سعد حاجو


08 كانون الثاني 2014

عندما ترى العين رسمةً تحملُ فكرةً ويختزلها العقل، عندما ترى الضحكة قد تفجرت إلى سخرية سياسيَّة، تأكد بأنَّ توقيع اللوحة سيكون للفنان "سعد حاجو".

يعتمد الفنان سعد حاجو في رسومه الكاريكاتيرية بشكلٍ أساسي على الفكرة، لأنّه بالنسبة لفن الكاريكتير الفكرة تأتي مرئية ولا تأتي مقروءة أو مسموعة، وهذا يكسب الفكرة طابعها المتحرك ويعطيها المشاكسة، لذا يستخدم "حاجو" المرواغة الفنية في مواجهة اليومي، ويذهب إلى اللامعقول الساخر لتكريس المعقول، لذلك فإنَّ أغلب ومعظم لوحات الفنان "سعد حاجو" تعتمد بشكل أساسي على الفكرة البسيطة، فيتخطي بذلك عتبة التعليم بين الناس واختلاف اللغات بينهم.

سعد حاجو هو رسام كاريكاتور من مواليد دمشق 1968، خريج كلية الفنون الجميلة – دمشق 1989، عمل كرسام كاريكاتور في جريدة "السفير" منذ العام 1995، وكرسام في ملحق جريدة "النهار" اللبنانية من عام 1993-1995، وعمل أيضاً رساماً أسبوعياً في جريدة "صدى الشام السوري" عام 2013.

يكرس فنان الكاريكاتير السوري جلّ وقته لمواكبة الاحتجاجات في بلده. وهو يرسم كل يوم تقريبا عملا يتناول الوضع في سوريا، لكن هذه المواكبة لم تبدأ مع اندلاع حركة الاحتجاجات السورية وحسب، فقد بدأ الفنان السوري يأخذ مع بداية الربيع العربي اتجاها جديدا في عمله الكاريكاتوري، إذ يقوم بتنفيذ رسومات تحمل أفكاراً نقدية ساخرة عن الأحداث السياسية، وأيضاً يقوم بتنفيذ كاريكاتورات عن الأوضاع الاجتماعيَّة والعاطفيَّة.

رسم كاريكاتيري للفنان سعد حاجو....المصدر: الصفحة الرسمية للفنان سعد حاجو على الفيسبوك
رسم كاريكاتيري للفنان سعد حاجو....المصدر: الصفحة الرسمية للفنان سعد حاجو على الفيسبوك

الهدف النهائي لعمله هو إثارة البسمة على وجوهِ القرّاء والمتابعين، والوصول بالكاريكاتور إلى دوره الأساس وهو التحريض الإيجابي والمشاركة بالفعل، وتجنّب أداء الدور السلبي من نوع تنفيس الاحتقان، أو البقاء ضمن دائرة ردّ الفعل.

ينشر الفنان  رسومات الكاريكاتور الخاصّة به، في مجلات ومطبوعات ظهرت منذ اندلاع الاحتجاجات قبل عامين في سوريا، ولأول مرة منذ عقود طويلة في هذا البلد الذي تحكمه رقابة مشددة. وتعد هذه المطبوعات وتوزع علنا في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون، وسرَّاً في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة النظام، إضافة الى الانتشار الواسع الذي تؤمنه صفحات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي.

للكاريكاتور دورٌ ثوري خفيفُ الظلّ ساخرٌ وجَدّي، هناك من عرّف رسمة الكاريكاتور كثورة يوميَّة صغيرة، هذا على الصعيد النظري، أما دوره على الصعيد التوثيقي فيقول الفنان سعد حاجو في مقابلة خاصّة لموقعنا سيريا أنتولد Syrian untold:" منذُ الحدث الجذري الذي تمثل بالمظاهرات في تونس، والتي أدَّت بزين العابدين بن علي إلى تفهمه مطالب شعبه وهروبه من تونس، استطعتُ كغيري وبالعين المجرَّدةِ أن ألاحِظ تغيّراً أساسيّاً في الشعور الجمعي لشعوبِ المنطقة، قمت بنشرِ رسوماتٍ عديدة عن الحدث، أحدُهَا أُعِيَد رسمهُ على لافتةٍ كبيرةٍ الحجم في تظاهرة ضخمة جداً في مدينة "صفاقس" التونسية، وصلتني صورةُ عنها من طريق وسائط التواصل الاجتماعي، الذي بدأت أصبح فعالاً عليها، ثم أتى دور مصر وليبيا واليمن والبحرين، أمّا في الوضع السوري فمنذ بداية أحداث مدينة "درعا"، قمت بتنفيذ رسومات شديدة المباشرة أقرب إلى التوثيق منها إلى التأليف، ربّما للزخم العاطفي والوجداني الذي بدأ بالتشكّل لدى الناس، على سبيل المثال أُشير إلى كاريكاتور نفذته كناية عن شخصية "نهاد قلعي/ حسني البورظان"، وقمت بتبديل عبارته المشهورة إلى العبارة التالية" إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في سوريا وجب علينا أن نعرف ماذا حدث في درعا"، تم تداوله على معظم وسائط التواصل الاجتماعي عبر صفحتي على الفايس بوك وبقية الصفحات المتخصصة في نشر أعمال الفنانين السوريين".

 

وحول العلاقة بين العمل الفني والثورة يرى الفنان "سعد حاجو" بأنَّ الحدث الأهم في بداية أية ثورة هو تقارب طرق التعبير الشعبي ومنه الفني، من طرق تعبير النخبة والعاملين في المجال العام، وهذا ما يعيد للثقافة معناها الأصلي كفعل مواجهة وتهذيب، "حتى كلمة ثقافة في اللغة تأتي من هذين المعنيين، حتى أشهر أنواع الرماح هو الرمح الثقفي، على فكرة كلمة الثقافة في الجذر اللاتيني تحيل على الزراعة والفِلاحة".

رسم كاريكاتيري للفنان سعد حاجو....المصدر: الصفحة الرسمية للفنان سعد حاجو على الفيسبوك
رسم كاريكاتيري للفنان سعد حاجو....المصدر: الصفحة الرسمية للفنان سعد حاجو على الفيسبوك

المجازر وسقوط الناس تحت التعذيب واعتقالهم، كانت أسوأ اللحظات التي مرّ بها الفنان سعد حاجو، بالإضافة إلى السكوت الدولي المشين، وعدم معاقبة النظام السوري، ومن اللحظات الصعبة أيضاً "الصراع بين عدم القدرة على تصوير مايحدث ضمن شروط العمل الفنّي, وبين ضرورة التعبير عنه".

سعد حاجو يستخدم السخرية الفنية اللاذعة كأداة احتجاجية تكافئ الحراك الميداني على الأرض، الفن معانقاً الثورة، والثورة كتجلي للفن، لعل الريشة تنقل المأساة التي فشلت السياسية في إيقافها.

 

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد