عاش الاقتصاد السوري منذ عام 2017 وحتى الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 في ظل أربع حكومات أمرٍ واقع، فرضت كلٌّ منها أنموذجها الاقتصادي على السكان الخاضعين لسيطرتها، لكنّ السورييّن/ات استيقظوا على واقعٍ جديد بعد سقوط نظام الأسد؛ وتسليم الوزارات من رئيس مجلس الوزراء في نظام الأسد إلى رئيس مجلس حكومة الإنقاذ محمد البشير ووزرائه، لتمتدّ سلطة حكومة الإنقاذ بذلك من منطقةٍ صغيرة تشكل نحو 3.2% من مساحة سوريا وتضم 4 ملايين نسمة، إلى جميع المدن والبلدات السورية، باستثناء المناطق الواقعة تحت سلطة الإدارة الذاتية شرقي الفرات، ومناطق سيطرة الحكومة السورية المؤقتة في الشمال وشمال غربي سوريا، التي وضعت نفسها أخيراً تحت تصرف سلطة دمشق.
لطالما روّجتْ قوى الأمر الواقع في سوريا لأنموذجها الاقتصادي بوصفه إنموذجاً لما قد تكون عليه سوريا مستقبلاً، فأيُّ نظامٍ اقتصاديٍ قد أسَّسَت له تلك القوى؟ تسعى هذه المادة للإجابة عن هذا السؤال من خلال قراءة وتحليل النماذج الاقتصادية لقوى الأمر الواقع في سوريا، في محاولةٍ للكشف عن طبيعة نظامها الاقتصادي.
حكومة الإنقاذ
مع الترسيم الإقليميّ والدوليّ لمناطق النفوذ في سوريا، وتراجع الدعم الخارجيّ للحلول العسكرية، سعت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) للتماهي مع الوضع الجديد، فأسّست في سبتمبر/أيلول من عام 2017 "مجلس الشورى العام"، الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه عن تشكيل "حكومة الإنقاذ" برئاسة علي كده (وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال)، ومذّاك اتخذت الهيئة حكومةَ الإنقاذ واجهةً سياسية وإدارية لنشاطها الاقتصادي في مناطق سيطرتها، وسعت لإدارة هذه المناطق واقتصادها كدولة. جاء ذلك بالتزامن مع تعاظم تركيز الهيئة وزعيمها أحمد الشرع (الذي كان يعرف في حينها بـ أبو محمد الجولاني) على إظهار أنفسهم كمشروعٍ لقادة سياسيين، ومحاولة نزع صفة الإرهاب عن أنفسهم.
شبكة محاسيب الهيئة
سعت حكومة الإنقاذ، ومن خلفها الهيئة، إلى التدخل في النشاط الاقتصادي في مناطق سيطرتها في مجالين أساسيين، هما: التجارة والقطاعات الخدمية الحيوية. في مجال التجارة، عملت الهيئة على احتكار استيراد السلع الأساسية من خلال بناء شبكةٍ من التجار المقربين منها، أو عبر تصدير شخصياتٍ تعمل واجهةً للنشاط التجاري للهيئة، كما فرضت الهيئة على التجار (ولا سيما كبار المستوردين) معادلةً تقوم على الجباية مقابل الحماية، ووظفتْ وزاراتِ ومؤسسات حكومة الإنقاذ لهذا الغرض، فقد كان بيد الأخيرة منح رخص مزاولة العمل التجاري والاستيراد، وكافة الإجراءات المرافقة للأنشطة التجارية، ما يعني قدرتها على تعطيل/تسهيل النشاط التجاري بناءً على شبكة المتعاونين مع الهيئة أو من يعملون واجهةً لها. وبذلك أحكمت الهيئة قبضتها على تجارة عددٍ من السلع الأساسية والاستهلاكية.
سوريا.. كيف نربط بين القضايا الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية لخدمة 99% من الشعب؟
10 شباط 2025
وتعدّ تجارة المحروقات إحدى أبرز مظاهر احتكار التجارة، حيث أسّست الهيئة عدداً من الشركات التي تعمل على استيراد المحروقات وتوزيعها، وكانت أولى تلك الشركات "وتد للمحروقات" التي تأسّست عام 2018، ووصل إيرادها للهيئة إلى نحو 3.5 مليون دولار سنويا ً[1]، وبسبب تصاعد الاتهامات باحتكار الهيئة لتجارة المحروقات عبر "وتد"، ظهرت شركتا "الشهباء" و"كاف"، إلا أن نشاطهما لم يكن إلا نشاطاً صورياً، إذ كان واضحاً أنهما لا تعملان بجديّة على منافسة وتد، فكانت أسعارهما "المنافسة" لا تنقص عن أسعار وتد إلا بقروش قليلة (غالباً قرشين). ومنذ نهاية عام 2022 وصل عدد شركات المحروقات إلى 6 شركات؛ أبرزها طيبة (وريثة شركة وتد التي حلّتْ نفسها في العام ذاته*) والعالمية، إلى جانب 4 شركاتٍ ترتبط جميعها بأشخاص على علاقةٍ وثيقة بالهيئة، ويظهر من نشاط هذه الشركات على الأرض، من ناحية الأسعار والخدمة، انها تعمل كأفرع لشركةٍ واحدة، إذ لا منافسة حقيقية بينها[2]. إلى جانب تجارة المحروقات يبرز احتكار الهيئة لتجارة السكر والفروج المجمّد والموز ومواد البناء، وغيرها من السلع الاستهلاكية والأساسية، التي يُقدّر دخلها على خزينة الهيئة بأكثر من 11 مليون دولار سنوياً.
أما على صعيد القطاعات الخدمية الحيوية فقد أسّست الهيئة شبكةً من المستثمرين كواجهةٍ مالية لها. ويعدّ قطاعا الاتصالات والكهرباء من أبرز مظاهر احتكار الهيئة للقطاعات الخدمية الأساسية، ففي قطاع الاتصالات تسيطر الهيئة عبر شركة "إيلكوس" على خدمة تزويد الإنترنت في مناطق سيطرتها، كما أسست أخيراً شركة اتصالات "Syria Fhone- سيريا فون"، التي بدأت نشاطها في شهر أيلول 2023[3]، وتغطي شبكتُها، وفقاً لموقع الشركة، جميع مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام[4]، وقد بدأت ممارسة نشاطها سريعاً في حلب بإزالة أبراج شبكتيّ الاتصالات سرياتيل وام اتي ان، وإحلال أبراج شركة "Syria Fhone- سيريا فون"[5]. أما عن ملكية الشركة، فيعود نصفها إلى حكومة الإنقاذ، والنصف الثاني إلى "مستثمرٍ خاص" لم تفصح الإنقاذ عن اسمه[6]، في تكرارٍ لطريقة عملها في المجالات الاقتصادية الأخرى، من حيث انعدام الشفافية واستئثارها بالقرارات الاقتصادية. وفي قطاع توليد الكهرباء تملك الهيئة شركة "Green Energy"، التي يبلغ رأسمالها نحو 1.5 مليون دولار، وتدرّ سنوياً ما يقارب 150 ألف دولار. كما تسيطر الهيئة على قطاع النقل عبر شركة "زاجل"[7]، التي تتفرد أيضاً باستيراد السيارات الأوروبية والأدوات المنزلية والتخليص الجمركي[8]. وقد امتدّ احتكار "زاجل" على معظم الأراضي السورية في قطاع النقل الداخلي، من دون أيّ إفصاح عن طبيعة التعاقد أو الترخيص الذي حصلت بموجبه على حق العمل في هذا المجال. ينسحب الأمر نفسه على شركة "E-Clean" (مؤسسة البيئة النظيفة) التي كانت تنشط في مجال جمع القمامة وتنظيف الطرقات[9]، حيث بدأت الشركة في إنشاء حاوياتٍ للقمامة في مدينة حماة، كما ظهر لها نشاطٌ في تنظيف القمامة في حلب ودمشق.
وفي مجال الإنشاءات، تسيطر الهيئة عبر شركة "الراقي للإنشاءات"، التي تعود ملكيتها إلى عبد الرحمن سلامة (أبو إبراهيم سلامة) وهو أحد قياديّي الهيئة الذي بات معروفاً اليوم بالذراع الاقتصادية للشرع، على التعهدات الإنشائية للمشروعات الكبيرة في مناطق سيطرتها، ويبدو أنه من المرجح أن يتوسّع دور سلامة مستقبلاً بعد ظهوره إلى جانب الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في عددٍ من الاجتماعات الرسمية.
وتمتد احتكارات الهيئة إلى الإعلانات الطرقيّة، التي تسيطر عليها عبر شركة "creative inspiration"[10].
كما تمتلك ثلاثة صناديق استثمارية يبلغ مجموع رأسمالها أكثر من 9.5 مليون دولار، وتُقدر أرباحها السنوية بنحو 1.6 مليون دولار. هذا بالإضافة إلى امتلاك مقربين من الهيئة لمئات المحلات والمراكز التجارية، ونشاط عناصرها في تسهيل تهريب الأفراد إلى تركيا مقابل 50 دولاراً لكل فرد[11].
وعلى رغم جميع تلك الاحتكارات، تلاحق الهيئة أصحاب المحال التجارية عن طريق الضرائب والجباية، تحت مسمى "الزكاة". كما تفرض على المزارعين نسبةً معينة من محاصيلهم تحت المسمّى نفسه، علماً بأنها تأخذ حصتها من محاصيل المزارعين حتى قبل أن يصرّفوها، أي أن الهيئة قد تأخذ "الزكاة" من فلاحٍ قد يتعرض للخسارة[12].
لا يتوقّف النشاط الاقتصادي للهيئة عند إمساكها بتجارة السلع الأساسية واحتكارها للقطاعات الحيوية، بل يمتد أثرها إلى الحياة الاقتصادية-الاجتماعية للسكان الخاضعين لسيطرتها، كدورها في التوظيف في المجالين المدني والعسكري، إذ يمكن تقدير عدد العاملين في القطاعات المدنية لدى حكومة الإنقاذ بنحو 25000 ألف موظف/ة يعمل جلّهم في القطاعين التعليمي والصحي[13]*، ويتقاضون وسطياً نحو 125 دولار شهرياً[14]، فيما يتقاضى مقاتلوها الذين يقدر عددهم بنحو 10 آلاف عنصر رواتب تتراوح ما بين 80 إلى 150 دولار شهرياً، علماً بأن أجور ورواتب العاملين في الهيئات المدنية والعسكرية تتأثر بالحالة الاجتماعية، حيث يمنح المتزوجون أجوراً إضافية.
كما تعتمد الهيئة على التعويضات العينية، (غالباً سِلَال غذائية)، كتعويضٍ ماديٍّ إضافي للعاملين لديها[15]. ولقد سعتْ حكومة الإنقاذ، ومن خلفها الهيئة، للتدخل في عملية توظيف العاملين في القطاعات المدنية من خلال استبعاد معارضيها، أو غير المحسوبين عليها، واستبدالهم بأشخاص موالين لها، وقد ظهر ذلك في القطاع الصحي، حيث عيّنتْ حكومة الإنقاذ الطبيب ماهر حسين الشرع (شقيق أحمد الشرع) نائباً لوزير الصحة فيها في مايو/أيار 2024، وهو الموصوف بأن له الكلمة العليا في القطاع الصحي في إدلب[16]، وكلّفته حكومة البشير بتسيير شؤون وزارة الصحة[17].
إلا أن الجهود الخجولة لحكومة الإنقاذ، ومن خلفها الهيئة، في تحسين البنى التحتية وتشغيل القوى العاملة ودعم المشروعات الاقتصادية، لم يؤدِّ حتى إلى تحسنٍ طفيف في الواقع المعيشي للسكان في مناطق سيطرتها. ظلّوا يعانون من مستوياتٍ مرتفعة من الفقر والفقر المدقع حيث يعيش نحو 90% من السكان في شمالي وغربي سوريا تحت خط الفقر، فيما تصل نسبة البطالة إلى ما يقارب 89%، بحسب منسقي الاستجابة في سوريا.
