منذ عام 2014، تتقاسم حلبَ مجموعة قوىً، هي الجيش الحر والفصائل الإسلامية الذين يسيطران على معظم شمال وجنوب وشرق حلب، والنظام على قسمها الغربي والجنوبي، في حين تحتل داعش معظم الريف الشرقي، وتسيطر القوات الكردية على جز من الشمال الشرقي، وفي الثامن من تموز 2016، وقع حدث مفصلي هدد بسقوط حلب كاملة بيَد النظام، فما هوَ؟.
حصار وتجويع
تمكنت قوات النظام بمساعدة ميليشيات أفغانية وعراقية ولبنانية، تعدادها حوالي ألف جندي، وبغطاء جوي روسي، من السيطرة على منطقة "الملاح" الواقعة شمال حلب، وهي منطقة تطل على طريق الكاستيلو، الذي كان يُعد المعبر الوحيد من وإلى أحياء المعارضة باتجاه الريف الشمالي الشرقي، ما يعني أن قوات النظام قد أطبقت الحصار بشكل كامل على أحياء حلب التي تتواجد فيها المعارضة.
الهدف من هذا الحصار يماثل ما كان يهدف إليه النظام حين حاصر مدناً وأحياء أخرى، نتذكر هنا حصاره لمدينة مضايا في ريف دمشق، حيث كان يلجأ لتجويع المدنيين وقطع الإمداد عن الجيش الحر، إلى أن تُوقع صفقة تقضي بخروج المقاتلين مقابل إدخال المواد الغذائية، أما الواقع المعيشي اليوم في حلب فهو "صعب جداً، فقد فُقدت مواد أساسية بشكل كامل، ومن أهمها الخضار والفاكهة بالإضافة للسكر والزيت والسمنة، أما مادة الخبز فهي متوفرة عن طريق المجلس المحلي لمدينة حلب، ولكن تتبع آلية تقنين منذ بداية الحصار"، حسبما صرح الناشط شامل الأحمد لـ (حكاية ما انحكت)، وعن البدائل التي يستخدمها المدنيون لتعويض هذا النقص قال "حالياً يتم امتصاص الصدمة والتعايش مع الواقع من خلال زراعة المساحات الفارغة كمنصفات الشوارع والحدائق بالإضافة إلى الزراعة المنزلية، ويوجد بعض المنظمات والفرق المحلية الصغيرة والمجلس المحلي لمدينة حلب تساعد المواطنين في الموضوع الزراعي، لكن هناك نقص حاد في المحروقات، وبالأخص مادة البنزين فهي شبه معدومة من السوق، والمدنيون يلجأون إلى الدراجات الهوائية عوضاً عن السيارة للتنقل بين الأحياء".
ممرات وهمية
أعلن النظام عن فتحه لممرات آمنة تسمح بخروج المدنيين من الأحياء المعارضة، وذلك بعد عشرين يوماً من بدء الحصار، في 28 تموز 2016، هذه الممرات كانت أربعة، اثنين في وسط المدينة واثنين في أطرافها الجنوبية والغربية، إلا أنّ هذه الممرات لم تكن سوى تمهيد من النظام لتدمير أحياء المعارضة بشكل كامل في المستقبل، بحجة أنها قد خلت من سوى المسلحين، كما أن هذه الممرات تقع ضمن الأهداف العسكرية لجيش النظام، والمدنيون ليست لديهم ثقة بالنظام ليخرجوا عبرها دون أن يتم استهدافهم، حيث يقول شامل الأحمد لـ (حكاية ما انحكت) "في الساعات الأولى من فتح هذه الممرات قام الطيران الروسي بقصف أحدها، وهو الكائن في حي سيف الدولة (غرب)، وبعدها بقليل قصف الثاني الواقع في حي بستان القصر (شرق)، أما اللذان على أطرافها فيتعرضان للقصف على مدار الساعة، وهما المعبر المحاذي لجامع الشيخ سعد (شرق)، ومعبر طريق الكاستيلو (شمال شرق)، كما أن النظام وروسيا لم يقوما بالتنسيق مع أية جهة محلية أو دولية من أجل هذه الممرات كونها تقع على خطوط التماس، وأغلبها ملغم بالمتفجرات، ومن غير المعقول أن يسلك المدنيون مثل هذه المعابر".
هل سيسيطر النظام على حلب؟
المخطط الذي اتبعه النظام عندما حاصر أحياء حمص القديمة، يتبعه اليوم في حلب، وذلك وفق استراتيجية تتلخص بإنهاك المدينة على جميع أصعدة الحياة، الخدمات الأولية، المواد الغذائية، والسلاح، تمهيداً لدخولها، لكن عدد المحاصرين في حلب اليوم "ثلاثمئة وخمسون ألف مدني"، حسبما أكَّد شامل لـ (حكاية ما انحكت)، و"لم يفكر أحد بترك هذه المدينة بعد"، كما أن التواجد العسكري في هذه الأحياء أقوى من ذلك الذي كان في أحياء حمص القديمة، من حيث العدد والعتاد، لذلك فإن "الثوار لديهم حلول كثيرة في الأيام القادمة، ولا أتوقع أن يطول الحصار، لكن الآمال معقودة على الرجال الذين هم خارج المدينة ولا أظن أنهم سيتركوننا فريسة لنظام الأسد المجرم" كما أضاف شامل.
إلى ذلك، قامت مجموعات من المدنيين المحاصرين بحملة إحراق إطارات السيارات ابتداء من يوم الجمعة 13/07/2016، وذلك يهدف عرقلة الطيران الحربي وحجب الرؤية عنه لمنعه من استهداف المدينة، تزامن ذلك مع إعلان ما يُسمى بـ جيش الفتح، عن بدء (ملحمة فكِّ الحصار عن حلب)، حيث لا تزال المعركة قائمة حتى الآن، وسط تقدم واسع لقوات المعارضة التي أكدت أن معركتها ليست لفك الحصار فحسب، بل أيضا لأجل "تحرير" كل حلب، الأمر الذي يعكس أن المدينة تنتظر صيفا ساخنا جدا.
https://youtu.be/k1uj4cyR-OM