أطلق حكاية ما انحكت مشروع "مدن في الثورة" السورية، وهو مشروع يسلّط الضوء على حكاية الثورة في ست مدن، هي: السلمية، القامشلي، دير الزور، بانياس، درعا، الزبداني، حيث أنتج لكل مدينة، بحث، فيلم، انفوغرافيك، إذاعة، صور، شهادات، مواد صحفية.
بدأ العمل على المشروع منذ سنة تقريبا، سبقتها سنة تحضير وتجهيز، قبل أن تبدأ آلية العمل التي اعتمدت اختيار مجموعة مجتمع مدني متواجدة في المدينة التي تكون مدار البحث، لتقوم بجمع الشهادات وتصويرها عبر لقاءات حية مع الفاعلين السياسيين والمدنيين والنشطاء الذين قاموا بالأحداث، وذلك بعد أن يكون فريق العمل وضع آلية عمل لكل مدينة يعمل فريق العمل الميداني على تنفيذها على الأرض وإرسال الشهادات لفريق العمل الذي يقوم على مراجعتها وتدقيقها، والتأكد من مصداقيتها ودقتها، ليتم بعدها تحويلها إلى الباحث صبر درويش الذي أنتج البحوث الخاصة بالمدن، وإلى المخرجين لينتجوا فلما عن كل مدينة، وإلى مجموعة عين التي توّلت تصميم انفوغرافيك خاص لكل مدينة، وإذاعة صوت راية التي أقدمت على إنتاج حلقات إذاعية لكل مدينة، لنكون في النهاية أمام أنواع متعددة من المعرفة لكل مدينة، تلبي رغبة كل فرد حسب أهوائه وميوله، فمن لديه ثقافة بصرية سيجد في الفيلم والانفوغرافيك متعته ووسيلته للحصول على المعرفة بالمدن، ومن لديه ثقافة سمعية سيجد الأمر في الحلقات الإذاعية، ومن لديه اهتمامات بحثية معمقة سيجد الأمر في البحث الذي غاص في أحشاء المدن بشكل معمق وكبير.
انطلق مشروع المدن من مدينة السلمية ( وستنشر المدن الباقية تباعا) التي يمكن قراءة البحث الخاص بها هنا، وهو البحث الذي كتبه الباحث "صبر درويش" عبر جدل ونقاش وحوار دائم بين تنسيقية نساء مدينة سلمية ومدير المشروع (محمد ديبو) والباحث، ليكون البحث نتاج عمل جماعي صاغه الباحث برؤيته الخاصة، التي غاصت في تفاصيل التفاصيل.
ضمن مدينة السلمية، اختار المخرج عروة المقداد أن يعنوّن فيلمه عن السلمية بـ "سلالم نحو السماء"، مختارا من شعر محمد الماغوط، ابن مدينة السلمية، متكئا للانطلاق في أجواء المدينة وثورتها، حيث نلاحظ حضورا رائعا للمرأة في كافة مراحل الثورة التي شهدتها المدينة.
مجموعة عين للانفوغرافيك بدورها، لخصت مراحل الثورة في المدينة وعرضتها وفق رؤية بصرية، تسهل للقارئ الاطلاع على الثورة ولحظاتها المفصلية من أول مظاهرة حتى لحظات اللجوء حين بدأت المدينة تستقبل اللاجئين، مرورا بالمجموعات العسكرية التي تشكلت ومجموعات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية أيضا.
إذاعة صوت راية، بدورها قدّمت أربع حلقات إذاعية عن المدينة، عرضت خلالها تاريخ المدينة والثورة، مدعما بالشهادات الصوتية التي تدعم الحدث، وتعطيه مصداقيته العلمية، لنكون أمام شهادة صوتية نادرة وجميلة عن مدينة طالما عرفت بكثرة شعرائها ومثقفيها.
إلى جانب ما سبق، نلاحظ صورا تعكس نشاطات المدينة وثورتها ومظاهراتها ولافتاتها ودور نسائها في الحراك، وهي الصور التي قدمتها تنسيقة نساء مدينة سلمية التي كانت مجموعة العمل التي توّلت جمع الشهادات والعمل داخل المدينة وخارجها.
مدن في الثورة السورية، مشروع توثيقي لازال في طور البدء، يطمح لأن يكون نواة الذاكرة الوطنية السورية التي يجب أن تحفظ من النسيان، ومن التوظيف السياسي لاحقا.