لا شيء على الإطلاق يُوحي بأنّ التيار الكهربائي سوف يعود قريباً. بالحساب سوف يعود بعد… لا، لا، عن أيّ حساب أتحدث؟
استيقظتُ اليوم والكهرباء مقطوعة. لا أستطيع للأسف أن أقدّم أيّة معلومات تتعلّق بمدّة انقطاع أو عدم انقطاع الكهرباء. فبعد ثلاثة عشر يوماً قضيتها في زيارة لأمي في دمشق، ما زلت حتى الآن أحاول أن أطارد أوقات انقطاع وعدم انقطاع الكهرباء. لكنه على كلّ حال انشغال عبثي ومجهود ضائع، فلا يمكن لأحد على الإطلاق التنبؤ بمواعيدِ الكهرباء، ولا شيء على الإطلاق يُوحي بأنّ التيار الكهربائي سوف يعود قريباً.
في مكانٍ ما، يجلس أشخاص مهمون، يقومون بوصل وقطع تيار الكهرباء عن السوريين والسوريات لساعات وساعات يومياً. سأسمّي هؤلاء في السطور القادمة "زعماء الكهرباء"، حتى لا أعيد توصيفهم كلّ مرة.
يقضي زعماء الكهرباء يومهم وهم يقطعون هنا ويصلون هناك، ويقطعون هناك ويصلون هنا. ليست تلك، وإن بدت للوهلة الأولى، مهمةً سهلة، بل عمل شاق يحتاج تركيزاً عالياً وحسّاً مرهفاً ومعرفة عميقة بحاجة الأفراد اليومية من الكهرباء. وهم بما أوتوا من سلطة، لا يشاركون جدولاً زمنياً مسبقاً لمواعيد قطع ووصل الكهرباء، بل يبتكرون ويبادرون، إلى درجة أن تُفاجئك الكهرباء من حيث لا تدري ولا تتوّقع، وسوف تفاجئك بجميع الاتجاهات: وصلاً وانقطاعاً، فتبقى مستعدّاً لجميع المفاجآت، ومنفتحاً على كلّ الاحتمالات. من يدري، ربّما يسعفك الحظ وتستطيع تشغيل غسالة الثياب في الثالثة صباحاً، وربّما تنجح في صنع كأس من الشاي إذا كنت من المحظوظين واستطعت تشغيل سخان الماء الكهربائي، أو كنت من "المواطنين" الأكثر حظاً، ممن يملك كمية كافية من الغاز المنزلي لصنع إبريق من الشاي.
للغاز قصّة مشابهة
يأتي الغاز في سوريا في جرار معدنية كبيرة وثقيلة، يبلغ وزن الواحدة ستة عشر كيلوغراماً. في كلّ حي من أحياء المدينة ثمّة موّزع حكومي معتمد يشتري جرار الغاز ممن سوف أسميهم "زعماء الغاز"، ويعيد بيعها إلى المواطنين والمواطنات. ليست هناك أيّة طريقة أخرى للحصول على الغاز في دمشق. تملك أمي في بيتها من جرار الغاز تلك أربعاً. وتعمل تلك الجرار بشكل متوازٍ أحياناً، وبشكلٍ متبادل أحياناً أخرى، فإذا فرغت جرّة، استبدلتها بأخرى حتى تستبدل الجرة الفارغة بأخرى مليئة، وهكذا.
في ظروفٍ عاديةٍ، كنت سأقول إنّ أمي تملك ما يفوق حاجتها من جرارِ الغاز. وفي ظروف حالية، بدأت منذ عدّة سنوات، أجزم أنّها تملك أقل مما تحتاجه بأربع مرّات. قبل تلك السنوات العدّة، كانت العادة أن نقصد موّزع الغاز كلّما احتجنا، أي كلّما فرغت عندنا جرّة. ببساطة، نحملها فارغة نزولاً، ونعود بها ممتلئةً، محمولةً على الأكتاف، صعوداً على درج البناء، أو تصلنا إلى باب المنزل بسعر أغلى نسبياً. في جميع الأحوال، لم يكن يلزم للبيت الواحد أكثر من جرّتين اثنتين على الأكثر، تعملان بالتناوب. لقد اندثرت هذه العادة. فزعماء الغاز اليوم يقومون بتوزيع الغاز على المواطنين والمواطنات حسب رغبتهم. ومنعاً لأي لبس لغوي محتمل، فلا بدّ من الإشارة إلى أنّ ضمير الغائب في كلمة "رغبتهم"، يعود مباشرة على زعماء الغاز، وليس على المواطنين والمواطنات. فزعماء الغاز، مثلهم مثل زعماء الكهرباء، أكثر دراية بمصالح المواطنين والمواطنات. وفي الوقت الذي كانت العائلة الواحدة قبل عدّة سنوات تستهلك الغاز وتستبدل الجرار بحسب حاجتها، بات زعماء الغاز اليوم يقرّرون كمية الغاز المتاحة لكلّ عائلة، وهم يعلمون يقيناً أنّ جرّة واحدة من الغاز تكفي العائلة الواحدة كلّ أربعين يوماً. بقية ما يحدث عند انقطاع الغاز من البيت تفاصيل صغيرة لا تهم.
زعماء لكلّ شيء
في سوريا اليوم زعماء للكهرباء، وزعماء للغاز، وزعماء للماء، وزعماء للخبز، وزعماء للرز، وزعماء للسكر، وزعماء للشاي الأسود، وزعماء لزيت القلي، وزعماء للمازوت (يلفظها البعض في سوريا مازوط). والمازوت، مربط الفرس في هذه السطور. فقد استيقظ أهل البلد يوماً، وقد تحوّلوا جميعهم إلى بائعي وبائعات مازوت.
وبالصدفة، بدأت القصة قبل عدّة سنوات (نفسها السنوات العدّة). وقتها لم يكن الجميع يعمل في بيع المازوت، بل كانت هناك مهن أخرى: لحام، خبّاز، طبيبة، حداد، بائعة، حلاق، مهندسة، رسّام، ربة منزل، سائق، دهان، متقاعد… مهن كثيرة مما يوجد في كلّ البلدان الأخرى المجاورة وغير المجاورة. في تلك السنوات وقبلها، كان "زعماء المازوت" يبيعون المازوت لمن يملك ثمنه. لم يكن سرّاً أنهم يحصلون أولاً على حاجتهم من المازوت ثم يبيعون الفائض لسكان البلاد. لم يكن المازوت وقتها رخيصاً، ولكنه كان متوّفراً نسبياً، وخاصة لمن يملك اتصالات خاصة تصله مع من يملك اتصالات خاصة تصله مع زعماء المازوت. قبل "السنوات العدّة" تلك، كان سعر كمية المازوت التي تحتاجها العائلة سنوياً للتدفئة يعادل تقريباً دخل تلك العائلة الشهري. باختصار، كانت كلّّ عائلة مضطرة سنوياً لأن تعمل شهراً كاملاً بشكل مجاني لتؤمن حاجتها من المازوت. الأرقام هنا ليست إلا تقديريةً وتعبّر عن رؤية ضيّقة للطبقة الوسطى التي عاشت في المدن الكبيرة لتلك البلاد قبل السنوات العدّة، لكنّي أوردها هنا للمقارنة. بكلّ الأحوال، لقد اندثرت تلك العادة أيضاً، واندثرت الطبقة الوسطى التي نتحدث عنها.