أما في القطاع التعليمي فيظهر تحكم الهيئة بالقرارات التعسفية التي تصدرها، منها قرار إنهاء خدمة مئات العاملين بحجة بلوغهم سن التقاعد، من دون دفع أية تعويضات أو رواتب تقاعدية[18]، وهي السياسة ذاتها التي ظهرتْ بعد سيطرتها على دمشق، حيث عمدت إلى تجميد وإيقاف وفصل عددٍ كبير من العاملين في كافة القطاعات، بحجة إعادة هيكلة القطاع العام أو/والارتباط بالنظام البائد، من دون وجود آليةٍ واضحة ومستندٍ قانوني، أو وضع آليةٍ للتعويض، أو إيجاد فرص عملٍ بديلة.
كما عملت الهيئة على التضييق على عمل المدارس المموَّلة من قبل منظماتٍ إنسانية، مقابل تسهيلها لافتتاح مدارس خاصة، سوف تتحول إلى طريقةٍ أخرى لتحصيل الأموال عن طريق الضرائب والإتاوات. ولا تبتعد التعيينات في القطاع التعليمي عن نظيرتها الصحية أو غيرها من القطاعات، حيث سبق وأن عيّنتْ حكومة الإنقاذ إبراهيم سلامة وزيراً للتربية والتعليم في حكومة علي كده عام 2021، وهو ابن عم عبد الرحمن سلامة الذي سبق ذكره[19].
وفي محاولةٍ من الهيئة للتغطية على احتكاراتها، وعلى الثروات المتراكمة بيد المقربين منها، وإظهار نفسها كمشروع دولة، تنفّذ عدداً من المشروعات الخدمية التي تمسّ الحياة اليومية للناس، كشقّ الطرق وتعبيدها وإنارتها.. إلخ، وتدخّلها في بعض الأحيان لصالح المزارعين لجهة منع استيراد أنواع معينة من الخضروات مثل البطاطا والبصل، في محاولةٍ لاسترضاء المزارعين، وهم كتلةٌ وازنة في مناطق سيطرتها التي يعتمد جزءٌ كبير من سكانها في معيشتهم على محاصيلهم الزراعيّة.
إلا أن الجهود الخجولة لحكومة الإنقاذ، ومن خلفها الهيئة، في تحسين البنى التحتية وتشغيل القوى العاملة ودعم المشروعات الاقتصادية، لم يؤدِّ حتى إلى تحسنٍ طفيف في الواقع المعيشي للسكان في مناطق سيطرتها. ظلّوا يعانون من مستوياتٍ مرتفعة من الفقر والفقر المدقع حيث يعيش نحو 90% من السكان في شمالي وغربي سوريا تحت خط الفقر[20]، فيما تصل نسبة البطالة إلى ما يقارب 89%، بحسب منسقي الاستجابة في سوريا[21]. وبالإضافة إلى المستويات المرتفعة من البطالة والفقر، يعاني السكان في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ من نقصٍ في المواد الغذائية والأساسية، وارتفاعٍ في أسعارها مقارنةً بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية المؤقتة (مناطق النفوذ التركي).
ومقابل هذا المشهد البائس الذي يعيشه معظم السكان في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب، فإن تلك المناطق تشهد مظاهر ثراءٍ فاحش، خاصة في أسواق سرمدا والدانا التي باتت مركزاً لبيع السيارات الأوروبية، هذا عدا عن انتشار المراكز التجارية الكبيرة، التي تباع فيها السلع المستوردة الفارهة[22]، والتي يملكها أشخاص مقرّبون من الهيئة، ما يعكس انقساماً طبقياً حاداً في إدلب، بين قلةٍ تابعة لهيئة تحرير الشام تغتني باحتكارها لأهم القطاعات الحيوية والسلع الاستهلاكية والأساسية، وسيطرتها عبر الإتاوات على مجمل النشاط الاقتصادي، وبين باقي الشعب السوري من سكان المنطقة والمهجرين إليها، الذين يعتاشون على المجالات الاقتصادية الضيقة التي تركتها الهيئة، أو/ وعلى المساعدات الإنسانية التي تصل من الخارج.
إن حالة البؤس المعيشي والاجتماعي، وتخلّف التنمية الاقتصادية في مناطق سيطرة الهيئة، لا تعود إلى ضعف جهود حكومة الإنقاذ والهيئة من خلفها، بل لكونها هي بالذات من تقوم بإدارة تلك المناطق اقتصادياً، تلك الإدارة القائمة على رأسمالية المحاسيب التي تخلق ارتباطا عضوياً بين السلطة السياسية والعسكرية وبين رأس المال.
يقوم رأس المال الذي تعتمد عليه حكومة الإنقاذ بصورةٍ أساسية على قطاعيّ التجارة والخدمات التجارية، أي على المجالات ذات الربحية المرتفعة والسريعة، بسبب احتكارها لتلك القطاعات، وقدرتها شبه المطلقة على التحكم بأسعار السلع والخدمات في السوق، وهو ما يفاقم من سوء الأحوال المعيشية، إذ أن اعتماد الهيئة على القطاعات الخدمية والتجارية يجعل الطلب على العمالة منخفضاً، خاصة في صفوف المتعلمين/ات، إذ لا تتطلب تلك القطاعات في معظم نشاطها العمالة الماهرة والخبيرة.
اقتصادات سوريا: أربعة رؤوس لجسد مُتعَب
30 أيار 2024
وتبقى المفارقة قائمةً على قدرة الهيئة في التسويق لنفسها كخيار أفضل من مناطق سيطرة النظام البائد من الناحية الخدمية والاقتصادية والمعيشية، فبالمقارنة مع الأوضاع التي كانت قائمة في سيطرة النظام، فإن حكومة الإنقاذ استطاعت توفير الطاقة الكهربائية على كامل مناطق سيطرتها ومن دون انقطاعٍ تقريباً، كما نجحت في تأهيل عددٍ من المرافق العامة مثل ملعب إدلب البلدي الذي نظّمتْ فيه عدداً من الفعاليات، ووفّرت الكثير من السلع بأسعار منخفضة للغاية مقارنة مع مناطق سيطرة النظام البائد، حيث ارتفعت الرسوم الجمركية للسلع المستوردة مثل الهواتف الذكية والسيارات، بالإضافة إلى مبالغ الإتاوات التي كان تفرضها الفرقة الرابعة والمكتب السريّ والتي جعلتْ أسعار معظم السلع الاستهلاكية والاساسية والمستوردة مرتفعة مقارنةً مع المناطق التي تديرها حكومة الإنقاذ.
