كانت كنانة تسكن في مدينة الشدادي التابعة لمحافظة الحسكة شمال سوريا، وفي أكتوبر 2013، اشتد الصراع المسلح بين داعش وجبهة النصرة وحزب العمال الكردستاني بهدف السيطرة على هذه المدينة ذات الثروات والموقع الاستراتيجي، حيث تقع على الطريق الرئيس الواصل بين دير الزور والحسكة، وهي مدينة خصبة وغنية بالنفط، وعندما استمر هذا الصراع لأشهر دون توقف خرجت كنانة برفقة أبيها وأخوتها الخمسة أواخر عام 2013.
https://www.youtube.com/watch?v=8qSpz5Q6Ar4
ابنة الثامنة عشر عاماً كانت تتقن مهنة الزراعة، وتمارسها خلال شهور الصيف في الشدادة، حيث تدر هذه المهنة الدخل الأهم لأبناء المدينة ومَن حولها، فكانت كنانة تزرع مع أخواتها الأربع وأخيها الأصغر الفاكهة الصيفية، بالإضافة إلى القمح والقطن، لكن وبعد خروجها ، وتوجهها مع العائلة إلى مدينة عامودا في ريف الحسكة، اضطرت للعمل في الزراعة الشتوية، لا سيما شتلات البندورة، لكي تحقق دخلاً يفي بمتطلبات الأسرة، وهو ما لم يكن معروفاً من قبل، حيث إن أهالي عامودا وسائر مدن الجزيرة يزرعون البندورة في الصيف فقط.
بدأ أهالي عامودا يسألون كنانة والعاملين معها عن كيفية تنظيمهم لهذا العمل، حيث يبقون في الحقل يومياً من التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراً، وقد كان أحد أهم أسباب نجاحهم بهذه التجربة تشجيع الناس لهم، وعلى الرغم من أنها لم تمارس هذا العمل من قبل، إلى أنها تعلمت كيفية زراعة البندورة في البيوت البلاستيكية ضمن مشروع قامت به منظمة شار للتنمية، لتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي لأهالي الجزيرة في ظل الحرب، حيث يجد المزارعون صعوبة كبيرة في نقل منتجاتهم الزراعية الشتوية إلى الجزيرة بسبب انقطاع الطرقات والاشتباكات، لذلك عمدوا إلى طريقة البيوت البلاستيكة التي يكلف كل منها مبلغ 2000 دولاراً، لكنها تبقى صالحة للاستخدام مدة عشرين عاماً، حيث يبلغ طول البيت خمسين متراً، وعرضه ثمانية أمتار، ويستوعب ألف شتلة في الموسم، محققاً حوالي أربعين طناً من البندورة بشكل منتظم، ما يغني مدينة عامودا عن استيراد هذه المادة، وقد تم إطلاق هذا المشروع في الشهر العاشر من عام 2015، وكان عدد العاملين فيه 12 شخصاً، ثمانية مزارعين وخمس مزارعات من بينهم كنانة.
https://www.youtube.com/watch?v=v_9_yajZHKg
لم يقتصر عمل كنانة على عامودا، بل امتد إلى القرى المجاورة لها، وبالإضافة إلى البندورة، تشمل البيوت البلاستيكية أنواعاً من النباتات الشتوية المختلفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تم إنجاز هذه المادة بالتعاون بين موقع "حكاية ما انحكت"، مشروع "الإنسان في سوريا"، وراديو "سوريالي".