كانت أسعار المازوت، ترتفع بشكل مضطرد، دون أن تتناسب مع ارتفاع دخل الأفراد. رضي البعض بما كَتب لهم الله في هذه الدنيا. قام البعض الآخر بالسب واللعن بشكلٍ دائمٍ تعبيراً عن الامتعاض العام في المجالس الخاصة. قرّر آخرون العمل لصالح زعماء المازوت والحصول بذلك على المازوت قبل بقية المواطنين والمواطنات، بل وربّما بأسعار أقل. وكانت هناك فئة من المواطنين والمواطنات ممن أحسّت بالظلم الواقع، وقرّرت في لحظة غفل عنها الزمان والحكام والآلهة أنّ المازوت، مثله مثل الكهرباء والماء والخبز والأدوية، ملك لكلّ البلاد والعباد، وليس حكراً على زعماء البلاد والعباد. وكانت تلك اللحظة قبل "عدّة سنوات"، لحظةً فارقةً في تاريخ البلاد والعباد.
في غرفة صغيرة في حي يقع شمال العاصمة الألمانية برلين، وفي يوم بارد ورمادي هربت منه الشمس، أجلس وأكمل كتابة هذه الكلمات التي بدأتها في دمشق، بعد ثلاثة عشر عاماً مرّت على تلك "اللحظة الفارقة". أكثر من ثلاثة عشر عاماً مرّت. دهر مرّ على تلك اللحظة. سوف أختصر تالياً تلك السنوات بسرعة قدر الإمكان منعاً للملل، فقد تمّت حتى اليوم رواية أحداث تلك السنوات لملايين المرّات، ومن قبل ملايين الأفواه، وبملايين الأشكال: قمع، تعب، امتعاض، صراخ، رصاص، موت، تشريد، اختفاء، هزيمة، إحباط، تراجع، تقوقع، تضخم، فقر، عوز، خبز، تقنين، كهرباء، غاز، مازوت، بطاقة ذكية… بطاقة ذكية؟!
بطاقة ذكية
مثل كلّ السوريين والسوريات، تضطر أمي التي تجاوزت الثمانين عاماً برقم ترفض أن تفصح عنه، إلى بيع مخصّصاتها السنوية المدعومة حكومياً من المازوت. بيع المازوت في سوريا غير قانوني، لكن أمي، مثل كلّ السوريين والسوريات، تبيع سرّاً حصتها السنوية من المازوت، ضاربةً الدفء المحتمل لأيام قليلة في الشتاء بعرض الحائط، مقابل لُممٍ من الليرات تعينها على مصروف يومها الذي يتورّم بشكل متسارع، منذ ذات "السنوات العدّة" بما يبعث على الرعب. في نقاش معها، تقول أمي إنّها تستطيع أن تزيد من كمية الثياب التي ترتديها شتاءً إذا شعرت ببردٍ زائدٍ، لكنها لا تستطيع أن لا تتناول طعام الغداء. تبلغ نسبة التضخم في سوريا اليوم ثلاثين ألف بالمئة (حتى وقت كتابة هذه السطور، والله يعلّم كم ستبلغ عند نشرها)، هذه النسبة هي الرقم ثلاثة وإلى يمينه أربعة أصفار. ما كنّا نشتريه يوماً بمئة ليرة، نشتريه اليوم بثلاثين ألف ليرة. ليس التضخم في سوريا وحده من قطع أرقاماً قياسية، بل سرعة تضخم التضخم أيضاً.
انضمت أمي إذن إلى طابور بائعي وبائعات المازوت، ضمن ظاهرة عامة لبيع المخصّصات المدعومة حكومياً. ساعد على تفاقم وتطوّر تلك الظاهرة اختراع غير مسبوق اسمه "البطاقة الذكية". وكما يبدو من اسمها، فهي بطاقة، وهي ذكية.
تتحكّم البطاقة الذكية بكمية وزمن ومكان تسليم مخصّصات المواطنين والمواطنات من المواد التي يشملها الدعم الحكومي. فلكل عائلة مثلاً عدد مخصّص لا يزيد ولا ينقص من أرغفة الخبز التي يشتريها المواطن السوري بسعر لا يزال ضمن إمكاناته. بنفس الطريقة الذكية، تعرف البطاقة كم رغيف خبز تأكل، وكم قنينة (زجاجة) من الزيت تستهلك، وكم ليتراً من المازوت تحرق، وكم كيلو من السكر تشتري. ويمكن للبطاقة الذكية حساب سلوكك الشرائي في الصيف، وفي الشتاء. ويمكنها أن تعرف كم مرة تطبخ في الأسبوع، وكم مرة تأكل "النواشف". إنّها تعرف من أنت، أين أنت، وكم يبعد بيتك عن مكان عملك. تحصي عليك البطاقة الذكية رزك، وسكرك، وزيتك، ومازوتك، ودفئك، وبردك، وتحرّكاتك، وأنفاسك، وضربات قلبك. تعرف البطاقة الذكية حجم ولائك السياسي ونسبة المعارضة في دمك، وتعرف أين تنام، ومع من تنام. وستستطيع قريباً، بما أوتيت من قدرات أن تحصي عدد المرّات التي مارست أو لم تستطع فيها ممارسة الجنس بسبب ضعف الانتصاب الناتج عن البرد أو بسبب غلاء أسعار الواقيات الذكرية التي سوف يشملها، ولا بدّ الدعم الحكومي يوماً ما.
تسدي البطاقة الذكية لك النصح حول سلوكك الشرائي، تُقيّم حجم استهلاكك وحاجتك بشكل عام، وتقرّر عنك ترشيد كميات المواد الأساسية التي تحتاجها، فتختصر حصتك من الرز إلى كيلوغرام واحد في الشهر، وتمسخ نصيبك من الخبز إلى سبعة أرغفة أسبوعياً، وتجدع حاجتك من المازوت إلى خمسين ليتراً سنوياً. تُحوّلك البطاقة الذكية بإرادة أو بدون إرادة منك، إلى بائع مازوت وسكر وشاي وبنزين. يقرّر زعماء البطاقة الذكية فوق ذلك فيما إذا كنت فقيراً معدماً، ممن يستحق الاحتفاظ ببطاقة ذكية، أو فقيراً فقط ممن لا يستحق الدعم الحكومي أصلاً. وإذا قرّر زعماء البطاقة الذكية والحالة تلك، رفع الدعم الحكومي عنك، فسوف تضطر إلى شراء المواد الأساسية من السوق بالسعر الحر الذي لا تطيق ربعه. لكن ذلك على أيّة حال لا يعني أحداً حالياً.
زعيم الزعماء
في سوريا اليوم كثيرون وكثيرات ممن يبيعون حصة المخصّصات الحكومية بسعر أعلى ليوّفر. تستمر السلسلة صعوداً باتجاه من يشتري تلك المخصّصات بسعر أعلى ليعيش، ثم صعوداً أيضاً باتجاه من يدير هذه التجارة من الأعلى ليثرى. تراه يبيع هنا ويشتري هناك، يتسلى بأقوات الناس، ويعبث بتفاصيل حياتهم. هؤلاء اليوم هم زعماء الوطن الحقيقيون.
تعرف زعماء الوطن من أو بسيمائهم. يركب هؤلاء سيارات سوداء فارهة، لا تهمهم ليترات البنزين التي يحرقونها، ولا تعنيهم كميات التقنين التي تفرضها البطاقات الذكية. أنت تراهم في كلّ مكان، ينزلون من سياراتهم المكّيفة مبتسمين، مفعمين بالحياة، متشحين بنظارات شمسية لها أسماء ماركات معقدة، يلقون بمفاتيحها لمن يركنها لهم في مكان لا يعنيهم، يملؤون المطاعم الراقية والكافيهات التي تحتل الأرصفة والشوارع. يقطّعون شرائح اللحم بأيدٍ ماهرة، ويطلبون النراجيل بالطعمات المختلفة، ويدفعون ثمن المشاريب ذات الأسماء والألوان الغريبة بهدوء. يمشون بثقة، يلقون رزم النقود هنا وهناك، يضحكون بسعادة، ويملون بسرعة من كلّ شيء.
لزعماء الوطن كلّهم في سوريا أيضاً زعيم واحد سأسميه، بحسب التسلسل المنطقي للحديث، "زعيم الزعماء".
زعيم الزعماء أكثر زعماء الوطن سعادةً ومللاً من كّل شيء. ورث الرجل المنصب عن أبيه، ولا يزال حتى اللحظة حائراً بما سيفعل بسلطته التي تجاوزت أحلامه. تراه اليوم يجلس في قصره الأنيق ذي الأثاث النظيف، يَرخي خصيتيه المشعرتين على مقعد وثير بعد غداء من الأرز الأبيض والسمك المشوي الذي يسهل هضمه. يتثاءب. يتململ. يتلمظ. ينكش أسنانه الأمامية الهوليوودية بظفر إصبع يده الأصغر. يضغط زر الكهرباء فتعمل ببساطة. يفتح حنفية الماء، فتنسال المياه نقية رقراقة. يأمر بصنع فنجان من القهوة، ثم يغيّر رأيه إلى كأس من الشاي الأخضر بالأعشاب. يُشغّل التدفئة إن شعر بالبرد، والتكييف إن شعر بالحر. لديه ثلاجة كبيرة فيها خبز كثير وفاكهة طازجة وشكولاتة سويسرية ولحم مثلج سيفسد قبل أن يأكله. لديه سيارات أنيقة تحمله وعائلته إلى أيّ مكان. لديه شاشة تلفزيون كبيرة لا يرى أطرافها، وجهاز كومبيوتر جديد لا يعرف كيفية تشغيله. لديه عساكر يعبدونه وأصدقاء كبار يدافعون عنه إذا تسبّب بمشكلات كبيرة. لديه مساحات زراعية سرقها من فلاحيها يستثمرها اليوم في زراعة الحشيش، ومعامل كبيرة اغتصبها من أصحابها يُشغّلها في إنتاج الحبوب المخدّرة، وأراض شاسعة سيعمرها بعد أن طرد سكانها ببضعةِ براميل متفجرة ألقاها عليهم. أكاد أسمعه يقهقه وهو يفكر بزوجته الأوروبية المحشوة بالبوتوكس، والتي ربحها بالصدفة في رحلة ترفيهية إلى إنجلترا قبل عقدين من الزمان، سيدة أنيقة ترتدي الكوكو شانيل وتتسوّق ثريات الكريستال ومعاطف الفراء من متاجر هارودز، امرأة ذكية تحتل اقتصاد البلاد بعد أن طردت الفاسدين الذين سرقوا البلاد وجلست مكانهم. تستورد الأجهزة الخلوية، وتلتقط الصور مع مرضى السرطان، وتهدي زوجة جريح الوطن معزةً أو ساعة حائط، تتحدث الصينية على إنستغرام وتستثمر في التنمية. وردة صحراء حقيقة. لديه أيضاً أولاد يافعون نابغون بشكل غير مسبوق في العلوم، وفي الرياضيات، وفي اللغات، وفي عمل الخير، وفي الرياضة. يربحون (إن شاركوا وإن لم يشاركوا) في كلّ مسابقات الفروسية المناصب الأولى والثانية معاً. ماذا يريد أيضاً؟ لا يمكن أن يطلب أكثر من هذه الدنيا. لديه كلّ ما يحتاجه، وكلّ ما يحتاجه الشعب. لديه كلّّ شيء، كلّ كلّ شيء، والظن كلّّ الظن أنّه ربما يملك حتى بطاقة ذكية أو اثنتين، وأنّه، مثل أمي، يعمل سرّاً في بيع المازوت.