دوما تباد أمام عالم بلا ضمير


19 آب 2015

في الوقت الذي كان فيه النشطاء يستعدون لإحياء الذكرى الثانية لمجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام في الغوطة الشرقية بتاريخ 21 آب 2013 وذهب ضحيتها حوالي 1400 مواطن/ة، أقدم النظام السوري المستبد على ارتكاب مجزرة جديدة في مدينة دوما في السابع عشر من آب 2015 حين أقدمت طائراته على قصف السوق الشعبي في مدينة دوما ما أدى إلى مقتل 120 مواطنا وإصابة 325 جريح وفق إحصائيات المجلس المحلي في مدينة دوما.

 وكأن السوري بات لا يصحو من مجزرة حتى يقع عليه ويل أخرى. وكأن دوما الجريحة لا تنهض من مجزرة حتى تنام على أخرى إذ سبق وارتكب النظام أكثر من مجزرة فيها. وكأن قدر الداومنة والسوريين أن يرفعوا يوما إثر يوم بوجه العالم عبارة "دوما تباد" حتى يتأكد العالم الميت أنهم بشر يحق لهم العيش بأمان بعيدا عن المجازر المتنقلة التي يعيشون في ظلها وسط صمت عالمي وغطاء دولي مريب للقاتل، وهو ما عبر عنه الشاعر السوري "علي سفر" إذ قال: "مجزرة في دوما. مجزرة في درعا البلد. مجزرة في وادي بردى. مجزرة في إدلب. هذا يومنا السوري".

صورة لبعض ضحايا المجزرة. المصدر: الدفاع المدني في مدينة دوما
صورة لبعض ضحايا المجزرة. المصدر: الدفاع المدني في مدينة دوما

غضب سوري مرير:

الغضب هو رد فعل السوريين الأول على المجزرة، إذ بدا هذا الغضب واضحا في عبارتهم وشتائمهم ونبرة تعبيرهم وكتاباتهم. غضب فاض عن ساحات وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن الانفعال وحد الجميع مثقفين وناشطين وسياسيين، إذ ترافقت كلماتهم وعباراتهم مع الشتائم التي تنهال على الدكتاتورية، حيث قال الكاتب "رفيق قوشحة": "قصف صواريخ فراغية على سوق شعبي مزدحم بأهل البلد في دوما! صواريخ على سوق! لم يفعلها حتى وحوش النازية والفاشية!"، في حين اختارت "ماجدولين الزيزفون" أن توجه غضبها نحو الموالين للدكتاتورية حين قالت: "للموالين في صفحتي لا تتجاهلوا الصور. لحظة صدق واحدة دققوا النظر و شاهدوا هؤلاء الإرهابيين. أنا لم أضفكم رغبة بممارسة الجنس إنما لأوقظ داخلكم رغبة بالحقيقة. كبروا الصور ربما تكبر البذرة. إنها دوما"، في حين اختار الكاتب "علي سفر" أن يوجه الغضب نحو أصدقاء سابقين له لصمتهم عن المجزرة، إذ قال: "أعتذر، كنت أعرف قبل الثورة العشرات من السفلة، العهرة. عملت معهم في أنواع فنية وثقافية، كنت أظن أن الفنانين والكتاب والشعراء كلهم بشر، بقلوب بشر. ولكنني عرفت أن كثيرين من هؤلاء ليس في عروقهم دم أحمر، بل سم أفاعٍ وعقارب، مخلوط بخراء الخفافيش. أعتذر. وأطلب الصفح".

عجز قاتل:

لم يكن غضب السوريين فاعلا ومؤثرا، بل كان غضبا عاجزا يفرّغ نفسه على ساحات وسائل التواصل الاجتماعي. وكأن صمت العالم على موتهم وتلاعب الدول بهم وعجز معارضتهم وعدم قدرتهم على إزاحة الدكتاتورية بعد أربع سنوات ونيف من النضال أوقعهم في هوة العجز الذي عبّروا عنه بوضوح، إذ كتب الشاعر "عصام كنج الحلبي": أعجز عن منع نفسي من رؤية وجه ولدي بين كل تلك الوجوه الصغيرة, الوجوه التي لن يعقصها أحد بعد اليوم, الوجوه التي ستحضر في ذاكرة الحياة السورية إلى أبد الآبدين.أريد موتاً واحداً يريحني من كل شيء, هذا الموت اليومي يقضم روحي بأنياب العجز ولا يبالي, يقضم تفاحة الأمل ببذورها وديدانها, ويسلمنا إلى مزابل العويل الأخرس"، في حين قالت الفنانة "كفاح علي ديب": "وبعد كل مجزرة نعجز أكثر، وتصبح الكتابة رفاهية، نخجل بها. سلامتك يا بلد"، في حين قالت "رغدة كاتب": "ويحدث أن يضيق بك الكون كخرم إبرة، وتختنق".

بوستر تضامني مع مدينة دوما. المصدر: صفحة الفنان معن حاصباني
بوستر تضامني مع مدينة دوما. المصدر: صفحة الفنان معن حاصباني

العجز صاحبته محاولات خجولة للتنديد بالمجزرة حيث نظم مجموعة من السوريين اعتصاما رمزيا في باريس ضم حوالي ثلاثين شخصا رفعوا خلاله عبارات منددة بالمجزرة، وهو أمر استحسنه البعض ورأى البعض الآخر في قلة العدد أمام هول المجزرة عجزا آخر وإدانة للمعارضة السورية والنشطاء الذين عجزوا أن يشكلوا اعتصاما بمستوى المجزرة التي يرتكبها النظام، وهو ما عبر عنه الإعلامي "أحمد كامل" إذ قال: "وتظاهر تضامناً مع دوما في باريس 30 سوري. يذكر أنه حصل على اللجوء في فرنسا أعداد كبييييرة من "الأبطال" بداعي أنهم كانوا في سورية يتظاهرون بوجه الرصاص الحي للنظام وللمتطرفين الإسلاميين"، داعيا لتجاوز العجز إلى الفعل حين قال: "إذا كنت تدين تفرج العالم على المذبحة وتعتبره عملاً لا أخلاقياً ومشاركة في الجريمة. فلا تتفرج أنت على المذبحة، تظاهر أو تبرع أو.. اصمت". وهو ما حصل عمليا حين تظاهر عدد من النشطاء في مدينة الأتارب، رافعين شعارات كتب عليها: "من الأتارب إلى دوما الدم واحد" و "دوما تدفع ثمن تنازع الفصائل فيما بينهم"، في حين اختار فنانين سوريين أن يعبر كل منهم عن المجزرة بطريقتهم، حيث اختار الفنان "محمود محمود" صورة من المجزرة جاعلا إياها بالأبيض والأسود فقط ( لوحة الغلاف) ليكتب بجانبها: "أسود / أبيض. دوما 16.08.2915.عمل ل بشار الأسد".

واختار الفنان مصطفى يعقوب أن يعبر عن المجزرة برسم يستوحي عنب مدينة دوما، حين رسم عنقود عنب أحمر مرفقا بعبارة "دوما تباد"، في حين رسن الفنان "هاني عباس" لوحة تبين رجلا يحمل طفلا مصابا ويهرب به بعيدا عن سوريا والكرة الأرضية كلها.

لوحة للفنان مصطفى يعقوب. المصدر: صفحة الفنان على الفيسبوك
لوحة للفنان مصطفى يعقوب. المصدر: صفحة الفنان على الفيسبوك

اللوم والغضب الذي وجهه البعض تجاه السوريين وخاصة من هم في المنافي لعدم تحركهم بنصر قضية دوما، يبدو أنه دفع البعض نحو التحرك، حيث كتبت الفنانة "لويز عبد الكريم" على صفحتها:" وقفة احتجاجية أمام البرلمانات في عواصم العالم. لا يهم العدد. وقفة احتجاجية أمام البرلمانات، واجب علينا أمام ضمائرنا. لماذا لا يكون هذا السبت القادم سبتا سوريا عالميا. نحن سنقف. من سيقف معنا. هبوا للمشاركة في كل العواصم. دمنا المهدور والمستباح يستنهض الجميع"، وهو ما يبدو أنه لقي صدى، حيث أتبعت الأمر ببوست آخر جاء فيه: "الجمعة الساعة السادسة مساء أمام مبنى البرلمان الفنلندي. تم تحديد موعد التظاهرة الاحتجاجية المنددة بالصمت العالمي تجاه التعسف و استباحة الدم السوري المطالب بالحرية من قبل النظام الأسدي الإيراني".

رغم قلة التضامن مع السوريين والتنديد بالمجزرة دوليا، أقدم عدد من اللبنانيين على تنظيم اعتصام في ساحة سمير قصير وسط بيروت، رفعت خلاله لافتات وشعارات جاء في أحدها: "نيرون الأسدي يحرق دوما. سيزول نيرون وتبقى دوما".

اعتصام في ساحة سمير قصير في بيروت تضامنا مع أهالي دوما.
اعتصام في ساحة سمير قصير في بيروت تضامنا مع أهالي دوما.

الدعوة لمحاكمة روسيا وإيران، و رفض الحل السياسي!

المجزرة التي ترافقت مع تصريح لوزير الخارجية الروسي "لافروف" يرفض فيه تنحي الأسد حتى بعد المرحلة الانتقالية خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيراني "ظريف" جعل غضب السوريين ينصب على إيران وروسيا أولا وعلى الجميع ثانيا بما فيهم "الحلفاء" والمعارضة السورية التي روّج بعض أقطابها الذين زاروا موسكو أن ثمة "تغير في الموقف الروسي"، لتأتي المجزرة وتنسف الأمر، حيث بدا وكأن المجزرة تأتي بغطاء روسي إيراني واضح وصريح، وهو ما عبر عنه الروائي السوري "خالد خليفة" حين قال: "القتلة لديهم أفضل الأصدقاء دوماً، يدافعون عنهم في المحافل الدولية، يمدونهم بالسلاح ويحركون الجيوش من أجلهم، إذن لماذا لا يرتكبون المجازر كل صباح؟"، واتفق معه المعارض "وليد البني" الذي قال: "قالها ملالي إيران على لسان بشار الأسد, أن الحديث عن الحل السياسي ليس وقته الآن. لم نصدقهم لا نحن ولا العالم ولا العرب. لذلك وجهوا لنا اليوم صفعة قوية لكي نصحوا من أوهامنا, تمثلت بتلك الدماء الطاهرة التي سفكوها في دوما"، في حين دعا الشاعر السوري "بشير البكر" إلى العمل على تقديم "المسؤولين الإيرانيين والروس أمام المحاكم الدولية بسبب جرائم الإبادة التي يقوم بها وكيلهم في سورية بشار الأسد".

المجزرة أكدت للبعض استحالة الحل السياسي واستحالة أن يكون للأسد مكان في الحل السياسي، حيث قال الكاتب والسجين السابق "وائل السواح" أن "مجزرة دوما برهان جديد للذين يريدون دورا للمجرم في الحل السياسي"، وهو ما عارضه فيه السجين السابق أيضا "ماهر اسبر" حين رأى أن النظام يفعل ذلك لكي ينسف الحل السياسي الذي يقترب، إذ قال: "بشار الأسد عندما يعطي الأمر بتنفيذ مجزرة كمجزرة دوما، يكون هناك حديث و عمل دولي على حلّ سياسي يُخرجه من السلطة. هو يعلم مسبقاً ماهي ردّة فعل المعارضة بعد المجزرة، التي ستطالب فورياً بعد وقوعها بإلغاء أيّ حلّ سياسي ورفض أيّ مبادرات ممكن أن تخرجه سالماً من مكانه أو تضعه على سِكّة الرحيل. هو يراهن على أن تستمر المعارضة السورية بطلب الحلّ العسكري، لأنه يعلم تماماً أن هذا أقل خطراً عليه ولن يتم الوصول له بهكذا آليات و بهذه المطالب التي ترفعها المعارضة، استمرار الحرب هو السيناريو الأفضل له ولكامل أقطاب نظامه. إن أردتم قتل بشار الأسد فاقتلوه بالطريقة الممكنة. أقتلوه بالحلّ السياسي. والذي يعرف السوريين يعلم أنهم سيلحقون به ويقتلوه ولو اختبئ في عباءة الخامنئي. صار لدينا مليون نواف غزالة". وهو ما وافقه فيه الطبيب والكاتب المعارض "راتب شعبو" إذ قال: "المزيد من الإجرام هو وسيلة النظام في الهروب من الحل السياسي".

لوحة للفنان هاني عباس. المصدر: صفحة الفنان على الفيسبوك
لوحة للفنان هاني عباس. المصدر: صفحة الفنان على الفيسبوك

رفض الحل السياسي انعكس على بعض السياسيين إذ كتب "معاذ الخطيب": "احتجاجاً على قتل أهلي وشعبي في كل سورية، وخصوصاً المجازر الأخيرة في دوما، فإنني أعلن مقاطعتي لكافة اللقاءات الرسمية مع كل الأطراف التي لها علاقة بالموضوع السوري والتي تغمض أبصارها عن دماء المدنيين من شعبنا الذبيح، ويشمل ذلك أية اجتماعات في جنيف الشهر القادم"، في حين قال وليد البني: "أنا شخصياً صحوت من شدة الألم, وأصبحت متأكدا أن لا حل سياسي في سوريا قبل رحيل طاغيتها والمليشيات الإيرانية الطائفية التي تحميه".

لزهران علوش نصيب!

قبل المجزرة كانت مناطق الغوطة الشرقية تعيش على وقع مظاهرات ضد تنظيم "جيش الإسلام" وقائده "زهران علوش" بسبب تقاعسه عن فتح معارك ضد النظام وفرض قوانيه على الغوطة المحاصرة، الأمر الذي دفع الأخير للقيام بعملية عسكرية أدت إلى استيلاء المعارضة على بعض المناطق، ما جعل النظام يرد في قلب دوما، الأمر الذي دفع البعض لتحميل "زهران علوش" مسؤولية ما حصل لعدم توقعه الرد العنيف من النظام أو عدم قدرته على حماية الناس في الوقت الذي تقوم قواته باستعراض ذاتها أمام النظام دون تحقيق أية انجازات، حيث كتب "ملهم الحسني: "دوم تباد، وهناك أسطول جيش كهذا فيها! ولك كيف هيك ؟؟ أين كانوا كل هؤلاء حين قصف الأسد دوما بالأمس؟ ‏يسقط زهران علوش"، في حين اعتبر "أبو حجر" أن "المجزرة التي قام بها المجرم بشار الأسد في دوما اليوم. سيرد عليها المجرم زهران علوش برشق مدينة دمشق بقذائف الهاون غداً؛ كلاهما يريد تنشيط حاضنته الاجتماعية. و كأنهما يتبادلان النكزات على الفيس بوك !!"خذوا حصتكم من دمنا و انصرفوا."، معتبرا أن الاثنين وجهين لعملة واحدة.

أين أمة الإسلام والرب؟

الصمت الرهيب الذي جوبهت فيه المجزرة في البلدان العربية والإسلامية، دفعت العديد من السوريين على تصويب سهام نقدهم نحو المسلمين الذين يحركهم رسم كاريكاتوري ضد الرسوم الكريم في حين يتقاعسون عن التحرك ضد مقتل السوريين، وهو ما دفع الكاتب "علي ديوب" للقول: "إذا صدق اتهامكم للعالم، بفساد الضمير وربما بالتآمر على الإسلام؛ فمن منكم يفسّر سرّ هذا الصمت الغريب، لـ "أمة المليار ونصف و كسور" حول ما يجري لـ "أخوتهم" المسلمين، في سورية: قبل دوما، و بعد دوما؟"، في حين كتب "خالد حاج بكري": "أعلن انبهاري بقدرة الأقاليم العربية والإسلامية على الغضب والتحشيد والتظاهر العنيف ضدّ الرسوم الكاريكاتورية ومواصلة خرسها الكامل عن الجريمة الموصوفة".

هنا يبدو أن المجزرة فتحت بات التجرؤ على المقدس على مصراعيه، ليس لدى المتفاعلين مع المجزرة عن بعد، بل مع أهالي دوما أنفسهم، حيث عبّرت "نينار عمران" عن حالة أم دومانية تصرخ أمام جثة ابنها بالقول: "حرقة القلب بصراخ سيدة دومانية قدام جثة ابنها: لَك يا الله. بلحظة الألم، الله نزل من قدسيتو، صار بمستوى العتب واللوم وحتى الخنا. الله ماعاد بمستوى الشكوى والاستنجاد. ماعاد في مقدس فوق الألم بهالبلد المحروق"، في حين قال "داوود محمد": "لا أفهم هذا الرب السادي إذا كان موجودا كيف له أن لا يبكي، أن لا يشعر بالإهانة، أن لا يشعر بالذل أمام كل هذا القتل"، الأمر الذي يوضح أن عتب السوريين على الله نفسه بات كبيرا، دون أن ينسوا عتبهم وغضبهم عن صمت العالم نفسه، إذ قال "عمر إدلبي": "ولا دولة، ولا منظمة دولية، ولا حزب، ولا مسؤول ولو كان وضيعاً مثل بان كيمون مثلاً أدان أو قلق أو فتح فمه بكلمة عن مجزرة دوما!! أيها العالم القذر!!".

لافتة رفعها ناشطون في مدينة الأتارب. المصدر: صفحة أحرار الأتارب على الفيسبوك
لافتة رفعها ناشطون في مدينة الأتارب. المصدر: صفحة أحرار الأتارب على الفيسبوك

يبدو أن العالم بات مصابا بفوبيا داعش التي أنسته آلام السوريين وموتهم على يد الدكتاتور، وهو ما انتبه له السوريون وحللوه من هذا المعيار، فالعالم المشغول بالإرهاب وملاحقة داعش نسى أنهم يموتون على يد طاغية الشام، إذ كتب صاحب صفحة "آكاد الجبل" غاضبا: "ومن القهر أن نعرض صور أشلاء أطفالنا ونطلب من العالم المخادع أن ينظر. لندفع عنهم وعنّا تهمة الإرهاب"، في حين قال "أحمد أبو زيد" ساخرا مع معايير الغرب التي تركز على داعش والأقليات والمثليين: "لا ياسمين هناك, ولا موت أنيق, ولا ملثمون, ولا أقليات منتهكة, كل ما هناك عادي جدّاً, وخارج شروط نجاح الصورة, العاديون لا صخب لهم"، وهو ما عبر عنه "دارا عبد الله" إذ قال: "مجزرة دوما اليوم، لا تتوافر فيها معايير المجزرة “الكلاس” القادرة على تحريك دول “الحرب على الإرهاب” للأسباب التالية: ..لا أقليات مذهبية مهددة من الإسلاميين في دوما...لا جدائل مقاتلات بصور عالية الدقة، كما في كوباني، يحاربون إرهاب تنظيم الدولة الإسلاميَّة... لذلك، المجتمع الدولي الذي “يحارب الإرهاب”، لن يهمه ٨٠ قتيل بطيران آل الأسد.ولذلك يبقى هذا “الإرهاب” بنفس المستوى الأخلاقي لهذه “الحرب على الإرهاب".

لكن رغم كل هذا اليأس، فإن البعض رأى أن المجزرة التي ارتكبها النظام جاءت لتذكر العالم والسوريين على الأقل بأن النظام أكثر إجراما من داعش وغيرها، إذ كتبت "علا الجاري": "هذا النظام كل ما طاش حجرنا والتهينا عنو.. بيذكرنا إنو هوي عدونا الأول وإنو كل المجرمين مقارنة فيه حناين".

تفعيل الطائفية والتطرف:

أكثر ما هو مقلق في الأمر أن خطاب السوريين بعد المجزرة بات أكثر تطرفا، سواء لرفض الحل السياسي أو لتعزيز الخطاب الطائفي، إذ كتب الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن استحالة العيش مع "العلويين والشيعة" بعد اليوم محملين إياهم - لا النظام - مسؤولية ما يجري، في حين اعتبر البعض أن "التطرف بعد المجزرة أكثر إنسانية من إنكارها أو تجاهلها" كما يقول "ماهر اسبر"، باعتباره ردا طبيعيا غريزيا من نفوس موجوعة وسط تخلي العالم كله عنها، الأمر الذي يحتم على العقلاء العمل على رأب هذا الصدع قبل أن يتوسع ويفعل فعله في مجتمع بات منهكا على كافة الصعد.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد