في مدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور شرق سوريا، بدت الحاجة إلى نشاطات اجتماعية تهتم بالأطفال في مختلف مرافق الحياة ماسة بعد طرد قوات النظام من المدينة في 22/11/2012، بسبب ما عانوه من عنف خلال الاشتباكات بينه وبين الجيش الحر، هكذا أسس مجموعة من النشطاء السوريين مؤسسة خطوات للتنمية الاجتماعية، والتي تمحورت أنشطتها حول التعليم، الدعم النفسي والاجتماعي، حماية الطفل وبناء إعلامه وثقافته.
على الصعيد العملي، "بدأت المنظمة بإنشاء فرقة مسرح من الأطفال، حيث قام أحد المختصين بتدريبهم، كما أنشأت فرقة جوقة غنائية، وقد قدمت الفرقتان عدة عروض في مدينة الميادين وريفها ولاقت عروضها شعبية كبيرة في وقت كانت فيه المدينة تتعافى من آثار سيطرة النظام عليها وتستعيد نشاطها"، كما قالت السيدة لمياء سليمان الناطقة باسم المنظمة لـ (حكاية ما انحكت).
إكمالاً لاهتمامها بالفنون وسيلةً لمعالجة الأطفال المتضررين من الحرب، قامت المنظمة أيضاً بتنظيم ورشات رسم ونحت بالصلصال وسينما ومسرح دمى وتدريب على آلة العود، حدث كل ذلك في مدينة الميادين، لكن احتلال داعش للمدينة في الشهر السابع من 2014 منع المؤسسة من إكمال مسيرتها، وأجبر نشطاءها على الخروج.
"عام 2015، تمكنا من استعادة نشاطنا في محافظة إدلب، وتحديداً في مدينة سلقين (شمال مدينة إدلب) وريفها، حيث افتتحنا مدارس لتعليم الأطفال في كل من (كفرحوم، سلقين، ودليبا)، ضمت 600 طالبة وطالباً في مرحلة التعليم الأساسي، إضافة إلى مدرسة في دير الزور افتُتِحَت بذات العام ضامة مئة وخمسين من طلبة التعليم الأساسي أيضاً، وتقدم هذه المدارس خدمة الدعم النفسي إلى جانب تعليمهم المواد الأساسية التي كانت تدرس سابقاً (المواد العلمية، التاريخ، الأدب)"، حسبما أضافت لمياء، فالتخفيف من أشكال المعاناة التي يعيشها أطفال سوريا أكثر ما تهتم به المؤسسة، ثم العمل على دفع الأطفال لكي يحوّلوا معاناتهم إلى فعل إيجابي، وذلك بتطوير قدراتهم وتحسين ظروف حياتهم اليومية.
في الجانب الإعلامي صدرت عن المنظمة مجلتان، الأولى مجلة خطوات صغيرة، وهي مجلة شهرية مطبوعة، تهتم بتنمية ثقافة الطفل ولغته بعيداً عن المفاهيم الإيديولوجية والشعارات التي عاشها في ظل نظام البعث، وهو جزء من الخط العام للمنظمة، حيث تولي الحياة اليومية للطفل كفرد أولويتها في العمل، وتتوجه المجلة إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 07 و12 عاماً، مركزة على الأناشيد والرسوم واللغة البسيطة والقصة وشرح المعلومات العلمية بطريقة تجذب الطفل، إضافة إلى تعليم الانكليزية، في حين أن المجلة الثانية حنين، تتوجه إلى الأطفال الأصغر سناً، بين 3 و7 أعوام، ويتم توزيع المجلتين في المناطق التي يعيش فيها السوريون جنوب تركيا، إضافة إلى الشمال السوري، وقد لاقت المجلتان إقبالاً فعالاً من الأطفال عبر مراسلاتهم لفريق العمل وتنفيذهم للفنون التطبيقية المنشورة فيهما، وذلك بسبب الحاجة إلى مثل هذه المجلات لا سيما في مدينة دير الزور التي تخلو من أي نشاط يدعم الأطفال ويطور مواهبهم.
يعمل في مؤسسة خطوات خمسون موظفاً وموظفة، ويتألف مجلس الإدارة من خمسة أفراد، "أما التمويل فهو أكثر الصعوبات التي تقف عائقاً بوجه تطورنا، وهو حال عدد كبير من المؤسسات السورية العاملة في الشأن العام" كما أضافت لمياء لـ (حكاية ما انحكت)، "ففي المنظمة مشاريع مبرمجة منذ سنة، لكن ضعف التمويل حال دون تنفيذها".