في الغوطة الشرقية، حيث يعاني الناس من تسلط "جيش الإسلام" "وجبهة النصرة" وغيرهما من الميليشيات المسلحة، إضافة إلى القصف اليومي لمساكنهم وأسواقهم من قبل النظام، قامت (الهيئة العامة للفعاليات المدنية) بانتخاب هيئة سياسية تمثلها في أية مفاوضات مع النظام أو غيره، فهل سنقول وداعاً للجلادين الذين يصلون إلى السلطة بالانقلابات أو الانتخابات الوهمية منذ عقود في سوريا؟.
تميزت هذه الخطوة الفريدة في تاريخ الثورة السورية بأن الأشخاص المُنتخبين أخذوا شرعيتهم من خلال أعمالهم الطبية والإغاثية، وبأنهم يقيمون في الداخل، كما أنهم ذوو خبرة بالحراك المدني وتحولاته، علاوة على أنهم أصحاب درجات علمية ممتازة، مثل الطبيب صخر الدمشقي والمهندس أكرم طعمة، كل ذلك أضفى على هذه الانتخابات المحلية صيغة "الشرعية" كما كتبت الناشطة ريم تركماني، فهي الأقدر على أخذنا إلى بلد مستقر يشبه أهله ويحفظ حقوقهم، لأنها قطعت الطريق على الجبهة العسكرية التي كانت تحاول الحصول من الجهات المدنية على ورقة تخوِّلها تمثيل السوريين في الغوطة خلال أية عملية تفاوضية قادمة.
حكاية ما انحكت توجه إلى الناشطة ريم تركماني التي علقت على الانتخابات بقولها إن الغاية من هذه الهيئة تنظيم عملية المفاوضات مع النظام، والتي ستنتهي بهدنة لوقف القتال بينه وبين المعارضة، وتشمل المفاوضات تبادل المعتقلين وإخراج الجرحى وإدخال المعونات وغيرها، ولا يقتصر عمل هذه الهيئة على التفاوض مع النظام، بل يمتد إلى أية عملية سياسية تمثل أهل الغوطة، مثل التوصل مع روسيا أو الأمم المتحدة، ورأت "تركماني" أن نموذج الانتخاب هذا يصلح لأن يُعمم في كافة أنحاء ومناطق سوريا، لأنه مثال رائع للتمثيل الشرعي، كما أن الغوطة تحوي "مجلس الحكماء" الذي يضم ممثلاً أو اثنين من وجهاء كل بلدة أو قرية، هذا المجلس شكل وفداً مهمته المرور على القرى والبلدات ليأخذ موافقتها على التهدئة.
لكن ما الآلية التي جرت فيها هذه الانتخابات؟، حول هذا التساؤل قال محمد الثائر أحد أعضاء الهيئة السياسية لـ(حكاية ما انحكت)، إنها انبثقت عن الهيئة العامة التي عمل الناشطون منذ عام 2014 على تشكيلها، وهي تضم 207 نشطاء في مختلف المجالات المدنية، الإغاثية والطبية والإعلامية وغيرها، وقد أطلَق فكرة الهيئة السياسية "النظام الداخلي" للهيئة العامة، والذي يواجه تحديات ضخمة من قبل العسكريين الموجودين في الغوطة، ويضيف محمد إن الهيئة السياسية تتألف من عشرين شخصاً، وهي وليدة المرحلة ومتطلباتها، وقد جرت الانتخابات يوم الأحد 22/11/2015، أما عن المدة الزمنية لعمل الهيئة السياسية فإنها غير محددة، بل هي منوطة بعملية الهدنة أو وقف إطلاق النار كما أضاف "الثائر".
https://www.youtube.com/watch?v=Lzc2PIRav_8&feature=youtu.be
هذه الهيئة شُكلت من قبل المدنيين في الغوطة، فهل يتم التعاون بينها وبين الجهات العسكرية في الغوطة لإتمام عملية الهدنة مع النظام؟، يجيب "الثائر": إن الدعم الشعبي الذي تحظى به هذه الهيئة وتفويض القرى والبلدات لها يمنحها حق التفاوض باسم السكان، كما أنه يوجد تنسيق بينها وبين الكتائب العسكرية، كي لا يتم خرق الهدنة التي يُعمل على إنجازها عن طريق وسطاء.