ميديا

رائحة كعك العيد تطغى على رائحة البارود في إدلب


تعد صناعة كعك العيد إحدى أهم طقوس العيد المستمرة في مدينة إدلب وريفها، وتشهد إقبالاً كبيراً مع قدوم الأعياد، إذ يكاد لا يخلو بيت من هذه الحلويات، حيث تعد من الضيافات الرئيسية للمعايدين.

الكعك الأصفر والكعك بزيت هما الأكثر شعبية في مناطق واسعة من الشمال السوري، وعلى مر السنوات ظلتا حاضرتين على الرغم من تغيير بعض مكوناتها مع تغير الظروف الإقتصادية، لكنها حافظتا على الجودة والطعم.

السيدة فاطمة النعيم (٣٧عاما) تتحدث لحكاية ما انحكت عن طريقة تحضير هذه الحلويات بالقول: "تتطلب صناعة الكعك في المنازل مهارة خاصة وخبرة في تحضير العجينة الخاصة به، كما أن نوعية وكمية التوابل المضافة إلى الطحين تشكل كلمة السر في مدى لذة طعم الكعك".

وتضيف: "يدخل في تحضير العجينة الخاصة بالكعك الطحين والسمن والزيت إلى مجموعة واسعة من التوابل، تضم المحلب والسمسم والشمرا وحبة البركة وجوزة الطيب، بالإضافة للزنجبيل والقرفة واليانسون، ثم تشكل عجينة على شكل أحبال طويلة تلف دائريا وتخبز بالفرن... هذه المواد لا يمكن أن نتخيل العيد من دونها لأنها أكثر ما يذكرنا  بطفولتنا وجمعات عائلتنا سابقا، كما نصنع الكعك لإدخال البهجة إلى نفوس أطفالنا التي أنهكتهم قساوة  الحرب".

حلويات العيد في معرة النعمان في إدلب/ خاص حكاية ما انحكت/ تصوير: نايف البيوش)

وتشتهر إدلب وريفها بقائمة طويلة من الحلويات والمعجنات الجاهزة، والتي تتم صناعتها بمناسبة قدوم الأعياد، وتتميز بعض المحال التجارية بصناعة هذه المأكولات بطعمها اللذيذ وغناها بأنواع المكسرات، كالبقلاوة والبرازق والوربات والقطايف. ولكن هذه المحال تكون مغلقة في وجه الفقراء الذين لا يملكون ثمنها بسبب ارتفاع سعرها، وتقتصر حركة البيع والشراء فيها على ميسوري الحال.

"أتألم لمشاهدة أطفالي ينتظرون العيد بفارغ الصبر، وأنا لا أستطيع إسعادهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم". هذا ما تقوله لحكاية ما انحكت أم محسن (٣٩عاما) النازحة من ريف حماة الشمالي  والدمعة احتبست في عينيها، أنها بعد بعد وفاة زوجها لم يعودوا يستطيعون شراء حلويات العيد بسبب عدم وجود معيل يؤمن لهم لقمة العيش.

من جهته، ينوه خالد المنصور صاحب أحد المحال التجارية في مدينة كفرنبل  (٤٤عاما) إلى أن الإقبال ضعيف هذا العام، وذلك للعديد من الأسباب أهمها القصف الممنهج الذي يطال الأسواق والأماكن المزدحمة، بالإضافة لنزوح عدد كبير من الأهالي بسبب كثافة القصف على مدنهم وقراهم، وعدم توفر المال لدى بعض العائلات مما يحرمهم من شراء حلوى وملابس العيد، حيث أن العام الفائت وفي مثل هذه الأيام كانت حركة الأسواق مكتظة بالناس ممن يريدون شراء ما يلزم من الحلويات والحاجيات مع أن الأسعار هذا العام مماثلة للعام السابق.

القصف والنزوح والتهجير لم يمنع أهالي إدلب وريفها من فرحتهم بقدوم العيد، لتجد رائحة الحلويات منبعثة من نوافذ بيوتها متغلبة بذلك على رائحة النار والبارود .

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد