حوار مع الباحث الأكاديمي والمترجم جمال شحيِّد

"قل لي أين تعيش؟ أقل لك ما ستحكيه!"


لا يمكن لمطلّع على المشهد الثقافي السوري إلا أن يتوقّف دوما أمام اسمه، ليس تلك الوقفة العابرة والعادية، وإنّما تلك التي تحمل كامل الاحترام والحب والانحناء لمثقفِ، قضى عمره بين الكتب واللغات، متنقلًا بين الكتابة والبحث والترجمة. مثقف لم يحفل يومًا بأن يكون تحت الأضواء، وإن كان الجميع يعرفه، في هيئةِ "راهب" يعمل بصمتٍ وهدوء، يُنقِّب عن الزمنِ ويفحصُ الأمكنةَ ويشتبكُ مع اللغاتِ عند حدودها أو في مركزها. هو الباحث والمترجم جمال شحيّد، الذي كان لسوريا ما انحكت هذا الحوار معه.

08 تموز 2024

محي الدين ملك

فنان تشكيلي سوري، أقام العديد من المعارض داخل وخارج سوريا، يهتم ويكتب عن الفن التشكيلي.

اثنتان وثمانون سنةً على نحو التقريب من عمر الباحث والمترجم جمال شحيّد، ومازال يُنقِّب عن الزمنِ ويفحصُ الأمكنةَ ويشتبكُ مع اللغاتِ عند حدودها أو في مركزها. قصاصاتٌ وملاحظاتٌ وتدويناتٌ تنتظر تكوينها في كتابٍ، وكُتبٌ مؤلَّفَةٌ ومُترجَمةٌ تنتظرُ قارئها، علَّه يجد فيها إضاءاتٍ وإشراقاتٍ لفهم عالمه الداخلي والعالم المعاصر معاً.

 اثنتان وثمانون سنة قضى جمال شحيّد ثلثاها وهو يحفر في "البنيوية التكوينية" ويرصد أنساقها في منهج "غولدمان"، وفي "الروح والأشكال" و"التاريخ والوعي الطبقي" عند "لوكاتش"، علّه يخترق حدود المكان البائس ببنياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتهالكة، ويستعيدُ ألقَ الإنسان الذي "تشيّأ"، ويفسحُ المجالَ لحضورِ الزمن الحيوي، ثم بحثٌ عن أصولِ الحداثةِ ومرجعياتها، فإذا المجهود النظري لـ "جمال" مُحفِّزٌ على خلقِ لونٍ ثالث يجمع بين لونين متباينين داخل خطاب الأدب. حداثة تستعيد الآخر، وتُعيد "تكوين الأنا والذات، بُغية انتعاشهما الإنساني وتَفَتُّحهِما".

كلّ ذلك لأنّ الضياع والغربة محنة الإنسان، من لجِّ واقعه إلى لجِّ لغته. وإذا كان من بُدٍّ للنظرِ إلى هذه المحنة، فلا بد من رؤيةٍ مغايرة، يكون بها من فضاء حواريٍّ يتحقّق فيه "جوهر الصفات الإنسانية".

رندة بعث: أيّ فعلٍ ثقافي، ولاسيما في بلدانٍ تعيش حربًا، ضرورةٌ ملحّة.

03 آذار 2021
في هذا الملف الصغير الذي أعددناه عن المترجمة السوريّة رندة بعث، نحاورها في الترجمة عن اللغة الفرنسيّة وصعوبات الحياة في دمشق في الوقت الحالي ونحكي عن علاقتها بالثقافة، كما نرفق...

ولن أنسى لحظة سعادة غمرته كُلَّه لمّا ارتحل الكلام إلى "بروست". كأنّ الذكريات استيقظت وتقافزت في لحظةٍ خارج اللحظة، وبها يبغي التَّعلُّق بحبٍ. أصمتُ، وأقارب بينهما، هذا ما خَطَرَ لي.

فضلاً عن هذا، فإنّ قصةَ الحوار لم تكن إلا صدفة، لكنها تواشجت وتفاعلتْ فتحوَّلت إلى "صدفة ذات معنى"، وتستحق تنويهاً خاصاً محاطاً باحترامي لهذه القامة الفكرية وهي تتوقّع من حياةِ الكتب كلّ شيء، وربّما التفكير في الحوار، بكلِّ تعبيراته وتفاعلاته تستجيب لجدلٍ فعّال، من النصِّ إلى القارئ، ومن المنهجِ إلى المجتمع. لا يقف عند حدود التنظير، بل يُكثِّف الأسئلة الأساسية التي تدور في أعماق الإنسان، ويطرحها الزمن عند أفقٍ مفتوح (بالضرورة) على شيء "ممكن" يستحقُ أن تنبضَ من أجله!!

وبعد، فهذا الحوار هو ثمرة الرجوع عن كلماتٍ وأشياء إلى كلماتٍ وأشياء.

العنوان عبارة عن مقولةٍ للناقد، جان إيف تادييه. وجدتُّ فيها إشارة غير مرئية تُداعب سردياتنا وبنياتنا الكثيرة التي تتصل بالبحثِ عن الزمن والمعنى في المكان. ما تعليقك؟

أكيد، أكيد، أنا موافق على العنوان.

إذاً، لنعُد إلى البدايات، بما هي تأمّلُ مسارٍ يتبدّى أو يتخفّى خلال رحلةِ الكتابة وحياتها. كنت تودُّ أن تصبح راهباً، ولهذا تعلَّمتَّ اللغة اللاتينية واليونانية مُبكراً، حدثني عن تلك الأيّام البعيدة؟

(مستغرقاً في التفكير على رقعةِ الطاولة المرتّبة بعناية) من المؤكد أنّ المكان يلعبُ دوراً مهماً بالنسبة لحياةِ الإنسان. التَّعلُّق بالمكانِ أو آثار المكان في حياةِ الإنسان هي آثار قوية جداً، وتبقى مدى الحياة، وخاصة في مرحلة الطفولة وعلاقتها بالمكان.

أنا من مواليد بلدةٍ صغيرة في جبل العرب، اسمها "صمّا". عشتُ فيها عشر سنوات، وبعدئذ انتقلتُ إلى لبنان، ولكن هذه السنوات العشر مازالت تلعب دوراً كبيراً في ذاكرتي. ذاكرةُ المكان بالنسبة لي مهمة، خاصة المكان الطفولي.

في سنة 1952، ذهبتُ إلى لبنان، لأدرسَ في مدرسةِ القديس بولس، بعد "السرتفيكه"، وكان عمري وقتذاك عشر سنوات. لم أكن أعرِف الفرنسية، وكثيراً ما كنتُ أرتكبُ حماقات لغوية، لكنهم (في هذا الدَّيْر) بدأوا يعلِّمونني الفرنسيّة بشكلٍ مُكثّف، ثم شيئاً فشيئاً بدأت الأمور تستقِمْ، وخاصة عندما بدأتُ أقرأ الروايات الفرنسيّة الخاصة بأدب الطفل. وكان قانون الدَّير أنْ نتكلّم باللغة الفرنسية، وإذا تكلّم أحدهم العربيّة فإنه يُعاقَب بـ السينيال" وهي كلمة فرنسية، بمعنى مؤشر أو دليل أو رمز، ومصنوع من الخشب، يُعطى للطالب المُقَصَّر في اللغة، ثم إلى طالبٍ آخر، وهكذا، ومن يبقى معه حتى وقت الغداء أو العشاء فإنه يُحرم من "التّحْلاية". طريقة بوليسية، لكنها كانت ناجحة بالنسبة للجهد الذي يجب أن يُبذَل في تعلُّم اللغة.

نوعاً ما، تعلمتُ الفرنسية بشكلٍ سريعٍ، إضافة إلى ذلك، تعلَّمنا اليونانية واللاتينية في المرحلة المتوسّطة وحتى "البكلوريا"، أي خلال سبعِ أو ثمانِ سنوات. وكنّا نُترجم النصوص الأصلية (الألياذه، والأوذيسه، ولكبار المسرحيين اليونان واللاتين) إلى الفرنسية والعربية.

تركتُ الرهبنة، ولم أستفدْ من هذا المخزون، أعني اليونانية واللاتينية، ولم ألجأ إليهما إلا مؤخراً، قلتُ: عندي هذا المخزون، فلماذا لا أستفيد منه كما يجب..

عذراً، قلتَ: مؤخراً! في أيّ عام؟

من سنتين، عندما كتبتُ كتاباً عن الأدب الإغريقي واللاتيني. وتعلّمتُ اللغة الإنكليزية، لكن معلوماتي فيها خفيفة، أعرف عن طريق اللاتينية حوالي 30 % من الإسبانية والإيطالية، طبعاً في المواضيع القريبة من اهتماماتي (نقد. رواية). عموماً، قراءاتي الأساسية هي باللغة الفرنسية.

حسناً، لكن، ما الدوافع / أو ما التَّحول الذي حدث حتى قرّرت ترك الرهبنة؟

أولاً، نظام الرهبنة شِبْهُ عسكريٍ وشديدٍ، وهذا الأمر كان يزعجني، خاصة، في الفترة الأخيرة. ثانياً، الأيديولوجيا الدينية، حيث بدأتُ أضع إشارات استفهام عليها. كنتُ أشعر بأنّ هناك الكثير من الغيبيَّات تدخل في الأديان، ومن بينها الدين الإسلامي والمسيحي. غيبيَّات كثيرة، أو بمعنى أدق بُعُد غيبي. هذا الأمر جعلني أجْفَلُ من قناعاتي الدينية. وشيئاً فشيئاً بدأتُ أبتعد عن الدين، حتى تركته.

كيف كان رد الدَّير على قرارك؟

أصابهم الحزن الشديد، لأنّهم كان يُعوِّلون عليَّ بأنّني سأصبح لاهوتياً كبيراً عندهم، ولكن شاءتْ الظروف مَنْحَىً آخر.

طيّب، بعد أن عُدّت إلى سوريا. كيف كان موقف الأهل؟ وماذا فعلتَ، لاحقاً؟

أبي، رجل دين، "خوري"، كان حزيناً لأنّ ابنه (الذي هو أنا) لم يُكمِل في طريق اللاهوت. وقِسْمٌ من أهلي كانوا مسرورين. لكن، بعد فترةٍ قصيرة، صارتْ الأمور طبيعية، أي، عُدّتُ إلى حضُن العائلة، وليس إلى حضنِ الرهبنة.

عشتُ أربع سنوات في دمشق، وحصلتُ على "الليسانس" في الأدبِ الفرنسي، سنة 1970، وكنت في نفس الوقت أعمل في المعهد الفرنسي للدراسات العربية، سنة 1968، وقبل ذلك، عَمِلتُ مع مستشرقين في ترجمة النصوص العربية التي كانوا يدرسون ويبحثون فيها.

 جمال شحيّد: التَّعلُّق بالمكانِ أو آثار المكان في حياةِ الإنسان هي آثار قوية جداً، وتبقى مدى الحياة، وخاصة في مرحلة الطفولة وعلاقتها بالمكان

عندما سافرتُ إلى باريس للدراسة، قدَّم هؤلاء المستشرقون المساعدة لي، في البداية. وكان عندي مخزونٌ، مالياً، يكفيني لسنة. في تلك الفترة، كانت الحياة عموماً، والدراسة، بشكل خاص، رخيصة في باريس. وقضيت فيها أربع سنوات. في الصباح كنت أشتغل على أطروحتي: "الوعي التاريخي في روايات نجيب محفوظ وإميل زولا"، وبعد الظهر، أُعطي بعض الدروس للمستشرقين، وفي المساء، كنت أتجوّل في حي "اللاتين"، مع الأصدقاء، في المقاهي، والسينما.

بالمناسبة، كنتُ من عشّاق السينما، وحضرت أفلاماً كثيرة في باريس، وخاصة "كلاسيكي السينما"، وعندما ترجمتُ كتابي "جيل دولوز – السينما الحركة، السينما الزمن"، استفدتُّ كثيراً من مشاهداتي لتلك الأفلام، لأنّ "دولوز" يستشهد كثيراً بأفلامٍ كنتُ قد رأيتُها وشاهدتُها.

(بعد توقف) هذه السنوات في باريس، غيَّرتني "رأساً على عقِب"، كنتُ طالباً خجولاً، وليس منفتحاً كما يجب على العالم المعاصر. في باريس، كان انفتاحي بشكل كافٍ وعنيف على الأيديولوجيات، الماركسية بشكلٍ خاص. وكنتُ مع "اليسار" الفرنسي، وأناضل مع الشباب الفلسطينيين في باريس..

كنتَ في باريس أثناء الاضطرابات المدنية في مايو 1968؟

لا. وصلتُ باريس في سنة 1970. ولكن في الجامعة التي درستُ فيها (جامعة باريس الثالثة) وهي يسارية، كانت أجواء 1968 ماتزال موجودة، وتعرّضت الجامعة لهجماتٍ من "اليمين المتطرف"، كانوا يهاجموننا بالعصي، ونحن نصدُّهم وندافع عن أنفسنا.. وكان البوليس الفرنسي يصل متأخراً.

هل التقيت بشخصيات معروفة شاركتْ في تلك الأحداث؟

نعم، التقيت بعدد من المثقفين، خاصة مع "سارتر".

خالد خليفة: لستُ حارسَ المقابر لكنني حارسُ الأرواح

03 شباط 2021
في هذا الملف الصغير الذي أعددناه عن خالد خليفة، نحاوره في رواياته وفي خياره بالبقاء في سوريا ونسأله عن الرواية السوريّة، كما نرفق الحوار بصور خاصة اختارها خالد خليفة بنفسه...

سارتر، كان يجلس يومياً في مقهى "الفلور" في حي اللاتين، مع شلَّته. وبعد الظهر، أي حوالي الساعة الثالثة يحمل أغراضه وينزل هو وشلته إلى شارع "سان ميشيل"، تحديداً إلى مقهىً معروفٍ في هذا الشارع، وأمام المقهى ثمة "برميل"، فيقوم أصدقاؤه بحملهِ ووضعهِ فوق البرميل ليخطبَ فينا، طبعاً، ضدّ البرجوازية وضدّ الرأسمالية، ويُبشر بالماوية (نسبة إلى ماوتسي تونغ)، ويحمل تحت إبطه مجموعة من المنشورات الماوية، وخاصة "قضية الشعب" (جريدة صغيرة من أربع صفحات، كان سارتر وأصدقاؤه يكتبونها)، ويوّزعها على الحضور مقابل مبلغ زهيد جداً.

هكذا، كنت ألتقي بسارتر، من حين إلى حين، وهو فوق البرميل (يبتسم).

 

كنت معجباً به؟

إلى حدٍّ ما..

جيّد، لكن، كيف تقرأه اليوم؟

عندي تحفظات كثيرة على أيديولوجيا سارتر. وخاصة أنّه لم يستطع أن يتخلّص من النازية والمحرقة وإسرائيل، التي يجب أن يُحافظ عليها، طبعاً، بنظر سارتر.

ألا نفهم من إسقاطه لحق الإنسان الفلسطيني، وانحيازه للطرف الإسرائيلي ازدواجية في المعايير (ليس بالمفهوم السياسي، فقط) وإنّما بما يتعلّق بفلسفته الوجودية؟

صحيح. ولكنه دافع عن تحرّر الجزائر من الاستعمار..

ذلك أمر طبيعي، لأنّ الجزائر بعيدة.. وقضيتها مختلفة.. لهذا كان يدافع.. ولا يعدُّ فهم هذا الدفاع بالغ الصعوبة.

صحيح، أيضاً.

حسناً، لننتقل إلى الحديث عن مناهج النقد. متى وكيف تعرَّفت على منهج "البنيوية التكوينية"؟

كما أشرتُ سابقاً، كانت دراستي عن "الوعي التاريخي" الذي يقتضي رؤية فلسفية وسياسية وسسيولوجية للنص الأدبي. طبعاً، طبَّقتُ ذلك على نجيب محفوظ وعلى إميل زولا. ولكن، بعد أن عُدّتُّ إلى سوريا، عام 1974، كان اهتمامي في البداية منصبّاً في حقل التدريس. بعد ذلك، بدأت أكتبُ، ونشرت مقالتين عن هذا التيار في مجلة "مواقف" لأدونيس، وترجمتُ نصاً لـ "لوسيان غولدمان"، وهو مدرج في كتابي "في البنيوية التكوينية".

(مكتبة الباحث والمترجم جمال شحيّد في منزله في دمشق)

قال لي "أدونيس": لماذا لا تكتب كتاباً عن "غولدمان"؟ قلت له: لما لا، فعندي المادة. كتبت الكتاب، وكان من المفترض أن يُنشر عن "دار العلم للملايين" ببيروت. ولكن، قبل ذلك، زرت صديقاً لي هو "إلياس خوري" يعمل في صحيفة "السفير"، وكان "سليمان صبح" موجوداً هناك. خلال الحديث، قال لي إلياس: ماذا تعمل في بيروت؟ أجبته: جئت لأنشر كتابي، قال: هذا الرجل الجالس أمامك (سليمان) هو ناشر، وصاحب دار "ابن رشد". الذي حدث هو أنني أعطيته الكتاب وأهملتُ أدونيس، ونُشر بطبعته الأولى عام 1982. لكن، عندما احتل الجيش الإسرائيلي بيروت، قام بتدمير الدار، لأنّ صاحبها فلسطيني، ودُمِّرت نُسَخُ الكتاب، نَجَتْ بعضها، لكنني شخصياً لم أحصل على نسخةٍ واحدة. فيما بعد عثرتُ على نسختين على بسطات الكتب التي تحت جسر الرئيس بدمشق..

أمر مثير، هل تذكر العام..؟

في 1983، أو 1984.

أكمل لو سمحت..

الحقيقة، أُهمِل الكتاب، ولم يأخذ حقَّه في الدراسات، لأنّ النُّسخ لم تكن متوفرة.

في عام 2013، اتصل بي صاحب "دار التكوين" بدمشق، وقال إنّه يريد نشر هذا الكتاب. اتفقنا، فأعاد نشره، بالشكل الحالي.

يقال إنك من أوائل المنظرين – عربياً - لمنهج "البنيوية التكوينية". حبذا لو تُعطينا لمحة عنه، وعن علاقتك به؟؟

(بتواضع) يبدو ذلك. وأُعطيك معلومة أخرى: لا أدري كيف وصلت نسخة من كتابي إلى الناقد المصري المرحوم جابر عصفور، وأُعجب بمحتواه، ودعاني عدّة مرّات لألقي محاضرات في المؤتمرات التي كان يًنظِّمها.

أمّا علاقتي بالمنهج فهي من باب اهتمامي بالفكر الديني من ناحية "كيف يُقرأ سياسياً؟".

على أساس المنهج البنيوي التكويني، أليس كذلك؟

طبعاً، على أساس هذا المنهج، وعلى الكتاب الأساس لـ "غولدمان" وهو "الإله الخفي". ما يهمني هو التحليل السسيولوجي للأدب. وأنا أرى هذا التوجّه أو التيار في النقد الأدبي مُهِمٌّ جداً، وخاصة في آداب العالم الثالث.

الدراسات "الشكلانية" هي نوعٌ من التَّرف الفكري الذي أتى لاحقاً، أما نحن (في العالم الثالث) فبحاجة إلى أفكارٍ بنائيةٍ وتجديديةٍ. لاحقاً، بعد التوجّه السسيولوجي، وصلنا إلى "الشكلانية"، وما بعد البنيوية، ومدرسة فرانكفورت، والتفكيكية، والسيميائية.. إلخ.

جمال شحيّد: كنتُ طالباً خجولاً، وليس منفتحاً كما يجب على العالم المعاصر. في باريس، كان انفتاحي بشكل كافٍ وعنيف على الأيديولوجيات، الماركسية بشكلٍ خاص

إذاً، كانت البدايات هي أنّ هذا التوجّه السسيولوجي للأدب ضروري، وغولدمان ركَّز على هذه المسألة، خاصة في دراسته لتيار "الجانسينية" الذي نشأ في القرن السابع عشر في فرنسا، ومؤسّسه "يانسن"، وهو هولندي الأصل، وكان لاهوتياً في باريس.

نظرة "يانسن" إلى الدين هي نظرة متشدّدة: قَسَّمَ العالم إلى جزأين. جزء يختاره الله وينعم عليه، وجزء يهمله الله. هذا التصنيف هو تصنيف ديني أصلاً، ولكن غولدمان طبَّقه على الوضع السياسي في القرن السابع عشر، خاصة تحت حكم لويس الرابع عشر.

ولكن، هل اقتربت من وجهة نظر لوسيان غولدمان الذي يعود له الفضل في تأسيس المنهج؟

في البداية، أعجبتني هذه الرؤية "الغولدمانية" للأدب. ولكن، بعد فترة شعرتُ بأنّها ناقصة، لأنّها أهملتْ الجانب الشكلي أو "الشكلانية"، وهو جانب مهمٌ جداً في العلوم الإنسانية حالياً، وخاصة في "علم اللغة وفلسفتها". عملياً، تجاوزت مرحلة غولدمان، وحالياً أُركِّز في "ما بعد غولدمان"، خاصة المدارس النقدية الحديثة التي ظهرت في فرنسا، بشكل خاص، مع "جاك دريدا" - التفكيكية، وعلم النفس، والاستيقا الفنية. كلّ هذه الأمور لم تأتِ "البنيوية التكوينية" على ذكرها.