الإدارة الاقتصادية التركية في الشمال السوري
عملتْ تركيا منذ تحسّن علاقاتها مع نظام الأسد البائد في عام 2002 وحتى تدهور العلاقات بين الطرفين في عام 2011، على بناء فضاءٍ اقتصادي مشترك يضم ولايات الجنوب التركي ومحافظات الشمال السوري (نحو 40% في محافظة حلب)[23]. كما ظهرت في المشروعات الاقتصادية والتنموية المشتركة، من بينها خطوط سكك الحديد التي دُشّن منها خط السكك الحديدية حلب- مرسين، وحلب- غازي عنتاب، وتطوير طريق النقل البري حلب- إعزاز، الذي يرتبط بمعبر باب السلامة، وإحداث مركزٍ لوجستيٍّ تركيّ لتخزين البضائع في سوريا[24] وتغذية المنظومة الكهربائية التركية لمدينة حلب، وإنشاء سد الصداقة على نهر العاصي في مدينة جسر الشغور[25]. هذا إلى جانب إيلائها أهميةً للجوانب الثقافية بين البلدين، حيث افتتحت قسم اللغة التركية في جامعة حلب عام 2010، بالإضافة إلى نشاطاتٍ ثقافية وأخرى متصلة بالتعاون الاكاديميّ بين البلدين[26]
على رغم القطيعة الاقتصادية على المستوى الرسمي في عام 2011، إلا أنّ تلك الحالة لم تستمرّ لوقتٍ طويل، فبعد سيطرة قوات المعارضة السورية على مناطق واسعة من الشريط الحدودي مع تركيا، عاد حجم التبادلات التجارية بين البلدين إلى الارتفاع، ووصل في عام 2017 إلى أكثر من مليار و400 مليون دولار.
بعد سلسلةٍ من العمليات العسكرية التي قادتها فصائل موالية لتركيا، وبدعمٍ من الجيش التركي بين عامي 2016- 2019 تمت السيطرة على مناطق واسعة في شمال وشمال غرب سوريا. بعد أن بلورت تركيا، أثناء وبعد تلك العمليات العسكرية، أجساماً إدارية وعسكرية وسياسية تضمن ولاءها لها، عملت على ربط مناطق سيطرتها في الشمال السوري، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليونيّ نسمة، ويتوزعون على مساحةٍ تقدر بنحو 8848 كلم، ربطاً كاملاً باقتصادها، لدرجة يكاد يستحيل معها القيام بأي نشاطٍ اقتصادي خارج الفضاء الذي صنعته تركيا في الشمال السوري. تبرز ملامح الهيمنة الاقتصادية التركية على الشمال السوري، في ثلاثة مجالات اقتصادية رئيسية، هي: التجارة الخارجية، والمجال النقدي والمصرفي، والقطاعات الحيوية.
تجارةٌ خارجية بإتجاه واحد
تحول الشمال السوري خلال السنوات الفائتة إلى شبه دويلةٍ حبيسة، لها منفذٌ خارجيّ وحيد مع تركيا، وتعتمد عليها في جميع مستورداتها وصادراتها من السلع والخدمات. فباستثناء المعابر مع مناطق سيطرة حكومة النظام البائد، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ليس لمناطق النفوذ التركي منفذٌ مع العالم الخارجي سوى الحدود التركية.
وما يشير إلى تطور الدور التركي في الهيمنة على الاقتصاد السوري عامةً، واقتصاد الشمال خاصة، هو حجم التبادلات التجارية بين الطرفين، ونسبتها إلى إجماليّ التجارة الخارجية لسوريا، التي تجاوزت ذروة تطور التبادلات الاقتصادية التركية- السورية في عام 2011، فقد بلغ حجم الصادرات السورية إلى تركيا في عام 2023 حوالي 362 مليون دولار، وشكلت نحو 56% من إجمالي الصادرات السورية إلى العالم، أما حجم المستوردات السورية من تركيا فبلغت أكثر من ملياري دولار، بنسبة 60% من إجمالي المستوردات السورية من العالم. بناءً على البيانات السابقة فإن تركيا باتت تهيمن على أكثر من نصف الصادرات السورية إلى العالم، ونحو 60% من إجمالي مستورداتها[27]، ما يعكس سيطرةً شبه مطلقة على جميع صادرات ومستوردات الشمال السوري، حيث تتحكم بنوع وحجم السلع، والرسوم المفروضة عليها على الجانب السوري، وهي عمليةٌ تجري خارج أطر التشاركية القائمة على التفاهم بين الطرفين بما يكفل تبادل المنافع.
واليوم تنفتح الحدود السورية- التركية على كامل الأراضي السورية، حيث من المرجح أن يرتفع حجم الصادرات التركية إلى سوريا، في ظل تهالك القطاع الصناعيّ السوري، وحاجة السوق السورية لمختلف أنواع البضائع، ما يعزز من هيمنة البضائع التركية على الاقتصاد السوري.
تحول الشمال السوري خلال السنوات الفائتة إلى شبه دويلةٍ حبيسة، لها منفذٌ خارجيّ وحيد مع تركيا، وتعتمد عليها في جميع مستورداتها وصادراتها من السلع والخدمات. فباستثناء المعابر مع مناطق سيطرة حكومة النظام البائد، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ليس لمناطق النفوذ التركي منفذٌ مع العالم الخارجي سوى الحدود التركية.
الاحتكار التركي للقطاعات الحيوية
عملت تركيا على إنشاء بنىً ارتكازية اقتصادية واجتماعية في الشمال السوري، مرتبطة بالداخل التركي ارتباطاً كاملاً، لدرجة يستحيل معها إيجاد بدائل عنها. وجاءت أولى عمليات الربط تلك في مجال الطاقة الكهربائية، حيث باتت مناطق النفوذ التركي تعتمد بالكامل على الطاقة الكهربائية القادمة من تركيا، وبات تزويد الشمال السوري بالطاقة الكهربائية من خلال الشركات التركية أو الشركات التركية-السورية الوسيطة، التي تتولى مهمة توزيع الكهرباء وجباية فواتيرها في المدن والبلدات والقرى الواقعة تحت النفوذ التركي.
وبعد أن كانت صادرات تركيا من الطاقة الكهربائية إلى سوريا قد توقفت، بعد فرض الطرفين لعقوباتٍ اقتصادية متبادلة في عام 2012، عادت صادرات تركيا من الكهرباء إلى سوريا في عام 2020، وبلغت نحو 4 مليون دولار فقط، لتصل في عام 2023 إلى أكثر من 58 مليون دولار، وذلك مع تزايد المناطق التي وصلت إليها التغذية الكهربائية من تركيا، بما فيها مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب[28].
وبحسب التصريحات الحكومية التركية والحكومة السورية المؤقتة، فإنه من المتوقع أن ترتبط شبكة الخطوط الكهربائية العامة في سوريا مع الشبكة الكهربائية التركية، هذا إلى جانب مشروع تزويد سوريا بالطاقة الكهربائية عبر بواخر تركية وقطرية مخصصة من المفترض أن ترسو في ميناء اللاذقية. وهو ما سيعزز من الارتهان السوري لتركيا في مجال الطاقة الكهربائية.
وفي مجال الاتصالات والإنترنت، عملت المجالس المحلية على تسهيل احتكار الشركات التركية لهذا القطاع في الشمال السوري، حيث استبدلت أبراج التغطية لشركتي الاتصالات السورية "سيرياتيل" و"إم تي أن" في جميع مناطق الشمال السوري بأبراج شركتي "توركسل" و"تورك تيليكوم" التركية، لتصبح خطوط الاتصالات التركية الخيار الوحيد أمام السوريين.
ووصل عدد خطوط الاتصالات المفعّلة للشركتين التركيتين إلى ما بين 250 إلى 300 ألف خطّاً، بحسب تقديرات في عام 2019[29]. ومع توسع العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري بعد عملية "نبع السلام"، إلى جانب توسع عمل الشركتين في الشمال السوري، فمن المرجح أن يكون عدد الخطوط التركية المفعلة في الشمال السوري قد وصل إلى نحو 500 ألف خطّاً، بافتراض أن هناك خطّاً واحداً مفعلاً لكل 4 أفراد في مناطق النفوذ التركي، الذين يبلغ عددهم نحو مليونيّ نسمة.
وبافتراض أن المشتركين بهذه الخطوط يدفعون ثمن أدنى باقة، وهذه تعادل نحو 10 دولارات شهرياً، فهذا يعني بأن إيرادات الشركات التركية السنوية قد تصل إلى أكثر من 60 مليون دولار في أدنى تقدير. لم تبتعد خدمة الانترنت عن حالة الاحتكار للشركات التركية ووكلائها من السوريين، وبين تلك الشركات تبرز أسماء شركات: Hat net، net Kapsam، tulip group، وSo Net، التي أزاحت الشركات السورية المحلية تدريجيّاً، وكانت الأخيرة توفر خدمات الاتصال الفضائي قبل دخول الجيش التركي. ولم تأتِ عملية الإزاحة تلك ضمن إطار المنافسة فقط، بل بقرارٍ ملزمٍ صادر عن المجالس المحلية[30].
تحولات سوق العمل في سوريا - الجزء الأول
04 نيسان 2023
التحكم المالي والمصرفي
بدأت الارهاصات الأولى للسيطرة التركية على التعاملات النقدية في الشمال السوري في أغسطس/آب 2015 حيث أصدرت ما تسمى "اللجنة السورية لاستبدال عملة التداول في المناطق المحررة" قراراً باستبدال الليرة السورية بالليرة التركية، مبررةً قرارها، بأنه يهدف "إلى الضغط على النظام السوري وإضعافه"، إلا أن هذه الخطوة لم تلق قبولاً شعبياً واسعاً، ولم تكن البيئة الاقتصادية والسياسية كافية لتنفيذها. إنّما، ومع الهيمنة التركية على الشمال السوري تحولتْ إلى أمر واقع وتعزّزتْ بقراراتٍ من المجالس المحلية والحكومة السورية المؤقتة.
لم تكتفِ تركيا باستبدال الليرة السورية بعملتها، بل وحصرت النظام الماليّ أيضاً بمكاتب البريد التركية "PTT" التي بدأت بإنشائها في 2016 حيث افتتحت أول مركز للبريد التركي في مدينة جرابلس.
وتلعب مكاتب البريد التركية دورين أساسيين، أولهما، صرف الرواتب والأجور للعاملين في القطاع المدني والعسكري وذلك عبر بطاقاتٍ ائتمانية خاصة تزودهم بها تركيا، وثانياً، تسجيل جميع التحويلات الداخلية والخارجية في مناطق سيطرة المجالس المحلية. وتستفيد تركيا من دور مكاتب البريد في التحويلات المالية الخارجية، حيث تبلغ حجم حوالات السوريين/ات في الخارج إلى بلادهم أكثر من مليار دولار أمريكي، ومن المرجح أن جزءاً كبيراً منها يصل عبر تركيا بسبب عدد اللاجئين السوريين في تركيا، الذي تراوح خلال العقد الماضي ما بين 3 إلى 6 مليون لاجئ، وأيضاً بسبب اعتماد عددٍ كبير من السوريين/ات في أوروبا على تركيا كمعبرٍ لحوالاتهم إلى ذويهم في الداخل السوري[31].
لم تُخفِ تركيا رغبتها في دخول البنوك التركية إلى باقي المناطق السورية بعد سقوط نظام الأسد، إذ صرح رئيس بنك زراعات التركي عن استعداده للعمل في سوريا[32].
المشروعات التنموية التركية
أعطت السياسة التركية في الشمال السوري حيزاً هاماً من نشاطها الاقتصادي والخدمي للمشروعات التنموية، التي تركزت على شقين: الأول مرتبطٌ بتطوير البنى الارتكازية الصناعية والتجارية، والثاني بالتنمية البشرية.
