ميشيل كيلو: تاريخ شخصي بمثابة تاريخ وطن


إذا نحيّنا التاريخ الرسمي الحديث الذي كتبته السلطة المستبدة وأعوانها، ونقبنا في تاريخ الهامش، تاريخ المعارضة السورية منذ خمسين عاما وحتى الآن، حدثا حدثا، ومؤتمرا مؤتمرا... سنجد أن للراحل ميشيل كيلو حضور راسخ في كل منها.

19 نيسان 2021

حكاية ما انحكت

منصة إعلامية مستقلة باللغتين العربية والإنجليزية تقدم وجهات نظر نقدية حول سوريا والسوريين/ات.

إذا نحيّنا التاريخ الرسمي الحديث الذي كتبته السلطة المستبدة وأعوانها، ونقبنا في تاريخ الهامش، تاريخ المعارضة السورية منذ خمسين عامًا وحتى الآن، حدثًا حدثًا، ومؤتمرًا مؤتمرًا... سنجد أن للراحل ميشيل كيلو حضورًا راسخًا في كلّ منها.

بدءًا من ثمانيات القرن الماضي إلى لحظة وفاته، كان "أبو أيهم" فاعلًا حاضرًا في كلّ محاولة بناء سعت لها النخب السوريّة المعارضة للتخلص من الاستبداد الثقيل الظل، في سعي دؤوب ومجتهد منه، وفي شعور عال وإحساس كبير بالمسؤوليّة، لخط طريق يخلص البلاد من الاستبداد ويفتح بوابة أمل للمستقبل.

خلال حكم الأسد الأب، طالما ناضل وطالب ميشيل كيلو بالإصلاح، ولم تتوقف مطالباته في العشريّة الأولى من حكم الابن، وطالما قدّم أوراق عمل واقتراحات إصلاحيّة، كانت قادرة لو أُخذ بها، أن تنقل سوريا من مصاف دولة الاستبداد إلى مصاف دولة القانون، إلّا أن النظام أبى إلّا أن يسير في طريق المجهول حين اعتقل النظام ميشيل ورفاقه منهيا ربيع دمشق الذي لم تتعدى مطالباته الإصلاح السلمي والآمن والتدريجي، فكان أن أغلق بذلك بوابات الأمل الذي أدّت إلى انفجار الثورة السوريّة، كنتاج طبيعي لهذا الإغلاق والاستبداد المزمن. وهنا مرة أخرى، كان ميشيل مستعدًا للقيام بواجبه الذي واظب عليه حتى نهاية الثورة، مخطئًا هنا ومصيبًا هناك، منطلقًا من فكرة أنّ من لا يعمل لا يُخطئ أبدًا، ومستعدًا دائما للمراجعة والنقد والانطلاق من جديد، وهو كان فحوى مقالاته الأخيرة التي كانت تتحدث عن ضرورة وجود طريق جديد لم تتضح معالمه بعد.

ربما هنا يكمن واجبنا في الوفاء لهذا الرجل، أن نتابع البحث عن هذا الطريق حتى نجده ونصل سوريا المستقبل التي حاول أن يعبّد طريقنا إليها. فهل نفعل؟

وداعًا ميشيل كيلو.

وداعًا "أبو أيهم" كما يعرفك رفاق دربك ومحبيك.

مقالات متعلقة

حسان عباس... مواطن بلا وطن

08 آذار 2021
مواطن، معلّم، محب... صفات ثلاث، ربما تختصر بين حروفها وفي معانيها العميقة، شيئا من تاريخ وحياة الراحل حسان عباس، هذا الإنسان الذي ننعيه اليوم بصيغة الموت والغياب، وهو الذي جعل...
خليل معتوق في السنوات البيض

15 شباط 2021
في مقالته ضمن ملف الاعتقال والمعتقلون يسرد الكاتب والصحافي فايز سارة قصة نضال صديقه المحامي خليل معتوق ونشاطاته ابتداءً من بيان الـ99 الذي هزّ سوريا بعد سنوات صمتها وصولًا إلى...
إسماعيل الحامض...غيابه ترك مقعدا للحزن في كل فرح

03 كانون الأول 2020
"لا أحمل مسؤولية اختطاف أبي للثورة كفكرة، وإنما للأشخاص والمحيط الذي أرى أنه قصّر بالدفاع عن أبي ومحاولة معرفة مصيره. فأنا كان عندي ثقة كبيرة إنو حتى لما انخطف بابا...
جهاد محمد وحكاية الشيوعي الجميل (3)

14 آب 2019
في العاشر من آب/ أغسطس عام 2013 اعتقلت السلطات السورية الناشط والمناضل جهاد محمد. ومنذ تلك اللحظة ابتلع الظلام جهاد، ولم يعرف عنه أية معلومة. حكاية ما انحكت، وأصدقاء ورفاق...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد