حكاية الطائفية السورية في صور

طالما شكلت الطائفية السورية مادة بحث وسجال، سياسيا وثقافيا واجتماعيا، بين من يرى فيها "صناعة سياسية" بامتياز، وبين من يرى فيها ظاهرة لها أبعاد اجتماعية وثقافية وتاريخية تضاف للجانب السياسي وتتكأ عليه. ومع اندلاع الثورة السورية ضد الاستبداد عام 2011 زاد الاستقطاب الطائفي حدة، ليختلف السوريون حوله مرة أخرى، بين من رأى أن الأمر خطة من النظام والخارج لحرف الثورة عن مسارها، وبين رأى أن الأمر انبعاث لما هو كامن في المجتمع السوري، فما رأيك أنت؟

لا شك أن الطائفية موجودة قبل وجود النظام، إلا أن النظام السوري عرف كيف يستخدم الطائفية في إدامة حكمه، من خلال سياسته في احتكار الطائفية ومنع الحديث بها قبل الثورة، وفي تفجيرها خلال الثورة، ليشغل الطوائف والأقوام ببعضها البعض، تارة تحت ستار حماية الأقليات، وتارة عبر سعيه لاتهام الأكثرية السنية بالإرهاب، وهو يعني ضمنا اتهام الثورة بالإرهاب.

الخوف الطائفي يشكل أحد أعمدة الطائفية، حيث تخاف الطوائف من بعضها البعض. وهذا يعود إلى جهل كل طائفة بالأخرى، وارتكاسها إلى خطابها الشفوي المشوّه عنها. وغالبا ما تعمد السلطات (سياسية أم دينية) إلى تكريس هذا الواقع لأنه يخدم مصالحها

“اتعشى عند السني ونام عند المسيحي”، “الإسماعيليون يعبدون الفرج”، “العلويون ينامون مع بعضهم البعض في عيد البقبيشة”،”الدروز يعبدون العجل ولديهم ذنب ينب في الليل”، “الشيخ ينكح تلاميذه الذكور وهذا متعارف عليه عند السنة”… هي كلها مرويات تقولها الطوائف عن بعضها البعض. ولكن نظرة شاملة لكل هذه المقولات وأين تقال، تبين لنا أن ما تقوله كل طائفة عن الأخرى، تقوله الأخرى عنها، الأمر الذي يبين زيف هذا الكلام. إلا أن السؤال الذي يسأل: لماذا يبقى هذا الكلام متدوالا؟ وكيف؟ ولمصلحة من؟

لكل طائفة من الطوائف أو جماعة من الجماعات عادات ثقافية معينة. ومن المفترض أن تكون مصدر غنى ومعرفة للطوائف الأخرى. إلا أنها في المجتمعات المصابة بداء الطائفية تتحول إلى أداة تفريق وحذر، إذ تشير مباشرة إلى الهوية الطائفية للفرد، إذ معروف أن العلويين مثلا يرتدون في أيديهم اكسسوار أخضر اللون مأخوذا من المقامات الدينية التي يؤمنون بقداستها، ولكن هذا يعرضهم للسخرية من الطوائف الأخرى أحيانا.

“نحنا غير”، أو “بالوجه مراية وبالقفا صرماية” أو “لا تقول شي قدام الغربا.. هاد الحكي ما بينقل قدام الغريب” … هي عبارات تعكس التقية الطائفية أو الاستتار أو التعايش الهش والكاذب بين السوريين، حيث يتم اللقاء بابتسامة أو “كلنا أخوة” في الظاهر فيما يكون الشتم والأبلسة والنظرة الدونية هي سيدة الموقف. هذا نوع من مرض اجتماعي، ناجم عن النظرة الطائفية، وينبغي تعريته وكشف أسبابه ومسبباته

“كلب الفيّ” هي تهمة تطال الإسماعيلي بناء على نظرة تقول بكسله وبلادته، فهو “بيقعد بالفيّ وبيرخي بيضاتو وبيتفرج ع الرايح والجاي، وإذا اشتغل ضربتين بيرتاح 3 ساعات، بينما ابن القرية نشيط وبيفيق بكّير ع الشغل”. هذا مع العلم أن الكثير من الإسماعيليين هم من أبناء القرى والفلاحين أيضاً.

“ماحدا بيشوف مخطتوا نازلة على تمو”. هو مثل نقوله كثيرا في سورية، وقد يكون هذا المثل من أكثر الأمثلة التي تعكس واقع الطائفية المزري، حيث الاتهامات المتبادلة سيدة الموقف، دون أن يتوقف أحد لانتقاد هذه الظواهر في بيئته أولا. ابدأ بنفسك!

مع بداية الثورة ضد النظام عام 2011، وتطور أحداثها، سعى النظام لزيادة الشحن الطائفي، وقد قاومت هذا المسار مجموعات سورية كثيرة، منها مجموعة “لأ.. No”. هنا صورة بعنوان “لا للطائفية” نشرت على صفحة المجموعة على الفيسبوك بتاريخ 16/2/2012/. والصورة تنشر بموجب الاستخدام العادل والحقوق محفوظة لأصحابها)

“الشعب السوري عارف طريقه”، من المجموعات المدنية التي تشكلت بعد الثورة ضد النظام 2011، وقد عملت على مقاومة الطائفية ونبذها، وهي تدعو جميع السوريين لنبذ الطائفية في هذا البروشور. الصورة تنشر بموجب الاستخدام العادل والحقوق محفوظة لأصحابها.

شارك المقالة