منذ بداية الثورة السورية، يقوم إعلام نظام الأسد بتسويق فكرة هدفها: إغاظة الآخر وتشويشه، أما تطبيق هذه الفكرة فليس مهماً، حتى ولو كان مبنياً على خيال الأطفال.
لم يبلغ أي إعلام في التاريخ كمية الخزعبلات التي أطلقها إعلام الأسد، وما يوحِّد هذه الخزعبلات أنها عكس الواقع تماماً، ما جعل من التصريحات والتقارير الإعلامية التي يتبناها النظام مادة للسخرية ورسوم الكاريكاتور. يتذكر السوريون كيف بدأ التلفاز الرسمي بإطلاق كلمة "مندسين" ليبرر ما فعلته قوات الأمن من اعتقال للمعتصمين أمام وزارة الداخلية بتاريخ 16/03/2011، وقد كان هدف الاعتصام آنذاك إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والمندسون هم كائنات مجهولة ممولة من الخارج، قامت بالاندساس في صفوف المعتصمين بغية إثارة الفوضى والشغب، ثم توالت المصطلحات تبريراً للجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الشبيحة بحق المظاهرات السلمية، فأطلِقَتْ على الفاعلين مصطلحات "مخربين، موتورين، إرهابيين"..إلخ، وقد تزامن ذلك مع أخبار خيالية عن تجمعات المنتفضين بوجه البعث، كما كان عندما أعلنت مذيعة في قناة الإخبارية السورية أن مجموعة من المواطنين في حي الميدان قد تجمعوا ليشكروا الله على نعمة المطر، ولم يكونوا يتظاهرون كما ادَّعت بعض وسائل الإعلام.
من طرق إغاظة السوريين أيضاً، تلك القوانين التي تطلقها حكومة النظام، كما حدث في شهر آذار 2012، عندما أعلن بشار الدموي عن حملة استفتاء على دستور جديد، في حين كانت مدافعه تدك أحياء حمص القديمة، ما دل عن انفصام كامل عن الواقع، ولم يكن ذلك جديداً، فقد بدأ منذ خطابه الأول في نيسان 2011، والذي أمضاه بعبارات تافهة تاركاً متابعيه عقبه يطرحون سؤالاً واحداً: متى سيبدأ الخطاب؟.
يعتمد إعلام النظام على مقولة "اكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك"، وهي العبارة التي أطلقها وزير الدعاية النازية جوزيف جوبلز، نجد بشار الأسد قد نفذ هذه العبارة عقب وفاة نيلسون مانديلا بقوله إن حياة الأخير (كانت مصدر إلهام للمقاتلين من أجل الحرية ودرساً للطغاة)، قد تبدو العبارة شديدة البلاهة من مرتكب أبشع الجرائم في العصر الحديث، لكنها ليست سوى محاولة من النظام للهروب إلى الأمام عبر تقديم صورة معاكسة للواقع، هذه المحاولة شبيهة بالسياسة الإسرائيلية في عهد أرييل شارون، والذي كان يكرر تأكيده على خارطة الطريق واستئناف المفاوضات بينما تقصف الطائرات الإسرائيلية غزة وتجتاح المخيمات الفلسطينية.
لم تقتصر حماقات الأسد على المقولات، بل تعدتها إلى السلوك، فهو إذ ظهر للمرة الأخيرة في زيارة لجرحى جيشه في قرية "الكنيسة" التابعة لحمص، أول أيام عيد الفطر 06/07/2016، كان جالساً مع عائلة أحد المصابين، وعندما همَّ بالذهاب أقسم أحد أبناء القرية أن يذبح خروفاً بمناسبة زيارة "الرئيس"، إلا أن الأخيرردَّ بأنه لا يأكل اللحم، ليزيد بذلك تأكيده على الشيزوفرينيا التي يعاني منها، فبشار الذي تسبب بمقتل نصف مليون سورياً، عشرات الألوف منهم قضوا في السجون بعد أن أدمِيت لحومهم سحلاً وحرقاً وضرباً، يُعلن عن نباتيته، ونعرف أن أهم أسباب إقلاع البعض عن أكل اللحوم تجنبهم أن يكونوا مشاركين في قتل الحيوانات، لكن الأسد الذي يحترم حقوق الحيوان، والذي أصدرت وزارة الزراعة في عهده عدة قوانين لحمايته، كان آخرها ما أعلنته عن سنها قانوناً يمنع صيد الطرائد في سوريا لمدة ثلاث سنوات، ابتداء من عام 2012، لا يبالي بقتل الإنسان، فهو صديق الحيوانات الذي يحاول إغاظة أعدائه بأنه لا يأكلهم، في حين يفترس شعبه كل يوم.