عدسة شاب تلي


28 شباط 2014

"سنبقى نحمل سلاح التصوير"

عبارة يقولها كادر "عدسة شاب تلي" وكلّهم ثقة وأمل ووعي بأهمية السلاح الممتشق بين أيديهم، فهو وسيلتهم الوحيدة لفضح النظام وفاشيته، وهو دليلهم الوحيد على عنفه الممنهج بحق مدينتهم (التل)، حيث هدفهم: "نقل أحداث الثورة في المدينة وتوثيقها لتبقى أرشيف ومرجع لأبناء المدينة المغتربين والغير مغتربين وتوثيق جرائم النظام" كما يقول مؤسس العدسة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

العمل بدأ فرديا في البداية، حيث التقطت أوّل صورة بتاريخ 27/7/2012، والسبب في ذلك يعود للحفاظ على السرية وعدم الانكشاف للأمن المتربص بالجميع منعا لتسرب أي خبر أو صورة تنتهك صورته التي يسعى لتجميلها من خلال إعلامه الذي تأتي هذه الصور لتفضح زيفه. إلا أنه مع مرور الوقت، ورغبة العديد من الناشطين وهواة التصوير بالمشاركة في العدسة، تم "إنشاء كادر متعدّد من الشباب والبنات الميدانيين في مناطق المدينة المتعددة"، إلى أن أصبح العمل احترافيا بالكامل، حيث يتم اليوم التنسيق بين "ثلاث مجموعات على صفحات التواصل الاجتماعي. الأولى تصوّر وتضع كل الصور الملتقطة، والثانية تتخصص بانتقاء أجمل الصور وتعديلها. والثالثة هي مجموعة المدراء اللذين يقومون بالنشر على الصفحة"، حيث يتم انتقاء الصوّر المنشورة اعتمادا على معايير أهمها "الحدث المصوّر والجودة العالية".

يعتبر فريق العمل أن سرّ نجاحهم يعود للعمل الجماعي، مما ساهم بوصول "صورنا إلى أغلب أنحاء العالم"، كاسرة احتكار النظام للصورة والإعلام، " لأنه (التصوير) القادر على توثيق الانتهاكات"، والقادر على تقديم صورة تقترب من الحقيقة لما يحصل في "ظل انعدام للقنوات الإعلامية والتغافل الدولي عن مسألة الثورة".

صورة تظهر الدمار في أحد شوارع مدينة التل في ريف دمشق. المصدر: الصفحة الرسمية للعدسة على الفيسبوك
صورة تظهر الدمار في أحد شوارع مدينة التل في ريف دمشق. المصدر: الصفحة الرسمية للعدسة على الفيسبوك

رغم أن فريق العمل التقط حتى اليوم آلاف الصوّر، إلا أن ثمّةّ صوّر معينة تحفر في الذاكرة عميقا، إما لارتباطها بحدث شخصي عانى منه المصوّر أو لأنها التقطت لحظة دمار شارع أو منزل يرتبط بعلاقة حميمية في ذاكرة الأشخاص، كـ "صورة للشارع الرئيسي في المدينة بعد أن عاثت فيه دبابات النظام، مستخدمة  كل أنواع الإجرام من قطع الأشجار وتخريب المحلات وما إلى هنالك".

إضافة إلى خطر الاعتقال (حيث يعمل النظام على معرفة أسماء المصورين) و الموت تحت القصف كل لحظة، إلا أنّ ثمة لحظات أخرى أيضا، حفرت في ذاكرتهم عميقا، إذ لا ينسى فريق العمل "عندما بدأ النظام الحملة العسكرية لدخول المدينة، وكنا على الخطوط الأمامية لتوثيق انتهاكات النظام، وفي المشافي المستهدفة من قبل القصف الإجرامي"، دون أن يعني ذلك أن أيّا منهم لم يعتقل، إذ اعتقل أحدهم "مرتين. الأولى في ظل الحملة العسكرية الشرسة على المدينة، وكان اعتقالي تعسفي دون وجودي على قوائم المطلوبين، وتم أخذي إلى عدة أفرع أمنية، والتحقيق معي بتهمة ملفقة لا علاقة لها بعملي، وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي وخرجت بعد اعتقال دام قرابة 25 يوم. وفي المرة الثانية تم اعتقالي من أحد حواجز النظام، وأخذت إلى فرع الأمن السياسي بدمشق، وتعرضت هناك للتحقيق بتهمة لا علاقة لها بعملنا التصويري".

علاقة "العدسة" مع المسلحين في المدينة يصفها كادر التصوير، بأنها  "جيدة نوعا ما. لكن يوجد بعض المضايقات لعدم التصوير بحجة الخوف على السكان الموجودين في المدينة، وخصوصا أن فيها عدد كبير من الضيوف الكرام (اللاجئين)".

لا يحلم كادر التصوير اليوم، إلا برحيل الدكتاتورية، و"مستقبل زاهر ينعم فيه أبناء الوطن بكل أساليب الحياة التي حرمنا منها"، مصممّين على استكمال التصوير "بنطاق أوسع وراحة أكثر، ويمكن أن نؤسس جمعية ترعى الشباب الهاوي للتصوير وتدرّبهم عليه".

وحتى يتحقق حلمهم هذا يعد الفريق بأنه سيبقى شاهرا "سلاح التصوير، ماضون على عهد الشهداء لنيل النصر بإذن الله".

 

 

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد