المشاريع الصغيرة في ريف إدلب

هل حصلت على رضى المحتاجين؟


قامت منظمات إنسانية عديدة بدعم مشاريع تنموية في إدلب وريفها، تتضمن توزيع أبقار وأغنام ودجاج وافتتاح محال تجارية وصناعية  للفقراء، كدعم صاحب مهنة موبيليا وخياطة.. وغيرها، خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة من أجل الاعتماد على أنفسهم والعمل على الحصول على قوت يومهم، فهل نجحت هذه المشاريع؟ هل ثمة معوقات تقف في طريقها؟

13 أيار 2019

(أثناء عمل الأهالي بمشاريع الأغنام التي تم تسليمها للمستفيدين ضمن المشاريع الصغيرة في بلدة بسامس في جبل الزاوية. تاريخ 11 كانون الأول 2018، تصوير أحمد العكلة، خاص حكاية ما انحكت)
أحمد السليم (اسم مستعار)

صحفي مقيم في محافظة إدلب

(ريف إدلب)، بترت يد محمد أبو عدنان (38 عام) بعد استهداف أحد الطائرات الحربية مدينة أريحا بريف إدلب الشمالي في الأول من أيلول 2015. محمد هو عامل في مجال مواد البناء، وقد أصيب أثناء جلب حاجياته من السوق. بعدها لم يعد يستطيع العمل، فبات يعتمد في معيشته على المساعدات الغذائية من قبل المنظمات الإنسانية.

وبعد الإعلان عن  عدد من المشاريع الصغيرة من قبل المنظمات الإنسانية، قام أبو عدنان بالتسجيل في المجلس المحلي في مدينة أريحا من أجل الحصول على دعم لمشروعه الخاص. تمّ قبوله ضمن مشروع الكسب الطيب المقدّم من مؤسسة شام الإنسانية. وقد اختار أن يفتح محلا لبيع الأجبان والألبان، بقيمة 2000 دولار، قدّمت له من قبل مؤسسة شام.

ويأتي تقديم هذه المشاريع في إطار الاستراتيجية الجديدة التي تعمل عليها المنظمات والجمعيات الإنسانية في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة السورية بدعم المشاريع التنموية بدلا من السلال الغذائية للمحتاجين، من أجل الحصول على معيشتهم دون الاعتماد على السلال الغذائية.

كان تعداد سكان المحافظة قبل اشتعال الثورة السورية مليون ونصف. إدلب هي آخر منطقة تخضع لسيطرة المعارضة السورية، وتقدر الأمم المتحدة عدد قاطني المحافظة اليوم بقرابة ثلاثة ملايين. هجّر الكثيرون من مناطق أخرى في سوريا إلى إدلب وعلى مدى سنوات عدة. الكثير من سكان إدلب اليوم هم من مناطق حلب والغوطة الشرقية وحمص ودرعا ومناطق أخرى سيطرت عليها المعارضة السورية لفترات وخسرتها لاحقا لصالح النظام.  انتقل هؤلاء إلى إدلب بموجب صفقات عقدت مع النظام، والكثير منهم هم أطفال وأرامل يقمن على رعاية أسرهن بشكل منفرد.

صورة تظهر توزيع 7 غنمات على المستفيدين ضمن مشروع الأغنام. بتاريخ 11 كانون الأول 2018 مكان التصوير: بلدة مشون بجبل الزاوية. تصوير أحمد العكلة/ خاصة حكاية ما انحكت)

قامت منظمات إنسانية عديدة بدعم مشاريع تتضمن توزيع أبقار وأغنام ودجاج وافتتاح محال تجارية وصناعية  للفقراء، كدعم صاحب مهنة موبيليا وخياطة.. وغيرها، خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة من أجل الاعتماد على أنفسهم والعمل على الحصول على قوت يومهم، حيث وصلت تكلفة المشروع الواحد ما بين 1500 إلى 2000 دولار (ما يعادل بين 850 ألف ليرة سورية و1130 ألف ليرة) للعائلة التي تنوي افتتاح مشروعها الخاص، وذلك مع تقديم تسهيلات لوجستية تتضمن تقديم الغذاء للحيوانات أو أجور شهرية لفترة قصيرة للمحال التجارية.

(تسليم بقرة لأحد المستفيدين ضمن المشاريع الصغيرة التي تعمل عليها المؤسسات الإنسانية بتاريخ 12 كانون الأول 2018. تصوير أحمد العكلة. مكان التصوير: بلدة بسامس في جبل الزاوية/ خاص حكاية ما انحكت).

وقد نجحت هذه المشاريع عند قسم من المستفيدين، وتمّ تطوير مصالحهم في حين أنها فشلت عند البعض الآخر الذي رأى أنها غير مجدية، حيث تم بيع المشروع بعد عدة أشهر.

التقينا أبو عدنان في محله الكائن في مدينة أريحا، وهو شاب أسمر اللون ذو لحية كثيفة ويلبس بنطالاً وقميصاً أسوداً. يقول لموقع حكاية ما انحكت: "عانيت من الفقر وعدم وجود مدخول لفترات طويلة حيث كان اعتمادي الأول في المعيشة على أهل الخير، الذين يقومون بمساعدتي عبر جلب قوت اليوم في حين أني كنت أستلم سلة غذائية من قبل المجلس المحلي تكفي لمدة 15 يوماً".

ويضيف أبو عدنان "بعد قبولي ضمن المشروع الإنمائي لاختيار مشروعي الخاص، قمت بافتتاح مركز للأجبان كبداية للمشروع، ومن ثم طلبت من المؤسسة الداعمة آلات للتبريد ومولدة كهربائية، وشيئاً فشيئاً قمت بتطوير المحل التجاري، حيث قمت بجلب الخضار والفواكة والمواد الغذائية حتى أصبح يؤمن لي المعيشة بشكل جيد".

(المحل التجاري لأبو عدنان، وهو من مدينة أريحا، وذلك بعد تطويره، بتاريخ 1 شباط 2019. أحمد العكلة/ خاص حكاية ما انحكت)

ويعتبر مشروع الكسب الطيب من بين أول المشاريع التنموية الذي يستهدف المحتاجين، وذلك من خلال قيام مؤسسة الشام الإنسانية العاملة في الشمال السوري بالشراكة مع مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات – راف، إلى إطلاق المشروع في كل من درعا، وإدلب، والغوطة الشرقية في يناير من عام 2016، وهو عبارة عن مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر بنظام القرض الحسن للأسر التي تملك خبرة في مجال ما، حيث يتم تجهيز مشاريع للأسر التي فقدت عملها نتيجة الأزمة وتمليكها هذه المشاريع بعد استيفاء جزء من القرض وفق آليات ومعايير مناسبة للوضع السوري.

محمد سالم (اسم مستعار/ 47 عام)، هو أحد مسؤولي الاستجابة العاجلة للمنظمات في الشمال السوري، تحدثنا معه عن طريق الهاتف، يقول لحكاية ما انحكت: "أنه بعد المشاكل بين السعودية وقطر ووضع مؤسسات راف وعيد القطريتين على لوائح الإرهاب توقفتا بشكل كامل وانخفض الدعم القطري الإغاثي لسوريا بنسبة 70 بالمائة حيث أنه انحصر في الهلال الأحمر القطري".

تقوم فكرة القرض الحسن على أن يقوم المستفيد بإعادة ربع قيمة المشروع المقدّم له على مدى عام كامل، حيث يقوم بتوفير مبلغ من المال بشكل شهري وتسليمه للمؤسسة الداعمة

ويضيف أنه : "لم يكن هناك دعم مشروط من أجل فرض فكر أو إيديولوجية لحزب معين إنما كان الدعم إنسانياً، ويقدم لكافة الفئات حتى بعض المؤسسات الثورية التي لا تحسب على التيار الإسلامي في سوريا كان يصلها الدعم لتشغيل أفرانها في سوريا، ومثال على ذلك اتحاد المكاتب الثورية في كفرنبل".

