بعد أسبوعٍ على اعتقاله، أفرج عن الصحفي بكر القاسم وعانق الحريّة.
ويعمل القاسم في مؤسّسات عدّة منها وكالة فرانس برس، ووكالة الأناضول التركيّة الحكوميّة، بالإضافة إلى جهاتٍ صحفيّة أخرى، بينها "سوريا ما انحكت"، وهو على قيد التعاون معها في مشروع جديد.
وكانت زوجته الصحفية نبيهة الطة، قد دعت منذ اعتقاله في منشورات لها على منصّة فيسبوك للإفراج عنه، ناهيك عن مشاركتها في تظاهرةٍ لصحافيين/ات في مدينة إعزاز شمال غرب سوريا.
وكان القاسم قد اعتقل عصر السادس والعشرين من آب/ أغسطس الماضي (2024)، حين كانتْ نبيهة عائدة مع بكر من تغطيّةٍ لمعرضٍ صناعي في مدينة الباب، مُتجهين إلى بيتهما عندما استوقفتهما الشرطة العسكريّة التابعة لفصائل "الجيش الوطني" وحلفائها من الاستخبارات التركيّة عند ما يسمّى "دوّار حلب"، كما تروي في مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي. عندما سأل بكر عن سبب اعتقاله، اعتدت عليه الشرطة بالضرب والسحل، ثم وُضعا في سيارتين منفصلتين، وانقطعَ التواصل بينهما.
بعد استجوابٍ لم تعرف خلاله ماهيّة الاتهامات المُوجّهة لهما، أفرجت الشرطة العسكريّة في الباب عنها بعد ساعتين، جرّاء ضغوطات من السكان المحليين، لكونها من أهالي المنطقة، فيما بقي مصير بكر مجهولاً إلى حين.
لاحقاً، علمت أنّه بات معتقلاً لدى الاستخبارات التركيّة في قرية "حوار كلس" القريبة من الحدود، وأنّ منزلهما دُهم وصادروا منه معدّات تصوير وكومبيوتر محمول، وهواتف محمولة ووثائق شخصيّة عائدة لبكر، في سلسلةٍ من الإجراءات التعسفيّة البعيدة عن أيِّ مسارٍ قانوني.
وكانت قناة "أي بي سي" الأميركية قالت إنّ اتهامات عدّة وُجّهت إلى بكر منها "تحضير تقارير صحفية لعدّة أطراف" خارجية. وفي حديث لها مع "سوريا ما انحكت" حول اعتقاله كانت الطه قد وضعت هذا الكلام، وغيره عن تسبّب تقارير يُفترض أنّه صورها لشبكة فرانس برس، في خانة التخمينات والشائعات لا أكثر، موضّحة أنّها لا تعلم شيئاً عن هذه التقارير، وأنّ فرانس برس وكالة دوليّة معروفة، وأنّ إعداد أيّ تقرير لصالحها لا يخرج عن مهام بكر كمراسل.
وكانت مؤسّسات صحفية ومنظّمات معنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين/ات، كلجنة حماية الصحافيين ومراسلون بلا حدود، ناشدتْ الجهات المنفذة للاعتقال بإطلاق سراحه والسماح له بالعمل بحريّة.
وكان قد نظّم عشرات الصحفيين في مدينة إدلب تظاهرة داعين لإطلاق سراح البكر وزميله كرم كلية، الذي اُعتقل في شهر حزيران/ يونيو الماضي في ظروفٍ مشابهة بعد خروجه من مطعم في مدينة إعزاز.
وكما اعتبرت الصحفية سلوى عبدالرحمن وهي تقف على مقربة من الاحتجاج في إدلب، بأنّ ما يجري مؤشّر على انخفاض مؤشّر حريّة الصحافة في الشمال السوري.
ودعا مدير مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود، جوناثان داغر، إلى التوقف عن التضييق على الصحفيين في سوريا، التي تُعد إحدى أخطر دول العالم للإعلاميين، وتُصنّف في المركز ١٧٩ من أصل ١٨٠ بلداً على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام ٢٠٢٤ الصادر عن المنظمة.
ولا يمكن النظر إلى هذه الاعتقالات خارج السياق التركي. إذ يتضمّن ملف تركيا في موقع مراسلون بلا حدود (ترتيبها على تصنيف حريّة الصحافة العالمي هو ١٥٨ من ١٨٠)، بيانات ثلاث تخصّ جميعها صحفيين سوريين معتقلين أو مهدّدين بالطرد من البلاد.
وكانت منسقة برنامج الشرق الأوسط المؤقتة للجنة حماية الصحفيين، يغانه رضائيان قد دعت "الجماعات السورية لإيقاف تقليد نهج الرئيس بشار الأسد العدائي حيال الإعلام"، والإفراج عنه فوراً.
وأوضحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنّ "الجيش الوطني" يقتفي خطى النظام السوري في اعتقالاته، التي تكون عادة دون أيّة مذكرات، عبر الخطف من الأماكن العامة أو بعد مداهمة مقرّات الجهات الإعلامية والمؤسّسات المدنية، وعبّرت عن خشيتها من تعرّض بكر للتعذيب، وأن يصبح واحداً من المختفين قسراً، كحال ٨٥٪ من المعتقلين/ات، داعية إلى الافراج عنه وتعويضه على ما لحق به.
"سوريا ما انحكت" تبارك للصحفي القاسم إطلاق سراحه وتضمّ صوتها إلى المؤسّسات الصحفيّة والحقوقيّة الداعية للتوقف عن اعتقال الصحفيين والكتّاب.