في كتابك "في البنيوية التكوينية"، ذكرتَ مصطلح "الوعي الممكن"، ووضَّحتَهُ من وجهة نظر "جورج لوكاتش" بأنّه أقصى درجة من التماثل مع الواقع، مع أنه ربما لن يبلغ أبداً هذا الواقع. يقول لوكاتش: "هذا الوعي المتجلّي في العمل الأدبي والفني والفكري، لا يُترجم ما يقولون أو ما يفكرون، بل بالفعل، وإنما يكشف لأفراد المجموعة ما كانوا يفكرون فيه عن غيرِ علمٍ مِنْهُم".سؤالي هو، هل من وعيٍّ مُمكنٍ يتجاوز الوعي الفردي؟

هناك نوعان من الوعي، ركَّز عليهما غولدمان، ولوكاتش، "الوعي الفعلي" و"الوعي الممكن". الرهان هو على "الوعي الممكن"، لأنه يحتوي نواة التجديد، ويمكن أن يتطوّر لاحقاً..

هل يمكن تحققهُ في العمل الفني؟

صحيح.

حسناً، لكن كيف يمكن إقامة علاقة بين البنية الفوقية (الثقافة والأدب والفنون) وبين البنية التحتية (الاقتصاد والمجتمع وما شاكل ذلك)؟

راتب شعبو: في حضور العنف تختفي السياسة

13 أيلول 2021
قلّة قليلة جدًا من المعارضين والمناضلين تمكّن خلال السنوات السابقة من الحفاظ على صورته الرمزيّة التي كانت قبل الثورة. وإلى هؤلاء القلّة ينتمي المناضل والكاتب السوري، راتب شعبو، الذي يشعر...

الإنسان ليس ملاكاً، بل هو واقع اقتصادي واجتماعي، وهذا الواقع يؤثّر ليس فقط في حياة الإنسان اليومية، وإنّما يؤثر في تفكيره والأيديولوجية التي يتبناها. إذاً، لا يمكن الفصل بين المادة وبين الفكر. المادة هي الأساس، والفكر المادي مهمٌ جداً في الفلسفة، وعلاقة ذلك بالأدب.

من هنا يبدو أنّ "البنيوية التكوينية" ترى أنّ الفاعل الحقيقي للإبداع الثقافي هي الجماعات الاجتماعية وليس الأفراد المنعزلين. لكن، كيف نعرِف أو نَعي الربط بين التطوّر الاجتماعي والتطوّر الأدبي في مضامينه وأشكاله؟ وبين الذات والموضوع في المجتمع الحديث في سياقه الاجتماعي؟

البُعد الجمعي هو بُعدٌ أساسي بالنسبة للمجتمعات البشرية، بشكلٍ عامٍ. ولكنَّ هذا البُعد لا يُلغي البُعد الذاتي. والربط أو "الدّوزان" بينهما ضروريٌ جداً، خاصة في الفن الذي لا يُركِّز على السسيولوجيا، فقط، بل على الذات أو الشخصية بأبعادها، أيضاً.

ألهذا يرى غولدمان أنّ الأدب والفلسفة تعبيران عن "رؤية العالم"، وأنّ هذه الرؤية ليست وجهة نظر الفرد المتغيّر باستمرار، بل هي "وجهة نظرِ ومنظومة فكرِ مجموعةٍ بشريةٍ تعيشُ في ظروفٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ متماثلةٍ، وتعبيرُ الكاتب عن هذه المنظومة له دلالات كبيرة، فهو يُستمد منها"؟

هنا، يجب أن نميّز بين بُعدين: البُعد الاجتماعي أو البيئي أو القَبَلي.. إلخ، والبُعد الفردي، في تأثُّرٍ واضحٍ ومؤكّدٍ منْ أنَّ الإنسان يتأثّر بالبيئة المحيطة (خاصة في مرحلة الطفولة)، وهذا جزء من البًعد الجمعي. ولكن الذي يمتلك وعياً متطوراً يتجاوز – جزئياً – هذه الرؤية الجمعية، رغم ما لديه من نزواتٍ وتطلعاتٍ، وصبواتٍ.. أي أشياء خاصة به، والتي عندما يُطوِّرها فإنّها تًصبح شخصيته. والشخصية الإنسانية هي مكوّنة من المجتمع ومن الفرد.

بغية التأكيد على هذه النقطة، يرفض غولدمان فكرة "موت المؤلف"، لكنه لا يبالغ في تقديره، يقول: "لا يمكنُ لعملٍ مُهمٍ أن يكون تعبيراً عن تجربةٍ فرديةٍ خالصةٍ"، ويرفض النظرية التي تُفسِّر العمل الأدبي بواسطة سيرة الكاتب والبيئة الاجتماعية التي عاش فيها، ويُحذِّر من خطورة التعويل على السيرة الذاتية، انطلاقاً من أفكار أستاذه " لوكاتش" حول إمكانية حدوث تناقض بين ما يقوله المبدع في عمله الإبداعي وبين أيديولوجيته. كيف تقرأ هذا الطرح وتُطَبِّقُهُ على كاتبٍ و / أو على نصٍ؟

عندما أطلق "رولان بارت" عبارة "موت المؤلف"، لم يقصد فيها الموت البيولوجي، وإنما قَصَدَ بها نظرة جديدة في النقد الأدبي. في الماضي كانوا يركزون على الكاتب، وحياته، والظروف التي عاشها، وبعد ذلك يَصِلون إلى أعماله ويحللونها من خلال هذه النقلة إلى حياة الكاتب وما يحيط بها من ظروف، ولكن، هناك الكثير من الكُتّاب الذين لا نعرِفُ من حياتهم أشياء كافية. مثال: هوميروس، ماذا نعرف عنه؟ لا شيء. المهم هو العمل الفني – الأدبي، مثل الألياذه والأوذيسه.. إلخ.

غولدمان (على ما أعتقد) لم يُركز كفاية على هذا المنظور، بل اعتبر أنّ "موت المؤلف" عبارة غير مقبولة، ومشكلة، وإهمال. أيُ يجب ألّا نُهمل حياة المؤلف وسيرته، ولكن التركيز يجب أن ينصبَّ على العمل الفني، بحدِّ ذاته. وبسبب التوجّه الأيديولوجي لغولدمان، ركَّز على سسيولوجيا الفن، وكلمة سسيولوجيا تعني المجتمع في المحصلة. لهذا السبب فإنّ النظرة الذاتية أو الأنوية للأدب لم تكن مُحبَّذة له.

لكنه كان إلى حدٍّ ما مُتَّفِقاً مع جدلية هيجل التي تتمثّل في قدرة العقل على أن يصبح واقعاً وقدرة الواقع على أن يتحقّق في العقل؟

كان غولدمان من الحالمين في نهاية الأمر. كان يصبو إلى تغيير العالم، وخلق مجتمعٍ يساريٍّ ومُتَقَدِّمٍ جديدٍ. لهذا السبب ومثل معلمه "لوكاتش" لم يهتم بالجانب الشخصي، بل بالجانب الاجتماعي.

أفهم من كلامك أن غولدمان كان طوباوياً؟

صحيح، إلى حدٍّ ما.

لهذا يبدو اهتمامه الكبير أيضاً بمصطلح "التشيؤ"، وهو مفهوم ابتكره ماركس، وتم انزياحه من منطقة نفوذ الاقتصاد إلى المجال الاجتماعي على يد " لوكاتش" للتعبير عن حالة الضياع التي يعيشها الفرد وسط عالم المادة، وأخضع الإنسان في السوق إلى سلعة، أو إلى "شبه إنسان آلي، لأنه لا يستخدم ذكاءه الخلاق بقدر ما يُنَفِّذ برامج اقتصادية لا دخل له فيها"، حسب غولدمان.

التشيؤ، كلمة فرنسية، وترجمتهما تعني "تحويل الكائن إلى شيء"، أو إلى سلعة، أو إلى استلاب. كان غولدمان يرى أنّ الإنسان عندما تُسيطر عليه أيديولوجيا المادة يصبح كالآلة، أو إلى كائنٍ يفقد إنسانيته. ولهذا السبب أراد تخليص الإنسان من الأحلام أو الطوباوية أو التسليع، وركَّز على قيم الإنسان، وعلى إنسانيته، وعلى فردانيته ككائن متميّز عن باقي الكائنات.

في كتابك "في البنيوية التكوينية" أيضاً، اشتغلت على علاقة الكل بالجزء، وكيفية فهم نصٍ أو مقطعٍ بدمجهما في مُجمل العمل المُتماسك. ما هي العلاقة الدلالية التي يمكن بها أن يكون العمل كلّه متماسكاً؟

هذه من الإشكالياتِ الكبرى في النقد الأدبي، يعني، الجانب المادي والمجتمعي، والجانب الشخصي والذاتي. وهذه العلاقة بين الإنسان الحالم ذي التطلّعات وبين الإنسان الذي يعيش الحياة اليومية بجزئياتها، أعتقد أنّ التوفيق بين الاثنين يختلف من كاتب لآخر. مثلاً، ركَّز "بروست" على الجانب الحُلُمي والمفقود، وهو واضحٌ كخلفيةٍ اجتماعيةٍ، ولكن هذه الخلفية لا تلعب الدور الأساسي في تكوين / أو في رؤيةِ الكاتب.

جمال شحيّد: مستقبل البشرية مرتبط بهؤلاء الذين انطلقوا من ذواتهم الفردية العبقرية وتجاوزها إلى الذات الجمعية، وليس كالذين يمشون كالقطيع

عن مفهومِ "الذات فوق - الفردية"، وجدتُ أنّ غولمان يعتبرها في الحياة الإنسانية تُلامس كلّ سلوكيات الإنسان، إمّا بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، اجتماعياً أو تاريخياً، أي بالخصوص كل ما يتعلَّق بتأثير الناس على العالم الطبيعي والاجتماعي (غذاء، حماية، تنظيم العلاقات البين – إنسانية، ثورات، حروب.. وبالحياة الثقافية - كل عمل أدبي. بينما نجد في المنهج النفسي أنّ الذات الفردية المبدعة تبحث دوماً عن الإشباع في مجتمع قد لا يتيح لها ذلك، ولمّا كان صعباً إخماد هذه الحرائق المشتعلة في لا شعوره، فإنّه مُضَّطرٌ إلى تصعيدها، أي إشباعها بكيفياتٍ مختلفةٍ، مثل الهذيان، والأحلام، والفن، وكأنّ الكائن المبدع بتصعيده وتعويضه هذا يحقّق ما لم يستطع تحقيقه في واقعه الاجتماعي.بهذه المقارنة البسيطة، تبرز الفرضية التالية: كأنّ غولدمان يُعارض المنهج النفسي، بل يقمع الذات الفرديّة المبدعة. ما مدى صحة هذه الفرضية؟

صحيح، في منهج غولدمان شيء من القمع للذات الفردية، لأنّه كان ميّالاً إلى المجتمعي، بالرغم من أنّ غولدمان بدأ يكتب دراساته، في سويسرا، مع عالم النفس والتربوي "بياجيه". إذاً، تبقى هذه ثغرة في أعمال غولدمان، أعني، لم يُركِّز على البُعد النفسي كما يجب. ومستقبل البشرية مرتبط بهؤلاء الذين انطلقوا من ذواتهم الفردية العبقرية وتجاوزها إلى الذات الجمعية، وليس كالذين يمشون كالقطيع.

جميل. وللتأكيد على ما وصفتَهُ أنت بثغرة في منهج غولدمان، هناك بعض الكُتَّاب والنقاد العرب ناصروا المنهج السيكولوجي، منهم جورج طرابيشي، وأيضاً، عباس محمود العقاد الذي قال: "إذا لم يكن بُدٌّ من تفضيل إحدى مدارس النقد على سائر مدارسهِ الجامعة فمدرسة "النقد السيكولوجي" أو النفساني أحقُّها جميعاً بالتفضيل، في رأيي وفي ذوقي معاً".

هذا الجانب النفسي الذي ركّز عليه "طرابيشي"، وخاصة في دراسته لتوفيق الحكيم هو جانبٌ مهمٌ جداً في النقد الأدبي. طبعاً هو تيّار من بين التيّارات. لا نستطيع أن نعطي فكرة عن الجانب النفسي لكلّ الكُتّاب أو لكلّ الأعمال. هناك أعمالٌ تتقبّل هذا التفسير، وأعمالٌ لا تتقبَّله، مثال الروايات العشرين لـ "زولا"، هناك منها ما يمكن تفسيرها على الطريقة النفسية - الفرويدية، ولكن هناك روايات بعيدة عن هذا التفسير.

لنحوِّل بعض المفاهيم والمقولات السابقة نحو مناخٍ مغايرٍ. كيف تنظر إلى الذات والموضوع في الرواية العربية وفق المقاربة التكوينية الشائكة؟

أنا تجاوزتُ المنهج التكويني. لكن، في حدود السؤال، يمكن القول إنَّ هناك أبعاداً كثيرة لقراءة الذات أو الموضوع، وهذه الأبعاد تُكمّل بعضاً دون إلغاء.

هل أنت مع النقد الذي يقوم على "الذوق" أم على "العلم"؟

الجواب هو التوفيق بين الاثنين. النقد الحديث هو نقدٌ علميٌ مؤسّسٌ على مبادئ وأفكارٍ عقلانية.

يبدو هذا واضحاً في اشتغالاتك النقدية، لهذا سنخطو خطوة أخرى نحو واقع أدبنا، أعني في خضم الحرب والأزمات الاقتصادية والطبقية الاجتماعية (سوريا مثال)، في رأيك، هل من علائق جديدة (جزئياً أو كلياً) متصلة بين الإبداع الفني وبين الواقع الاجتماعي؟ واسمح لي أن أُقارب السؤال (سسيولوجياً) بخاطرة لباسكال: "إذا درس الإنسان نفسه أولاً وجد كم هو عاجزٌ عن تجاوزها. كيف يستطيع الجزء أن يعرف الكل؟ ولكنه ربما يصبو لأن يعرف على الأقل الأجزاء التي بواسطتها يبلغ الاتزان. بيد أن جزئيات العالم مرتبطة ومتداخلة معاً بحيث يبدو مستحيلاً معرفة الواحدة دون الأخرى ودون الكل".

ما نعيشه في سوريا في السنوات الماضية هو مأساة، وهذه المأساة مردّها إلى أنّ الحريّة الشخصية ليست محترمة في ديار العرب، وفي سوريا، حالياً. نحن نفتقد إلى الكلمة الحرّة أو إلى حريّة التعبير، ومع ذلك، نُصِرُّ على أنّ هذه الحرية يجب أن تُحْتَرَم. لهذا السبب نعيش أزمات كبرى لأن ّهناك، دائماً، أناساً يريدون التفكير على طريقتهم، ولكن القمع هائلٌ في مجتمعات العالم الثالث.

ذكرتَ أيضاً مقولة "البنية الضَّامة والمضمومة"، للدلالة على البنية الكلية أو الشمولية، وكيف أنّ هذه البنى تعبّر عن واقعٍ إنسانيٍ معينٍ. وذكرت مثالاً استشهدَ به غولدمان وهو "الجانسينية" المأساوية الرجعية في القرن السابع عشر بالنسبة للملكية والشعب، وتُعتبر تقدمية في نظر بعض النقاد، وتجاوزاً للعقلانية الديكارتية، وانتقالاً للفكر الجدلي، في نظر آخرين.كيف نفهم هذه المقولة؟ وهل من مثال (من واقعنا) ما يشبه الجانسينية؟

إذا أردنا اختزال السؤال، يمكن القول إنI البنية الضامة أشمل وهي المجتمع، والبنية المضمومة جزئية وهي الفرد.

في ما يتعلق بمثال يُشبه الجانسينية في الواقع العربي مع اختلاف الخلفية، هذه النظرة المأساوية للجانسينية والتي عبّر عنها غولدمان بشكل متميّز، نجد شيئاً ما يُشبهها عند الجماعات الإسلامية المتطرّفة، التي تنظر إلى الإنسان بأنّه مقهور، ومُسيطَرٌ عليه، وقَدَريٌّ.. إلخ، وهذا نوعاً ما يُقارب الجانسينية الأوروبية. الجانسينية لم تُعطِ بُعدَ الحرية للإنسان، بل ركّزت على أنّ الله عنده فريقٌ مُختار وفريقٌ غير مختار، وهو المًهمَل، ويشعر بالمأساة، وبـ "لماذا يميّز الله بين هذا وذاك".

عموماً، هذا التيار موجود بشكلٍ أو بآخر عند المتعصبين في كلّ الأديان.

هذا من ناحية المقاربة مع الأديان، لكن، ماذا عن علاقتها بأشكال الحُكم والنُّظُم العلمانية، بشكل عام؟

الجانسينية لم تحترم حريّة الإنسان كما يجب، وهذا منتشر حتى في جميع الأنظمة الشمولية.

حسناً، لننتقل إلى حقل آخر من حقولك، وهو الترجمة. اشتغلت على "بروست" (تأليفاً وترجمةً). حدّثني عنه، وهل "مازلنا الآن نعيش زمن بروست"، كما تقول "جوليا كريستيفا"؟

فرج بيرقدار: أشعر وكأنّني نسيت الضحك

14 كانون الثاني 2022
كلّ من عرف فرج وعايشه، يقول إنّ الشاعر والإنسان فيه أكبر من السياسي بكثير، لهذا أردنا في هذا الحوار/ الملف، أن نبتعد عن السياسة ونقترب من فرج الشاعر، من تلك...

(بمتعة متزايدة) عندما كنت طالباً في قسم اللغة الفرنسية لم ندرس بروست كما يجب. تعرَّفت عليه، أكثر، لاحقاً، وخاصة بعد أن ترجمتُ الجزأين الأخيرين من سباعيته "البحث عن الزمن المفقود". ترجم الصديق المرحوم "إلياس بديوي" الأجزاء الخمسة الأولى، وطُبعتْ بدار الشرقيات في القاهرة. بعد ذلك، جاءني اتصال من المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة حول إمكانية استكمال مشروع ترجمة الأجزاء المتبقية. في البداية تردّدتُ، لأن صديقي إلياس بديوي يُعدُّ مترجماً متميّزاً، ولغته العربية متميزة، ثم إن بروست كاتبٌ صعبٌ، ولكنني رضيت على نفسي بالتحدّي، فقلت لهم: أنا جاهز، واتفقنا على ترجمة الجزأين (ألبرتين المختفية، والزمن المستعاد).

في البداية كنتُ أجدُ صعوبة في بعض الجُمل، وخاصة الطويلة منها، لأن جُمَل بروست تصل أحياناً إلى أربعين سطراً، فكيف يمكن الربط بين أجزاء هذه الجملة الطويلة؟ كنت أحياناً أسأل بعض الفرنسيين عن فهمهم لهذه الجملة – مثلاً.. وأحياناً كنت أجد الصعوبة بالنسبة للضمائر المستخدمة، وبالنسبة للشخصيات عند بروست التي تصل إلى خمسمئة شخصية.

عموماً، عندما أنهيتُ الجزء السادس صارت لديّ خبرة وسلاسة كافية نوعاً ما بالنسبة لترجمة بروست، ولكنَّ أهم جزء من السباعية، في نظري، هو "الزمن المستعاد"، لأنّه زبدة السباعية بشكلٍ كاملٍ. والسباعية نشأت من المخزون الكبير لقراءات بروست، كتبها في السنوات الثلاث عشرة الأخيرة من حياته.

عندما كان يروست في السادسة والعشرين، كتب "المسرات والأيام"، وقد قمتُ بترجمته، وحصلتُ على جائزة الترجمة في قطر. المهم، نجد في هذا الكتاب نواة السباعية. وتأثُّرِ بروست بالعصر الوسيط، وبالكاتدرائيات، وبـ "جون راسكين" – الكاتب الإنكليزي الذي اهتم كثيراً بالجماليات في القرون الوسطى.

السباعية هي وصفٌ لفضاءاتِ باريس في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وخاصة الجزء الأخير منها، لأنه يتحدّث عن الحرب العالمية الأولى.

ثقافة بروست واسعة، واللغات التي كان يعرفها (الإنكليزية، والألمانية، والإيطالية، واللاتينية، وشيء من الإغريقية)، وكان مهتماً بالموسيقى وبالفن التشكيلي، ويمكن أن نطلق على بروست بالمثقف الأوروبي، بامتياز.

هل السباعية رواية؟ البعض ركَّز على أنّها "سيرة ذاتية"، وأنا لا أُشاطر هؤلاء، وإن كان فيها شيء من السيرة الذاتية، بل هي كالجدارية التي ترسم مجتمعاً معيناً في زمنٍ معيَّنٍ، البرجوازية من جهة، والارستقراطية المندثرة، من جهة أخرى.

بالنسبة لتحليل العوالم الجوّانية للشخصيات، ركّز بروست كثيراً على مقولة الزمن، وعلى الذاكرة، حيث نظر إليها من منظورٍ جديد، أي على أنها ذاكرة متشظيّة، لأنها تأتي تباعاً.

