متحف سجون داعش الافتراضي

مبادرة تحاول إضاءة ماضي التنظيم المظلم


مع تهاوي تنظيم داعش في سوريا والعراق، حاول فريق من الصحفيين/ات والباحثين/ات والناشطين/ات الوصول إلى سجون التنظيم الكثيرة، بحثاً عن أصدقاء وزملاء أخفاهم التنظيم، ليجدوا عدداً هائلاً من البيانات الإلكترونية والورقية، منها ٧٠ ألف وثيقة، هربوها إلى خارج البلاد. قسم من هذه الوثائق نجدها اليوم في "متحف سجون داعش". هنا لقاء موسّع مع مدير المتحف، الصحفي عامر مطر، حول تأسيس المتحف، وكيفية تعاملهم مع البيانات الشخصية التي تضمّه، وما يصبون لتحقيقه عبر هذا المتحف.

07 تشرين الثاني 2024

سليمان عبدالله

صحافي سوري مقيم في ألمانيا، يكتب في مواضيع الهجرة والنقاش العامة المرتبطة بالهوية والعنصرية والفن.

تضع الأنظمة الأمنية والاستخباراتية المعروفة ببيروقراطيتها وتنظيمها الشديد كلّ الاحتمالات في حسبانها، عدا احتمال سقوطها وكيفية التعامل مع هذا السيناريو، الذي يبدو أنه يفوق خيالها، لتجد نفسها مضطرةً لترك ما خطّته من وثائق، وما بنته من سجون خلفها. هذا ما وجد فريق من الصحفيين/ات والباحثين/ات والناشطين/ات أيضاً أنفسهم أمامه مع تهاوي تنظيم داعش في سوريا والعراق تدريجياً أمام تحالف دولي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربته. وفيما كانت المعارك ما زالت مشتعلة، حاولوا الوصول إلى سجون التنظيم الكثيرة، بحثاً عن أصدقاء وزملاء أخفاهم التنظيم، ليجدوا أمامهم عدداً هائلاً من البيانات الإلكترونية والورقية، منها ٧٠ ألف وثيقة، هربوها إلى خارج البلاد.

مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، أطلق الفريق رسمياً متحفاً رقمياً تفاعلياً للجمهور تحت مسمّى "متحف سجون داعش"، يقدّم عينة ممّا لديهم من معلومات ووثائق، وتحقيقات ذات صلة بجرائم التنظيم.

التقينا مدير المتحف، الصحفي عامر مطر، وكان هذا الحوار حول تأسيس المتحف، وكيفية تعاملهم مع البيانات الشخصية التي تضمّه، وما يصبون لتحقيقه عبره.

*بدأتم العمل على مشروع جمع معلومات عن سجون داعش في العام ٢٠١٧، كيف كانت البداية، وما كان دافعكم لمشاركة بياناتكم مع الجمهور؟

سجن العقاب.. أخطر سجون جبهة النصرة في إدلب

21 نيسان 2020
"قضيت سبعة عشر يوماً متواصلاً داخل ذاك النعش الحديدي، وكانت المرة الثالثة التي يضعوني به خلال عام ونصف قضيتها في سجن العقاب" هذا ما يقوله سعيد لحكاية ما انحكت، فما...

عندما بدأنا العمل في ٢٠١٧، لم نكن نفكر في إنشاء متحف. كنا نبحث فحسب عن صحفيين مفقودين، زملائنا في مؤسسة الشارع للإعلام. مع بدء انحسار نفوذ داعش عن مناطق سيطرتها في سوريا والعراق، باتت لدينا كصحفيين الفرصة لدخول هذه الأماكن وتصويرها، ومعرفة ما كان داخل هذه السجون والمباني السرّية، التي اعتقل التنظيم آلاف الناس فيها. خلال التجوال داخلها، بدأنا نعثر على آلاف من وثائق التنظيم، وآلاف الأسماء والحكايات والعبارات، المكتوبة على الجدران، التي خطها معتقلون سابقاً. أشعرنا هذا بالمسؤولية، إذ أدركنا أنّ لدينا معلومات ووثائق مهمّة للغاية تخصّ عشرات الآلاف من الأشخاص.

كانت معظم سجون داعش مدارس وبيوت خاصة، ومشافي ومحلات. حولت القوى المسيطرة الجديدة سجون التنظيم، التي صورناها بكاميرات عادية، مجدداً إلى معتقلات، أو عاد أصحاب المنازل، التي حولها التنظيم إلى سجون، إليها.  بدأ التغيير يطال بعض المباني. هنا بدأنا التفكير في كيفية الحفاظ على هذه المباني بوصفها وثيقة تاريخية لبلادنا، تكشف عن كيفيّة تحويل هذه المباني إلى بعض من أبشع السجون. فكرنا في تصويرها بصيغة ثلاثية الأبعاد، ثم مضينا في عملنا.

كانت المرحلة الأولى قائمة على البحث عن سجون، ثم محاولة معرفة ماهيتها، حيث كانت هناك سجون أمنية، وسجون حسبة، ومحاكم إسلامية. كانت مرحلة طويلة ومعقدة ومحفوفة بالمخاطر، لعدّة اعتبارات، علّ أبرزها كون معظم المباني مفخّخة. كان من الصعوبة بمكان الدخول لمكان لا تعرف إن كان ملغماً أم لا. في العام ٢٠١٧ والأعوام التالية له، مات آلاف الناس جرّاء انفجار الألغام التي تركها داعش خلفه. كنا عاجزين مثلاً عن دخول مستشفى الأطفال في الرقة، الذي كنّا نعرف بوجود سجن داخله، لكونه ملغماً. حدث وأن دخلنا لمباني ونحن لا نعلم بأنّها كانت سجناً، قبل بدئنا بالبحث والاستدلال عليها، من خلال النظر إلى نوعية الأبواب والنوافذ والتحصينات وما تُرك على الجدران.

(مدير "متحف سجون داعش" الصحفي عامر مطر/ المصدر: عامر مطر)

عودة لسؤالك، كان هدفنا عند عثورنا على الوثائق، تأريخ هذه المرحلة. نحن بحاجة لفهم ما حدث في بلادنا، وما عاشه ناسها، ودراسة الوحشية التي نمرّ بها، وأسبابها، ومنبعها. لسنا السبّاقون في ذلك، هناك متاحف عن مخابرات ألمانيا الشرقية والنازية، ومتحف الأمن الأحمر في كردستان العراق، الذي كان سجناً في عهد صدام حسين.

يتضمن عملنا مقارنة الأنظمة السجنية والقوانين، من حيث أدوات التعذيب ومنطق التحقيق وشكل السجون، التي يعود بعضها إلى نظامي البعث في سوريا والعراق، أو حتى معتقلي غوانتانامو وأبو غريب ومعسكر بوكا. لذا اعتقد أنّ التوحش مرتبط ببعضه بعضاً في كلِّ أنحاء العالم، وكلِّ دائرة عنف جديدة مبنية على دوائر عنف أخرى.

عشرية مشروع "ذاكرة إبداعية للثورة السورية"

20 حزيران 2023
مع نهاية شهر أيار من العام 2023، يبلغ مشروع "ذاكرة إبداعية للثورة السورية"، سنته العاشرة، وأمام هذا المعطى الزمني، فإنّ متعة الإنجاز والاستمرارية تتجاور مع ضرورة مساءلة التجربة وإعادة مراجعتها،...

هذا يعني أنكم كنتم تخشون في المرحلة التالية لانحسار سيطرة التنظيم من اختفاء آثاره، بعضها كان المعتقلون قد رسموها على الجدران، نتيجة عودة المدنيين إلى منازلهم التي كانت قد حُوّلت لمعتقلات.

نعم. كان سباقاً مع الزمن. لم تعد الغالبية العظمى من السجون التي عثرنا عليها ووثقناها، موجودة. لكنّنا كنا محظوظين في استباق تحرّكات المجتمع وتلك التي قامت بها القوى المسيطرة على مناطق مختلفة في العراق وسوريا. كانت هناك أنظمة مختلفة ومجتمعات مختلفة، تحاول العودة والتعايش مع ما جرى. مثلاً كان سجن البرج في بلدة الطبقة، مبنى حكومياً سابقاً، وعاد ليكون كذلك. والكلام نفسه ينطبق على مدرسة معاوية في الرقة ومبنى القائمقامية في الموصل. عاد سجن الأحداث في الموصل أيضاً ليكون سجناً مجدّداً.

إلى أيّ حدٍّ كانت الأطراف المسيطرة على الأرض متعاونة معكم؟

نظراً لمحاربة جميع القوى المسيطرة داعش، لم يكن لديهم مشكلة من حيث المبدأ في توثيق السجون. كان لذلك أثر إيجابي على عملنا، حيث استطعنا الوصول إلى أماكن غير متاحة للعامة. لكن مع ذلك، لم يخل عملنا من صعوبات جمة، إذ استغرق منّا أعواماً من التنسيق وأحياناً الحصول على موافقات، واضطرت فرقنا أحياناً للبقاء في منطقة لستة أشهر، بسبب تجدّد الاشتباكات وتغيّر قوى السيطرة على المنطقة. وكما تعلم، لا يستطيع فريقنا العامل في مناطق قوات سوريا الديمقراطية مثلاً أن ينشط في مناطق السيطرة التركية أيضاً. كان فريقنا في منطقة سنجار يعمل في منطقة يسيطر عليها مجموعة من القوات المتحالفة جزئياً والمتحاربة جزئياً. وتعرّضت بعض فرقنا لبعض المضايقات بحسب المكان الذي نشطوا فيه. رغم كلّ ذلك، كان هناك نوعاً من التعاون. هناك مناطق لم نستطع الاقتراب منها، كتلك التي يسيطر عليها النظام السوري، كشأن دير الزور وتدمر، التي كانت تضم الكثير من سجون داعش.

صور من معرض ثلاث جدران في مقر اليونسكو في باريس، المصدر: إدارة متحف سجون داعش الافتراضي

هل فكرتم في تنظيم فعالية ذات صلة بالمتحف، على الأرض في سوريا والعراق؟

حاولنا بشكل أو آخر تحويل سجن الأحداث، أحد أبشع سجون داعش في الموصل، إلى متحف. هذا سجن ذو تاريخ طويل تعاقبت عليه الأنظمة وقوى السيطرة، وبالتالي نحن أمام طبقات سجنية مختلفة. إلا أنّ السلطات رفضت، مجادلة بأنهم يريدون نسيان ما جرى. نحلم بتحويل سجن الملعب في الرقة إلى متحف مثلاً، وهو أحد السجون القليلة الذي ما زالت موجودة، ولم تغيّر فيه إدارة المنطقة. لكن المشكلة تكمن في المخاوف الأمنية، إذ ما زال التنظيم يشن هجمات وإن كانت محدودة في المنطقة رغم انحسار سيطرته عنها، وبالتالي نفكّر في سلامة فريقنا والزوار، واحتمال تعرّض الموقع لهجمات من التنظيم حال تحويله إلى متحف. لذا لدينا أفكار، لكنها مؤجلة لأسباب خارجة عن قدراتنا.

عامر مطر: نريد إتاحة البيانات لأغراض بحثية، وتوفير معلومات قد تكشف عن معرفة مصائر الآلاف المفقودين في سجون داعش، أي لأجل خدمة المجتمع، الذي نعده هدفنا الأول

سيكون انطلاق متحفنا الافتراضي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الحالي في مقرّ اليونسكو الرئيسي في باريس، وسننظم معرضاً بهذه المناسبة في أحد أكبر صالات المقر، عن الموصل القديمة، بعنوان ثلاثة جدران، وهي دلالة على الغرفة المهدومة أو الناقصة. حوّل داعش معظم بيوت الموصل القديمة إلى مقرّات أمنية وعسكرية ومحاكم. دُمّرت خلال الحرب. قُتل الكثير من الأهالي بسبب داعش والحرب على داعش. سنوفّر للزوار فرصة التجوّل في الموصل القديمة ورؤية ما حلّ بها من دمار، بنسخة ثلاثية الأبعاد منها، وسماع شهادات على ما جرى، وتاريخها المعماري. ركزنا على مبنيين هما كنيسة السريان، التي حُوّلت إلى سجن، وبيت في منطقة الميدان، حُوّل إلى سجن للحسبة. نحكي عن طبقات البيت أو السجن، والعمارة في المدينة ككل، التي تتميّز بفرادتها. يعرض أيضاً مسجد النوري الذي استخدمه داعش، منبره، ليعلن من دولته.

*ما هي التقنيات المستخدمة في المعرض الافتراضي؟

ما هو موجود على واجهة الموقع هو جزء صغير مما بنيناه في الأعوام الماضية، ونوفره للمحققين/ات والباحثين/ات. نستخدم ما يُسمّى "نظام الالتقاط" الذي يربط بين السجون والسجانين من جهة، وأيضاً بين السجون والمقابر الجماعية من جهة أخرى.

*عند الكشف عن صور قيصر، انتشرت صور جثث وبيانات الضحايا بطريقة فوضوية، لا تحفظ كرامتهم، على مواقع التواصل الاجتماعي.  ما الذي قمتم به كي لا يتكرّر الخطأ. أعني التعامل مع مسألة سرّية بيانات الأشخاص الواردة أسمائهم في الوثائق، خاصة في منصّة جواب، التي لم تطلقوها بعد، المخصّصة بمعتقلي/ات التنظيم؟

حوار غير منشور سابقًا مع الأب باولو

29 تموز 2022
في نهايات العام 2012 التقى وسيم حسن بالأب باولو على هامش أحد مؤتمرات المعارضة وسجّل معه حوارًا صحفيًا لم يعرف طريقه إلى النشر كاملًا حتى اليوم، علمًا إنّ بعض أجزائه...

هذه واحدة من أكثر الجوانب حساسية من عملنا، التي نحاول أن نكون حذرين ودقيقين في التعامل معها. ننشر فقط نماذج محدّدة من الوثائق التي لا تحتوي على أسماء. وإن ضمت الوثيقة أسماء، لا ننشرها إلا بعد تظليلها. لدينا آلاف التقارير الأمنية التي كتبها الناس ببعضهم بعضاً، والمعلومات السرّية المتعلّقة بالحياة الشخصية للأفراد.

سيكون متاحاً للعائلات البحث عن أسماء أولادهم، عبر أدوات البحث، ومعرفة معلومات عنهم، لكن ضمن آلية قانونية، دقيقة للغاية. أي لن يستطيع أياً كان، البحث عن أيّ اسم يريده ويجد أمامه الوثائق المرتبطة بالاسم. بل سيسبق ذلك مجموعة إجراءات من شأنها حماية الشخص المعني، وعائلته، وكلّ الأسماء الواردة في التقرير.

الموضوع من الحساسية بمكان، وقد يؤثر على حياة أناس يعيشون في مختلف دول العالم. نريد تفادي مشاكل كشأن تفسير سلطات دولة ما تقريراً بطريقة خاطئة واتخاذها إجراءات ضدّ شخص ورد اسمه فيها.

*هل تتوقعون أن تكشف ما لديكم مصائر بعض المعتقلين/ات لدى التنظيم؟

لنكون واضحين، لن نكون جهة تصدر شهادة وفاة لمعتقل/ة. لدينا وثائق تقول مثلاً أنّه نُفّذ حكم الإعدام بحق فلان/ة، بهذه التهمة، وفقاً لهذه الشهادات، وهذه بصمته. مع ذلك، مسألة كشف المصير معقدة للغاية، إذ لا يمكننا الجزم بأنّ الوثيقة دليل يؤكد تنفيذ الحكم. أعرف شخصياً بعض الحالات التي لم يُنفذ فيها حكم الإعدام رغم توقيع الأشخاص المعنيين قرار إعدامهم، وذلك لأسباب شتى، كشأن تعرّض المنطقة للقصف وهرب المتواجدين في المكان، أو أسباب أخرى تعود لمنطق التنظيم. لذا لن ننشر هذه الوثائق وسنتواصل مع العوائل ونطلعهم عليها عبر الفريق القانوني، بعد التأكّد من صلة القرابة بينهم، عبر الوثائق الشخصية.

لدينا عدد هائل من المقابر الجماعية في سوريا. أعتقد أنّ الكشف عن مصير المفقودين/ات مستقبلاً سيكون فقط عبر تحليل الحمض النووي للرفاة فيها. هذه أيضاً مسألة ذو شجون، إذ عملت اللجنة الدولية للمفقودين في مناطق محدّدة فقط في العراق.

عامر مطر: لنكون واضحين، لن نكون جهة تصدر شهادة وفاة لمعتقل/ة. لدينا وثائق تقول مثلاً أنّه نُفّذ حكم الإعدام بحق فلان/ة، بهذه التهمة، وفقاً لهذه الشهادات، وهذه بصمته. مع ذلك، مسألة كشف المصير معقدة للغاية، إذ لا يمكننا الجزم بأنّ الوثيقة دليل يؤكد تنفيذ الحكم

* نشرت صحيفة نيويورك تايمز في العام ٢٠١٨ ما يُسمّى ملفات داعش، نتاج بحث في حوالي خمسة عشرة ألف وثيقة قالت مراسلتهم حينها، أنها حصلت عليها في العراق، هل كان هناك شكل من التعاون أو التنسيق بينكم؟

لم نتعاون مع أيّة جهات خارجية لأسباب متعلقة بمصداقية المعلومات. الوثائق التي اعتمدنا عليها جمعناها بأيدينا من المباني والمقرات، وحللناها ودققناها. هناك جهات عدّة في العالم تمتلك وثائق عائدة للتنظيم، منها جهات دولية كمهمة يونيتاد التابعة للأمم المتحدة، التي أنهت أعمالها في أيلول/سبتمبر الماضي. داعش تنظيم بيروقراطي للغاية، وكلّ عملياته الداخلية مدققة ومؤرشفة. لذا نعتقد أنّ عدداً كبيراً من الجيوش وأجهزة الاستخبارات تمتلك وثائقاً تعود للتنظيم.

كان مشروعنا سرّياً ولم نتواصل مع أيّة جهات أخرى. بدأت في الأثناء تصلنا طلبات من باحثين وصحفيين/ات دوليين معروفين، لديهم رغبة في الاطلاع على وثائق متعلّقة بقضايا بعينها يحقّقون بشأنها. لكننا حذرون، لأنّ نشر الوثائق في فترات سابقة، كالفترة التي تلت سقوط نظام صدام حسين، أدّت إلى ثارات وأعمال عنف.

عامر مطر: داعش تنظيم بيروقراطي للغاية، وكلّ عملياته الداخلية مدققة ومؤرشفة. لذا نعتقد أنّ عدداً كبيراً من الجيوش وأجهزة الاستخبارات تمتلك وثائقاً تعود للتنظيم

يعود حذرنا إلى إمكانية مصادفة صحفيين/ات يريدون استخدام المعلومات بغرض الاستعراض فقط، وهو أمر نحن بعيدون جداً عنه. نريد إتاحة البيانات لأغراض بحثية، وتوفير معلومات قد تكشف عن معرفة مصائر الآلاف المفقودين في سجون داعش، أي لأجل خدمة المجتمع، الذي نعده هدفنا الأول. نحن لسنا جهة صحفية تتسابق مع الآخرين على "كشف المستور" مثلاً.

*تقولون أن من أهدافكم الرئيسية حفظ الأدلة لمحاكمات مستقبلية، هل من جهات قانونية تعاونتم معها حتى الآن؟

نعم المساهمة في تحقيق العدالة جزء رئيسي من عملنا. تصلنا طلبات من محاكم ومدعين عامين، ونرد عليها وفق ما لدينا من معلومات. نحن جزء من آليات قانونية دولية لتحقيق العدالة.

رسمٌ فوق جدران سجون داعش

22 شباط 2022
في المهجع رقم أربعة في سجن المحكمة الإسلاميّة في مدينة الباب، والذي تبع تنظيم داعش، كان أبو ديار معتقلًا، فقط لأنّه كرديّ. رسم أبو ديار فوق جدران ذلك السجن، وكتب...

