لأن الصورة "هي إيقاف لحظة من الزمن لتبقى ذكرى للجميع" امتشق مجموعة من الشباب السوريون كاميراتهم وأسسوا "عدسة شاب طيباني" كي تبقى لحظة "الثورة" خالدة للأجيال القادمة، حيث توّثق كاميرتهم "المشاهد التي يراها كل منا"، ليقوم آخرون (مصممو فوتوشوب، مونتاج) "بصنع مقاطع الفيديو من إيحاﺀ الصور الموجودة في عدساتنا" كما يقول أحد مصوّري العدسة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
بدأت العدسة عملها مع بدء المظاهرات السلمية في المدينة ( طيبة الإمام في حماه)، بشكل منفرد، إلا أنها أخذت صيغة العمل الجماعي مع تأسيس صفحة الفيسبوك بتاريخ 20 يونيو 2013، بهدف نقل "الواقع كما هو.. وتوثيق الأحداث ونقل مشاهد الثورة للعالم، لأن إعلام النظام لا ينقل الصورة كما هي موجودة"، ولأن المعركة اليوم هي معركة إعلام في كثير من جوانبها.
ولكن مع دخول الثورة مرحلتها المسلحة، أصبح التصوير والتوثيق أكثر صعوبة، لأنه بات "يوثق الدمار" بكل ما يحمله من قلق في نفوس المصوّرين الذين يرون أكثر الأماكن حميمية لهم وقد دمرت، مما دفعهم لمسابقة الزمن لتصوير كل شيء، "لأن مارح اقدر ارجع آخد صورة تانية إلو رح يبقى ذكرى".
هذه الذكرى التي تتحول وثيقة مع مرور الزمن على أحداث مرت من هنا، هي نفسها ما يدفعهم للتصوير من جانب آخر أيضا، نزولا عند "معجبي الصورة" أو طالبيها من مغتربي المدينة، إذ تهيّج الصورة "مشاعر الشوق والحنين".
لم يحترف أيّ من مصوّري الفريق التصوير قبل الانتفاضة، إذ كان التصوير بالنسبة لهم مجرد هواية، بدأت تأخذ طريقها نحو الاحتراف من خلال التعلّم على أرض الواقع وفي ميادين التصوير القلقة، بعيدا عم أي تدريب أو أكاديمية، مدفوعين برغبة تقديم شيء لبلدهم وتوثيق أحداث ثورتهم عبر الكاميرا.
"توثيق صور الشهداء والدمار" هي أصعب اللحظات التي تمر على فريق العمل، لأنها تعني أن يوّثقوا وجوه أحبتهم ورفاق طفولتهم وأناس أضحوا شهداء، وكانوا قد تعوّدوا رؤيتهم في شوارع المدينة بشكل يومي، وكذلك الأماكن التي قد يكونوا صوّروا أو جلسوا بها في الأمس، فيشعرون بالموت أقرب من الهواء لهم، دون أن يلامسهم بعد، يمر بمحاذاتهم ليشعرهم بوجوده، رغم أن أيّا منهم لم يتعرض للاعتقال أو الإصابة حتى اليوم، إلا أن الاحتمالين يبقيا قائمين كل لحظة.
ومع ذلك يصرّ هؤلاء على متابعة مهمتهم بالتصوير الذي يزداد صعوبة وخطورة "بمناطق النظام باعتبار التصوير ممنوع"، في حين تربطهم "علاقة كتير جيدة" بـ "الجيش الحر" الذي يتيح لهم وفق قولهم: "حرية أكبر بالتصوير، وأخذ المشاهد النادرة اللي ما بقدر صورها إلا وأنا بوضعيات معينة، أو بموقع صعب الوصول إليه".
ينتظر مصوّرو العدسة اليوم لحظة انتصار الثورة التي ستكون وفق رأيهم "نقطة تحول بتاريخ سوريا"، متمنين "نخلص من النظام وأتباعو ونخلص من متسلقي الثورة ولصوصها"، ومثابرين على العمل الجماعي" لأن "يد واحدة ما بتصفق".
يتابع المصوّرون الآن مهمتهم، ممسكين بيد بعضهم البعض "متحدين نقف .. متفرقين نسقط". كاميراتهم توّثق لحظة أو مكانا قد يغدو غدا رمادا، وعيونهم شاخصة نحو مستقبل ترسمه لحظاتهم الآن علهم يحظون بالحرية غدا.
لمتابعة الصفحة على الفيسبوك اضغط هنا.