أمّا الكتابة عنده فملوّنة، حيث نجد في السباعية مقاطع عادية نوعاً ما، ولكنها في الإطار العام تُشبه الحياة اليوميّة بصعودها وهبوطها، ونقاطها المضيئة والعادية، والنقاط العادية هي بدورها جزء من الحياة، وعند بروست تتراوح اللغة بين الجميل والمُتقَن والعبقري وبين اللغة العادية التي هي لغة الحياة اليومية، وهذا يخلق جوّاً عاماً يجمع فيه بروست بين القمم وبين حياة الشارع.

الحياة الحقيقة، كما قال بروست، هي في الأدب. وفي هذا الجزء ركَّز كثيراً على أن الأدب هو القمّة الأساسية في مشروعه الهائل، أعني السباعية. قال والتر بنجامين: "إنها أفضل إنجاز أدبي في عصرنا".

في نهايةِ كتابي "مارسيل بروست أو ملاك الليل" نظرت في ما قاله الكُتَّاب على بروست. ولكنني هنا سأقف عند كاتبين من العالم الثالث (يقرأ من كتابه المذكور)، الأول "أورهان باموق"، كان يعشق السباعية، ويعدُّها من أهم الروايات في القرن العشرين، ويرى أنها مفتاحٌ أساسيٌ من مفاتيح حضارة الغرب. في روايته "الكتاب الأسود"، يقول: "إذا كانت بلادنا على هذه الدرجة من البؤس، فلأننا لا نجد أحداً فيها عَرَفَ "ألبرتين" وقرأ بروست. وعندما سيوجد قُرّاء قادرون على فهم بروست وألبرتين، عندئذ سيتمكن هؤلاء الأجلاف المُشَورَبون البائسون الذين يملؤون شوارعنا من أن يعيشوا حياة أفضل".

جمال شحيّد: النقد الحديث هو نقدٌ علميٌ مؤسّسٌ على مبادئ وأفكارٍ عقلانية.

الثاني، نجيب محفوظ. قرأ "البحث عن الزمن المفقود" بالانكليزية، والفرنسية. قرأها بتأنٍّ، واستغرقت منه وقتاً طويلاً، فقال: "إن نصيحتي لكي تستمتع بها أن تقرأ منها كلّ جلسة عدداً محدوداً من الصفحات، وكأنك تقرأ ديوان شعر. أتذكر أن بروست صرَّح أنه تأثر بـ "ألف ليلة وليلة"، ربّما في تركيب الرواية، حيث تتوالد الحكايات، كل جزء كأنّه رواية متكاملة، وخيوط بسيطة تربط بينها. كتب الرواية في ظروفٍ خاصة، بعد أن أُصيب بمرض "الربو"، في غرفةٍ مغلقة بما يعزل الصوت. ربما لهذا راح يرحل إلى الداخل. رواية لا يُنسى ذِكْرُها".

جميل، ولا شك أن بروست صعبٌ، وصعبٌ جداً، ولا بد أنك أصغيت طويلاً إليه، وسمعت حياته، وقرأت له / وعنه. وليس هذا بغريب عن باحث ومترجم وقارئ مثلك. لكن، من أين لك كل هذا الجَلَد؟

تربيتي الدينية، لعِبت دوراً في تنظيم حياتي. صحيح أن حياة الرهبانية قاسية، ولكن، من ناحية السلوك والتنظيم والتفكير بشكل منطقي كانت مفيدة. وما يزال يؤثر فيَّ. وبروست بحاجة إلى مترجم طويل النَّفَسِ، والحمد لله، قمت بهذا المشروع.

عنوان كتابك الأخير "تقاسيم ترجميّة" يشير إلى انشدادٍ نوستالجيٍّ وشاعريةٍ تتجاوز الترجمة كآلية عمل إلى تأملِ سيرة ذاتية مضمرة عن حياة المترجم، بدليل العبارة التي اختتمت بها كتابك، وهي للكاتبة الفرنسية "إلسا تريوليه"، تقول فيها: "الترجمة عمل شاقٌ ومرهقٌ ومثيرٌ للأعصاب وحافزٌ على اليأس. وهي أيضاً عملٌ مُثْرٍ وضروري للناس ويقتضي التفاني ويثير الهواجس ويتطلب النَّزاهة. وبالطبع يحتاج إلى الموهبة". هل توافقني الانطباع؟

صحيح، أوافقك.. كلمة "تقاسيم" هي في الأصل موسيقية، واستعملتُها لأنني أعتبر أن الموسيقى، وخاصة الكلاسيكية، هي الأرقى، والترجمة هي جزء من هذه الموسيقى. الجملة المترجمة في نظري تكون موسيقية، كما كان بروست أو جبرا إبراهيم جبرا يكتبها.

حبّذا، لو تَذْكُر بعض العناصر المتّصلة بسيرتك الذاتية وأثرها عليك كإنسان يتعاطى مع الترجمة كنسقٍ إنسانيٍّ ومعرفيٍّ واجتماعيٍّ، وتقاطعها مع السياقات المختلفة.

سؤال جيّد. المترجم هو نسيجُ وحدهِ، وكلّ مترجم عنده طريقة وهدف. بالنسبة لي، قبل أن أبدأ بترجمة كتاب، أطّلع على خلفياته، وحول المؤلف، وأبدأ الترجمة بعد أن أكون قد حصلت على معلوماتٍ كافية على النصّ الذي سأترجمه. عندما أُنهي الترجمة الأولى، أتركها فترة من الزمن، كي تتخمَّر اللغة والأفكار، بعد ذلك أعود إلى النص الفرنسي، والنص العربي معاً، وبعد المراجعة، أعود مرّة ثالثة إلى النصِّ العربي، وإذا وجدت خللاً ما، أعود إلى النص الفرنسي، والقراءة الأخيرة تبدأ من دون النص الفرنسي، لكي أكتب بلغة عربية سلسة، ولا أريد أن تُشمَّ رائحة الترجمة من النص الذي ترجمْتهُ، كأنه كُتب مباشرة باللغة العربية.

جميل، ولكن، ألا تعتقد أنّ الترجمة هي "محنة الغريب" على حدِّ وصف الفيلسوف والناقد أنطوان بيرمان؟

نعم، والمترجم إذا لم يشعر بهذه الغربة لا يكون مُترجِماً. لأنّ عالم الكاتب الذي نترجم نصّه، هو عالم مختلف عن عالم المُترجِم.

الترجمة عمل دقيق، وفيه إحباطات، منها ما يتعلّق بالفكرية إذا لم تفهم المعنى المقصود من النص، ومنها ما يتعلّق باللغة. إذاً، أنت تشعر بالغربة أمام النص، وهذه الغربة تخلق نوعاً من حالة القلق تتعلق بسؤال فيما إذا ستصل إلى ترجمة بهية أم إلى ترجمة باهتة، وهذا الهاجس عند المترجم المتقِن هو – بنظري، هاجسٌ مقدَّسٌ.

اسمح لي أن ننظر إلى هذه المحنة من مستوى أعلى، بقليل، أي في علاقة الترجمة بالاستشراق، وفي هذا السياق أذكر كتاب "الاستشراق" للمفكر إدوارد سعيد، الذي يرى أنّ السمة الأساسية للاستشراق هي التحيِّز والاختزال والتنميط والتصوّرات الخيالية. ما أريد قوله هو أنّ السمات والتصوّرات المتعلّقة بالاستشراقية قد تُرجِمَت بفعل اللغات. والسؤال، هو، كيف يمكن فهم هذه العلاقة المريبة بين لغة ما وبين موضوع ما؟ كيف يمكن فهم لغةٍ على أنّها لغةُ فلسفةٍ وشعرٍ وأدبٍ وهي ذاتها لغةُ تبرير وتدمير؟

هالة العبدالله: معياري الوحيد هو الحريّة

05 أيار 2021
في هذا الملف الصغير الذي أعددناه عن المخرجة السوريّة هالة العبدالله، نحاورها في الإخراج السينمائي وفي العمل النضالي ضد نظام الأسد ونحكي عن علاقتها بالثقافة وعن علاقتها بسوريا، كما نرفق...

كتاب "الاستشراق" هو كتاب إشكاليٌّ بحدِّ ذاته. والمستشرقون القريبون عاطفياً وأيديولوجياً من العالم العربي يتحسّسون من كتاب "الاستشراق"، لأنّه يحمل اتهاماً لهم، أي أنّهم يلعبون لعبة الاستعمار. ولكن، بعد سنوات من صدور الكتاب، أرى أنّ رؤية إدوارد سعيد هي في المحصلة "مصيبة" بمعنى، صحيحة.

الترجمة، فيها غربة نفسية، كما قال "بيرمان"، وفيها أيضاً، هيمنة، كما قال إدوارد سعيد.

في هذا السياق، يقول بيرمان أيضاً: "على المستوى النفسي فإن المترجم متعدد الاتجاهات ويريد اقتحام الجانبين، إجبار لغته على الَّتشبُّع بالغرابة وإجبار اللغة الأخرى على النزوح إلى لغته الأم"! ما رأيك؟

هذه المراوحة بين لغة المترجِم واللغة الأخرى فيها الكثير من الكلام والكثير من الألم، لأنّ المترجِم يحاول أن يصل إلى الآخر ويفهم مقاصده، ويحاول أن يؤدّي ما قَصَدَه الآخر من دون يخون فكرة الآخر.

حالياً، الترجمة علم، وصارت دقيقة أكثر، ولكن من سوء حظ العالم العربي، مازلنا نجد ترجمات تجارية كثيرة.

في إطار اللغة العربية، كيف تُعاينُها وهي تعاني من أزمة الترجمة العلمية وتعريب المصطلح في نطاق "النص الرقمي" وتكنولوجيا المعلومات والإنترنت؟

إذا قارنا بين الشعوب الأوروبية التي تخدم لغاتها بشكلٍ متميّز وبين العرب الذين يتغنّون بجماليات اللغة العربية، ويقولون إنّها لغة السماء، ولغة الجنة، ولكنهم لا يخدمون هذه اللغة كما يجب. لشعرنا بأننا مُقصِّرون جداً، واللغة العربية لم تُصبح إلى اليوم لغة كمبيوترية وعلمية.

في "خطاب الحداثة في الأدب"، وهو كتاب مشترك بينك وبين الباحث وليد قصاب، وقفتُ عند عتبة من عتباته، وهي "تاريخ النشر - 2005"، وحاولت الربط بين دلالة تاريخ النشر وما جاء في التمهيد، حيث ذكرتَ فيه جملة من المفاهيم ذات دلالة عميقة، وإن كانت تعود إلى أزمنة خَلَتْ، وهي: إلغاء الحكم السياسي المطلق، إعلان حقوق الإنسان وحرية الفرد، فصل الدين عن الدولة (العمانية أو الدنيوية)، النهضة والإصلاح، ترسيخ دولة القانون، إطلاق المجتمع المدني، دمقرطة الثقافة والتعليم والمجتمع، ترسيخ روح المواطنة مع ما تحمل من واجبات وحقوق، تركيز على العقد الاجتماعي (روسو)، تحديث المجتمع وتثويره، إقامة التوازن بين الروح والجسد.. إلخ. هل من علاقة بين تاريخ النشر (وهو فترة "ربيع دمشق") واستدعاء مثل هذه المقولات؟

صحيح، ولكن، لم يكن هو المؤثّر الوحيد، بل هناك مؤثرات أخرى كثيرة.

سوريا، جغرافية تتعدّد فيها التضاريس السياسية الوعرة، والظواهر الاجتماعية المتباينة، والإثنية، والعرقية، والبيئية، والثقافية.. إلخ. هل من وعي جمالي – جماعي واحد؟ وأين هي المضامين والأشكال التي، من المفترض، أن تعكس الأهمية الضرورية لهذا الوعي؟ وأين هو هذا المبدع الذي يعي ذاته "فوق - الفردية"؟

بالنسبة للسؤال الأول، الجواب هو، طبعاً، لا. أما الجواب عن الثاني، فأقول: إنّ كلّ كاتب عنده رؤيته ومضامينه المختلفة (أيديولوجياً) عن كاتبٍ آخر. وبسبب الظروف التي نعيشها وعشناها، فإن رؤيتنا للإبداع صارت محدودة، أو هي رؤية مقصِّرة إلى حدٍّ ما بالنسبة للرؤية الشمولية أو الفسيحة. بمعنى، نُركِّز على حقوق الإنسان، والمواطنة، ونبقى محصورين داخل هذا الإطار، وهو ليس بالإطار الأوسع، والمأمول، وهذا جوابي عن السؤال الثالث.

أخيراً، وفق الأبعاد الدلالية والرمزية لعنوان الحوار، هل "قلتَ ما ستحكيه"؟

إلى حدٍّ كبير، وليس كلّ شيء.

لماذا؟

لا تكفي المُدّة الزمنية..

مقالات متعلقة

أمل عمران: "سوف أعلمكم التمثيل"

18 آذار 2022
يعتبر السينمائي والمخرج إياس المقداد، فيلم "صندوق الدنيا" للمخرج السوري، أسامة محمد، واحدًا من أكثر الأفلام استثنائيّة ونضجًا في التجربة السينمائيّة السوريّة. وفي سعيه للبحث عن آثار الفيلم، قرّر إجراء...
محمد ملص: حين أبدأ بصناعة الفيلم، أعتبر نفسي في حالة صلاة

10 تشرين الأول 2023
يصحبنا المخرج القدير محمد ملص في هذا الحوار إلى محطات حياته الغنيّة والكثيفة مذ أتيح له "الفرصة لقول شي والسفر لدراسة السينما" حيث عثر على الصيغة التي يجب أن يعبّر...
روزا ياسين حسن: الإنسانية تاريخ طويل من اللجوء، والأرض ملك لكلّ البشر

18 تشرين الثاني 2022
في هذا الحوار، تحكي لنا روزا عن التغيّرات والتحوّلات التي أصابتها في هذا المنفى، سواءً على الصعيد الشخصي أو على صعيد الكتابة، حيث تصف نفسها بالقول "مريضة تكتب عن مرضى،...
فادي يازجي: قلق التعبير والانتحارات المؤجلة

27 أيار 2024
في أزقةِ الشام التي صارت "مملّة بعد أن تعرّضتْ للتشوّهات"، يمشي الفنان التشكيلي، فادي يازجي، ليسرق "وجوهَ الناس في الطرقات، أولئك الذين أصابهم الألم والهم والتعب والأذى، وركام التاريخ المتراكم"....

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد