أنا شايف إنّه بالأساس الناس بتبص على المستقبل، أو الكتّاب بيكتبوا عن المستقبل طول الوقت وهم متخيلينه كمستقبل، هم شايفين إن همَ بيكتبوا عن المستقبل والأشياء كلّها بتبقى مستقبليّة. في الحقيقة يعني مفيش مستقبل أوي، وإن هو المستقبل حيبقى لحظة حاضر ممتدة.
في كتير من يلي بقراه وأنا عمومًا مش قارئ جيد للخيال العلمي، يعني بس في كتير من يلي بقراه بلاقي إنّه هو الكلام عن المستقبل دايمًا من خلال عدسة الرؤية البعيدة، كده حنتكلم في يلي حصل للبلد، حنتكلم في يلي حصل لكوكب الأرض، طول الوقت مفيش التفاصيل الصغيرة كده، اللي هي بسببها بيتمرر المستقبل، بسببها إحنا منعيش أعمار يعني إلي هي طويلة كده من غير ما ندرك ازاي عدت بسبب اللحظات الصغيرة ديه، بسبب إنّه في كلّ مرة إحنا عمرنا مابنحس إنّه نحن في المستقبل.
إحنا طول الوقت بنحس إن نحن في الحاضر، والحاضر مليان صراعات ومليان توترات صغيرة بتستهلكنا مش منفكر فيما هو أبعد منها.
ده مش بشوفه كتير في اللي بقراه أو اللي بشوفه من أفلام الخيال العملي مثلًا، اللي طبعًا فيها إبراز كبير أوي أوي أوي أوي لموضوع التكنولوجيا طول الوقت، ومفهوم إنّه هو طول الوقت التكنولوجيا هي الشيء الوحيد يلي بيمشي في خط مستقيم في التطور الإنساني يعني، بس مفيش إدراك أو مفيش نظر أو تمعّن فيما وراء التكنولوجيا، فيما وراء الدوافع الصغيرة للناس: الحقد والنزاعات والتوترات والإستقطابات.
كلّ مشاكل الحياة، كلّ مشاكل الحاضر، كلّها بتبقى، أو في كتير من يلي بشوفه، بتبقى غايبة تمامًا يعني، بس أنا أتصور بعيدًا عن السؤال ده، الناس لما تتخيل المستقبل بشكل ديستوبي إنّه هم متخيلين، أو يعني مش بيفكروا، إنه هو يعني هو طول الوقت السؤال بتاعهم أو المعضلة يلي مش حينفع أكتب عن عالم يوتوبي.
اليوتوبيا لا تخلق دراما أو لا تخلق نزاع، فَ طول الوقت حتى هم كمان بيفكروا يا إمّا ديستوبي أو يوتوبي، ما بيفكروش في عالم عادي، زي ما همَ عايشين حياتهم العاديّة، أو زي ما هم بيتخنقوا دلوقتي و زي... مش شايفين ده، هم شايفين إنه: أنا بكتب عن المستقبل، وأنا واعي إنّه ده المستقبل، أنا شايف ده كمستقبل وأبطالي شايفين ده كمستقبل، وكلّ الخيالات الموجودة جوه هي واعية إنّه ده لسّه ما جاش فببص من بعيد أوي أوي أوي، يعني مش بدخل لثناياه مش بتمعن فيه أوي يعني.