(ينشر هذا التحقيق بالتعاون والشراكة بين حكاية ما انحكت وشبكة نيريج للصحافة الاستقصائية)
عشية الخامس من أيلول/سبتمبر 2015، انطلق سعيد (اسم مستعار/ 45 عاماً) في رحلته الأولى من ريف دمشق إلى معامل الدفاع التابعة للنظام السوري في محافظة حماة محمّلاً في شاحنته قطعاً معدنية لم يكن يعرف دوافع استخدامها بداية الأمر، لكن سرعان ما عرفها بعد إفراغ حمولته.
"إنها البراميل المتفجرة التي سمعنا عنها، نقلتها بشاحنتي في طريق العودة... لست شريكاً في تلك الجريمة، أجبرت على ذلك، ولم يكن لديّ فرصة للرفض". هذا ما قاله سعيد الذي أرغم على نقل أجسام مخصّصة لصناعة البراميل المتفجرة إلى أماكن صناعتها، ليتم استخدامها فيما بعد في قتل مدنيين وهدم منازل ومبان سكنية في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في عدّة محافظات سورية.
أما "أبو حسام" (اسم مستعار)، وهو سائق شاحنة آخر من مدينة داريا بريف دمشق، فاعتبر نفسه شريكاً في نقل حمولة من ذات النوع إلى أحد المطارات العسكرية المسؤولة عن قصف مدينته قائلاً: "كنت أعلم أنّ بعض الطائرات التي تقصف مدينتي تنطلق من ذلك المطار. لم أكن أعلم إن كانت ستقتل شقيقي المحاصر في المدينة أم ستهدم منزلي".
يوّثق هذا التحقيق استغلال النظام السوري لقانون التعبئة الصادر عام 2011 في تسخير المدنيين لنقل الأسلحة والذخائر والعتاد العسكري، بما فيها البراميل المتفجرة والمواد الداخلة في صناعتها من معامل الدفاع التابعة له، إلى المطارات والمواقع العسكرية المنتشرة في مختلف المحافظات السورية، إلى جانب توريطهم في نقل أسلحة كيميائية ومعدات خاصة بتصنيعها.
كيف أُجبر النظام، أولئك الأشخاص على نقل البراميل والمواد المتفجرة؟ ما هو عدد الشحنات التي نُقلت؟ ما هي الطرق التي سلكوها؟ ما هو مصير رافضي التعاون؟ وما المخاطر التي تعرّض لها السائقون؟ هذه الأسئلة وغيرها يحاول التحقيق الإجابة عنها.
ما هو قانون التعبئة؟
عرّف "قانون التعبئة" الصادر بموجب مرسوم رئاسي أقرّه رأس النظام السوري، بشار الأسد، في الحادي والعشرين من آب/ أغسطس عام 2011 برقم مائة وأربعة، التعبئة بأنها "تحويل البلاد بشكل عام والقوات المسلحة بشكل خاص من زمن السلم إلى زمن الحرب استعداداً لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية بما فيها الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية"، محدّداً في مادته العاشرة واجبات المدنيين خلال التعبئة، التي نصّت في أحد بنودها على "تقديم كلّ ما يلزم من العقارات والمنقولات وغيرها من الأغراض الأخرى المملوكة لهم أو كانت بحيازتهم".
وحدّد القانون في مادته الثالثة عشرة الواجب المتعلّق بتقديم وسائط النقل، ومن بينها "تأمين وسائط النقل من أجل تأمين القوات المسلحة أثناء التعبئة"، على أن يُعمّم القانون على كافة المؤسسات المدنية والعسكرية، إلى جانب "المواطنين المالكين لوسائط النقل".
الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، العميد أحمد رحال، قال إنّ مقتضيات مرسوم التعبئة ليست جديدة، وبنوده متعارف عليها قبل عام 2011، إلا أنّ النظام السوري رغب بتشريع ذلك "قانونياً"، كون القوانين تسمح له
الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، العميد أحمد رحال، قال إنّ مقتضيات مرسوم التعبئة ليست جديدة، وبنوده متعارف عليها قبل عام 2011، إلا أنّ النظام السوري رغب بتشريع ذلك "قانونياً"، كون القوانين تسمح له بذلك تحت عنوان "تحضير البلاد للحرب"، وهذا يتيح له تحويل اقتصاد الدولة والقطاعات المدنية لصالح المجهود الحربي، ومن أبرز بنوده وضع جميع الآليات في سوريا تحت تصرف المؤسسة العسكرية.
كيف أجبر النظام المدنيين على المشاركة في نقل المتفجرات؟
"نحتاجك بمهمة لمدة يوم واحد مع سيارتك.. رحلة ذهاب وعودة لإيصال بعض المستلزمات"، هذا ما قاله الضابط المسؤول عن حاجز "التاون سنتر" التابع للمخابرات الجوية والواقع على طريق "دمشق- درعا" بالقرب من مدينة صحنايا لسعيد بعد إيقافه أثناء توّجهه نحو العاصمة دمشق، دون الإفصاح عن مضمون تلك المستلزمات.
يفسّر سعيد موافقته، قائلاً: "ما في قدامي خيار ثاني... ما متنا بس شفنا اللي ماتوا"، في إشارة منه لعدم تمكنه من الاعتراض.
يقول سعيد المنحدر من مدينة القنيطرة: "نزلت من سيارتي بطلب من الضابط، وجلست بالقرب من نقطة التفتيش على الحاجز لأكثر من ساعتين، ذهب خلالها أحد العناصر بسيارتي إلى مكان لم أكن أعرفه حينها".
ويتابع: "بعد انتظار طويل ظننت أنهم صادروا سيارتي، وأنه سيتم اعتقالي حال المطالبة بها، فقرّرت التخلّي عنها والنجاة بنفسي، وطلبت من الضابط المسؤول المغادرة إلى منزلي وترك السيارة مع العناصر لحين الانتهاء من عملهم بها، إلا أنه رفض ذلك بالقول: لسنا عاجزين عن تأمين سيارات.. في هذه المهام تحديداً أنتم أهم من جميع الشاحنات".
عادت سيارة سعيد محمّلة بأسطوانات حديدية ومغطاة بشوادر قماشية يصعب على الناظرين إليها معرفة محتوياتها دون الاقتراب منها، وجاءت التعليمات من الضابط لأحد عناصر الحاجز بمرافقته لإيصال الحمولة دون إخباره بالوجهة المقصودة، ليفصح له العنصر بعد اجتياز الحاجز بأنهما ذاهبان إلى محافظة حماة.
استمرت الرحلة قرابة خمس ساعات إلى حين وصولهما منطقة "معامل الدفاع" في بلدة "تقسيس" بريف حماة. يضيف سعيد: "ما إن وصلنا المدخل الرئيسي لمعامل الدفاع، حتى نزلت من السيارة بأمر من مسؤول مفرزة الحراسة، وقاد العنصر السيارة إلى الداخل، ثم عاد بعد أقل من ساعة وطلب مني الصعود للعودة إلى دمشق".
ويكمل: "في رحلة العودة بدأ العنصر بالحديث معي والسؤال عن مكان سكني وعملي، وكشف خلال حديثه أننا كنا ننقل أجسام مخصّصة لصناعة البراميل المتفجرة".
في مهمة مشابهة، انطلق شادي (39 عاماً/ مستعار) وهو أحد أبناء مدينة حمص، أواخر نيسان/أبريل 2016، من منطقة "حسياء" في ريف حمص إلى منطقة عسكرية على أطراف مدينة "السفيرة" في ريف حلب، بعد إيقافه على حاجز "حسياء" العسكري أثناء توجهه إلى المدينة الصناعية.
اعتمد النظام السوري منذ عام 2011 على الآليات والشاحنات التابعة للقطاع المدني، لنقل شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية الخاصة بالجيش، كون إدارة النقل التابعة لوزارة الدفاع السورية لا تمتلك آليات كافية تستطيع من خلالها نقل الجيش وتوزيعه على كامل الأراضي السورية، وفقاً للعميد "أحمد رحال".
يقول شادي وهو سائق شاحنة كبيرة لنقل الأتربة والأنقاض: "أعطى العنصر المسؤول عن تفتيش الشاحنات في الحاجز إشارة لي للوقوف إلى جانب الطريق، وسرعان ما قدم الضابط المسؤول عن الحاجز برفقة أربعة عناصر استقلوا سيارتي على الفور، وطلب مني إيصال عناصره إلى مدينة السفيرة والعودة إلى الحاجز مجدّداً لاستلام بطاقتي الشخصية التي احتجزها لديه".
يروي سائق الشاحنة أنه وفور وصوله ركن مركبته داخل الموقع العسكري وخرج إلى البوابة الرئيسية بأمر من أحد الضباط، ثم عاد العناصر بالشاحنة وكانت محمّلة بأكثر من عشرة براميل متفجرة يزيد وزنها عن أربعة أطنان.
ويكمل "توجهت نحو مطار حماة العسكري بطلب من العناصر لإفراغ الحمولة فيه، ثم حصلت على مهمة عسكرية من داخل المطار لأتمكن من خلالها العودة بمفردي إلى حاجز حسياء لاستلام بطاقتي الشخصية".
ويختم: "كانت المرة الوحيدة التي شاركت فيها في عملية نقل لصالح النظام، وطُلب مني مرة أخرى المشاركة في عملية أخرى، إلا أنني تمكنت من النجاة منها بعد دفع مبلغ ثلاثمائة ألف ليرة سورية (ما يقارب 600 دولاراً أمريكياً حينها) لعناصر حاجز "الرستن" في ريف حمص الشمالي مقابل إعفائي من تلك المهمة".
أبو حسام (50 عاماً/ مستعار) وهو من أبناء مدينة داريا في ريف دمشق، شارك أيضاً في عملية نقل للبراميل المتفجرة من داخل مطار المزة العسكري إلى مطار "بلي" الواقع على الحدود الإدارية بين محافظتي ريف دمشق والسويداء، بعد إيقافه من قبل أحد الحواجز العسكرية المتمركزة على الطريق الواصلة بين مدينة "معضمية الشام" وبلدة "جديدة عرطوز" صباح العاشر من أيلول/سبتمبر 2015.
يقول أبو حسام: "ذهبت بمفردي إلى مطار المزة العسكري، وفور وصولي تمّ تحميل عدد من البراميل المتفجرة في شاحنتي، كان وزنها يفوق قدرة الشاحنة على النقل، وركب معي عنصرين بلباس مدني من داخل المطار، ثم توّجهنا إلى مطار "بلي" لإفراغ الحمولة، قبل أن أعود برفقة العناصر إلى حاجز صحنايا لاستلام أوراقي الثبوتية".
ويتابع أبو حسام: "كانت المعارك في مدينة داريا على أشدّها حينها، وكنت أعلم أنّ بعض الطائرات التي تقصف المدينة تنطلق من مطار "بلي"، وكنت شريكاً في نقل البراميل إلى المطار لإلقائها على مدينتي.. لا أعلم إن كانت ستقتل شقيقي المحاصر في المدينة أم ستهدم منزلي".
لماذا اعتمد النظام على آليات المدنيين؟
اعتمد النظام السوري منذ عام 2011 على الآليات والشاحنات التابعة للقطاع المدني، لنقل شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية الخاصة بالجيش، كون إدارة النقل التابعة لوزارة الدفاع السورية لا تمتلك آليات كافية تستطيع من خلالها نقل الجيش وتوزيعه على كامل الأراضي السورية، وفقاً للعميد "أحمد رحال".
ويوضح رحال أنّ المرسوم 104 لعام 2011 المعروف باسم قانون التعبئة، فرض أمراً واقعاً على المدنيين لتخصيص سياراتهم وشاحناتهم لصالح المجهود الحربي، مضيفاً أنّ تهالك وسائل النقل العسكرية هو ما دفع النظام لإصداره، "فالشاحنات الموجودة لدى المؤسسة العسكرية لا تصلح لعمليات النقل، كونها تستهلك الكثير من الوقود بمقدار ليتر لكل كيلو متر، وهو ما يرتب تكاليف مرتفعة جداً على عمليات النقل تقدّر بنفس سعر الشحنة"، وهو ما أكده أيضاً الرائد يوسف حمود لحكاية ما انحكت ونيريج.
"انسى السيارة وانقلع.. شبابنا عم تموت وأنت داير على سيارتك؟"، عبارة قالها الضابط المسؤول عن الحاجز لعلاء بعد أكثر من ثلاث ساعات على انتظار عودة شاحنته،
يقول الرائد الطيار الذي كان قد انشق عن جيش النظام في التاسع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2012، أنّ فصائل المعارضة كانت خلال الأعوام الثلاثة الأولى للثورة السورية تلاحق طرق إمداد عناصر ومجموعات النظام لقطعها، وتعمل على استهداف الآليات العسكرية والسيارات والشاحنات التي تنقل الأسلحة والذخائر بين المواقع العسكرية ونقاط التمركز، وهو ما دفع النظام للاعتماد على سيارات المدنيين لضمان عدم استهدافها، متابعاً أنه "مع التطوّر العسكري للمعارضة السورية، اضطر النظام لزيادة الحذر في التنقلات، فاعتمد على برادات نقل الخضار في عمليات النقل"، مؤكداً أنّ النظام السوري نقل بواسطتها "محطات الدفاع الجوي وصواريخ المدفعية وغيرها من العتاد العسكري، كما أنه لجأ أيضاً لسيارات المدنيين في نقل المواد التموينية والعسكرية إلى المواقع المحاصرة في مختلف المدن والبلدات السورية".
وأفاد الرائد الذي كان يؤدي خدمته العسكرية في مطار "السين" العسكري الواقع على طريق دمشق- الضمير، أنه كان شاهداً على استخدام السيارات المدنية في آب/ أغسطس 2012 أثناء عمليات نقل الإمدادات العسكرية من أسلحة وذخائر، إضافة للإمدادات الغذائية إلى المطار والمواقع العسكرية المجاورة، سواء كانت في منطقة "أبو الشامات" المجاورة، أم في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، مشيراً إلى أنّ قيادة المطار اعتمدت على السيارات المدنية كون المنطقة كانت تشهد انتشاراً لفصائل المعارضة.
وبحسب "حمود" فإنه شهد أيضاً مطلع عام 2012، عملية نقل للفوج الخامس والثلاثين التابع للقوات الخاصة في جيش النظام السوري من دمشق إلى مدينة "جسر الشغور" في ريف إدلب بواسطة القطارات المدنية، مبيناً أنه تمّ حجز القطارات بشكل كامل لنقل كامل اللواء إلى إدلب على مدار عدّة أيام، لتجنّب استهداف قواته أثناء التنقل.
وقود للجبهات الداخلية!
ليست البراميل المتفجرة وحدها ما تمّ تسخير المدنيين لنقلها، بل شملت العمليات تسخيرهم لنقل الأسلحة والذخائر والإمدادات الطبية والغذائية للعناصر على خطوط الجبهات في المناطق التي كانت تشهد صراعاً بين النظام وفصائل المعارضة في مختلف المحافظات، إضافة لإجبارهم على نقل مجموعات من العناصر والمؤازرات، وهو ما أرغم عليه "سعيد" في مهمته الثانية، التي تمثلت بنقل مواد طبية وإغاثية إلى إحدى النقاط العسكرية في منطقة "خان الشيح" في ريف دمشق، بعد إيقافه على أحد حواجز النظام على طريق "القنيطرة- دمشق" منتصف عام 2016.
"أوقفني حاجز "سعسع" التابع للأمن العسكري، وأرسلني برفقة اثنين من عناصره إلى "معسكر الطلائع" في منطقة "نبع الفوار" بريف القنيطرة، الذي كان نقطة إمداد رئيسية للنقاط العسكرية في المنطقة، وفيه تمّ تحميل كميات من المواد الطبية والغذائية في شاحنتي، وحصلت على مهمة عسكرية لنقل المواد بمفردي إلى اللواء الثامن والستين التابع للفرقة السابعة على أطراف منطقة خان الشيح عبر الطريق الرئيسية". يقول سعيد.
رفض عناصر الحرس على أحد المداخل الفرعية للواء السماح لسعيد بالدخول، وأجبروه على إدخالها من البوابة الرئيسية الواقعة على "أوتوستراد السلام" الذي كان مقطوعاً أمام حركة المدنيين حينها، كونه يعتبر منطقة عسكرية تملؤها الكمائن والنقاط العسكرية التابعة للنظام على أحد أطرافه، ولفصائل المعارضة على الطرف المقابل.
يروي سعيد واصفاً ذلك اليوم: "عشرات الأسئلة راودتني عند المرور على تلك الطريق.. هل سأموت باستهداف سيارتي من قبل أحد الكمائن؟ أم سيتم اعتقالي من قبل فصائل المعارضة؟ ما الذي سيقنعهم أنني مجبر على نقل هذه المواد وأنا أحمل مهمة عسكرية؟ ماذا لو هربت بتلك الشاحنة دون إيصالها؟".
متوجهاً من "سوق الهال" في دمشق إلى مدينته "الكسوة" غربي دمشق، أوقف أحد الحواجز العسكرية المتمركزة على أطراف العاصمة الشاب علاء (33 عاماً/ مستعار)، ركب في شاحنته قرابة عشرين عنصراً بعد إفراغها من الخضروات التي كانت داخلها، وطلبوا منه التوّجه نحو مدينة "حرستا" في الغوطة الشرقية، حيث كانت تشتعل المعارك في محيطها أواخر عام 2017.
"كانت تعليمات الضابط بأن أتوّجه إلى أول نقطة عسكرية في حرستا لإيصال العناصر، لكن بعد الوصول إليها، تفاجأت بتحميل عدد من الصناديق التي تحمل ذخائر خاصة بهم، وطلبوا مني الدخول إلى عمق المدينة حيث كانت تدور الاشتباكات".
يقول علاء مضيفاً: "كان شقيقي حينها عنصر في جيش النظام، فتواصلت معه وطلبت منه التدخل لإعفائي من المهمة، وتمكن بعد تدخل الضابط المسؤول عنه من إعفائي لكن دون سيارتي، فطلب مني بعد الاتفاق مع العناصر ترك السيارة معهم لإيصال الذخائر وإعادتها لي بعد الانتهاء من عملهم بها".
يذكر عدد من السائقين الذين صُودرت شاحناتهم من قبل النظام السوري، بموجب قانون التعبئة، أنهم لم يحصلوا على أيّ وثيقة تثبت أنّ الشاحنة لدى أحد الحواجز أو الثكنات العسكرية
"انسى السيارة وانقلع.. شبابنا عم تموت وأنت داير على سيارتك؟"، عبارة قالها الضابط المسؤول عن الحاجز لعلاء بعد أكثر من ثلاث ساعات على انتظار عودة شاحنته، خاتماً: "حتى اليوم لا أعلم ما مصير سيارتي، ولم أتمكن من استعادتها رغم تدخل العديد من الوساطات".
عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان نور الخطيب، قالت إنّ معظم الحالات التي وثّقتها الشبكة كانت لمصادرة شاحنات المدنيين واستخدامها لأغراض عسكرية كنقل الذخائر والعناصر، بينما كان القسم الآخر من الحالات قد أجبره النظام السوري على قيادة السيارات أثناء عمليات النقل، وأرغمهم على ممارسة هذا العمل لفترات معينة، موضحة أنّ عمليات التعبئة والمصادرة شملت جميع المحافظات السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات العشر الماضية، وعلى رأسها محافظتي حمص وحماة.
وعن طبيعة المواد التي نُقلت في سيارات المدنيين، أوضحت الخطيب أنّ الذخائر المتنوعة والعناصر كانت أكثر من البراميل المتفجرة، مؤكّدة أنّ معظم المدنيين لم يعلموا ما هي المواد التي شاركوا في نقلها.
ما هو عدد الشحنات التي نُقلت؟
في استبيان أجراه معد التحقيق، شارك فيه مائة سائق سيارة شحن متوسطة وكبيرة الحجم من خمس محافظات سوريا هي ريف دمشق والقنيطرة والسويداء (جنوبي البلاد) وحمص وحماة (غرب)، تبيّن أن نسبة المدنيين المجبرين على نقل الأسلحة والمتفجرات لصالح النظام السوري متباينة من حيث الوجهة وعدد الشحنات وطبيعة الأسلحة المنقولة.
بلغت نسبة السائقين المشاركين في عمليات النقل بمختلف أنواعها وطبيعتها 29 بالمئة من عدد السائقين المشاركين في الاستبيان، موّزعين على المحافظات الخمس المذكورة، وكان نصيب سائقي حماة وريف دمشق النسبة الأكبر في المشاركة، وبحسب السائقين فإنّ تفاوت الأعداد يختلف بين محافظة وأخرى باختلاف الأوضاع الأمنية والعسكرية التي كانت تشهدها المنطقة سابقاً.
وقال ثلاثة سائقين، إنهم نقلوا شحنات أسلحة ومتفجرات بين معامل الدفاع والمطارات العسكرية والحربية في مختلف المحافظات السورية، أكثر من أربع مرّات خلال الأعوام ما بين 2013 و2019، بينما قال أحد عشر منهم أنهم نقلوا شحنات لمرّة واحدة فقط، فيما تمت مصادرة خمسة عشر سيارة شحن على الحواجز العسكرية المحيطة بالمناطق التي كانت تشهد عمليات عسكرية خلال الفترة المذكورة، لاستخدامها في نقل الأسلحة والذخائر إلى خطوط الجبهات المتقدمة.
وعن محتويات الشحنات، قال أربعة سائقين إنهم نقلوا براميل متفجرة من مواقع عسكرية إلى مطارات حربية، وستة سائقين نقلوا براميل فارغة معدّة للتصنيع، وثمان سائقين نقلوا أسلحة وذخائر إلى خطوط الجبهات المتقدمة في مناطق الصراع، وسائقين اثنين نقلوا أطعمة ومستلزمات طبية للعناصر على خطوط الجبهات أيضاً، فيما عجز ثلاثة سائقين عن تحديد نوع المواد التي تمّ نقلها بسياراتهم، علماً أنّ بعض السائقين المشاركين بالاستبيان شاركوا في عمليات نقل مختلفة عدّة مرات.
وأجمع السائقون على أنّ عدد عناصر المرافقة في جميع الشحنات التي تمّ نقلها في سياراتهم، يتراوح بين اثنين إلى أربعة عناصر، دون وجود أيّ دلالة أو مؤشر لزيادة عدد عناصر المرافقة أو تخفضيه، كما أنهم أجمعوا على أنّ عناصر المرافقة في جميع الشحنات كانوا يعمدون لارتداء الزي المدني، رغم اختلاف أماكن خدمتهم بين جيش النظام أو أجهزته الأمنية.
أظهرت إحصائيات وزارة النقل السورية، أنّ عدد المركبات المسجّلة في سوريا لغاية عام 2021 بلغ مليونين وأربعمائة واثنين وسبعين سيارة دون تصنيفها، في حين أكّد مصدر من داخل الوزارة، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أنّ عدد سيارات الشحن في سوريا يبلغ قرابة ثمانمائة وخمسة عشرة ألف شاحنة، بنسبة تُقارب ثلاثة وثلاثين بالمئة من إجمالي السيارات المسجلة، بينها نحو ثلاثمائة وخمسة وأربعين ألف شاحنة كبيرة ومغلقة، وأربعمائة وسبعين ألف شاحنة صغيرة.
وبيّن الرائد المنشق "يوسف حمود" أنّ آلية الاعتماد على سيارات المدنيين في نقل المعدات العسكرية، تختلف بحسب طبيعة المواد المراد نقلها، كأن يعتمد النظام على سيارات نقل اللحوم والخضروات المغلقة (سيارات البراد) والشاحنات صغيرة الحجم لنقل الأسلحة والذخائر، وسيارات الشحن كبيرة الحجم لنقل البراميل المتفجرة والمعدات العسكرية الكبيرة، وناقلات السيارات لنقل الآليات والعربات العسكرية، إضافة للاعتماد على باصات النقل "البولمان" لنقل العناصر بين المناطق السورية.
ولفت "حمود" إلى أنّ "النظام كان يعتمد على مصادرة الشاحنات للمشاركة في عمليات النقل على شكل أرتال عسكرية، بينما اعتمد على السائقين المدنيين في عمليات نقل ذخائر من منطقة إلى أخرى، مع فرز عنصرين أو ثلاثة لمرافقة السائقين في معظم الحالات، وعادة ما يكونون بلباس مدني ويحملون بطاقات شخصية مدنية إلى جانب هوياتهم العسكرية، بينما كانت عملية نقل البراميل المتفجرة تتم من معامل الدفاع إلى مطارات الحوامات وأخرى إلى المطارات الحربية والعسكرية"، مشيراً إلى أنّ مطارات الحوامات منتشرة في مناطق بعيدة عن أماكن تصنيع البراميل المتفجرة.
وأكد "حمود" أنّ النظام أجبر مجموعة من سائقي سيارات الشحن الصغيرة بداية عام 2014، على نقل معمل للمواد الكيماوية تمّ تفكيكه من معامل الدفاع في منطقة "خان طومان" إلى مطار "النيرب" العسكري في محافظة حلب، عبر طريق مدينة "السفيرة"، ونُقل بعدها جواً من المطار إلى مدينة "مصياف" في ريف حماة، حيث أعيد تشغيله مجدداً.
وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير سابق لها، عن سبعة مواقع مخصّصة لصناعة البراميل المتفجرة في سوريا، بينها معامل الدفاع في بلدة تقسيس بريف محافظة حماة الجنوبي، ومعامل الدفاع في السفيرة في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة حلب، والفرع 602 التابع للمديرية العامة لمركز الدراسات والبحوث العلمية في منطقة السفيرة في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة حلب، والفرع 340 التابع للجهة ذاتها في شمال منطقة مصياف في ريف حماة الشمالي، إضافة للوحدة الاقتصادية في مركز بحوث الراشدين غرب مدينة حلب، ومقر الشركة العربية لدرفلة الحديد في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية، ووحدة الصيانة 59 في مطار المزة العسكري بالعاصمة دمشق، مؤكدة أنّ جميع البراميل يتم تجميعها في مطاري "حماة العسكري" و"النيرب العسكري" في محافظة حلب بعد الانتهاء من حشوها بالمـواد المتفجرة، ويتم تزويد جميع المطارات العسكرية في سوريا من هذين المطارين لتنفيذ هجماتها.
تطبيق القانون بأسلوب "خارج عن القانون"
قال المحامي خليل (مستعار) المقيم في دمشق، عن تجاوزات "قانونية" في آلية تطبيق القانون، معتبراً أنّ إصدار قانون التعبئة جاء لتحقيق أهداف عسكرية بحتة، في فترة باتت فيها السلطة العسكرية فوق جميع القوانين، ما زاد من الانتهاكات المسجّلة ضمن بند "التجاوزات القانونية".
وشرح خليل أن الآلية الصحيحة لتطبيق قانون التعبئة، تنصّ على إرسال تبليغات تعبئة عبر مديريات الناحية وأقسام الشرطة، على غرار برقيات تعبئة الأفراد التي يتم إرسالها عبر وزارة الداخلية لأقسام الشرطة ومخاتير الأحياء لتبليغ أصحابها، والتي تتضمن مهلة زمنية أدناها سبعة أيام لتسليم أنفسهم، مبيّناً أن ضباط وعناصر النظام طبّقوا هذا القرار بطريقة "غير قانونية" شبيهة بحالات المصادرة والاعتقالات التعسفية.
أكّدت عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان "نور الخطيب" في حديثها لنا بأنّ عمليات التعبئة والمصادرة جرت دون استدعاء أو طلب رسمي مقدّم من لجان التعبئة أو شعب التجنيد والمؤسسات العسكرية، معتبرة أنّ التعبئة التي مورست على المدنيين ليس لها علاقة بقانون التعبئة، بل كانت "أقرب إلى عمليات التشبيح"
وأوضح خليل أنّ القانون ينصّ على استلام السيارات والشاحنات بحضور لجان من المفترض أن تجري كشفاً على محتويات الشاحنات، ومنح مالكيها وثائق رسمية توّضح مكان وزمان إعادة الشاحنة بعد انتهاء المهمة، بالإضافة لقائمة بأوصاف ومحتويات كلّ من الشاحنات، وهو ما استثناه النظام في آلية التطبيق أيضاً.
وتابع خليل: "يضاف إلى ذلك أيضاً، تحويل هذا القانون إلى مصدر كسب لبعض الضباط والعناصر المنتشرين على الحواجز العسكرية، عبر تقاضي مبالغ مالية مقابل عدم مصادرة الشاحنة، ومبالغ لإعادتها بعد الانتهاء منها، وهو ما يعتبر انتهاكاً لقانون التعبئة والدستور السوري بالكامل، الذي ينصّ في إحدى مواده على حماية ممتلكات المدنيين".
يذكر عدد من السائقين الذين صُودرت شاحناتهم من قبل النظام السوري، بموجب قانون التعبئة، أنهم لم يحصلوا على أيّ وثيقة تثبت أنّ الشاحنة لدى أحد الحواجز أو الثكنات العسكرية، إضافة لكون عملية التعبئة تمت دون استلامهم برقيات تعبئة مسبقة، أو مهلة لإنهاء أعمالهم قبل تسليم الشاحنات، وهو ما أكّدته عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان "نور الخطيب" في حديثها لنا بأنّ عمليات التعبئة والمصادرة جرت دون استدعاء أو طلب رسمي مقدّم من لجان التعبئة أو شعب التجنيد والمؤسسات العسكرية، معتبرة أنّ التعبئة التي مورست على المدنيين ليس لها علاقة بقانون التعبئة، بل كانت "أقرب إلى عمليات التشبيح" لأنها كانت تتم دون أي رقابة، ومن دون منح المدنيين وثيقة رسمية بمصادراتهم وكيفية التعويض عنها أو استعادتها.
ما مصير الرافضين؟
فرض القانون عقوبات في المادة الثانية والثلاثين، بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين على كلّ من يخالف أحكام إعداد التعبئة أو تنفيذها أو إجراء التجارب والتمارين عليها أو يعرقل تعبئتها، وفي المادة السابعة والثلاثين حدّد العقوبة بالحبس من ستة أشهر إلى سنة على كلّ من يرفض أمر الاستدعاء، وكلّ من يرفض الاستمرار في عمله المحدّد وفق متطلبات التعبئة.
عضو الشبكة السورية لحقوق الإنسان، نور الخطيب، قالت إنه "لم يكن أمام المدنيين خيار الرفض، وأنّ معظمهم قاموا بالتخلّي عن مركباتهم خوفاً من الاعتقال"، مؤكدة أنه في حال قام أحد المدنيين بالاستفسار عن مصير مركبته فلا يعطى أجوبة دقيقة، وتأخذ سيارته غصباً بعد تهديده أو ضربه.
وبينت الخطيب أنّ العديد من المدنيين لجأوا إلى دفع مبالغ مالية لعناصر الحواجز الأمنية والدوريات، لقاء عدم مصادرة مركباتهم، وهو ما فتح الباب أمام عمليات ابتزاز واستغلال مادي كبيرة للمدنيين.
ومن جهته، قال الرائد "يوسف حمود" إنّ "مصير السائقين الرافضين للمشاركة في عمليات النقل، كمصير أي سوري رفض القيام بعمل لصالح النظام بعد تكليفه به، وحتماً مصيره الاعتقال أو التصفية"، موضحاً أنّ "المدنيين كانوا واقعين بين خطرين، أولهما الاعتقال حال عدم التنفيذ، والثاني خطر استهدافه من قبل فصائل المعارضة أثناء المشاركة بعمليات النقل".
إلغاء القانون.. هل أعيد الحق لأصحابه؟
ألغت إدارة التعبئة العامة في جيش النظام السوري، في الثامن من آب/ أغسطس 2020، قانون "التعبئة" الذي سُمح بموجبه مصادرة الآليات والشاحنات واستخدامها في أغراض عسكرية، وذلك استناداً إلى تعميم أصدره مكتب رأس النظام، بشار الأسد، بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، تضمّن إيقاف جميع إجراءات مصادرة الآليات والمعدات الهندسية، والعمل وفق قانون التعبئة وتعليماته التنفيذية.
وتبع تعميم إلغاء التعبئة قانون أقرّه "بشار الأسد" حمل رقم عشرين لعام 2021، لتنظيم تسوية أوضاع المركبات والآليات والمعدات الهندسية وطواقمها البشرية التي كانت تجنّد عن طريق "إدارة التعبئة العامة" لصالح "المجهود الحربي"، وتعويض أصحابها عن الضرر الذي أصاب هذه الآليات، إضافة لتعويض الطواقم البشرية وفق أسس محدّدة، وهو إقرار رسمي لتسخير أصحاب وسائقي سيارات الشحن لأغراض عسكرية تتمثل بنقل الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة إلى خطوط الجبهات.
استطاع منصور (مستعار/ 40 عاماً) التوصل إلى مكان وجود سيارته في مدينة حماة، بعد أكثر من أربع سنوات على مصادرتها من قبل حاجز تابع لإحدى الميليشيات المحلية على أطراف المدينة.
لجأ العديد من المدنيين إلى دفع مبالغ مالية لعناصر الحواجز الأمنية والدوريات، لقاء عدم مصادرة مركباتهم، وهو ما فتح الباب أمام عمليات ابتزاز واستغلال مادي كبيرة للمدنيين.
يقول منصور: "صادر عناصر الحاجز سيارتي بداية كانون الأول/ نوفمبر 2017 أثناء توجهي إلى مكان عملي في مدينة حماة، وأبلغني العناصر بالعودة إلى استلامها بعد عشرة أيام لحين الانتهاء منها، دون منحي أي وثيقة تثبت وجودها معهم، لكن بعد عودتي للمطالبة بها، تعرّضت لتهديدات بالاعتقال حال العودة للسؤال عنها مجدداً، وبقيت معهم أربع سنوات دون معرفة أي شيء عنها".
ويضيف منصور: "مطلع عام 2017 عثرت على سيارتي عن طريق أحد السماسرة في حماة، وقمت على الفور بتوكيل محام لرفع دعوى قضائية لاستعادتها، وهو ما تمّ بالفعل، لكننا لم نستطيع استعادتها إلا بعد دفع مبلغ مليوني ليرة سورية (ما يقارب أربعة آلاف دولاراً أمريكياً حينها) للشخص الذي كانت بحوزته، كونه ادعى أنه دفع هذا المبلغ كدفعة مقدمة لشرائها من أحد الأشخاص، ولم يتمكن من نقل ملكيتها فرفض دفع بقية ثمنها"، خاتماً: "كانت تلك نصيحة المحامي، فلولا أننا دفعنا ذلك المبلغ، لكانت قضيتنا عالقة في أقسام الشرطة والمحاكم حتى اليوم".
وقال المحامي خليل (مستعار) المقيم في دمشق، إنّ هناك أكثر من ثلاثمائة دعوى قضائية عالقة في محاكم دمشق وريفها منذ عام 2020 وحتى اليوم، جميعها متعلقة باستعادة الشاحنات المصادرة بموجب قانون التعبئة، مضيفاً أنّ المركبات التي تمت استعادتها لا تتجاوز اثنين بالمئة من المركبات المصادرة، ولها حالات خاصة، كأن تكون المركبة بيعت لأحد الأشخاص عن طريق ضابط مع مهمات أمنية وسحبت منها المهمة فيما بعد، أو أن يكون أصحابها تعرّفوا عليها وحدّدوا موقعها للمحكمة.
وأوضح خليل أنّ آلية التقدم بدعوى قضائية تتضمن تقديم الدعوى مع أوراق الملكية، لافتاً إلى أنّ المحاكم لا تكلف أي جهة بالبحث عنها، وتكتفي بإصدار برقيات بحث للمرور وأقسام الشرطة لإيقاف السيارة حال مرورها عبر أحد دورياتهم.
وبحسب المحامي فإن معظم السيارات المصادرة تسير في المحافظات بلوحات مرورية مزوّرة، وتعتمد في تسهيل عبورها على المهمات الأمنية، ما يجعل عملية كشفها وضبطها شبه مستحيلة.
تحوّل علاء من صاحب شاحنة لنقل الخضروات، إلى حمّال في سوق الهال بدمشق، بعد مصادرة شاحنته على أطراف مدينة حرستا في الغوطة الشرقية منذ أكثر من ست سنوات، والتي كانت مصدر الرزق الوحيد لعائلته التي بات عاجزاً عن تأمين متطلباتها، وهذا هو حال "سعيد" الذي على الرغم من أنه عاد بشاحنته بعد انتهاء مهمته الثانية، إلا أنه سارع إلى بيعها لعدم زجّه في مثل تلك المهمات مجدداً، وانقطع مصدر رزقه الذي عمل به برفقة والده منذ صغره، ولا يجيد مهنة أخرى للعمل بها.