تشهد محافظة السويداء بمختلف بلداتها وقراها منذ شهر ونصف الشهر احتجاجات واسعة، مظاهرات وإضرابات وبيانات شديدة اللهجة تعارض نظام الحكم، وتشارك فيها معظم الفئات الشعبيّة. في هذه المادة تحاول سوريا ما انحكت البحث عن أسباب هذه الاحتجاجات وتاريخها وسياقاتها، وعن ما حدث في هذه المحافظة منذ العام ٢٠١١، وعمّا يحدث فيها اليوم.
"من أول الخبز حتى آخر الحرية" عبارة كتبت على أوراق لُفّت بها أرغفة الخبز (الملّوح)، ووزّعتها مجموعة من النساء بمبادرة فردية على المتظاهرين/ات في ساحة الكرامة في مدينة السويداء جنوب سوريا في الأول من أيلول ٢٠٢٣، حيث تشهد المدينة احتجاجات واسعة مستمرة، بدأت منتصف شهر آب ٢٠٢٣، طالب فيها الأهالي بـ"إسقاط النظام وأجهزته المصنعة مخابراتياً، وتطبيق القرار الأممي 2254، والافراج عن المعتقلين/ات، والكشف عن مصير المغيبين/ات قسرياً"، ورفعوا لافتات كُتِب عليها "خيرات بلادي من حقي وحقي ولادي" و"لا لهيمنة إيران وصبيانها"، و"بدنا المينا وبدنا الأرض وبدنا يرجع المطار".
ربما، تلخّص وتكثّف عبارة "من أول الخبز إلى آخر الحرية"، مشهد هذه الاحتجاجات التي خرجت على خلفية صدور قرارات من حكومة النظام برفع الدعم عن مادة المحروقات، بعد يوم واحد فقط، من رفعها أجور العاملين في الدولة من موظفين ومتقاعدين (مدنيين وعسكريين) بنسبة ١٠٠٪، فارتفع سعر لتر البنزين المدعوم (٩٠ أوكتان) إلى ثمانية آلاف ليرة بدلا من ثلاثة آلاف، وسعر لتر البنزين (٩٥ أوكتان) إلى ثلاثة عشرة ألفاً وخمسمئة ليرة بدلاً من عشرة آلاف ليرة، وسعر لتر المازوت المدعوم إلى ألفي ليرة بدلاً من ٧٠٠ ليرة، وسعر لتر المازوت الحر للقطاع الصناعي إلى أحد عشر ألفاً و550 ليرة بدلاً من خمسة آلاف وأربعمئة ليرة، الأمر الذي رافقه ارتفاع في أسعار مُجمل المواد الأساسية، علماً أنّه سبق هذه الاحتجاجات ارتفاع غير مسبوق في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الواحد، متجاوزاً حدّ الخمسة عشر ألف ليرة، ليُترك المواطن الذي لا يتجاوز دخله بعد الزيادة ما يعادل عشرين دولاراً أمريكياً شهرياً، يُواجه مصيره عاجزاً، "وكأنّ السلطة لا ترى حلولاً لمشكلاتها إلا عبر جيوب الناس المنهوبين والمتعبين" كما تقول الشابة المشاركة في هذه الاحتجاجات سمر (اسم مستعار) لسوريا ما انحكت عبر تطبيق واتسآب.
على الرغم من أنّ الأهالي يعتمدون على أنفسهم عبر التكافل الاجتماعي فيما بينهم، وبعضهم يعتمد على مساعدات المغتربين من أبنائهم وبناتهم، فإنّ الأمر "وصل إلى مرحلة الاختناق، وفاق الاحتياج قدرة المجتمع المحلي على التحمّل" كما يقول لسوريا ما انحكت، أحد منظمي الحراك الحالي، مازن بدرية، عبر تطبيق واتسآب
"القديم مات والجديد لم يولد بعد... شارك في بناء مستقبل الوطن"
عبّر هذا الشعار الذي رُفِع في إحدى مظاهرات الحراك الحالي (في الخامس من أيلول، حسب موقع السويداء ٢٤)، عن الرؤية التي يتبناها الحراك الجديد، عبر إلقاء الخلافات السابقة خلف الظهر، والتمسّك بوحدة سوريا، ومطالب الشعب المشروعة، حيث تقول سمر (اسم مستعار) إحدى المشاركات في الحراك: إنّ "الناس اليوم أوعى وأنضج وأصبحت تدرك ما الذي تريده، فهي لا تريد تكرار عام ٢٠١١ لأنها باتت تعرف أنّ المتشددين، سواء من النظام أو المعارضة لا يريدون الحل في سوريا ويسعون إلى جرّ الحركة الاحتجاجية إلى النفق القديم نفسه من أجل التحكّم بها ومنعها من الوصول إلى أهدافها" مؤكدة أنّ "الأثمان الكبيرة التي دفعها السوريون لم تذهب عبثاً، بل كانت دروس واستنتاجات، فلا العنف مقبول ولا الطائفية ولا التدخلات العسكرية ولا العمل الفوضوي".
قبل أيام من بدء المظاهرات، دعت مجموعات شعبية أهالي الجبل في بيان لها إلى النزول للشارع، كلّ يوم، ابتداءً من يوم الخميس ١٧ آب ٢٠٢٣، كلٌّ في منطقته.
"تمّت مشاركة هذا البيان مع مختلف الفعاليات الاجتماعية والدينية، وحتى مع أعضاء من الفصائل المسلحة الموالية للنظام، لإعلامهم بنيّة الأهالي التظاهر ضمن القانون للمطالبة بحقوقهم، آملين ممن لا يودّ التظاهر، ألّا يقف في وجه مطالب أهله" بحسب مازن بدرية أحد منظمي الحراك الحالي، مضيفاً عن تلك البدايات: "لم نرفع سقف المطالب في البيان الأول، خوفاً من توّجس الأهالي وامتناعهم عن المشاركة. في اليوم الأول، اجتمعنا مع من حضر في ساحة الكرامة، وأعلنا عن ضرورة الإضراب العام، ووجدنا قبولاً كبيراً، ثم هتف أحد المعتصمين بإسقاط النظام، وردّد الجميع «يسقط… يسقط»، وجدنا أن الشارع جاهز، وعلينا الآن أن نسير تبعاً لإرادته".
بعد الإجماع على ضرورة الإضراب، تطوّع مجموعة من الشباب المتظاهرين السلميين لضمان التزام الجميع بالإضراب المعلن، وانقسم المتطوّعون لثلاث فرق أخذت كلّ منها على عاتقها واحدة من المهام؛ مثل إغلاق مقرات حزب البعث في شتى مدن وبلدات المحافظة، ومنع أيّ محاولات اعتداء على المؤسسات العامة، وتنظيم الاعتصامات في الساحات العامة، كما التزم المتظاهرون بعدم حمل السلاح خلال الاحتجاجات تحت أيّ ظرف، وفقا للناشطين الذين تواصلنا معهم.
بعد بدء الاحتجاجات أُنشئت مجموعة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، تحت اسم الانتفاضة الشعبية، وعن سبب إنشائها والهدف منه، تقول الناشطة المشاركة في الاحتجاجات الحالية لبنى الباسط لسوريا ما انحكت، عبر تطبيق واتسآب إنّ "المجموعة مفتوحة ويُمكن لأيّ شخص الانضمام لها عبر الرابط الخاص بها، وقد أُنشئت لإعطاء مساحة حرّة لطرح كافة الآراء حتى المتطرّف منها، سواء من جهة الموالاة أو من جهة المعارضة، وتعرض جميع الأفكار للنقاش، ثم يتم التصويت على الطرح الذي يحمل بعداً وطنياً غير إقصائي، ولا يضرّ مصلحة أيّ فئة من الأهالي في النضال لتحقيق مطالب الحراك".
لاحقاً، قام مؤيّدون للنظام السوري بمشاركة تسجيلات ورسائل وصلت على هذه المجموعة كمقترح من قبل أفراد، على أنّها تسريبات خاصة لمطالب يتبناها الحراك، لكن كلّ من لبنى الباسط (عضوة في المجموعة) ومازن بدرية (المشرف على المجموعة) أكدا أنها مجرّد اقتراحات نُوقشت وتمّ رفضها على الفور داخل المجموعة، "وإبرازها للرأي العام على أنها مطالب الحراك على يد رفيق لطف وغيره ليس إلا تحوير للحقائق ومحاولة لشيطنة الحراك وحرف مساره" بحسب بدرية، خاصة أنّ "الجهات الامنية غائبة ومغيبة عند ضرورة وجودها إلا لقمع الكلمة، ولتوجيه أزلامها العابثين وفق أوامرها ضد أهلهم" كما قال الشيخ حكمت الهجري في بيانه الأخير، حيث تعاني المحافظة منذ عام ٢٠١٤ وحتى اليوم من انعدام الأمن، وامتناع السلطة السورية عن القيام بدورها في حماية المدنيين.
الوضع الأمني في المدينة
كان قد "بدأ تحوّل دور السلطة السورية في محافظة السويداء إلى الحالة الشكلية فقط بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥، ويعود ذلك لعدّة عوامل كان أهمها بروز قوى محلية مثل حركة رجال الكرامة، وحالة الرفض العام للتجنيد الإجباري، التي اعتبرها النظام تمرداً". كما يقول مدير تحرير شبكة السويداء ٢٤، ريان معروف، لسوريا ما انحكت عبر تطبيق ماسنجر.
بحسب معروف، "أدّت هذه الظروف إلى تلاشي السلطة المركزية للنظام في المحافظة: حيث اشترط النظام عودة أبناء السويداء للخدمة في جيشه لتحسين الواقع الأمني. لاحقاً تنامى دور القوى المحلية المسلحة لتغطية الفراغ الأمني الحاصل، وعزّزه وجود تهديدات خارجية كان أبرزها هجوم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» على المحافظة في العام ٢٠١٨، الأمر الذي دفع الأهالي إلى التسلّح بشكل أكبر وتوّضحت معالم العسكرة ضمن المجتمع المحلي".
ضمن هذا السياق، استقطب النظام بعض المجموعات المحلية المسلحة، ومنح بعض أعضائها هويات أمنية وصلاحيات عديدة، أرهبت المواطنين/ات، بعد اعتمادها على الجريمة المنظمة كمصدر تمويل تحت غطاء السلطة.
نتيجة لتمادي العصابات المسلحة، وبالأخص عصابة راجي فلحوط التابعة لشعبة المخابرات العسكرية، اندلعت في شهر تموز ٢٠٢٢، انتفاضة أهلية مسلحة بتدخل من رجال الكرامة وفصائل أخرى، وانتهت المواجهات المسلحة بإغلاق مقرات العصابة وفرار راجي فلحوط.
تاريخ الحراك الثوري في السويداء
يواجه كلّ حراك تقوم به محافظة السويداء بسؤال "أين كنتم منذ العام ٢٠١١؟"، والحقيقة أنّ السويداء لم تغب عن المشهد السوري العام منذ انطلاق الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد عام ٢٠١١، فقد انطلقت الدعوات للتظاهر في السويداء منذ الأيام الأولى للثورة السورية، وأُنشئت التنسيقيات؛ كتنسيقية محافظة السويداء وتنسيقية شهبا وتجمع أحرار السويداء وغيرها، كما نُظّمت عدّة اعتصامات حداداً على أرواح الشهداء، وتوالت المظاهرات اليومية، التي قُوبلت بالاعتداء على المتظاهرين من قبل الأمن والشبيحة، واعتقال الناشطين والمعارضين الذين لا يزال بعضهم مغيّباً إلى اليوم في سجون الأسد، أمثال رامي الهناوي وياسر العواد وشفيق شقير المعتقلون منذ آب عام ٢٠١٢ ولا معلومات عن مصيرهم، فيما قضى آخرون في المعتقلات بسبب التعذيب أمثال نورس هندي أبو سعيد الذي اعتقل بتاريخ ٢٨ حزيران ٢٠١٣ وقُتل تحت التعذيب بتاريخ ١٦ كانون الثاني ٢٠١٤.
استقطب النظام بعض المجموعات المحلية المسلحة، ومنح بعض أعضائها هويات أمنية وصلاحيات عديدة، أرهبت المواطنين/ات، بعد اعتمادها على الجريمة المنظمة كمصدر تمويل تحت غطاء السلطة.
تزامن هذا الحراك الثوري السلمي مع حراك نقابي قاده مجموعة من "المحامين الأحرار" الذين نفّذوا أول اعتصام نقابي أمام فرع نقابة المحامين في السويداء في ٢٤ آذار عام ٢٠١١، "وصاغوا بيانهم الأول مُتضمّناً مطالب السوريين في الحريّة والكرامة والعدالة، وقد انتزعوا الموافقة الرسمية عليه من فرع النقابة في السويداء، وخُتم بختمها، ثمّ قاموا بتشكيل هيئة للدّفاع الطّوعي المجاني عن المُعتقلين ومُتابعة الدفاع عنهم لدى مُختلف المحاكم، وغطوا نفقات التّقاضي كافّة من جيوبهم الخاصة عبر صندوق مالي خاص بهم" بحسب المحامي أيمن شيب الدين، وهو عضو في مجموعة "المحامين الأحرار" الذي تواصلت معه سوريا ما انحكت عبر تطبيقي ماسنجر وواتسآب.
"كما نفّذ "المحامون الأحرار" بالتّعاون مع المُهندسين الأحرار والمُدرسين والأطباء والصّيادلة الأحرار اعتصام نقابي بتاريخ ١٩ تموز ٢٠١١ بحسب شيب الدين، تعرّض بعده للاعتداء بالضرب من قبل الشبيحة، "حاصرني قرابة 100 شبيح وكنت في عيادة طبيبة في السويداء، هذا اليوم وتفاصيله مستحيل تنمحي من ذاكرتي".
استنكر "المحامون الأحرار" هذا الفعل، فاعتصموا داخل مقرّ نقابتهم بتاريخ ٢١ تموز ٢٠١١، وبحسب شيب الدين: "حاصرت الأجهزة الامنيّة والشبيحة النقابة حتى الساعة السابعة مساء، حاولوا خلالها ضرب مبنى النقابة بالحجارة والبنزين تمهيداً لحرقها، إلى أن تدخل المُجتمع الأهلي في السويداء وأمّن خروجاً آمناً كريماً للمُحامين".
أغضب نشاط المُحامين الأحرار النظام، فاعتُقل العديد منهم لأكثر من مرّة، بعضهم اليوم سافر خارج سوريا، والعديد منهم ما زالوا مُلاحقين ومطلوبين أمنيّاً لفروع الأمن المُختلفة، وهم اليوم في ساحات التّظاهر بين صفوف الأهالي، مُطالبين بالحرية والكرامة ودولة القانون، وقد أصدروا بياناً في ٢٣ آب ٢٠٢٣ جاء فيه : "المُطالبة بإقالة الحكومة باعتبارها جارت بقرارتها بحقّ الشعب، هذا كلامُ بعيدٌ عن الواقع، إذ أنّه ومنذ أكثر من نصف عقد تعاقبت على سوريا بظلّ النظام السوري القائم عشرات الحكومات، وهي من فشلٍ إلى فشل. ونحنُ نرى أنّ الفشل هو بمن يَرسم سياستها العامة وفق الدستور، والذي هو رئيس الجمهوريّة، الحاكم المُطلق لجميع الصلاحيّات التّنفيذيّة والتّشريعيّة والقضائيّة والأمنيّة".
صعّد النظام بطشه لقمع الحراك الثوري السلمي في السويداء، واستهدف في الخامس من تموز عام ٢٠١٢، الناشطين المعارضين معين رضوان وصفوان شقير بتفجير عبوة ناسفة أدت إلى مقتلهما، وخرج آلاف المتظاهرين في تشييعهما ليرد النظام بالرصاص الحي، والقنابل المسيّلة للدموع لتفريق الجموع.
التسلّح والمشاركة العسكرية في الحراك الثوري السوري
عسكرياً، شارك بعض من أبناء السويداء في المواجهة العسكرية مع قوات النظام خارج أراضي السويداء، وجاء انشقاق الملازم أول خلدون زين الدين وانضمامه إلى صفوف الجيش الحر في درعا، في منتصف أيلول من العام ٢٠١١، كأحد أبرز الأحداث خلال تلك الفترة. حاول النظام التقليل من أهمية الحدث من خلال الضغط على شيخ العقل، أحمد الهجري، شقيق الشيخ حكمت الهجري ليخرج ببيان على الإعلام السوري يتبرأ فيه من خلدون وهو أمر رفضه شيخ العقل آنذاك، حسب تقارير إعلاميّة. لاحقاً، استشهد الملازم في معركة ظهر الجبل التي لم يسمح فيها نظام الأسد بدخول الجيش الحر إلى السويداء، في ١٣ كانون الثاني من عام ٢٠١٣، وعجز أهل زين الدين عن تشييعه وفتح مجلس عزاء بسبب التضييق الأمني، ليعيد اليوم الحراك الحالي ذكراه والهتاف باسمه في الساحات. كما جاء على لسان الشابة لبنى الباسط في إحدى المظاهرات الحالية حيث قالت: "هي الثورة بدها تكمل، ونحنا ولاد خلدون زين الدين".
يرى الصحفي والمعتقل السابق أنيس سلوم أنّ "تحوّل الثورة إلى المواجهة المسلحة ضد النظام في أواخر العام ٢٠١٢ وبداية ٢٠١٣، أثّرت على حراك السويداء الثوري السلمي كما الحراك السلمي في كلّ سوريا، وانعكس ذلك على وتيرته التي أخذت تتصاعد حيناً وتخفّت في أحيان أخرى". ومع استعانة النظام بإيران وروسيا عسكرياً، واستعادته لجزء كبير من المناطق المحرّرة، شهدت السويداء التي أغرقها النظام بمشاكل داخلية، شكلاً جديداً من الحركات الاحتجاجية المطلبية قبل أن تصل إلى الاحتجاجات الحالية.
احتجاجات مطلبية
لم تخلو ساحات السويداء خلال السنوات الماضية من مظاهر احتجاجية مطلبية متنوّعة، سواء على مستوى قطاعي فئوي كإضراب سائقي السيارات العمومي المتكرّر ردّاً على عدم توفير مخصصاتهم من الوقود، حيث نقل موقع السويداء ٢٤ عن أحد السائقين قوله "مخصصات البنزين المُوزعة على السائقين العموميين غير عادلة، حيث يستلم معظمهم مخصصاته كل عشرة أيام، فيما لا تكفي المخصصات لتشغيل السيارة سوى أربعة أيام". بل وأنشأ هؤلاء السائقون صفحة خاصة بمطالبهم على موقع "فيسبوك"، يعرضون عليها جميع مشاكلهم ومطالبهم.
هناك أيضاً احتجاجات مزارعي التفّاح على فشل الحكومة في حماية المحصول الرئيسي للمحافظة وحماية المزارعين، وقد استجابت السلطة السورية لمجمل هذه الاحتجاجات المطلبية بحلول إسعافية لمنع تطوّرها كتحديد أسعار مبيع التفاح أو التسريع في وصول مخصّصات المحافظة من المحروقات.
كما شهدت احتجاجات على أحداث آنية بسبب الواقع الأمني المتردّي كاحتجاج الكادر الطبي في المشفى الوطني بسبب الاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها، والاحتجاج على مقتل شاب مدني بطريقة وحشية على يد عصابات في حديقة عامة وغيرها، وانتهت دون الوصول إلى حل للوضع الأمني العام.
إلّا أنّ الأبرز تنظيماً كان الحراكات المدنية التي نظمها ناشطون بشكل دوري منذ عام ٢٠١٥ حتى الحراك الحالي، كان أولها حراك "خنقتونا" في أيلول ٢٠١٥ وهو اعتصام سلمي، نفذه ناشطون للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي، توّقف بعد حدوث تفجيرين، طال أحدهما موكب الشيخ وحيد البلعوس والآخر المشفى الوطني، وانشغال الرأي العام بهذه الجريمة.
لاحقاً في العام ٢٠١٦ أجّجت قرارات الحكومة التعسّفية بفصل مدرسين معارضين من وظائفهم، احتجاجات طلابية للمطالبة بإعادة المفصولين تعسفياً للعمل، تلاها حراك جديد تحت اسم "حطمتونا"، رفع لافتات حمل بعضها قول "كرامة المعلم هي كرامة المجتمع"، " إضافة إلى مطالب معيشية ومطالبات بإخراج كامل الاحتلالات من الأراضي السورية وإطلاق سراح جميع المعتقلين. وقد دعا النظام لمسيرة مؤيدة له بالتزامن مع اعتصام المحتجين، "وتم إطلاق الرصاص في الهواء لتفريق المحتجين، الأمر الذي صعد التوتر في الشارع وأرهب الناس من المشاركة في الاعتصامات اللاحقة، مما أدى لتوقف الحراك" بحسب شادي الدبيسي أحد منظمي الحراك. .
كما شهد عام ٢٠٢٠ حراكاً جديداً تحت اسم "بدنا نعيش"، شارك فيه قرابة ٣٠٠ مواطن، "نادوا بالحرية والعدالة الاجتماعية، وبتنحي الأسد وإطلاق سراح المعتقلين" وفقا لشادي الدبيسي. وقد رفع المتظاهرون المشاركون في هذا الحراك، لافتة كُتب عليها "ارحل.. نريد دولة مدنية علمانية تجمع السوريين وتساوي بينهم". وقد "قوبل الحراك باستنفار أمني، واعتقل على إثره عدد من الناشطين في شهر حزيران من العام نفسه ليفرج النظام عنهم بعد أشهر بجهود من قبل حركة رجال الكرامة"، كما يخبرنا شادي.
حملت السنوات اللاحقة أحداث احتجاجية أخرى كان أبرزها احتجاجات شهر كانون الأول من العام ٢٠٢٢، والتي انتهت بمقتل شخصين من بينهم شرطي وإصابة ١٨ آخرين على يد قوات الأمن، وإحراق مبنى المحافظة، اتهم فيه نظام الأسد المحتجين بإحراق المبنى الحكومي، ليأتي البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز الصادر في ١٩ آب من العام الحالي مبرّئاً لشباب الحراك، وفي نصّه على لسان الشيخ حكمت الهجري: "واحذروا من تكرار ما يشابه ما مررنا به سابقاً، وخاصة حين تمّ حرق المحافظة من جهات ما لمحاولة إتلاف ملفات تدينهم وتدين معارفهم بملفات فساد كبيرة مشتركة بينهم، حيث أقدم البعض على محاولة تخوين المتظاهرين الشرفاء واتهامهم بذلك ، ولكن الحقيقة معروفة على الملأ".
ما الذي يميّز حراك السويداء الأخير؟
لعل أبرز ما يميّز هذا الحراك هو الموقف العلني الداعم بصراحة لمطالبه من قبل القيادة الروحية للطائفة الدرزية، المتمثلة بشيخي العقل حمود الحناوي وحكمت الهجري، والذين عُرفا في السابق بمواقفهما الوسطية، فقد سُجّل حضور الشيخ الحناوي بين المتظاهرين في بلدة القريا مؤيّداً لمواقفهم، كما أنّ البيان الصادر عن الشيخ حكمت الهجري يؤكد دعمه الواضح لمطالب الحراك، رغم رفع سقف المطالب، مشيراً فيه إلى نفاذ الصبر، ووجوب رحيل كلّ من هو في موقع مسؤولية لخدمة الشعب ولا يخدمه.
حملت السنوات اللاحقة أحداث احتجاجية أخرى كان أبرزها احتجاجات شهر كانون الأول من العام ٢٠٢٢، والتي انتهت بمقتل شخصين من بينهم شرطي وإصابة ١٨ آخرين على يد قوات الأمن.
جاء في نص البيان: "من كان عاجزاً عن القيام بواجبه تجاه أهله ووطنه واقتصاده، فليترك المكان، ولا يتخبط ولا يخرب الموقع الذي يحتله، فقد سقط اقتصادنا الى الحضيض، ودمر الشعب في لقمة عيشه التي لم تعد في متناوله، وترك الناس ليأكلوا بعضهم رغم كل شيء ولا تدخل ولا حلول، الا بالتدمير".
منحت مواقف كلّ من الحناوي والهجري مطالب الشارع غطاءً اجتماعياً حامياً، شجّع على اتساع القاعدة الشعبية للحراك، وحملت المعارضة السورية بأطيافها الماركسية والقومية والعلمانية منذ بداية الثورة بعداً وطنياً شاملاً، فرفضت الرايات المحلية على اعتبارها رايات تعود إلى مفهوم ما قبل دولة، بحسب د.جمال الشوفي الكاتب والباحث في الفكر السياسي.
يقول الدكتور جمال لسوريا ما انحكت عبر واتسأب: "وجدت أطياف المعارضة في السويداء أنّ الامتداد الشعبي لرؤيتهم السياسية تتجاوب مع الخطاب الوطني للمرجعيات الروحية، وبالأخص خطاب الشيخ حكمت الهجري، الذي استجاب له الشارع الشعبي غير المنخرط في العملية السياسية، والرافض للانقسام حول علم النظام أو علم الثورة، فأعادوا النظر في مسألة الرايات الأهلية التي رفعها الشارع، وقد أثبتت قدرتها على جمع الحشود المنتفضة والتآلف فيما بينها رغم تنوعها، وخاصة أن الخطاب الذي رافق رفع هذه الراية كان خطاباً سورياً جامعاً، ولا يحمل أي بعد طائفي أو انفصالي".
يؤكد الشوفي على البعد غير السياسي لراية الحدود الخمس (العلم الدرزي المرفوع في المظاهرات)، بقوله: "هي راية أهلية تضامنية لا ترفع عند الموّحدين الدروز إلا في أوقات الملمات، أو في الأماكن الدينية ولا تظهر في أيّ موقع سياسي أبداً".
عن موقفه من دعم رجال الدين للحراك السياسي يرى د. جمال الشوفي: "أنّ دور رجال الدين حتى الآن هو دور احتوائي ضامن، مدرك لحيثيات المسألة السورية، وأهمية التعددية، حيث قدموا أنفسهم كرجال دين ذوي خطاب معتدل وطني بامتياز، وفتحوا الأبواب أمام المجتمع للمطالبة بحقوقه، ونؤوا بأنفسهم عن المسألة السياسية، التي لا مطامح لهم فيها، وجاء موقفهم من الحراك موقفاً تضامنياً بوصفهم أبناء هذا الشعب ويطالهم من العسف ما يطاله".
وعلى الجانب الآخر، يقول عضو المكتب السياسي في تيار التغيير الوطني السوري المعارض ومدير مكتبه بفرنسا، رامز نجيب، السيد لموقع سوريا ما انحكت عبر تطبيق ماسنجر من باريس: " أنا لا أمانع رفع الرايات المحلية كراية الخمس حدود، لكن مشكلتي مع رفعها وحدها غير مرفقة بعلم الثورة، وقد سبق أن رفع في بداية الثورة السورية رايات محلية أخرى غير علم الثورة واستغلها النظام للصق صفة الإرهاب أو العمالة أو الانفصال بالثوار المنتفضين ضد حكمه" مشيراً إلى أنّ "علم الثورة معترف به رسمياً ليس من قبل المعارضة السورية فقط، بل من قبل الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى ومن الضروري أن يرفع في مظاهرات السويداء لدحض محاولات النظام اتهام ثورة السويداء بالطائفية أو أنها ذات نزعة انفصالية".
تكرر في خطاب الشيخ حكمت الهجري النحو تجاه العلمانية، ويفسر الشوفي ذلك على أن أدبيات دين الموحدين الدروز تميّز بين رجال دين لهم دينهم وهم مستقلون عن الرجال الزمانيين الذين يقصد بهم كلّ من هم غير متدينين من مدنيين وسياسيين والشعب بعامته، وهذا "هو جذر العلمانية القائم على الفصل ما بين السياسة ورجال الدين".
كما جاءت مشاركة عشائر البدو في الحراك الحالي كمكون أصيل من مكوّنات مجتمع السويداء بدلالاتها القاطعة على إنهاء تاريخ طويل من العلاقات المتوترة بين المكونين الدرزي والعشائري، والتي كان للنظام الدور الأبرز في تأجيجها منذ أحداث عام ٢٠٠٠. يقول أبو محمد (اسم مستعار) لسوريا ما انحكت، وهو أحد أبناء عشائر البدو الذين يشاركون في الاحتجاجات الأخيرة: "إنها المرة الأولى التي نشارك فيها بمظاهرات السويداء بهذا الزخم، ونحن كعشائر السويداء نؤيد مطالب أهلنا، ورفعنا راية الخمس الحدود جنباً إلى جنب مع راية عشائر، لنؤكد على أننا شعب واحد ضد نظام مجرم وقاتل، منوّهاً عدم صحة ما يشاع عن مطالب بدولة درزية".
لا بدّ كذلك من الإشارة إلى الدور الفاعل الذي تقوده النساء ضمن هذا الحراك عبر المشاركة في قيادة التظاهرات والهتاف، وصياغة الشعارات، وتنظيم الاعتصام ومراقبة التزامه بالسلمية، وتنظيم أنشطة مدنية سلمية وفنية ساهمت بزيادة زخم الحراك وتشجيع الأهالي على الانخراط في صفوف المحتجين، فضلاً عن مشاركتهن في اللقاءات الشعبية وحضورهن في الاجتماعات مع القيادات الروحية، فلم تغبن عن الساحات منذ اليوم الأول للحراك وبحسب سمر (اسم مستعار): "كانت ولازالت نساء السويداء شريكات للرجال عبر التاريخ، فلا تحرّر للمرأة بدون تحرّر المجتمع، والنساء اليوم يملكن من الخبرات والتجارب ما يكفي لجعل مشاركاتهن أساسية وضرورية في أيّ حراك".
رجال الكرامة أيضاً
أيّدت حركة رجال الكرامة وهي الفصيل المسلح الأبرز في السويداء مطالب الحراك، وبحسب المسؤول الإعلامي للحركة والذي فضّل عدم ذكر اسمه: "كان يصعب علينا في السابق كفصيل مسلح التدخل في أيّ حراك سياسي أو مدني لكننا دعماً لموقف الشيخ الهجري ومواقف المرجعيات الروحية، ونصرة لمطالب الأهالي المحقة، نقف اليوم إلى جانب الحراك، ويشارك فيه شبابنا بصفة مدنية كأبناء لهذه المحافظة، دون حمل السلاح، ونؤكد على استعدادنا التام لحماية الحراك من أيّ اعتداء، علماً أننا ملتزمون حتى اليوم بوصية الشيخ حكمت الهجري بالحفاظ على سلمية الحراك وعدم الانجرار نحو العنف، ومؤيدون لحكمة رؤيته".
كانت حركة رجال الكرامة قد برزت كحركة اجتماعية مسلحة في العام ٢٠١٣ على يد الشيخ وحيد البلعوس (أبو فهد)، بهدف حماية الجبل من أيّ اعتداءات، وعارضت سوق الشبان الدروز للخدمة الإلزامية دون إرادتهم، حفاظاً على تحييد الطائفة الدرزية عن الدخول في الحرب لحساب أحد الأطراف، ورفع مؤسسها شعار "دم السوري على السوري حرام". وكان لها دور في حماية أبناء المحافظة من الاعتقالات والضغط لأجل الإفراج عن المعتقلين.
قُتل مؤسس الحركة، وحيد البلعوس، في شهر أيلول من العام ٢٠١٥، رفقة العشرات من مقاتلي الحركة بعد انفجار استهدف موكبه في محافظة السويداء، لتتوّجه أصابع الاتهام إلى النظام السوري، وخلف البلعوس بعد اغتياله أخاه الشيخ رأفت البلعوس. وقد عانت الحركة خلال هذه الفترة من ضمورٍ في نشاطها قبل أن يُعْلَن رسمياً عن تنحي رأفت البلعوس عن زعامة الحركة بسبب ظروفه الصحية ليتولى بعده القيادة الشيخ أبو حسن يحيى الحجار في السادس من شباط من العام ٢٠١٧، وما يزال زعيماً للحركة حتّى الآن.
اتخذت الحركة في البداية موقفاً محايداً من سلطة النظام السوري، وغير معارض بشكل علني لكنه غير متساهل مع انتهاكات الأجهزة الأمنية وأذرعها في المحافظة، كما جاء على لسان مؤسسها في بيان نشر في تاريخ ١٥ نيسان عام ٢٠١٤، جاء فيه: "نحن أصحاب مبدأ ومنذ بداية الأحداث وفي احدى مضافات بلدتنا المزرعة التي افتخر بتاريخها وبأهلها ووسط جمع غفير من اهالي البلدة اوضحنا موقفنا بلا ريب ولاشك نحن لسنا مؤيدين ولا معارضين بل نحن وطنيون ومن لايغار على طائفته لا يغار على وطنه ومازلنا سائرين على هذا النهج وكل من يضر ابناء الطائفة ليس منا ولسنا منه"، لتتوّج موقفها اليوم بدعم علني للحراك، والمشاركة فيه.
مستجدات وتطورات
دخل الحراك السلمي في السويداء أسبوعه السادس على التوالي، فيما يحاول النظام السوري تحويله إلى مواجهة مسلحة، حيث أصدر مجلس محافظة السويداء في ١١ أيلول بياناً يؤيّد فيه المطالب المعيشية ومحاربة الفساد فقط: "إننا مع مطالب المواطنين بتحسين الوضع المعيشي للمواطن ومحاربة الفساد" لكنهم طالبوا بقمع المحتجين، "ونطلب من القوى الأمنية والجهات المسؤولة عن حفظ الأمن ضرورة الحفاظ على أمن الموظفين والمؤسسات والدوائر لضمان استمرارية عملها دون أي عائق كان وذلك لتأمين الخدمات للمواطنين".
قُتل مؤسس الحركة، وحيد البلعوس، في شهر أيلول من العام ٢٠١٥، رفقة العشرات من مقاتلي الحركة بعد انفجار استهدف موكبه في محافظة السويداء، لتتوّجه أصابع الاتهام إلى النظام السوري.
مباشرة، ردّ المحتجون السلميون على هذا البيان، في تظاهرة يوم ١٣ أيلول في ساحة الكرامة، رافضين البيان الذي يدعو لقمع حراكهم، وعبّروا عنه برفع لافتات قالوا فيها "مجلس المحافظة لا يمثلني لايمثل سوى أعضائه"، ليشهد اليوم نفسه تطوّراً عنيفاً، تمثّل بإطلاق الرصاص على مجموعة من المحتجين السلميين المتواجدين أمام مبنى قيادة فرع حزب البعث في السويداء.
يقول الصحفي حسان دويعر لسوريا ما انحكت، عبر تطبيق واتسآب، والذي كان متواجداً أثناء الحادثة للتغطية الصحفية: "توجهت مجموعة من المحتجين إلى ساحة المبنى وحاولوا تحطيم تمثال حافظ الأسد، فقوبلوا بإطلاق النار في الهواء لتفريق المحتجين من قبل مسلحين متمركزين على سطح المبنى وأصيب ثلاثة محتجين بالشظايا إصابات طفيفة". سبق هذه الحادثة تناقل معلومات عن وصول تعزيزات أمنية إلى قيادة شرطة المحافظة وفرع الحزب، بحسب دويعر: "لم يكن إطلاق الرصاص بهدف القتل المباشر وإنما بهدف الترهيب".
غادر المحتجون على إثر الحادثة مبنى فرع الحزب، وتوجهوا إلى ساحة الكرامة، قبل توجههم إلى مضافة الشيخ حكمت الهجري لنقاش ما حدث، دون الرد على عنف البعث بعنف مضاد.
خلال كلمة مصوّرة للشيخ حكمت الهجري على خلفية ما جرى، أكد الشيخ على ضرورة ضبط النفس واستمرار الحراك بسلميته، مُديناً بيان مجلس المحافظة على اعتبارهم "هيئة تنفيذية غير تشريعية"، غير مخولّة بتمثيل الشعب، "مجلس المحافظة في الحقيقة غير منتخب، بل عيّن من قبل فئة صغيرة". كما أدان حادثة إطلاق الرصاص بقوله : "أنا غير متفاجىْ من ما حصل، وأعرف أن أيّ سوء سيصيبنا سيكون بسبب هؤلاء الحزبيين الساقطين، الساحات لنا وسنبقى فيها بشكل سلمي يوم يومين، شهر وشهرين، سنة سنتين ولن نتراجع".
بدوره الشيخ حمود الحناوي استهجن هذه الحادثة بقوله : "إطلاق النار لايمكن السكوت عنه، إلي بدو يطلق النار ع ولادنا بعدو ماعاش، لنا تجربة مع هذا النظام، لم نترك وسيلة من التواصل معهم لكنهم لايستجيبون، سكتنا طويلاً لنحافظ على وحدة الوطن ودم الأبناء، دوام الحال من المحال والعروش لاتدوم بالعبث والقهر والظلم". وفي المقابل ورداً على أحداث العنف الأخيرة حشد المحتجون لمظاهرة حاشدة في ساحة الكرامة يوم الجمعة ١٥ أيلول حيث وصفت بالأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات، قام فيها أفراد من عائلة عزام بمبادرة فردية بتوزيع مناسف المليحية على المتظاهرين السلميين، وقاموا بتقديم منسف لقيادة الشرطة في المحافظة، تأكيداً منهم على سلمية حراكهم، ورفضهم الانحراف عن هذا المسار.
تقول سمر لسوريا ما انحكت: "أنا لست بعيدة عن الناس، فأنا أعيش معهم وبينهم وهمومي من همومهم ومطالبي من مطالبهم، ندرك بأنّ الطريق أمامنا طويل، ولكن المهم اليوم التركيز على المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والدفع باتجاه الضغط لتطبيق الحل السياسي بالقرار ٢٢٥٤، وهو الشعار الذي باتت الناس تهتف فيه بالساحات".