شكلت "شبكة المرأة السورية" نقطة استقطاب للعديد من الناشطات السوريات، ومساحة للتعبير عن أهم قضايا المرأة السورية في المرحلة الراهنة. وأصبحت "الشبكة" بفعل العمل الدؤوب الذي قامت به القائمات عليها، واحدة من أهم المنابر التي حملت هموم المرأة السورية، وتصوراتها حول مستقبلها ومستقبل بلدها. اليوم تضم شبكة المرأة السورية "عضوات" سوريات متواجدات في مناطق مختلفة من العالم، ويركزن جهودهن على قضية مركزية هي مستقبل سوريا الديموقراطي.
تضم "شبكة المرأة السورية"، وبحسب ما ورد في بيان التعريف، شخصيات ومنظمات ديمقراطية غير حكومية مستقلة، تعمل على المساواة بين الجنسين، وعلى ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلم الأهلي وتحقيق العدالة الانتقالية، ومشاركة المرأة في صنع القرار في سورية المستقبل، وتشكيل قوة فاعلة في عملية التحول الديمقراطي نحو سوريا مدنية ديمقراطية حرّة موحدة ذات سيادة.
وبحسب السيدة وجدان ناصيف، إحدى العضوات في الشبكة، فإن شبكة المرأة السورية تأسست بعد أن اجتمع عدد من المنظمات والشخصيات النسوية والسياسية في ستوكهولم، وأجمعوا على ضرورة إطلاق شبكة المرأة السورية، وتحضير مؤتمر تأسيسي. انبثق عن لقاء ستوكهولم في أوائل 2013 لجنة تحضيرية اجتمعت في عمان في 8 آذار 2013 وأقرت مجموعة من البنود، وكان أهمها: تسمية الشبكة باسم "شبكة المرأة السورية" "نساء شمس"، ووضع أسس النظام الداخلي، والدعوة لعقد مؤتمر تأسيسي في القاهرة بين 23 و25 ايار 2013.
ومنذ انطلاقتها وحتى اليوم، ساهمت الشبكة بتنفيذ عدد من المشاريع، إذ: "قامت الشبكة بعدة مشاريع تعليمية وإعلامية منذ تأسيسها، من خلال مجموعة من الشراكات مع جهات ومنظمات سورية للتنفيذ على الأرض. كما أطلقت عدة حملات إعلامية أهمها حملة "سوريا وطن لا سجن" بعيد جنيف2"، وفق ما قالت "ناصيف" لحكاية ما انحكت.
كما تعمل الشبكة على مشروع تمكين سياسي للنساء، ويستهدف النساء في الداخل السوري. وأيضاً يجري العمل على مشروع إعلامي لتطوير موقع الويب الخاص بالشبكة، ومشاركة أصوات وأقلام نسائية من الداخل. أيضا كان هناك ولا زال تعاون بين شبكة المرأة السورية وراديو روزنه عبر برنامج "نص الدنيا".
ساهمت المرأة السورية، كغيرها من فئات المجتمع السوري في عملية التغيير الجاري العمل عليها منذ آذار من عام 2011، عندما انطلقت أولى الحناجر في دمشق تهتف للحرية. ويكاد نشاط المرأة السورية أن يكون محايثاً لأغلب إن لم نقل لكل النشاط الثوري الذي شهدته سوريا عبر الأعوام الماضية، ودفعت بدورها، أي المرأة السورية، ضريبة باهظة مثلها كمثل باقي الفئات الأخرى المنتفضة في سوريا. وإذا نظرنا إلى شبكة المرأة السورية من هذا المنظور، سنلاحظ أنه من الصعب اختزالها إلى حركة أو منظمة نسوية مطلبية، وأنها أقرب إلى أن تكون منظمة سياسية- مدنية، تجهد من أجل أن تبرز دور وموقع المرأة السورية في سياق عملية التغيير الجاري العمل عليها اليوم في سوريا، وإلى أن تكون منبراً يمكن أن يوصل صوت المرأة السورية.
وبحسب إحدى الناشطات السوريات التي فضلت عدم ذكر اسمها، فإن "شبكة المرأة السورية قد تكون أقرب لأن تكون "مجموعة ضغط" كي يكون للمرأة صوت الآن وفي مستقبل سوريا. أما أن تكون الشبكة منظمة نسائية أو مجموعة نسائية مدنية، فأعتقد بأنها لا تحمل هذه الملامح، ومن هنا سنلاحظ أن الشبكة تحوي مجموعات ومنظمات وشخصيات نسائية مختلفة ومتباينة التوجهات والأيديولوجيات".
من جهة أخرى، ترى العديد من الناشطات القليلات اللواتي ما زلن داخل سوريا، أن شبكة المرأة السورية بوجه الخصوص، لعبت دوراً مهماً في إبراز دور المرأة السورية والدفاع عن حقوقها، وبحسب الناشطة هنادي (اسم مستعار)، وهي إحدى الناشطات المقيمات في ريف دمشق القريب، تقول لحكاية ما انحكت: "بالنسبة للشبكة أعتقد أنها من أكثر المنظمات النسوية التي قامت خلال الثورة ونجحت الى حد ما في بناء هيكل واضح لها ومساحة واسم، أحد أهداف الشبكة هو نقل صورة المرأة ومعاناتها في الداخل الى الخارج، وحالياً هناك زاوية خاصة في موقع الشبكة، اسمها "نساء من بلدي"، تحكي قصص النساء في الداخل، كما تنشرها بالتعاون مع منظمة هولندية في مشروع منصة نساء سوريا باللغة الانكليزية والهولندية".
وتضيف هنادي: "تبذل شبكة المرأة السورية جهوداً كبيرة من أجل تمكين المرأة السورية سياسياً، وإيصال صوت المرأة السورية وواقعها الى العالم. وإيصال النساء السوريات الى مواقع صنع القرار".
وفعلياً كانت شبكة المرأة السورية قد نجحت إلى حد ما في أن تكون بعيدة عن واقع العديد من المنظمات الشبيهة، وعن تجاذباتها، وأن تحافظ على استقلاليتها، وكان مشروعها الأساسي لعام 2016 هو تمكين المرأة سياسياً، وهو ما تعمل عليه حاليا. وعلى سبيل المثال فإنه في الهيئة العليا للمفاوضات يوجد سيدتين هما بسمة القضماني وأليس مفرج، وهما من الشبكة. وفي الوفد النسائي الاستشاري للسيد ديمستورا يوجد خمس نساء من شبكة المرأة السورية.
وأياً يكن الأمر، فإن الظروف التي تعمل بها منظمات المجتمع المدني في سوريا، تفرض العديد من التحديات، وأولها مصداقية هذه المنظمات وقدرتها على التعبير بصدق عن فئات مجتمعها المدني الذي تسعى إلى تمثيله.