وتقوم فكرة القرض الحسن على أن يقوم المستفيد بإعادة ربع قيمة المشروع المقدّم له على مدى عام كامل، حيث يقوم بتوفير مبلغ من المال بشكل شهري وتسليمه للمؤسسة الداعمة، فالمشروع الذي يبلغ قيمته 2000 دولار يجب على المستفيد إعادة 500 دولار على مدى عام كامل حسب قدرته على الدفع في حين يعفى بعض أصحاب المشاريع الذي لا يمتلكون ثمن تسديد القرض بعد دراسة حالتهم المعيشية.

(عملية اللقاح التي استمرت لمدة ثمانية أشهر للمستفيدين ضمن المشاريع الحيوانية، بتاريخ 20 كانون الأول 2018. مكان التصوير: بلدة كفرومة بريف إدلب الجنوبي. تصوير أحمد العكلة / خاص حكاية ما انحكت).

التقينا جهاد بكور (37 عاماً) شاب طويل من بلدة بسامس في جبل الزاوية ويجلس في مكتبه الواقع في مدينة كفرنبل، ويلبس بنطالاً وكنزة حمراء اللون، وهو أحد المسؤولين عن المشاريع التنموية في مؤسسة الشام الإنسانية. يقول لحكاية ما انحكت أن "مشروع الكسب الطيب اشتمل على 65 مشروعاً صغيرا في مجالات متنوعة، منها المهنية، الزراعية، الصناعية، تربية حيوان... لتؤمن 80  فرصة عمل على الأقل، يستفيد منها قرابة 14000 من سكان تلك المناطق شهرياً، بالإضافة إلى متابعة هذه المشاريع لمدة عام من خلال تقديم المساعدات المطلوبة لصاحب المشروع".

ويضيف البكور أنّ "المشروع التنموي يهدف إلى تأمين دخل دائم للأسر من عائدات المشروع يساعدها في تأمين احتياجاتها وإنتاج مواد جديدة تساهم في تلبية حاجات السوق بشكل دوري، كذلك إعادة إحياء بعض المهن الأساسية التي اندثرت بسبب الأزمة والمساهمة في تخفيف البطالة".

بيع المشروع بعد عدّة أشهر

ورغم أنّ هذه المشاريع قد لاقت ترحيباً واسعاً من قبل الأهالي والفعاليات المدنية لدورها في تقليل اعتماد الأهالي على السلال الغذائية، وعلى مبدأ "لا تعطني سمكة بل علمني الصيد" إلا أنّ بعض المشاريع قد فشلت وقام أصحابها ببيعها، بسبب حاجتهم للأموال أو عدم قدرتهم على تطويرها، حيث طالب بعض المستفيدين بالعودة إلى توزيع السلال الغذائية وعدم الاستيعاض عنها بالمشاريع التنموية، حيث أن هذه المشاريع تحتاج إلى عائلات تمتلك بعض المال من أجل الاستمرار في المشروع، في حين أن أغلب العائلات المستفيدة لا تجد قوت يومها بسبب الحالة المعيشية الصعبة.

وقد التقينا محمد القدور من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي، ويبلغ من العمر (48 عاماً)، وهو عاطل عن العمل ويعيش في بيته المتواضع، حيث يلبس كلابية سوداء ويسحب نفثات من دخانه العربي. استفاد القدور من مشروع من قبل الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية، وهو عبارة عن عدد من رؤوس الأغنام لتربيتها.

(صورة تظهر أحد المستفيدين المعاقين في بلدة كفرومة بريف إدلب الجنوبي، والذي حصل على بقرة بتاريخ 5 كانون الأول 2018. مكان التصوير: بلدة كفرومة بريف إدلب. تصوير أحمد العكلة/ خاص حكاية ما انحكت).

ويقول محمد القدور لحكاية ما انحكت: "لقد اخترت مشروع لتربية الأغنام بسبب أن المشروع هو حيواني فقط، ولا يوجد مشاريع أخرى، حيث حصلت على عدة رؤوس من الأغنام من أجل تربيتها وكسب لقمة العيش. ولكن بسبب عدم وجود مكان لتربيتها وعدم امتلاكنا خبرة في التعامل معها قمت ببيعها بأسعار منخفضة".

ويضيف القدور أن "الناس بحاجة لأموال، وهي تختار مشروعها المفضل بكل هدوء، حيث أن المشروع يحتاج إلى دراسة واختيار مكان ما من أجل إنجاحه، أما إعطاء مشروع ما في وقت قصير من قبل أي منظمة إنسانية، فهو بشكل حتمي سيكون فاشلاً، إذا لم يكن هناك تجهيزات من قبل المستفيد".

بعض المشاريع فشلت وقام أصحابها ببيعها، بسبب حاجتهم للأموال أو عدم قدرتهم على تطويرها

وتعتمد المنظمات الإنسانية على المشاريع الزراعية والحيوانية في اختيار المشاريع للمستفيدين في ريف إدلب، كون أنّ سكان هذه المناطق يشتهرون بالزراعة وتربية الحيوانات، وخصوصاً الأبقار والأغنام، حيث أنّ الخبرة التي يمتلكونها تساعد على نجاح مشاريعهم وتطويرها بشكل مستمر من قبل المستفيد من المشروع.

وقد التقينا محمد نجار (30 عام)، وهو مسؤول مكتب إدلب في الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (إنصر) يلبس بنطالاً أسوداً وقميصاً، حيث يجلس في مكتبه الواقع في بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي، ويقول لموقع حكاية ما انحكت  أن: "المشاريع المدرّة للدخل أو مشاريع السبل المعيشية هي المشاريع التي يقترحها المستفيد وليست التي نختارها، لأن الفكرة هي أن تساعد شخص لديه مهنة يريد تطويرها، ولا يوجد لديه تمويل ليقوم بها، حيث أنّ إعطاء أغنام أو حيوانات لشخص ليس لديه خبرة في تربيتها، فإنه بالتأكيد سينتهي المشروع بالفشل">

ويضيف النجار "نقوم بزيارة المستفيدين ودراسة أوضاعهم ومدى احتياجهم، واختيار العائلات الأكثر فقراً من ثم التوافق مع الشخص المستفيد على اختيار مشروعه. ورغم ذلك، قام المستفيدون في بعض الحالات ببيع المشروع بعد فترة قصيرة بحجة حاجته للأموال".

(صورة تظهر تجهيز الحظائر الحيوانية للمستفيدين بتاريخ 25 كانون الأول 2018. مكان التصوير: بلدة ابديتا بجبل الزاوية. تصوير أحمد العكلة/ خاص حكاية ما انحكت)

وينوه النجار "أكثر المشاريع الناجحة هي المشاريع التي تدعم المهن والحرف اليدوية، وهي الحلاقة وصيانة الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بالإضافة إلى المشاريع الزراعية مثل استئجار أرض لأحد المزارعين ودعمه بالبذور وأجور الزراعة بشكل كامل، وخصوصاً أن الشمال السوري يشتهر بالزراعة".

وفي الآونة الأخيرة، لا يكاد يمرّ شهر دون افتتاح مشروع جديد بدعم من أحد من المنظمات. وتستهدف هذه المشاريعُ الفقراء والمحتاجين والنساءَ أحياناً، وذلك من خلال دورات تدريبية وتأهيلية تسعى إلى تمكين المرأة المعيلة على وجه الخصوص، ومساعدتها على التحوّل إلى العمل في مجال الصناعات البسيطة التي لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة.

ولقد التقينا بشكل شخصي الباحث في الشؤون الاجتماعية فيصل العكلة (53 عاماً)، وهو مهندس سابق يقيم في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، ولكنه يعمل الآن في استطلاعات الرأي مع راديو ألوان. وقال لموقع حكاية ما انحكت: "من خلال الاحتكاك مع الناس وضمن الفقرات البرامجية التي نعمل عليها، وجدت حالة من الرضا من قبل شريحة واسعة من الناس حول تقديم هذه المشاريع، حيث أن أكثر المطالبات من قبل الناس كانت بتوفير أعداد أكبر من المشاريع لشريحة أوسع من الناس، وذلك لتحقيق أكبر نسبة من المستفيدين".

تعتمد المنظمات الإنسانية على المشاريع الزراعية والحيوانية في اختيار المشاريع للمستفيدين في ريف إدلب، كون أنّ سكان هذه المناطق يشتهرون بالزراعة وتربية الحيوانات

ويضيف (العكلة) أن "الأموال الباهظة التي يتم صرفها على السلال الغذائية أو على دورات الدعم النفسي أو حتى على بعض الأمور اللوجستية في المنظمات الإنسانية يجب وضعها في مكانها الصحيح، من خلال افتتاح مشاريع صغيرة للفقراء تؤمن لهم لقمة عيشهم، بالإضافة إلى مشاريع كبيرة تؤمن فرص عمل للشباب".

ولم تقتصر المشاريع الصغيرة على الرجال والفقراء، بل شملت الأرامل اللواتي يعتبرن معيلات لأسرهن، حيث قامت منظمة إحسان بدعم ما يقارب 20 مشروعاً، شملت تقديم ماكينات للخياطة ومحلات ألبسة نسائية ومحال تجارية، بالإضافة إلى مهن نسوية تم اختيارها من قبل النساء في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي.

(صورة تظهر دعم مشروع للحلويات ضمن مشروع الكسب الطيب التي قامت به مؤسسة شام الإنسانية. والصورة بتاريخ 12 شباط 2016. مكان التصوير: بلدة بسقلا بريف إدلب الجنوبي. تصوير أحمد العكلة/ خاص حكاية ما انحكت)

وقد التقينا بشكل شخصي هناء العمر (اسم مستعار) وهي ربة منزل (45 عاماً)، توفي زوجها قبل 6 سنوات بسبب سقوط قذيفة على منزلهم في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، ولديها 6 أولاد. استفادت هناء من مشروع خياطة مقدّم من قبل منظمة إحسان الإنسانية، وقد اختارته بعد تسجيلها عليه قبل 6 أشهر.

تقول هناء العمر لحكاية ما انحكت أنه: "طلبوا منا، من ما يقارب 20 أرملة، التقديم على مشاريع تتراوح تكلفتها بين 600 إلى 800 دولار، حيث أن قسم من النساء اختار محلات ألبسة نسائية والبعض الأخر ماكينات خياطة،  بالإضافة إلى المحلات التجارية، الغذائية منها والمنزلية، في حين طلبت النساء اللواتي لديهن خبرة في تربية الحيوانات أبقاراً وأغناماً".

وتضيف العمر "لدي خبرة في الخياطة منذ 20 عاماً ولكن أعمل بمعدات بسيطة، ولم يكن لدي المال الكافي لشراء ماكينات حديثة من أجل تطوير المشروع، لذا قمت بطلب ماكينة "للحبكة" وأخرى لما تسمّى "الدرزة"، بالإضافة إلى لوح طاقة لتوليد الكهرباء وطاولة للعمل والقماش المطلوب، حيث أصبحت قادرة على الحصول على جزء من الدخل اليومي".

وفي سبيل تعزيز فكرة النهوض بالمشاريع الصغيرة ومتابعتها قامت حملة، حلب لبيه، التي تضم 7 مؤسسات قطرية بإعطاء دورات تدريبية عن مشاريع الثروة الحيوانية التي تم تقديمها للأهالي في منطق جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي حيث تم تقديم ما يقارب 64 مشروعاً يضم أبقاراً وأغناماً ودجاجا.

(صورة تظهر إعطاء دورات لمستفيدي مشاريع الثروة الحيوانية ضمن مشروع حلب لبيه، بتاريخ 18 كانوان الأول 2018. تصوير: أحمد العكلة.. مكان التصوير: بلدة مشون في جبل الزاوية. خاص حكاية ما انحكت)

وقد التقينا عن طريق الهاتف، المسؤول عن توزيع المشاريع الحيوانية ضمن حملة حلب لبيه، محمد المصطفى (43عاماً) وهو طبيب بيطري من بلدة مرعيان في جبل الزاوية. ويقول لموقع حكاية ما انحكت أنه: "قمنا بتوزيع ما يقارب 17 بقرة و25 مشروعاً من الأغنام، يضم كل مشروع 7 غنمات، في حين أنه قمنا بتوزيع 22 مشروعاً للدجاج، يضم كل مشروع 25 دجاجة في قرى بسامس ومشون وابديتا في جبل الزاوية".

(صورة تظهر توزيع كتيبات على المستفيدين من هذه المشاريع الحيوانية. التاريخ 18 كانون الأول 2018. تصوير أحمد العكلة. مكان التصوير: بلدة مشون في جبل الزاوية/ خاص حكاية ما انحكت)

ويضيف المصطفى "قمنا أيضا ببناء حظائر لمشاريع الأبقار والأغنام والدجاج، بالإضافة إلى تزويدهن بألواح الطاقة الشمسية وبطاريات الشحن، كذلك تم تزويدهم بالأعلاف واللقاح لمدة ثمانية أشهر في حين قمنا بعمل دورات لجميع المستفيدين لمدة 7 أيام، وذلك من أجل شرح طريقة التعامل مع الحيوانات وكيفية الاستمرار في المشروع والاستفادة منه".

(صورة تظهر توزيع الإعلاف على المستفيدين لمدة 8 أشهر ضمن مشاريع الثروة الحيوانية، بتاريخ 3 كانون الأول 2018. مكان التصوير: بلدة أبديتا في جبل الزاوية. تصوير أحمد العكلة / خاص حكاية ما انحكت)

ولم تتمكن المنظمات الإنسانية من إيجاد حلول من أجل منع بيع المشاريع من قبل المستفيدين أو إجبارهم على الاستمرار في الاستفادة منها، حيث أنّ أغلب المنظمات تلزم المستفيد، ببقاء المشروع معه لمدّة ثلاثة أشهر حيث أن المسؤولين عن المشروع يقومون بزيارته في الأشهر الثلاثة الأولى لضمان عدم بيعه، ومن ثم يكون حرّ التصرف فيه، في حين تحاول الأخرى توقيع عقد برعاية المجالس المحلية على بقائها لمدة عام على الأقل، مع ضمان استرداد ربع قيمة المشروع.

أخيراً، تحتاج هذه المشاريع إلى عمليات تمويل ضخمة من أجل الاستمرار فيها، خصوصاً أنّ المشروع للعائلة الواحدة يكلف بين 600 دولاراً حتى 2500 دولاراً، حيث أنّ أغلب الدعم الذي كان يقدم لهذه المشاريع كان من مؤسسة راف وعيد القطريتين قبل توقفهما في 18-8-2018 بشكل كامل في حين تستمر مؤسسة قطر الخيرية في دعمها لمثل هذه المشاريع.

مقالات متعلقة

إدلب على حافة "كارثة إنسانية".. فما هي خيارات الأهالي؟

17 أيلول 2018
تتسارع الأحداث والتطورات العسكرية في محافظة إدلب شمال سوريا، والتي باتت حديث الساعة بعد الأنباء المتواترة عن الإستعداد لمعركة يخوضها النظام وحلفاؤه للسيطرة على آخر معاقل المعارضة السورية. هنا تحقيق...
الغوطة في إدلب... من بعد؟

06 حزيران 2018
لم تكن تتوقع أم سليم (40عاماً) أن يتم استقبالها مع أسرتها في ريف إدلب بكل تلك الحفاوة والتكريم، فما إن ترجلت من الباص الذي كان يقلها مع عدد كبير من...
المجالس المحلية في إدلب.. ديمقراطية أم حكم عائلات؟

31 آب 2017
لا شك أنّ المجالس المحلية سدّت فراغاً كبيراً في عمل الدولة السورية بعد انسحاب النظام. إلا أنّ ثمة معوقات كثيرة لا تزال تحكم عملها، بعضها نابع من محدودية الدعم وبعضها...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد