مازن أوطه باشي يحذر الحالمين بأوروبا

السلطة بيد المرأة!


فيما تغص الحدود اليونانية التركية بالسوريين والسوريات الباحثين عن حلم الاستقرار في أوروبا، يظهر لنا أحد مشاهير السوشل ميديا السوريين، بفيديو مباشر، ناصحاً ومحذراً أبناء بلده بأن هدفهم المأمول والبلاد التي يتمنون الوصول إليها، لا تحوي أشجاراً يقومون بهزها فتنزل لهم الدولارات! 

02 آذار 2020

(لوحة من صفحة أنا سوري في يوم اللاجئ العالمي, وهي تنشر بموجب الاستخدام العادل والحقوق محفوظة لأصحابها)
حسن عارفة

صحافي سوري مستقل، وخريج كلية الإعلام بجامعة دمشق. عمل في الصحافة منذ عام 2008 ينشر في العديد من المواقع والصحف العربيّة والعالميّة.

فيما تغص الحدود اليونانية التركية بالسوريين والسوريات الباحثين عن حلم الاستقرار في أوربا، يظهر لنا أحد مشاهير السوشل ميديا السوريين، بفيديو مباشر، ناصحاً ومحذراً أبناء بلده بأن هدفهم المأمول والبلاد التي يتمنون الوصول إليها، لا تحوي أشجاراً يقومون بهزها فتنزل لهم الدولارات!

هكذا، بدأ "مازن أوطه باشي" الذي يعرف نفسه كـ"فنان وناشط سوري على السوشل ميديا" بثه الحي. انطلق "الفنان" اللاجئ في أحد البلاد الأوروبي بالتوضيح، والحديث عن تجربته المأساوية الحزينة خلال لجوئه، قبل أن يقاطعه كائن ما "قط أو كلب أو أحد الحيوانات الأليفة المنزلية"، ويخرجه مازن متحدثاً إليه باللغة الإنكليزية، ليعود ويمتعنا ويبهرنها بأفكاره.

عبد الرحمن، رحلة العذاب واللجوء

01 آب 2016
رحلة عبد الرحمن من لحظة انشقاقه عن الجيش كي لا يضطر لقتل المدنيين إلى لحظة وصوله ألمانيا، مرورا بعملية "تهريبه" من اللاذقية إلى الشمال السوري، ثم عمله كإعلامي ينقل أخبار...

خلال نحو ست دقائق أذهلنا أوطه باشي بالبلاد الأوربية البائسة، مبيناً أنها بلاد الجحيم على السوريين، الناس اللاجئة تعيش في وحدة هناك، السلطات تتدخل بهم وبطريقة تربيتهم لأولادهم وحتى في بيوتهم، السوريون يعيشون بحالة اكتئاب، ومتاهات ودائرات مغلقة للوصول إلى الاستقرار، يا له من جحيم!

لكن بعيداً عن كل التخويفات والتحذيرات التي وجهها مازن للسوريين الذكور الهاربين نحو أوروبا، مرّر فكرة خطيرة، إن كانت بقصد فهي مصيبة، ولو أنها من دون قصد فهي مصيبة أخرى تبيّن تراكم المجتمع الذكوري الذي هو ضحيته أيضاً، ولم يستطيع إنقاذ نفسه منه رغم السنوات الأوربية التي مرّت عليه.

مرّر الشاب تحذيراً في الدقيقة الخامسة حين قال: "هون السلطة كل السلطة للمرأة"، ملخصاً بهذه الجملة أفكاره كاملة، وأفكار مجتمع ذكوري بكل أركانه التسلطية والمناهضة لحقوق المرأة، بأن لا تأتوا إلى هنا، في هذه البلاد العصمة ليست بيدكم، ليبدو جلياً الخلط الكبير والواضح بين المساواة وعدمها، فلم تكن هذه السنين كافية لشاب مثله كي يستوعب الفرق بين أن تكون المرأة مساوية للرجل بالحقوق والواجبات، وبين أن تكون طيلة حياتها تحت مظلة ولي الأمر، والخانات الأربع والقيود الكاملة وغيرها.

(نازحون وهاربون من القصف على طريق حزانو باب الهوی/ تصوير عماد بركات بتاريخ ١ يناير ٢٠٢٠/ خاص حكاية ما انحكت)

يعزف أوطه باشي في بثه الحي على وتر يطرب آذان قسم من السوريين الذكور، لكن لا يطرب الحي كاملاً، والمصيبة، أنه ما زال يظن أن كل أبناء جلدته متخلفين لا يعرفون ما هي أوربا وما قوانينها وغير ذلك، بمنتهى التعميم الفج. بيد أن الذي لم يخطر على باله، وبال كثيرين من اللاجئين واللاجئات السوريين القدامى في أوربا، الخائفين من هذه الموجات الجديدة القادمة، حتى لا تنافسهم على المساعدات وتضرب استقرارهم، أن الهارب من تركيا.. معه ما يكفي من الحجج والدوافع ليخاطر بحياته للوصول إلى هدفه.

هنا، يجب على أوطه باشي وأمثاله أن يسألوا أنفسهم: ماذا ستفعل لو كنت حاملاً لبطاقة الكملك "الحماية المؤقتة التركية" والتي لا تستطيع بها السفر من مدينة إلى مدينة دون أذن سفر؟ ماذا ستفعل حين تضطر للوقوف على طوابير المساعدات ساعات طويلة؟ ماذا ستفعل حين تضطر للانتظار في طوابير أقسى من طوابير المازوت والخبز في سوريا لتنقل بيان السكن الخاص بك في حال تغيير منزلك؟ ماذا ستفعل لو كنت تعمل في مكانٍ ما ويتم رفض أذن العمل لك دون أن تعرف السبب وتجبر على ترك عملك؟ ماذا ستفعل لو كنت حاملاً الإقامة السياحية ومضطراً لتجديد جواز سفرك كل سنتين ودفع مبلغ كبير لقاء ذلك؟ ماذا ستفعل لو كنت مهدداً في أي لحظة بالترحيل إلى سوريا لتواجه قصف النظام السوري وميليشياته أو العيش تحت حكم مرتزقة يتبعون لبلد خارجي؟ ماذا ستفعل، كسوري خسر بلده ليحكي بحريته، ولا يتجرأ على انتقاد حكومة بلد يعيش فيه خوفاً من الترحيل إلى المجهول؟ ماذا ستفعل لو أنك تعيش كل تفاصيل السوريين هنا في تركيا؟

هكذا، لا تنتهي الأسئلة التي يجب على كل سوري أو سورية مقيمين في أوروبا، طرحها على أنفسهم قبل انتقاد أو تحذير أي أحد من أبناء وبنات بلدهم كي لا يذهبوا خارج تركيا.

لكن الأسئلة على صعيد آخر مهمة، لماذا مازن أوطه باشي وأشباهه مقيمون في أوروبا، وهم لا يطيقون الحرية والمساواة وحقوق المرأة والطفل فيها؟ يبدو الجواب عند "الجوب سنتر وما يشبهه في كل دولة".

(المقال يعبّر عن رأي الكاتب وحده)

مقالات متعلقة

في "معنى" أن تعيش في مخيمٍ

08 شباط 2020
الوصول إلى المخيم لا يعني نهاية المعاناة، بل بدايةً جديدةً لمعاناةٍ مختلفةٍ ومديدةٍ. تبدأ تلك المعاناة، مع السعي إلى الحصول على خيمةٍ. وصعوبة هذا الأمر تجعل الخيمة حلمًا كابوسيًّا، أو...
النزوح والبيئة... دروس من سوريا والشرق الأوسط

23 تموز 2018
يستعرض هذا المقال تأثير النزاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الصحة البيئية للنازحين الذين يعيشون في المخيمات والأحياء العشوائية ورفاههم، نظراً للممارسات الملوّثة وظروف الحياة الخطيرة وغياب البدائل....
تركيا تستهدف المنظمات الدولية وطلاب وأساتذة الجامعات الأجانب

01 تموز 2017
يعاني اللاجئون السوريون في تركيا من وضع قانوني هش للغاية، رغم أن تركيا من الدول الموقعة على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وتستضيف اليوم أكبر عدد من السوريين في...
النازحون بين جحيمي القصف وارتفاع إيجارات البيوت

08 تموز 2019
فوق جحيم القصف والموت الذي يلاحقهم من نزوح إلى أخر، يعاني النازحون اليوم من مسألة ارتفاع إيجار البيوت، الأمر الذي دفع بعضهم للبقاء تحت القصف فيما آثر آخرون النوم تحت...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد