(إدلب، ريف إدلب)، على وقع تقدم النظام السوري وحليفته روسيا على مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي، أصبحت قرى وبلدات إدلب تتساقط تباعاً بدون أي مقاومة تذكر باستثناء بعض الشباب من أبناء المناطق اللذين راحوا يدافعون عن مناطقهم وبلداتهم بأسلحة بسيطة لا يمكن مقارنتها مع إمكانيات الجيش السوري والميليشيات المقاتلة إلى جانبه، مما يوحي بعملية تسليم ممنهجة لمدن وبلدات الشمال السوري.
تساؤلات
يتسأل الأهالي في الشمال المحرر عن المسؤول جراء ما يحدث في مدنهم وبلداتهم، وعما إذا كان هناك اتفاق مجهول الملامح يفضي بتسليم الطرقات الدولية M4 وM5 ، وعما إذا كانت المناطق الشمالية آمنة بالفعل أم أن هناك اتفاقيات جديدة تقضي بتسليمها؟
رمضان الأحمد (32عاماً) ناشط وإعلامي من مدينة معرة النعمان، يتحدث لحكاية ما انحكت عن أوضاع الأهالي السيئة في مدينة إدلب وحالة الذعر والخوف التي تسودهم فيقول: "الناس في مدينة إدلب وريفها الشمالي بدأت تنزح باتجاه مناطق درع الفرات ومدينة عفرين نتيجة ما يحصل من تقدم لقوات النظام وتهاوي مناطق ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي، إذ أصبحت قوات النظام على مشارف محافظة إدلب، والتي تضم أكثر من مليون نسمة معظمهم مهجرين من مناطق ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي بدون أي ردة فعل من الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، والتي تعد المسؤولة بالدرجة الأولى عن هذه المناطق كونها تتبع لسيطرتها، خاصة بعد أن أصبحت قوات النظام على مشارف مدينة الأتارب بريف حلب الغربي مما يمهد لحصار مدينة إدلب بالكامل، إذ باتت قوات النظام تسيطر على عشرات المناطق في ظرف ساعات قليلة مما يدل على اتفاقية غير واضحة المعالم".
ويتابع قائلا: "ليس من حق أحد أن يوقع على hتفاقيات تسليم لمناطق إدلب وريفها لأنهم ليسوا أصحاب الأرض، إنما أصحاب الأرض هم أكثر من مليون ونصف نازح يقبعون الآن على الحدود السورية التركية تحت ويلات النزوح والبرد القارس بلا ملاذ أو مأوى".
انقسام الشارع
انقسم الشارع في محافظة إدلب وريفها حول التطورات العسكرية المتسارعة، حيث اعتبر بعضهم أن تركيا هي المسؤولة الأكبر عما يجري في الشمال السوري حيث استطاعت تجنيد فصائل المعارضة وتحريكها لغايات تخدم مصلحتها في المنطقة, وهو ما يؤكده المحامي خالد الرحمون (39عاماً)، ومهجر من مدينة سراقب، والتي دخلتها قوات النظام السوري مؤخراً، بالقول: "عندما كانت الفصائل المسلحة تتخذ قراراتها وفقاً لما يخدم مصالح الشعب كانت أكثر من ستين بالمئة من مساحة الأراضي السورية في حوزتها، وبعد أن بدأت تركيا بسحب الفصائل المعارضة (الجيش الوطني، الجبهة الوطنية للتحرير) عن طريق جذبهم بالامتيازات والإغراءات إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في حين كانت ميليشيا أسد تسيطر على المدن والمحافظات (الغوطة الشرقية، درعا، حمص) وغيرها من المحافظات السورية حتى تمكن النظام من حصار جميع القوى الثورية في إدلب لتكون محافظة إدلب ورقة ضغط رابحة لتركيا تستطيع من خلالها تحقيق مكاسبها وتوسيع نفوذها عن طريق اتفاقيات مع روسيا في أستانا وسوتشي، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى تسليم أكثر من 40% من محافظة إدلب لميليشيات الأسد وحزب الله مقابل السماح لتركيا بالسيطرة على مناطق الأكراد وإبعادهم عن حدودها في محاولة لعملية تغير ديمغرافي للمنطقة، إذ بدأت تحتوي المهجرين من إدلب وتسكنهم في تلك المناطق وما يحصل الآن في إدلب هي عملية تسليم واضحة من قبل تركيا، حيث أنها توقفت عن دعم المعارضة بالسلاح الثقيل والنوعي مما اضطرهم إلى التراجع والانسحاب من المناطق".
من المسؤول حقا؟
رزوق المعري (42عاماً)، وهو أحد المقاتلين في جيش إدلب الحر، يقول لحكاية ما انحكت: "عملت هيئة تحرير الشام على قتال الفصائل وإضعافهم حيث هاجمت أعداد كبيرة من الفصائل والتشكيلات العسكرية العاملة في الشمال السوري مما دفع البعض منهم إلى تسليم أسلحتهم الثقيلة وحل أنفسهم وانضمام بعضهم لهيئة تحرير الشام. أما من رفض منهم فقامت بإبعاده عن محافظة إدلب وتوجهه إلى مناطق درع الفرات".