منها مدى حاجة هؤلاء للمساعدة بطريقة فنية مبدعة، في حين أن أعمالهم الأولى كانت تطرح الأمر بشكل بدائي ومباشر وفج أحيانا كما في حلقات "بيتي هو بيت أخي"  وابتسامة رمضان حرية الأوطان" و"تغريبة سوري".

https://www.youtube.com/watch?v=ow1o9aroe4s

حلقة "ليسوا نياما" تبدو التجسيد الأمثل لهذا التطور الذي شهدته أعمال المجموعة، حيث تعرض بأسلوب هادئ وصامت قصة موت الأطفال السوريين في قصف الغوطة الشرقية بالكيماوي، حيث تعبر غيمات الكيماوي فوق وجوه الأطفال النائمين لينتقلوا من النوم إلى الموت على وقع موسيقى جنائزية.  

تتركز نشاطات المجموعة على "تقديم مجموعة من الأفكار الاجتماعية والتوعوية والتربوية التي نرى أهمية طرحها بأسلوب مبسط ومحبب إلى النفوس، نقوم بنشرها على هيئة أفلام رسوم متحركة قصيرة، بطريقة عصرية بسيطة يمكن أن تتقبلها مختلف شرائح المجتمع السوري"، وهو ما تعكسه فعلا الأعمال المقدمة التي تتناول مواضيعا ذات صلة بحديث الشارع السوري اليومي ومشكلاته الاجتماعية، من خلال "اختيار أهم الأحداث المؤثرة ووضعها أمام المجتمع مصحوبةً برسالة توعوية".

رغم أن ولادتهم الأولى جاءت بفعل الانتفاضة، إلا أن علمهم لم يعد مرهونا بها أو بمصيرها، فعملهم سيستمر "في المستقبل لأننا حينها سنشارك في بناء سوريا عبر أعمالنا، وسنبدأ بمشاريع أخرى وبتوسعة الفريق بإذن الله"، لنكون أمام وعي مبكر لمدى العبء والعمل والجهد الذي تحتاجه سوريا لاحقا لإعادة بناء ما تهدّم في مجال الوعي والتنوير خاصة.

في مجال العمل الإبداعي لا تتعاون المجموعة مع أي أحد، أما في الشق الإعلامي والترويجي والنشري فهي تتعاون مع مجموعات أخرى، "كأن نجعل إحدى الأعمال برعاية إحدى صفحات الفيسبوك المعروفة، لتقوم بنشر العمل على صفحتها وذلك لتوصيل الفلم إلى أكبر عدد من المشاهدين".

الأفلام المنتجة من قبل المجموعة قليلة جدا قياسا بميلادها، وهذا يعود لكون النشاطات غير ممولة من أحد، فهي "نشاط فردي يقوم عليه شخص واحد. لا يملك الكثير من الوقت ولا الدعم المناسب لمواصلة الأعمال حسب الخطة التي كانت معدة مسبقاً في الفريق، والتي كانت تطمح إلى نشر عمل على الأقل شهريًّا. نحن لا نود أن تقوم جهة بحصر أعمالنا أو توجيهها بشكل أو بآخر، فنحن قناة توعوية فقط"، آملين أن يجدوا فرصة للنشر، وأن  "تُرى أعمالنا في القنوات السورية خلال الثورة وبعدها"، و أن يحظوا بدعم أفضل لأن لديهم "أفكار نوعِيَّة" يأملون أن ترى النور.

"فريق التحريك السوري" إبداع سوري ينجز بالوعي ما يأمل أن يكوّن وعيا جديدا للسوريين، لإدراكه أن معركة المعرفة والتعليم وغرس الوعي بالحرية وأهميتها هي الطريق الأفضل لكنس الاستبداد من العقل والواقع معا.

لمتابعة صفحة المجموعة على الفيسبوك يمكن الضغط هنا، وعلى اليوتيوب هنا.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد