دأب الفنان والرسام السوري المعروف أحمد جلل، مؤخرا على نشر رسوم وصور تقارن بين نظام الأسد وجبهة النصرة السورية، كطريقة جديدة منه للتنديد بتصرفات جبهة النصرة التي باتت وجها أخر لنظام الأسد بعد أن "أحكمت قبضتها الأمنية على معظم المحرر" كما يقول الفنان لحكاية ما انحكت.
أحمد جلل الذي كانت رسومه الموجهة لنظام الاستبداد ترفع في المظاهرات ويتم الاحتفاء بها إعلاميا وعالميا، بات من الصعب اليوم إمكانية رفعها داخل سورية لأنه "لايوجد إمكانية لتنظيم مظاهرة ضد جبهة النصرة... بالمختصر لا يمكن رفع هذه الرسومات ضمن مظاهرة. لذلك البديل كان في انتقاد النصرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلجأت للتصميم على برنامج الفوتوشوب، وأحيانا كنت أستعين بمخزوني السابق من الرسومات بالتعديل عليها بما يتناسب مع الزمان والمكان".
يدرك جلل أن الرسومات الحالية لن تلقى رواجا كسابقاتها، ولكنها تبقى "سلاحي الوحيد ضد الاستبداد وأعداء الثورة السورية".
تكاد الصور واللوحات الحديثة تتركز حول موضوع واحد تقريبا، وهو إيجاد وجه التشابه بين نظام الأسد وجبهة النصرة، حيث أقدم الفنان على استبدال داعش في الصور القديمة بجبهة النصرة أو إضافة جبهة النصرة إلى صور أخرى رسمها في وقت سابق ضد نظام الأسد، لأن "داعش والنصرة وباقي مخلفات القاعدة كلها متشابهة وأصلها واحد، والصراعات التي حدثت بينها سببها خلافات على النفوذ والسلطة ومصادر التمويل وليس خلاف في المنهج أو طريقة التفكير".
أهمية الرسومات "المقارنة" إن صح التعبير، أنها تعكس أمرين اثنين، أولهما هو التفاعل مع الحدث وما يجري على الأرض، حيث يتم دائما تسليط الضوء على عدو للثورة السورية يظهر لاحقا، وثانيهما أنها تشير في العمق إلى قوة القوى الضدية التي وقفت ضد الثورة ولا تزال، الأمر الذي يوضح أسباب وقوف الثورة أمام الحائط المسدود حتى الآن.
وضمن هذا السياق تشمل الرسومات "أعداء الثورة من التنظيمات المتطرفة المستبدة (مخلفات القاعدة وحزب العمال الكردستاني)، الإضافة للنظام الأسدي وحلفائه (روسيا وإيران وحزب الله اللبناني). أما باقي الجهات العربية والدولية، فهم ليسوا أعداء ولا أصدقاء للثورة، ومواقفهم متبدلة حسب مصالح بلدانهم. حتى الآن لايوجد جهة دولية تعاملت مع القضية السورية من منطلق إنساني، بالرغم من ادعاء معظمهم ذلك وتبجحهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان. فمصالحهم كانت المحرك الرئيسي لكل ردود أفعالهم، باستثناء بعض دول أوروبا الغربية التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين السوريين وعلى رأسها ألمانيا" وفق ما يقول جلل لحكاية ما انحكت.
وجلل لا يضع العبء كله على الواقع الدولي والإقليمي أو الإسلاميون فقط، بل ما أيضا على "فشل الثوار بتشكيل جسم يمثلهم على الصعيدين المدني والعسكري، والفشل على الصعيد المدني يقع على عاتق النخب المثقفة المحسوبة على الثورة، والتي غرقت في دوامة التخوين وتبادل الاتهامات، بالإضافة للعمل وفق أجندات خارجية ومتضاربة. وبالمحصلة لم تتمكن من إنتاج موقف موحد ولم تحظ بثقة دولية ولم تفرض نفسها كبديل مقنع عن نظام الأسد".
ولهذا يدعو جلل المثقفون والفنانون والنشطاء إلى "تجنب دوامة التخوين والتبعية والعمل على كل ما يجمع السوريين بالتركيز على أهداف الثورة الأولى وكشف جرائم النظام وأعداء الثورة. والعمل على تكوين رأي عام متوازن ومسموع بهدف تشكيل القاعدة الخصبة لتكوين الجسم المنشود، والذي يمثل نسبياً الشعب السوري".