*إلى أي مستوى تصل سرّية البيانات الموجودة لديكم، هل نتحدّث هنا عن وثائق يومية أمنية، أم معلومات بالغة السرية، متعلّقة مثلاً بتعاون التنظيم مع جهات دولية؟

الوثائق متنوّعة للغاية، منها وثائق ورقية، تعود لدواوين مختلفة في التنظيم، كديوان الحسبة والقضاء والمظالم والجند، ووثائق مسجلة، تتضمّن تحقيقات وتسجيلات تنصت يسجلها التنظيم للناس. هناك أيضاً صور وفيديوهات كانت موجودة في الهواتف واللابتوبات التي تركها عناصر التنظيم ورائه. يعود جزء منها إلى حياتهم اليومية ومعاركهم. هناك الآلاف من جوازات السفر والهويات التي جمعناها من أماكن مختلفة، مثل الباغوز، شرق سوريا. هناك أوراق تخص استراتيجية التعامل مع المجتمع والمعارك، لكنني لا أذكر وأن قرأت ما يخص تعاون التنظيم مع دول مثلاً.

*نؤمن بأنّ حياة كلّ معتقل/ة مهمة، لكن سؤالاً سيقفز لذهن الكثير من قرّاء هذه المقابلة فوراً، هل تتضمّن الوثائق أيّ معلومات بخصوص معتقلين/ات مثل الأب باولو أو سمر الصالح مثلاً؟

لم نجد للأسف أيّة وثائق مرتبطة بالمذكورين، وغيرهم من المعتقلين/ات، بينهم أفراد من عائلتي، كشقيقي محمد نور.

*أخيراً، ممن يتكوّن فريقكم، وما هي أبرز المواد التي تنوون نشرها أو الفعاليات التي تنوون تنظيمها؟

يتضمّن فريق عملنا اليوم أكثر من ستين شخصاً، متواجدين في مختلف دول العالم، من صحفيين/ات (بينهم روبن ياسين قصاب، رئيس تحرير النسخة الانكليزية) ومصورين وباحثين ومهندسين معمارين وقانونيين وخبراء في الأرشيف وقواعد البيانات والأمن الرقمي. ازداد عدد أعضاء الفريق مع تطوّر المشروع، بدأت العمل مع باحثين ومصوّرين، وازداد عدد أعضاء الفريق حسب حاجتنا. أنضم إلينا مثلاً متخصّصون في مجال التصميم الثلاثي الأبعاد، ومؤخراً في مجال تنظيم المعارض.

سننشر دورياً ملفات وتحقيقات ذات صلة. الملف القادم سيكون عن مجزرة الشعيطات في سوريا، وستتضمّن تفاصيل دقيقة عمّا جرى فيها، سيليها ملفات عديدة عن السجون الأمنية في بلدة الطبقة، والموصل والإيزيديين وكوباني.

بعد معرض باريس، نخطّط لأن تحتضن برلين معرضنا التالي، الذي سنخصّصه لديوان الحسبة، الذي نمتلك عنه معلومات هائلة. كان لدى الديوان، مئات السجون، اعتُقل فيها آلاف الأشخاص، ونفذ أحكاماً عنيفة ضدّهم.

مقالات متعلقة

أعطتني سترة ابنها المعتقل

11 تشرين الأول 2016
في الخارج أمام القصر العدلي، كان الكثير من الأشخاص ينتظرون. أوقفتني امرأة في الخمسين من العمر، وسألتني: من أين خرجت؟ وأجبتها: من المخابرات الجوية، ففرحت وسألتني عن ابنها علّه يكون...
كي لا أنسى، أكتب لكم عن الثورة (الجزء الأول)

13 أيلول 2023
لم أتحدث يوماً عن نشاطي في ظلّ الثورة، ولطالما فضّلت الصمت والاحتفاظ بالأشياء لنفسي ولطبيعتي التي تفضّل الصمت والإصغاء على الكلام. لكن، ما جعلني أكتب هذا النص هو خوفي على...
تجارة الاعتقال في سجون ومعتقلات النظام السوري

16 نيسان 2020
هل يمول ذوو المعتقلين والمختفين قسرياً المؤسسات الأمنية التي تسلبهم أبنائهم؟ للإجابة عن هذا السؤال، اعتمد هذا التحقيق على تقصّي حالة مئة مواطنة ومواطن سوريين ممن تعرّضوا للاعتقال أو الإخفاء...
عن السجن.. تجربة وكتابة

18 شباط 2020
هل سوريا وحدها سجنا؟ ألم يتحول العالم بأسره إلى سجون؟ ألا تدير الاستخبارات الأميركية مئات السجون في أماكن متعددة من العالم تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب"؟ ألم تعود سياسة رفع الأسوار...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد