محمد أبو حجر: ما الذي يمكن تسميته ثورة إن لم يكن هذا؟


سواء كان في الوطن أو المنفى، في المظاهرة أو منصّة الغناء، في لحظة صفاء أو توتر... تراه على "قلق كأنّ الريح تحتي/ه" كما يقول المتنبي، إذ لا يهدأ ولا يستكين لثبات ولو كان جالسا، وكأنّه شعلة قلق متنقلة. إنّه الناشط والمغني السوري محمد أبو حجر، أحد مغني فرقة مزاج الذي كان لـ "حكاية ما انحكت" وقفة سابقة معها، وأحد نشطاء مجموعة "نشطاء سوريين في برلين" التي تعمل على تنظيم المظاهرات وحشد الدعم للقضية السورية هنا، لتراه متنقّلاً من منصّة الغناء إلى ساحة التظاهر على وقع حدث ما، فحين زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمانيا مؤخرا، نظّم النشطاء على جناح السرعة مظاهرة احتجاجية ضده، في واحد من النشاطات الكثيرة التي يقوم بها أبو حجر ورفاقه على سبيل المثال لا الحصر.

08 تشرين الثاني 2016

سواء كان في الوطن أو المنفى، في المظاهرة أو منصّة الغناء، في لحظة صفاء أو توتر... تراه على "قلق كأنّ الريح تحتي/ه" كما يقول المتنبي، إذ لا يهدأ ولا يستكين لثبات ولو كان جالسا، وكأنّه شعلة قلق متنقلة. إنّه الناشط والمغني السوري محمد أبو حجر، أحد مغني فرقة مزاج الذي كان لـ "حكاية ما انحكت" وقفة سابقة معها، وأحد نشطاء مجموعة "نشطاء سوريين في برلين" التي تعمل على تنظيم المظاهرات وحشد الدعم للقضية السورية هنا، لتراه متنقّلاً من منصّة الغناء إلى ساحة التظاهر على وقع حدث ما، فحين زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمانيا مؤخرا، دعا النشطاء على جناح السرعة لتنظيم مظاهرة احتجاجية ضده، في واحد من النشاطات الكثيرة التي يقوم بها أبو حجر ورفاقه على سبيل المثال لا الحصر.

حكاية ما انحكت، تحاور في هذا اللقاء أبو حجر، عن دوره، وفاعليته، في سعيها الدائم لتسليط الضوء على فاعلية السوريين ومقاومتهم الدائمة، لكل أشكال الظلم والاستعباد، غناءاً وتظاهراً وإبداعاً.

(1): محمد أبو حجر من منصات الغناء إلى ساحات التظاهر مروراً بالحشد للمظاهرة، أين يجد  أبو حجر نفسه أكثر، في الغناء أم في ساحات التظاهر؟، وهل من رابط بين الاثنين؟.

الفصل هنا يبدو قسرياً، فأنا أشعر في ساحات التظاهر بذات النشوة التي أشعر بها على المسرح، كما أنّ العلاقة جدلية، فما أعيشه في ساحات التظاهر يظهر مكثفاً في الموسيقى التي أكتبها.

نحن ننزل إلى الساحات وفي برلين نضمّ جهودنا لجملة من الناشطين، ونحاول تنظيم المظاهرات والفعاليات من أجل سوريا، هذه التجربة التي استمدّتها الفرقة من النشاط الميداني تظهر جلياً في أغانيها، نحن على عكس الكثيرين، نرى أنّ مكان الفنان في الشارع مع الناس، ولذا جاء انتقادنا الحاد في حينها لما أطلق عليه "مظاهرة المثقفين".

(2): هل تتعمّد أن تكون أغنيات فرقة "مزاج" ذات بعد ثوري؟ خاصة أنكم رشحتم (الفرقة) أواخراً لنيل الجائزة الدولية لحرية التعبير؟ ألا تخشى أن يؤثر هذا على نوعية الأغنية؟ كيف تقيّم الأمر؟.

لعلّ ارتباطي بموسيقى الراب جاء نتيجة ابتعاد هذه الموسيقى عن التصنّع، نحن لا نتعمّد إعطاء موسيقانا بعداً ثورياً، هي كذلك نتيجة ارتباطنا العضوي بالثورة خلاصاً للشعوب.

إنّ نمط الحياة الذي نعيشه تملأ الثورةُ كلّ تفاصليه، لقد غيّرتنا الثورة تغييراً جذرياً، غيّرت طبيعة علاقتنا بكلّ الأشياء المحيطة، ومن الطبيعي جداً عندما يكون الفنان صادقاً مع فنه أن تنعكس تفاصيل حياته في منتجه الفني كاملاً، فنوعية الأغنية تحدّدها أمور تقنية فنية، وليس ارتباطها أو امتلاكها بعداً ثورياً، أقصد هنا المستوى الموسيقي والتقني للأغنية، إذ هناك العديد من الأغاني للثورة، والكثير منها بعيد عن كل ما هو سياسي، لذا لا يمكن تحديد نوعية الأغنية إطلاقاً من خلال البعد الذي تحاول تغطيته. بعض الأغاني التي قُدّمت عن الحب كانت ذات قيمة فنية عالية، بعضها الآخر كان متواضعاً، وكذلك الأمر في الثورة، لذا نعتقد أنّ النوعية لها معايير تقنية مهنية فقط.

(3): أخبرنا عن النشاطات التي تقوم بها في برلين/ ألمانيا، سواء على صعيد العمل الفني أو الإنساني أو الثوري.

على الصعيد الموسيقي أنهينا جولة الصيف، والتي ضمَّت أكثر من أربعين حفلة في مدن ألمانية وأوروبية متعدّدة، جولة وضعت مشروع الراب الشرقي الذي بدأناه في هذه السنة على الطريق الصحيح لإنجاز أول ألبوم مع مختبر الراب الشرقي، والذي يتألف من خمسة موسيقيين (علاء زيتونة-عود، زاهر القاعي- كمان، أحمد نيعو إيقاع وغناء، ماتيو دي سانتيس-إنتاج إلكتروني، ومحمد أبو حجر راب أساسي)، وقد بدأنا الآن بتسجيل الألبوم الجديد والأوّل من نوعه.

 أما على الصعيد الثوري، فما زلنا نرى مع المجموعة المعروفة باسم "نشطاء سوريين في برلين"، أنّ واجبنا هو تقديم النضال المدني الثوري في سوريا للساحة الألمانية عبر عدّة أنشطة، منها تنظيم المظاهرات عند وجود ضرورة لذلك، ردَّاً على حملات القصف الهمجية أو حملات التجويع الممارسة من قبل النظام السوري على المجتمع الثائر.

(4):حدّثنا أكثر عن مشروع الراب الشرقي، كيف ولدت الفكرة؟ وما الهدف منها؟ ولماذا راب شرقي؟، خاصة أنّك تساءلت في بوست كتبته على الفيسبوك عن: أين المشكلة حين نسميه "فن راب غربي"؟.

يهدف مشروع الراب الشرقي الذي نسعى حالياً لتثبيته إلى ما هو أبعد من تلقيح الراب بالقليل من التشريق أو تلقيح الموسيقى الشرقية بالقليل من الراب، نحن نحاول أن نشكّل تجربة جديدة تنتج عن دمج الموسيقى الشرقية بالراب بشكل كامل، بحيث يصبح الناتج غير واضح المعالم، ولا يمكن وضعه ضمن أحد هذين الإطارين. نعمل الآن على الألبوم الأول، وسيكون بعنوان "ثقافة ثالثة"، وهو رفض للتأطير بكافة أنواعه، نحن هنا لا نتحدث عن صهر الشرق بالغرب أو الراب بالمولية، بل عن خلق حالة ثالثة متمايزة عن الحالتين: الشرقية والغربية.

بناء على هذا جاءت تسمية المشروع بـ "المختبر"، لأنّنا هنا نضع كلّ شيء في أنابيب اختبار حقيقية كي نرى كيف يمكن أن يتطوّر المشروع، سأكون مدّعياً إن قلت إنّنا نعي إلى أين سيصل هذا المشروع، وهذا ما نقوله في كلّ حفلة نقدّمها معاً، نحن لا ندري إلى أين سينتهي هذا العمل، ولا نحاول إقحام أنفسنا في مكانة المسيطرين على تطورّه، حتى نترك هذا للتطوّر الطبيعي والديناميكي للأشياء.

(5): عملت مع الأطفال اللاجئين في مجال الموسيقى، حدّثنا عن هذا النشاط؟، وكيف يمكن للموسيقا أن تخدم قضية اللاجئين وخاصة الأطفال؟

بدأ هذا النشاط حقيقة في سوريا، هناك كنت أسعى بشكل غير منظّم إلى مساعدة البعض على كتابة وتقديم أولى أغانيهم، حدث هذا مع الكثير من مؤدّي الراب من من أصبحوا معروفين على الساحة اليوم، أما في في برلين، فقد اعتقدت منذ وصولي، وكان قد مضى على مشروعي في الراب عشر سنوات، أنّ الراب ساعدني في الكثير من مراحل حياتي، فقد كنت أحوّل كلّ مشكلة أواجها إلى قضية رأي عام عبر تقديم أغنية عن الموضوع، لذا ساعدتني موسيقى الراب كثيراً على تخفيف الضغط السياسي والاجتماعي الذي نتعرّض له كنشطاء في الشرق الأوسط. بعدها، بدأت أنظّم ورشات عمل للأطفال، خاصة في مساكن اللاجئين، بغية تقديم ما اكتسبته من معرفة موسيقية لهم، بحيث يمكّنهم ذلك من إنتاج أغنية قد تكون بداية الطريق لتحويل غضبهم الشخصي إلى قضية رأي عام عبر طرحها في أغنية.

تمكّنا حتى الآن من إنتاج أكثر من أغنية مع المتدربين، أتحدّث هنا عن حوالي سبعة أطفال استطاعوا فعلاً تسجيل أغانٍ.

لا بد من التنبيه على أنّني لم أخصص ورشات التدريب للاجئين، بل كانت دائماً مفتوحة للجميع، مرّة واحدة فقط قرّرنا إقامة الورشة في مسكن اللاجئين، لأنّه كان مجهّزاً بكلّ المعدَّات التقنية.

(6): عطفاً على ما سبق، هل هذا النشاط تعويض عن عدم القدرة على العمل في الوطن أم مقاومة للعجز أمام ما يحصل في سورية؟، أم أنه إيمان منك بأنّ ما تقوم به مع آخرين يرسم ملامح الحرية السورية القادمة؟

لا يمكنني القول إنّ ما نقوم به من نشاط يرسم ملامح الحرية السورية القادمة، أمّا عن العمل فأنا أعمل مع منظمة ألمانية ولا أحتاج لما يعوّضني عن العمل، أعتقد أنّ السبب الأساس شعورنا بضرورة إبقاء الصوت عالياً من أجل سوريا، فالإعلام يحاول أن يحوّل ما يحدث في سوريا إلى حرب أهلية، نحن نعمل لنؤكد بإصرار أنّ ما يحصل ثورة شعبية، وما يحدّد عملنا الرابط بين ما يحصل والمطالب السياسية للحركة.

أحد أعضاء فرقة مزاج، أحمد نيعو. خاص حكاية ما انحكت.
أحد أعضاء فرقة مزاج، أحمد نيعو خلال حفلة للفرقة في ألكسندر بلاتز في برلين. خاص حكاية ما انحكت/ الصورة من المغني

(7): أغلب النشطاء والفاعلين المدنيين أصبحوا اليوم خارج سورية، وجزء كبير منهم في برلين، كيف تنظر للأمر بإيجابياته وسلبياته؟.

للأمر سلبياته و إيجابياته، من سلبياته إفراغ الساحة السورية من النشطاء، لنركز الآن على إيجابياته، وأولها وجود حالة سورية في ألمانيا يمكنها التعريف بالقضية السورية. الكثيرون هنا لا يعرفون عما يحدث في سوريا إلا عبر ما يرويه الإعلام، هناك مكوّنات تقاتل مكونات أخرى نتيجة مشكلات تاريخية ودينية، والأمر برّمته يتعلّق بكون كلّ تلك المكوّنات خارج الحضارة، فوجود عدد كبير من الناشطين هنا يمكنه أن يقدّم لتصوّر أخر لدى المجتمع، تصوّر كفيل بدرجاته الدنيا أن يجلب دعماً دولياً أكبر للقضية السورية، وبدرجاته الأعلى يمكنه تفكيك مفهوم الحضارة الأوروبية بوصفها الشكل الوحيد والأرقى للحضارة في عصرنا الحالي، ومن إيجابيات هذا الوجود الأخرى التعرّف على المجتمع الجديد وامتصاص حالات وأفكار جديدة يمكن استثمارها في سوريا، أتحدّث هنا عن التطوّر الذي ينشأ عندما تتلاقح حالتان لتنتجا حالة جديدة، وليس عن تشرّب سوري ومعطى ألماني.

(8): ما الذي على هؤلاء الناشطين فعله برأيك لخدمة سورية وثورتها؟

يجب علينا أن نملأ المساحات كلّها بأصواتنا، في الساحة السياسية الألمانية العديد من النقاشات حول اللاجئين، أهم ما يمكننا فعله برأيي ربط هذه القضية بالحالات التي جاء منها اللاجئون، إذ يفكر المجتمع الأوروبي عموماً باللاجئين من لحظة صعود الناس بالقوارب المطاطية، واجبنا هنا أن نفسّر القضية قبل ذلك ونربطها بركوب القوارب. كذلك أعتقد أنّ من واجب النخب طرح نقاشات حول دور المركزية الأوروبية والغربية عموماً خارج حدود المركز، وارتباط ذلك بأمواج اللاجئين.

(9): كونك من النشطاء الفاعلين في ألمانيا على صعيد الحشد والدعوات للتظاهر للثورة السورية، هل تفكرون بآليات معينة تجعل من هذا النشاط أو الحشد أكثر تنظيماً وتفاعلاً بين السوريين هنا وأولئك الموجودين خارج ألمانيا؟، خاصة أنّ أكثر التهم التي توجَّه للمعارضة تتعلّق بضعف التنظيم والاختلاف حول كل شيء.

حالياً لم نطرح تساؤلاً كهذا، نحن نعمل على سدّ الحاجات، وعلى أن نتواجد حيث لا يوجد أحد، لا نفكر بلعب دور سياسي أكثر من هذا الدور الميداني بالأساس، لأنّنا لا نؤمن جداً بالتنظيم، فهو برأينا كان أحد الأشياء التي أضعفت الثورة، أعتقد أنّ من يطالب المعارضة بالتوّحد ونبذ الإختلاف ليس سوى "دون كيخوت"، فالاختلاف طبيعي جداً، نحن مؤمنون وملحدون، يسار ويمين، علمانيون وإسلاميون، الأهم هو كيف نحتوي هذه الإختلافات، كما أنّ العمل الميداني كفيل باحتواء كلّ هذه الاختلافات، أقصد هنا ساحة التظاهر مباشرة وساحات النشاط عموماً.

محمد أبو حجر. خاص حكاية ما انحكت
فرقة مزاج في حفلة كولن. خاص حكاية ما انحكت/ الصورة من المغني

(10): توّجه دائماً ملاحظات انتقادية يراها البعض قاسية جداً حول سياسة الأوربيين في موضوع الهجرة واللاجئين، كيف تنظر إلى سياسة أوروبا تجاه موضوع الهجرة؟ وهل مخاوفهم مبرّرة؟ ومالذي يقوم به السوريون لدحض هذه المخاوف وتبيان أن لا أساس لها من الصحة؟ أي أين دور السوريين في تصحيح النظرات الخاطئة وتفنيد أسباب الخوف الذي يشعر به البعض؟، وما الذي يجب عمله بشأن هذا الأمر برأيك؟.

موضوع الهجرة كان دراستي في مرحلة الماجستير، وقد كانت الرسالة حول الأثر الاقتصادي للمهاجرين على الدول المضيفة، ليس هنالك تأثير واحد بل جملة من التأثيرات التي تختلف حسب طبيعة الاقتصاديات المستضيفة وطبيعة مهارات المهاجرين.

 الانتقاد الأول للنقاش الأوروبي أنّه يُطرح بكافة المجالات: الإنساني والديموغرافي، ولم يطرح جدّياً ولا مرّة من حيث كونه ظاهرة اقتصادية، بل كان الضخ الإعلامي الأوروبي يقدّم ظاهرة "اللاجئ أو المهاجر الاقتصادي" على أنّها حالة سلبية منقوصة الحقوق. أوروبا لعبت دوراً في تحديد أنماط التطوّر- التدهور الاقتصادي في كلّ دول العالم عبر إغراقه بالاتفاقيات المجحفة حالياً، وعبر الاستعمار المباشر سابقاً. ظاهرة الهجرة تبدو رد فعل طبيعياً على هذه السياسات، بينما تقوم السياسات الأوروبية على تمييع القضية وتحويلها إلى قضية إنسانية في أحسن الحالات، وقضية تغيير ديموغرافي في أكثرها سوءاً.

أما عن مخاوف الأوروبيين، فأنا أرى أغلبها مخاوف عنصرية ناتجة عن تصوّرات مسبقة عن "الآخر"، و بعضها ناجم عن جهل، مثلاً لم يطرح أيّ أحد هذه المخاوف مع تقديم أدلة اقتصادية تؤكدها.

 في بدايات هذا القرن شهدت ألمانيا موجات هجرة كبيرة من بولندا المجاورة، كان المجتمع الألماني بطبيعته متخوّفاً وحذراً، وتصاعدت الأصوات العنصرية، والكلّ تحدث عن انهيار الاقتصاد، وبعد عدّة سنوات من موجات الهجرة تلك اتضح أنّ الآثار كانت إيجابية على الاقتصاد، فتوّقف الحديث عن ذلك بعدها.

لا يمكن الحديث عن واجب السوريين، بعض السوريين متحمّس جداً لرحابة صدر المجتمع الألماني ولا تعنيه كلّ هذه الأفكار المسبقة، ما أستشعره أنا من عنصرية قد يبدو واهياً بالنسبة لكثيرين، لذلك لا أؤمن بوجود دور جمعي للسوريين، على الأشخاص هنا (ولا أقول السوريين) أن يسعوا لأن يكونوا أحراراً. أن يكونوا أنفسهم، وعندما ترى أنّه لا يمكن أن تكون أنت كما تريد فهذه مشكلتك. من حقي أن أرقص في الشارع كالمجنون، من حقي أن أرتدي الخمار أو أطلق لحيتي، نحن هنا نتحدّث عن حقوق علينا أن نتمّسك بها.

محمد أبو حجر. خاص حكاية ما انحكت.
محمد أبو حجر. خاص حكاية ما انحكت من المغني

(11): لازلت تصر على أنها ثورة، ولكن البعض يتساءل: أين الثورة اليوم حقاً في سوريا؟ كيف توصّف ما يحصل؟.

الثورة ما تزال تكمن في المطالب السياسية التي عبّر المجتمع السوري المدني عنها وما زال، وبما أنّ هناك مطالب سياسية تتعلّق بتغيير الوضع برمّته فأنا أراها ثورة، هناك نشاط مدني يملأ سوريا اليوم، نشاط لم يكن يعرف السوريون مثله منذ ستة أعوام، هذا التغيير الهيكلي في بنية المجتمع ثورة، كلنا قرأنا بوعلي ياسين في مؤلف الثالوث المحرم، ونعرف أنّ مقدّسات المنطقة كانت جنس، سياسة، دين، لنرى واقع المجتمع السوري اليوم. هناك اليوم نقاشات جدية في كلّ الأوساط حول الجنسانية تستطيع أن تراها بشكل واضح كل يوم، نحن نعيش ثورة على مستوى الحياة الجنسية للأفراد، كذلك في السياسة هناك السخرية من كافة الرموز السياسية، وحتى في الدين هناك نقاش بين كلّ فئات المجتمع، هذا النقاش شمل حتى فكرة وجود إله من عدمه، فما الذي يمكن تسميته ثورة إن لم يكن هذا؟.

(12): أيّ مستقبل تتوقع لسوريا؟ وما الذي يحلم به محمد أبو حجر؟

لقد خسرنا ترف التنبؤ بالمستقبل في سوريا، أخشى أنّ كل قضية عندما تعولم فإن الحلّ المقدّم من هذا العالم القذر هو التقسيم، لدّي مخاوف حقيقية من ذلك، وإن كنت لا أرفض هذا الخيار رفضاً أيديولوجياً أو تمسّكاً جهوياً بوحدة الأراضي السورية، بل أرفضه لأنّ التقسيم على أسس قومية وطائفية لن يجلب الخير والسلام لمنطقة تقع على حافة البركان.

أحلم بأن تكون المنطقة كاملة حرّة من الحدود السياسية بين البلدان، ومن القيود الديكتاتورية والقوميات والطوائف.

بكلمة أخرى أتمنى أن نصبح أحراراً.

(الصورة الرئيسية: محمد أبو حجر في حفلة ببرلين مهرجان Berlin lacht / خاص لحكاية ما انحكت/ الصورة من المغني)

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد