"الشهيدات والمعتقلات وأمهات الشهداء وأخوتهن في عيدهن نقول: كل عام وأنتن دفء حياتنا وتاج رأسنا".
هذا ما كتبه الفنان السوري "عبد الحكيم قطيفان على صفحته على الفيسبوك، مختزلا أوجاع الأمهات السوريات وأوضاعهن اليوم، فهن موزعات بين معتقلات و مختطفات و شهيدات أو أمهات لمعتقلين ومختطفين وشهداء، الأمر الذي جعل من صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي حافلة بوجع مضاعف، فالأم تتذكر ابنها الغائب، والابن يتذكر أمه التي تركها تموت وحيدة بعد أن اعتقله النظام ليبقى عمره يزور قبره موزعا بين ندم وخيبة.
كتب "فادي الداهوك": "عندما أفرجوا عن جثمان الطفل "ثـامر الشـرعي"، أنزلوه من سيارة الإسعاف في بلدة الجيزة بدرعـا، كان جسداً مشوهاً مثل رفيقه "حمزة الخطيب" وأكثـر!!!..عرفته أمه من جرح قديم في وجهه:"هذا ابني.. والله ابني.. الخط بوجهه، الجرح، أنا خيطتله ياه.. والله ابني"، ليضيف بذلك حكاية أخرى إلى حكايات السوريين التراجيدية مع أمهاتهم، فاليوم الذي كان مساحة فرح أضحى اليوم اختزالا مكثفا للجرح السوري المفتوح.
في داريا المحاصرة والتي تتعرض يوميا لقصف النظام، قام نشطاء المركز الإعلامي في مدينة داريا برسم أم مكللة بالسواد وهي تحمل ابنها، وخلفها المدينة تتعرض للقصف والدمار، وبجانبها عبارة: سوريا الأم: كل عام وأنت بخير أمي.
الفنان هاني عباس، رسم أما سورية تجلس أمام خريطة العالم التي علّق عليها صور أبنائها الغيّاب، فالأم هنا هي سوريا التي تدير ظهرها لعالم يتفرج على صور أبنائها المعتقلين، الشهداء، المخطوفين.. دون أن يحرك ساكنا.
وقام السوريون بنشر لوحات للفنان يوسف عبدلكي، تصوّر أحدها أما سورية تقوّس ظهرها على كرسي الانتظار، فيما تصوّر الأخرى أما تقف منتظرة أمام صور معلقة على جدران الموت.
الملفت أن الأم وحدت حزن السوريين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية والإيديولوجية، فالحزن واحد على طرفي الصراع السوري، لتغدو الأم فعلا لا مجازا هي سوريا التي توّحد ولا تفرق.