صرخة لينين: "مالعمل؟" هي الصرخة التي أطلقها في داخله كل سوري تقريبا مع بدء الانتفاضة السورية، باحثا بروحه عمّا يمكن أن يقدم لهذا الحلم الذي انتظره طويلا، لتبدأ الصرخة/ السؤال تُسأل في العلن مع بدء انكسار حاجز الخوف، وهو ما دفع مجموعة من النشطاء الآتين من "خلفيات مهنية متعددة" و " فنية تحديدا"، للتباحث والحوار عما يمكن أن يقدموه (لازم نعمل شي).
وأمام تدفق الإبداع السوري المعبّر عن الانتفاضة السورية، "من إنتاج هائل فاق حدود التصوّر، في ظل مقتلة مستمرة"، سواء من قبل الناشطين على الأرض أو العالم الافتراضي أو الفنانين والمبدعين السوريين ولدت فكرة "رصد وجمع وتوثيق كل أشكال التعبير التي عبّر بها الشعب السوري عن ثورته ضد الطغيان وقتل بسببها" كما يقول أحد الناشطين لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
وضع الناشطون في موقع "الذاكرة الإبداعية للثورة السورية" نصب أعينهم خدمة الانتفاضة من خلال حفظها "كذاكرة" لـ "نوصلها رسالة الى العالم المتفرج علينا ونحن نقتل ببث حي ومباشر، العالم الذي يحرجه أن يكون أمام براهين ووقائع تريه بما لا يقبل الشك بأنها حقا ثورة مثلها مثل كل ثورات التاريخ، بأننا كأي شعب بالعالم، يثور مطالبا بحقه بالحياة والكرامة، بكل الطرق الابداعية، المرتجلة العفوية آم المنظمة المثابرة بصورة تبعث على الدهشة".
الفكرة المركزية في العمل تقوم على تجميع وتوثيق كل الإبداع السوري (الرسمة، الصورة، الفيلم، الفيديو، اللافتة، الغرافيتي..الخ) المبعثر في الفضائين الواقعي والافتراضي، وذلك في اختيار "يحمل الهدف والوظيفة" معا، و يعبّر عن "مطلب الإنسان السوري، لتشكل "مكتبة عامة" أو "متحف صغير" كما يطيب لبعض قراءنا القول!".
يهدف الناشطون من خلال هذا الموقع لتحقيق أمرين: الأول: شخصي/ عام يحمل عنوان "كي لا ننسى" فـ "نحن نكتب عن أنفسنا، شهود حق على مآساتنا، نوصل الرسالة بأنفسنا ومن يقتل يجد دائما من يكمل الطريق". الثاني: موجه للعالم الذي "لا يريد أن يسمع إلا الحرب، حتى ينسيه ذلك أن في سوريا إنسان "محق" يقتل بإسم الارهاب. ويسهّل عليه بذلك التنصل من المسؤولية الأخلاقية تجاه أخيه الإنسان" فيعمل الموقع على أن يكون المنبّه لهذا الضمير العالمي.
رغم أن الناشطين يعملون كي لا يكون مشروعهم مرتبط بالهدف النهائي لثورة السوريين، ساعيين لأن يؤسس على أسس تسمح له بالاستمرار بعد سقوط النظام السوري، إلا أن "العمل تحت سرية معينة يعرقل أدوات التطوير، أما في ظل شرط الحريّة سيكون أهم وأكثر انفتاحا".
الظرف الأمني نفسه يمنع النشطاء من التنسيق مع مجموعات أخرى ونشطاء آخرين، حيث "التشبيك يتم فقط مع مختصين لمساعدتنا في اتقان عملنا" آملين "إيجاد طرق للتعاون مع من لديهم مشاريع مكملة لمشروعنا بما يمكن أن ينتجه هذا التعاون من جمع لجهود هامة مشتركة"، خاصة أن المشروع مموّل من مؤسسة "فريدريش ايبرت" و القسم الثقافي في السفارة النروجية، والمعهد الفرنسي - سوريا.
"أن تصل الحقيقة" كما هي هو حلم مؤسسي الموقع. كما هي أي " برقصات الناس والأغاني بساحات التظاهر، بعدسة شاب سوري، بعمل فنانة وفنان، بغرافيتي الصبايا يخبئن البخاخ تحت الحجاب، بجوع الناس.. بكل مبادرات المجتمع السوري الحي"، إضافة إلى الهدف الشخصي المتمثل بأن "نتطور ونتعمق بالفكرة والأسلوب ونصل إلى مستوى عال يخوّلنا أن نجذب الباحثين والمختصين".
"الذاكرة الإبداعية للثورة": متحف الثورة الصغير أو ذاكرة الثورة بآلامها وفرحها، بلحظاتها الحيّة ولافتاتها التي جذبت العالم ورسومها التي أيقظت ضمير العالم بأن ثمة شعب يصرخ للحرية.
إنه صوت الشعب بمواجهة صوت السلطة، الشارع بمواجهة الأمن، التاريخ الاجتماعي للبشر وعذابهم بمواجهة تاريخ السلطة الكاذب.
تاريخ المهزومين الساعين للنصر والحرية بمواجهة تاريخ المنتصرين الراحلين إلى مزابل التاريخ دون شك.