(إدلب)، "نزحنا من بيوتنا بأرواحنا تاركين خلفنا أرزاقنا وباحثين عن منطقة آمنة لتلاحقنا طائرات النظام وروسيا إلى مكان نزوحنا وترمي بحممها على مكان نزوحنا في مدينة إدلب شمال سوريا". بهذه الكلمات تعبر الحاجة خديجة عن حزنها وألمها بعد تعرضها للقصف الذي كاد يودي بحياتها وحياة أولادها.
استهدفت الطائرات الحربية الروسية في ١٥ يناير ٢٠١٩ مدينة إدلب مخلفّة عشرات القتلى والجرحى حيث وقعت الغارات في شوق شعبي مما أدى لارتفاع أعداد الضحايا، وتأتي هذه المجزرة بعد الهدنة التي أعلنت عنها روسيا وتركيا منذ أيام.
خسائر ودمار كبير
محمد الموسى (35عاماً) أحد المتطوعين في الدفاع المدني، يشرح لحكاية ما انحكت تفاصيل الحادثة، إذ يقول: "أغارت طائرات النظام على سوق الهال في مدينة إدلب، والذي يعد السوق الأكثر ازدحاما في إدلب مما أدى لمقتل عشرين شخصاً وإصابة أكثر من خمسة وستين آخرين، بعضهم بحالات حرجة، تم نقلهم إلى المشافي التركية".
ويضيف الموسى: "خلفت الغارات دمار كبير في البنى التحتية وممتلكات المدنيين نتيجة وقوعها في منطقة سكنية وحيوية"، مشيراً إلى أنها أعنف غارة شهدتها إدلب منذ أعوام.
لا مكان آمن
وتتعرض منطقة إدلب وما يسمى أماكن خفض التصعيد لهجمة عسكرية من قبل النظام وحليفه الروسي منذ منتصف نيسان أبريل 2019، وهو ما خلف أعداد كبيرة من الشهداء بين المدنيين حتى اللحظة.
الحاجة خديجة العمر (50عاماً) تعبر عن حزنها وألمها عما آل بها الحال من تشريد ونزوح فتقول: "لم يعد هناك مكان آمن في إدلب نلجأ إليه تخلينا عن كل ما نملك، باحثين عن مكان نعيش فيه في أمن وسلام. ولكن هذا لم يحدث لاحقتنا الطائرات إلى مكان نزوحنا وقصفتنا مما أدى لإصابة أولادي الثلاثة بجروح خطرة". وتتابع متسائلة: "إلى أين نذهب؟".
تركيا مسؤولة
فيما يعتبر المحامي أحمد الجرك (43عاما) أن النظام "يلجأ إلى الهدن لترتيب صفوفه ولتثبيت وجوده في المناطق التي سيطر عليها حديثا، ومن ثم يعاود هجماته على المدنيين الآمنين، وهو ما نراه جليا من خلال هجماته الدموية على مناطق ريف إدلب الجنوبي ومدينة إدلب"، مشددا على أن "النظام وروسيا بلا عهد ولا ميثاق".
ويحمل الجرك مسؤولية مايحدث في إدلب إلى تركيا بالدرجة الأولى فيقول: "تركيا هي المسؤولة عن حمام الدم الجاري في مدينة إدلب نتيجة اتفاقاتها مع روسيا والسماح للنظام بقضم المناطق المحررة منطقة تلو الأخرى، وذلك نتيجة تفاهمات إقليمية تسمح لتركيا بالسيطرة على مناطق شرق الفرات مقابل سيطرة روسيا والنظام على ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، حيث نجحت تركيا في تقييد يد الفصائل المسلحة واستغلالها لتطبيق مصالح تركيا في المنطقة".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن الجانبين التركي والروسي توصلا لإتفاق على وقف إطلاق النار بمنطقة خفض التصعيد في إدلب من الساعة00:1 بالتوقيت المحلي الأحد الماضي. إلا أن قوات النظام واصلت هجماتها البرية بإطلاق القذائف والصواريخ على قرى وبلدات إدلب مخلفة عدد كبير من الشهداء والمصابين وتسويت بلدات بأكملها بالأرض.