ملائكة سوريا: لوحة لفنانين سوريين تخلد 12490 طفل شهيد


05 كانون الثاني 2015

12490 طفل سوري صعدوا إلى الملكوت منذ بداية الثورة السورية، لغاية 5/11/2014 وفقا لأرقام مركز توثيق الانتهاكات السوري.
12490 روح رحلت أمام ضمير عالم ميت، ودون أن يلتفت لهم أحد سوى صراخ أمهاتهم وعويلهن اللا مسموع. رحلوا دون أن يسمع أنينهم أحد، في ظل طغيان "الحرب على الإرهاب" على كل شيء.

12490 طفل من المفترض أن يكونوا بيننا اليوم، إلا أن يد الإجرام امتدت إليهم فحالت أحلامهم وحيواتهم وألعابهم إلى مجرد ذكرى ورماد.
12490 طفل سوري كاد أن يطالهم النسيان، لولا ضمير عدد من الفنانين السوريين الذين رفضوا أن يتحوّل أطفال بلدهم إلى أرقام، ويمر موتهم سدى فقرروا تخليدهم في لوحة "ملائكة سوريا" التي ضمّت أسماءهم اسما اسما مع ترك مساحة فارغة لمن يتبع دربهم في رحلة التيه السورية الطويلة.

هل سيتبعهم أحد أيضا؟
لأجل أن لا يحصل هذا، وسعيا لإيقاظ الضمير العالمي تحرّك الفنانون "حسام علوم" و"عبد الجليل الشققي" والخطاط "أحمد" بمبادرة من الفنان "حسام السعدي" الذي تواصل مع فنانين مقيمين في الأردن وافقوا مباشرة لينتقلوا إلى اسطنبول بعد تمويل من قبل الكتلة الديمقراطية، وليبدأ العمل على لوحة ملائكة سوريا التي أرادها الفنانون "صرخة لوقف قتل أطفالنا وتحريك ما تبقى من ضمير وتسليط الضوء على المعاناة والمأساة السورية"، آملين " أن يتم الضغط على هذه الأنظمة وأن تتحرك لوقف هذا الإجرام بحق مستقبل سوريا المتجسد بأطفالنا".

أحد الفنانين المشاركين وهو يرسم اللوحة. المصدر: الصفحة الرسمية للفعالية على الفيسبوك
أحد الفنانين المشاركين وهو يرسم اللوحة. المصدر: الصفحة الرسمية للفعالية على الفيسبوك

اللوحة التي يبلغ طولها ٢١.٥٠ متر وعرضها ٢١ متر لا تكتفي بعرض قضية الأطفال وتسليط الضوء على مقتلهم من قبل نظام مستبد، بل تتعدى ذلك إلى "إعادة وجه الثورة السلمي والثقافي الذي تم تشويهه من قبل نظام الأسد"، ولتذكر "المجتمع الدولي بأننا شعب خرجنا من أجل سوريا الإنسان، الحرية والكرامة، الحضارة.. ولسنا إرهابيين ومتطرفين كما صوّرنا النظام" كما يقول الفنان حسام لـ "حكاية ما انحكت".
رسمت اللوحة على قماش سميك خام وبمادة الأكريليك على مدة أربعين يوما، علما أن المدة المفترضة كانت ثلاثة شهور، بهدف نشرها على حائط البرلمان الأوربي في بروكسل في يوم الطفل العالمي قبل أن تحول صعوبات عدة دون ذلك، إذ لا يزال فريق العمل يسعى لعرضها بنفس المكان.

تثير اللوحة في مكان ما، أسئلة كبرى من نوع مدى قدرة الفن حقيقة على التأثير في الواقع، فرغم أن الفنانين يتمنون أن "تؤثر الأعمال الفنية بالمجتمع الدولي، والشعوب الغربية أكثر من منظر الدم" فإن الأمر يبقى مثار جدل طويل لجهة قوة التأثير بوجه "الهجمة والتضليل الإعلامي للنظام في تشخيص الثورة"، وفي عالم بات مشغولا بملاحقة آخر إبداعات "داعش" والحرب على الإرهاب، بعيدا عن قراءة عمق المشكلة بأن الاستبداد موّلد أساسي لكل أنواع التطرف وعلى رأسه التطرف الديني.

جزء من لوحة ملائكة سوريا. المصدر: الصفحة الرسمية للفعالية على الفيسبوك
جزء من لوحة ملائكة سوريا. المصدر: الصفحة الرسمية للفعالية على الفيسبوك

إلا أن الأمر يستحق شرف المحاولة في نهاية المطاف، فإذا كانت اللوحة غير قادرة على حرف مسار الأحداث والتوجهات فإنها دون شك تسلّط الضوء على القضية وتلفت الانتباه لها، وهو ما يدفع الفنان "حسام السعدي" لدعوة الفنانين إلى أن "يقوموا بواجبهم في إيصال الرسالة الإنسانية للمجتمع الدولي، بعيدًا عن السلاح والسياسية" لامتلاكهم سلاح الريشة الفنية الذي قد يوصل قضيتهم إلى تلك الشعوب التي لم تعرف ماذا يجري في سوريا بعد.

"ملائكة سوريا": رغم أنها مجرد أسماء على لوحة، ورغم أنها لن تعيد الحياة لأطفال أصبحوا في الضفة الأخرى من الحياة. إلا أنها جرس مرفوع في وجوهنا لنحمي من تبقى، فتلك المساحة الفارغة لأطفال قد يضافون إلى اللوحة ليست مجرد فراغ وأسماء قد تضاف على عجل بقدر ما هي امتحان لضمير عالم يتفرج على قتل مستقبله دون أن يرف له جفن.
إنه العار الذي سيلاحقنا ويلاحق البشري للأبد، إن امتلأ هذا الفراغ بجزء من أرواحنا.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد