ردا على غياب المثقف السوري عن الانتفاضة السورية إلا "بعض الومضات الصغيرة التي ظهرت من هنا وهناك والتي لا ترقى إلى حجم التضحيات"، وردا على "اليتم الثقافي" الذي تعاني منه الانتفاضة/ الثورة السورية التي لولا ومضاتها تلك "لقلنا أنها ثورة أمية بالكامل" ولدت جريدة زيتون في مدينة سراقب في ريف إدلب بعد عام ونصف من انطلاقة الانتفاضة/ الثورة، بهدف ردم " الفراغ الثقافي والصحفي الحاصل" كما يقول أحد مؤسسي الصحيفة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
هذا الفراغ الذي ولده غياب أصحاب الخبرة الصحفية والمعرفية في سوريا دفع أبناء سراقب لتلمس الحاجة لوجود منبر يقدّم ما يحصل في منطقتهم وينقلها للعالم بأمانة صحفية، فبدأ الناشطون عدة محاولات بعد عدة اجتماعات لتأسيس صحيفة بجهود محلية، حيث ظهرت جريدة "بكرا أحلى" وغيرها، إلا أنها " باءت كلها بالفشل نتيجة لقلة الخبرة الصحفية والإمكانية المادية والفنية"، الأمر الذي دفعهم للاستعانة بأصحاب الخبرة، فيمّموا وجههم صوب دمشق للاستعانة بكادر صحيفة سوريتنا التي قدمت لهم "كامل المساعدة ولها يعزى الفضل الكبير في صدور زيتون".
حددت الصحيفة أهدافها بالدفاع عن "مدنية الدولة القادمة وتعدديتها وتنوعها وديمقراطيتها" و "نبذ العنف" والتركيز على الحوار وأسس التعايش السلمي بين كل مكونات الشعب السوري، لإيمانها أنه دون لن ذلك لن تكون هناك سوريا، مما جعلها بمواجهة "التيارات السلفية والتفكيرية التي ترى في كل وسيلة إعلامية لا تتفق معها خطرا عليها وتهديدا لمشروعها"، إضافة إلى الحفاظ على الحياد عبر الابتعاد عن كل "التجاذبات والتكتلات والانتماءات الضيقة التي قام بها الكثير من متسلقي الثورة والتي يعاني منها أغلب مناطق الريف السوري الثائر" الأمر الذي دفعهم في كثير من الأحيان إلى "استبعاد مواد ونشر مواد أخرى من أجل تأكيد هوية الصحيفة واتجاهها وترسيخ أهدافها".
ركزت مواضيع الصحيفة على الفكر والثقافة و التحليل السياسي لكل أحداث الثورة/ الانتفاضة، حيث أن تغوّل النظام واستهتاره بدم السوريين وحجم الأحداث المتسارعة لم يترك "مجالا أو خيارا لوسائل الإعلام عن تجاهله لذلك حاولت زيتون أن تغطي الحدث بالدرجة الأولى ومن ناحية تحليله وأبعاده"، مع تركيزها على رواية الجوانب الإنسانية من تجربة المواطنين السوريين الذين راسلوا الصحيفة منذ العدد الأول، وأصرت الصحيفة على الاستمرار بنشرها لأنها" "خواطر إنسان يتعرض لمحرقة ويحاول أن يعبر عن نفسه.. رغم بساطته وتكراره".
على خلاف الصحف الأخرى التي تأسست في ظل الثورة/ الانتفاضة تربط زيتون بين حياتها وحياة الثورة، معتبرة أن تحقق أهداف السوريين بإسقاط النظام والوصول إلى دولة مدنية، يعني "آخر المطاف بالنسبة لزيتون .. حينها ستشعر زيتون أنها حققت هدفها الذي قامت من أجله وهذا أقصى ما تطمح إليه".
تتولى منظمة "سمارت" دعم صحيفة زيتون "إيمانا من الطرفين أن بناء إعلام حر وشفاف هو أحد أهم مقومات سقوط النظام وإقامة دولة مدنية، كما أن دعم منظمة سمارت المادي والفني للجريدة وطباعتها وتوزيعها واحترام خيارات وسياسات الجريدة هو من أهم أسباب استمرار الجريدة وبقاؤها"، حيث سبق للصحيفة أن توقفت عدة أسابيع عن الطبع بسبب تمسك "الجريدة باستقلاليتها" التي دفعت ثمنها بانعدام "الدعم المطلوب، ولم تقبل أي دعم مشروط أو أية أجندة تملى عليها ولم تستطع من وراء ذلك أن تتبع أية دورة إعلامية برغم حاجتها القصوى لمثل هذه الدورات".
يرى فريق العمل أن الإعلام البديل في سوريا يعاني من نقاط ضعف كبرى تجلت بـ "شباب غير مؤهل ولا يمتلك الخبرة الكافية"، مما جعل "الخطاب الصحفي هشا وارتجاليا وغير مقنع لفترة طويلة". إلا أنهم بذات الوقت يعتبرون أن الأمر أشبه بمخاض يبشر "بصلابة المشهد الصحفي مستقبلا ومتانته. وما التخبط في المحاولات التي جرت إلا دليل على جدية البحث وصدقه عن الطريق الصحيح" معتبرين أن "الإعلام الذي نشأ سيصمد ويستمر طويلا، ولن يعود الإعلام إلى سابق عهده كإعلام النظام الزائف والكاذب والمقيت مهما حدث".
يأمل أعضاء الفريق أن يكونوا بمستوى المسؤوليات الجسام الملقاة عليهم، على أمل "الخلاص من الطاغية وبناء مجتمع حضاري لأطفالنا وأهلنا". وهو الهدف الذي يدفع الفريق لانجاز "مهامه وإصدار العدد بشكل أسبوعي"، آملين "أن يكون الصباح قريب".