وفيما يتعلق بتطوير البنى التحتية، عملت تركيا على إنشاء وتطوير شبكة طرق سريعة تربط بين مناطق نفوذها من جهة، وتلك المناطق بالمعابر الحدودية مع الولايات التركية.
ومن أهم المشروعات الطرقية، مشروع الطريق المزدوج، الذي يربط مدينة الباب السورية بمعبر باب السلامة في بلدة الراعي الحدودية، بطول 6 كلم[33]. كذلك إنشاء وتطوير طريقٍ يصل اعزاز بمعبر باب السلامة بطول 5 كلم. هذا إلى جانب العديد من مشروعات إصلاح وإعادة تأهيل الطرق الداخلية، ومشروعات استجرار ونقل المياه ومدّ وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي في مدن وبلدات الشمال السوري، بالإضافة إلى افتتاح معبر "غصن الزيتون" الذي يربط مدينة عفرين بمدينة انطاكيا التركية.
كذلك عملت تركيا، بالتعاون مع المجالس المحلية، على إحداث أربع مدنٍ صناعية في كلٍّ من اعزاز[34] والراعي[35] ومارع[36]، والباب. وتعتبر المدينة الصناعية في الباب أهم مشروعات البنى الارتكازية التركية في الشمال السوري. تقع هذه المدينة على الطريق الرئيسي السريع الواصل بين مدينة الباب ومعبر الراعي الحدودي مع تركيا، وتبلغ مساحتها 56400 متراً مربعاً، وتضم 400 منشأة صناعية[37].
وفيما يخصّ التنمية البشرية، يظهر الدور التركي في الاهتمام بالقطاع التعليمي والصحي، وإعادة تأهيل وترميم المدارس في المناطق التي سيطرت عليها، حيث دعمتْ وموّلت وأشرفت على ترميم العشرات من المدارس وإنشاء جديدة، لتصل نسبة المدارس العاملة في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" إلى ما يقارب 90% من إجمالي المدارس التي كانت موجودة في تلك المناطق عام 2011، حيث بلغ عدد المدارس في عام 2019 نحو 800 مدرسة، تستوعب في صفوفها نحو 250 ألف طالب/ة[38].
من الناحية الإدارية، تتبع هذه المدارس إلى مديرية التعليم مدى الحياة، وذلك بالتنسيق مع المجالس المحلية والمكتب التعليمي. ويشمل الإشراف والدعم التركي تأمين مستلزماتها من أثاث ومعدات، وكتب مدرسية، ودفع رواتب وأجور المدرسين/ات والإداريين والعاملين في المجال التربوي.
ولإعطاء موثوقيةٍ للعملية التعليمية في الشمال السوري، تقبل وزارة التربية التركية معادلة الشهادة الثانوية الصادرة عن المجالس المحلية بما يعرف بوثيقة (DENKLİK BELGESİ) وهي وثيقة تثبت أنّ هذه الشهادة معترفٌ بها في النظام التعليمي التركي[39]. وقد أعطت السياسة التعليمية التركية في الشمال السوري حيزاً هاماً للغة التركية التي فُرضت بواقع 4 ساعات أسبوعياً، وذلك في جميع المراحل التعليمية.
على رغم المشروعات التنموية المتعددة، وإظهار أنموذج الإدارة الاقتصادية التركية عبر الاهتمام بالخدمات الأساسيّة، إلا أن معيشة السوريين/ات في مناطق الشمال السوري، ظلت متدنية بسبب الارتفاع الحاد في مستوى البطالة وانخفاض مستويات الأجور والرواتب. تتراوح رواتب الموظفين في القطاعات المدنية والعسكرية ما بين 50 إلى 125 دولاراً أمريكياً، في حين تتراوح الأجور اليومية للعمال ما بين 1.5 إلى 5 دولارات، وهذا يعني أنّ معظم العاملين بأجر يعيشون تحت خط الفقر.
إلى جانب التعليم المدرسي افتتحتْ تركيا عدداً من الجامعات التابعة لهيئات ووزارة التعليم العالي التركية، ففي عام 2017 افتتحت "جامعة الشام العالمية" في مدينة اعزاز، التي تعمل بدعمٍ من "هيئة الإغاثة التركية". وفي العام ذاته، افتتحت أكاديمية "باشاك شهير للعلوم العربية والإسلامية" وذلك بترخيصٍ واتفاقٍ مع وزارة التعليم العالي التركية[40]. وفي عام 2018 افتُتح فرعٌ لجامعة حران الحكومية في مدينة الباب. وفي عام 2019 افتُتحت ثلاثة فروع لجامعة غازي عينتاب[41].
وفي المجال الصحي أنشأت تركيا، منذ عام 2016، خمسة مشافي، كما قامت بإعادة مشفى اعزاز الوطني الذي تدمّر بفعل العمليات العسكرية[42].
على رغم المشروعات التنموية المتعددة، وإظهار أنموذج الإدارة الاقتصادية التركية عبر الاهتمام بالخدمات الأساسيّة، إلا أن معيشة السوريين/ات في تلك المناطق ظلت متدنية بسبب الارتفاع الحاد في مستوى البطالة وانخفاض مستويات الأجور والرواتب. تتراوح رواتب الموظفين في القطاعات المدنية والعسكرية ما بين 50 إلى 125 دولاراً أمريكياً*، في حين تتراوح الأجور اليومية للعمال ما بين 1.5 إلى 5 دولارات، وهذا يعني أنّ معظم العاملين بأجر يعيشون تحت خط الفقر.
تعكس الحالة المعيشية المتردية للسوريين في مناطق النفوذ التركي عجز وفشل النموذج القائم على احتكار الشركات التركية للقطاعات الحيوية، إلى جانب طبقةٍ من الوجهاء والمتنفذين المحليين والعسكريين، من صنيعة تركيا نفسها، وهؤلاء بالطبع يدينون بالولاء لها، وفتح الحدود التجارية مع تركيا على مصراعيها، من دون مراعاة المصالح الاقتصادية للسوريين.
وكما في حالة حكومة الإنقاذ، عملت الحكومة السورية المؤقتة على تعزيز حالة الولاء لها من خلال الأدوات الاقتصادية، فمن تجنيد ما بين 80 إلى 100 ألف عنصر في الجيش الوطني السوري، إلى توظيف عاملين/ات في القطاعات المدنية، قد يتجاوز عددهم عشرات الألوف*.
اقتصادات صغيرة
03 أيار 2024
الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا
نشأت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عام 2016 ككيان حكمٍ ذاتي، بقيادة مجلس سوريا الديمقراطية وقواتها العسكرية. وقد توسعت هذه الإدارة لتشمل مناطق واسعة، بما في ذلك أجزاء كبيرة من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب التي تمتد على مساحة تقارب 50 ألف كيلومتراً مربعا، وتمثل أكثر من 25% من إجمالي مساحة سوريا، وتضم نحو 2.6 مليون نسمة[43].
دويلة الريع النفطية
تعتمد الإدارة الذاتية نظرياً على مفهوم الكونفدرالية الديمقراطية المستوحى من أفكار عبد لله اوجلان، وعلى نظرية استقلال البلديات الذاتي التحرري "لمواري بوكتشن". ووفقاً للأدبيات النظرية، تتمتع إدارة المناطق بمستوى كبيرٍ من اللامركزية والتشاركية المجتمعية، لكنّ الحال على أرض الواقع، أنّ السلطة الإدارية والاقتصادية شديدة المركزية، إذ لا تكترث القوات الأمنية وأنصار حزب الاتحاد الديمقراطي، مثل اتحاد الشبيبة الثورية وغيره..، المتنفذون داخل الإدارة الذاتية، بالضوابط والقوانين والهياكل التنظيمية المحلية. وقد ثبت في الكثير من المناسبات أنّ اتخاذ القرار في مجالس الإدارة الذاتية يقوم على أساس مستوى النفوذ والقرب من الاتحاد الديمقراطيّ، وليس على أساس الهياكل الإدارية المحددة[44].
أما عن الانموذج الاقتصادي، فوفقاً للمادة 41 و42 لميثاق "العقد الاجتماعي" الذي أعلن عنه للمرّة الأولى عام 2014، فإنه يقوم على "التنمية الشاملة، العادلة والمستدامة، المرتكزة على تطوير القدرات العلمية والتكنولوجية.." و"ضمان اقتصادٍ تشاركيٍّ ومُشجّعٍ على المنافسة حسبَ مبدأ الإدارة الذاتية الديمقراطية (لكلٍّ وفق عمله)، ومنع الاحتكار وتحقيق العدالة الاجتماعية، وكفالة الأشكال الوطنية لملكية وسائل الإنتاج، والحفاظ على حقوق العمال والمستهلكين، وحماية البيئة، وتعزيز السيادة الوطنية"[45].
لكن الأنموذج والأدبيات الاقتصادية تبقى حبراً على ورق. واقتصاد مناطق الإدارة الذاتية ريعيٌّ بامتياز، حيث تعتمد الإدارة بشكل أساسي على مصدرين رئيسيين للإيرادات؛ أولهما الموارد النفطية، إذ شكلت تلك العائدات معظم إيرادات الموازنة العامة المعلن عنها منذ عام 2021. فعلى سبيل المثال، كشفت الإدارة الذاتية عن أن الموارد النفطية في الموازنة العامة للعام 2024، وصلت إلى 400 مليون دولار، بنسبة تصل إلى نحو 60% من إجمالي الإيرادات. وثانيهما الرسوم الجمركية، حيث تفرض الإدارة رسوماً جمركية مرتفعة على جميع السلع المستوردة من إقليم كردستان العراق، والمناطق غير الخاضعة لسيطرتها، أي مناطق النظام البائد، وقوات المعارضة سابقاً.
وشكلت الضرائب نحو 18% من إجمالي إيرادات موازنة العام 2024. أما الضرائب على دخل الأفراد والمشروعات الخاصة فلا تتجاوز 2.1%، [46]الأمر الذي يدل بوضوح على ضعف التشغيل والاستثمارات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ويؤكد على طبيعته الريعية.
وعلى رغم اعتماد الإدارة الذاتية المعلن على إيرادات النفط، إلا أن هناك الكثير من الشكوك حول دقة أرقام الإيرادات النفطية، فبحسب تصريحات مسؤولٍ في الإدارة الذاتية لصحيفة الشرق الأوسط، تنتج الإدارة الذاتية يومياً نحو 150 ألف برميل[47]، وهذا يعني أن إيرادات الإدارة من النفط يجب أن يكون ملياراً و800 ألف دولاراً سنوياً، على افتراض أنها تبيع البرميل الخام بخمسين دولاراً فقط.
كبديلٍ عن التنمية الاقتصادية والاستثمارات المنتجة، عملت الإدارة الذاتية على خلق حاضنةٍ شعبية عبر تضخيم القطاع العام العسكري والمدني، مقدّمةً إغراءاتٍ ماليةً مدعومةً بتشكيلةٍ من الدعاية الإيديولوجية التي تتنوع بحسب الفئات الإثنية المستهدفة، لتتراوح ما بين دغدغة حلم الدولة الكردية، والأخوة الكردية العربية، والترهيب من عودة داعش..إلخ.
وحتى مع افتراض صحة الرقم المعلن عن الإنتاج اليومي للنفط، يلاحظ التغير الكبير في حجم إيرادات النفط في الموازنة العامة للإدارة الذاتية، ففي موازنة عام 2023، كان حجم إيرادات النفط المعلن عنه أكثر من 600 مليون دولاراً، فيما انخفضت توقعات الإيرادات في موازنة 2024 إلى 400 مليون دولار[48]!
ويحيط الغموض أيضاً بمسألة الموارد الزراعية والحيوانية، حيث تعتبر منطقة الجزيرة السورية من أهم المناطق السورية لجهة الثروة الحيوانية والزراعية. وفي الوقت الذي تحتكر فيه الإدارة الذاتية شراء المحاصيل الاستراتيجية (قمح وقطن..) من المزارعين وتعيد تصديرها، فإن حجم إيراداتها يبقى أيضاً من دون كشوفاتٍ حقيقية.
إلى جانب الغموض في حجم الإيرادات الريعية، الجمركية والنفطية والزراعية، يمارس حزب الاتحاد الديمقراطي احتكاره لتجارة السلع الأساسيّة، عبر الإدارة الذاتية كواجهة، وذلك من خلال شبكةٍ من المتنفذين، حيث تشهد أسواقها أزمةً مستمرة تبدأ عادةً بشح السلع في الأسواق يليها ارتفاعٌ كبير في أسعارها، وهي أزمةٌ ترتبط بصورةٍ مباشرة برغبة محتكريها بجني المزيد من الأرباح[49].
إلى جانب التجارة، يتركّز النشاط الاقتصادي في مناطق الإدارة الذاتية في المضاربة على العقارات التي ازدهرت بسبب توافد النازحين إلى المنطقة، والأنشطة الاقتصادية الخدمية المحتكَرة، ذات المردود الربحيّ العالي، التي يأتي الانترنت والاتصالات في مقدمتها، حيث دخلتْ شركةٌ عراقية تدعى "روج" لتحتكر خدمة الإنترنت في كافة مناطقة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وتفرض أسعاراً مرتفعة رغم سوء الخدمة التي تقدمها، على حدّ توصيف سكان المنطقة.
لا تعود مسألة احتكار السلع، والكيفية التي تدار بها المعابر، إلى الفساد المستشري في الإدارة الذاتية فحسب، بل إلى طبيعة النظام الاقتصادي القائم على تراكم الثروة في يد قلّةٍ من النخب السياسية داخل الإدارة الذاتية، المرتبطة بالعناصر الأجنبية لحزب العمال الكردستاني، وعلى إفساد القيادات الدنيا والوجهاء المحليين عبر المكاسب غير المشروعة.
وعلى رغم الموارد المالية الكبيرة مقارنةً بحجم السكان، تعد مناطق سيطرة الإدارة الذاتية من أسوأ المناطق السورية لجهة حالة القطاعين الصحي[50] والتعليمي[51] والبنى التحتية من شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والطاقة الكهربائية، سواء على صعيد نوعية الخدمة أو تكلفتها، حيث يضطر الكثير من المرضى إلى السفر خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية للحصول على الخدمات الصحية كما يسعى الكثيرون للتعلم في مدارس وجامعاتٍ خارج تلك المناطق.
كبديلٍ عن التنمية الاقتصادية والاستثمارات المنتجة، عملت الإدارة الذاتية على خلق حاضنةٍ شعبية عبر تضخيم القطاع العام العسكري والمدني، مقدّمةً إغراءاتٍ ماليةً مدعومةً بتشكيلةٍ من الدعاية الإيديولوجية التي تتنوع بحسب الفئات الإثنية المستهدفة، لتتراوح ما بين دغدغة حلم الدولة الكردية، والأخوة الكردية العربية، والترهيب من عودة داعش..إلخ. ونظراً إلى استقطاب ولاءات ما قبل الدولة الوطنية الحاد، والفقر الشديد في مناطق سيطرتها، نجحت الإدارة الذاتية في تجنيد نحو 120 ألف مقاتل/ة بمختلف تشكيلاتها العسكرية والأمنية والشرطية، هذا إلى جانب 100 ألف من العاملين/العاملات في الإدارات والمنشآت التابعة لها.
وتتراوح أجور العاملين في الإدارة الذاتية بين نحو 80 و240 دولاراً أمريكياً، (تُصرف بالليرة السورية)[52]. كما تعمل الإدارة على تدعيم حاضنتها الشعبية من خلال تقديم بعض أشكال الدعم الاجتماعي، أبرزها دعم أسعار المحروقات وتوزيع حصص مجانية على السكان في فصل الشتاء.
سقوط نظام الأسد، لا يعني بالضرورة سقوط نظامه الاقتصادي والسياسي والأمني، إذ نعيش اليوم في مرحلة التأسيس لنظامٍ جديد على أرضية قوى الأمر الواقع، التي لم تقدم نموذجاً اقتصادياً تنموياً أو نظاماً سياسياً ديمقراطياً. وعليه فإن مهمة بناء نظامٍ اقتصاديٍّ تنمويٍّ تقدميّ، وديمقراطية تعددية ما زالت مهمةً منوطةً بالسوريين/ات.
الاقتصادات العربية ومرايا أزماتها
22 نيسان 2024
رأسمالية المحاسيب والعقد الاجتماعي الاستبدادي
تتباين قوى الأمر الواقع في سوريا في خلفياتها الأيديولوجية وفي طبيعة الموارد الاقتصادية المتوفرة في مناطق سيطرتها، إلا أن هذه الاختلافات تبدو شكليةً عند النظر إلى جوهر نموذج إدارتها الاقتصادي، إذ تجتمع تلك القوى على إقامة عقدٍ اجتماعيٍّ استبداديّ، إذ تقوم بعسكرة المجتمع تحت مسمياتٍ ودوافع دعائيةٍ مختلفة لتجنيد عشرات الآلاف من شبابه تحت إمرتها، إضافةً إلى آلاف أخرى من العاملين في القطاعات المدنية، إلى جانب تقديم بعض المنافع الاجتماعية الأخرى.
وتتمرس تلك القوى خلف داعميها المدنيين والعسكريين، فيما تدير اقتصادها على أساس شبكةٍ من المحاسيب، التي تدين بالولاء لها، لتحتكر عبرهم القطاعات الحيوية والأعمال ذات الربحية السريعة، في غياب لأنموذجٍ اقتصاديٍّ تنمويّ يرفع من مستوى التنمية البشرية والمعيشية للسكان.
في مختلف مناطق قوى الأمر الواقع، تتشابه الحالة المعيشية والتنموية للسكان تشابهاً يدلّ أكثر من أي شيء آخر على مدى تماثل نظامها الاقتصادي، رغم تبايناتها الظاهرية.
اليوم، تسيطر الحكومة السورية المؤقتة (حكومة الإنقاذ سابقاً) على معظم الأراضي السورية. وقد أظهرت منذ الأسابيع الأولى لسيطرتها اعتمادها على نموذجٍ اقتصاديٍّ ليبراليّ، ظهرت ملامحه في تحرير التجارة الخارجية، وإلغاء الوظائف الحكومية ذات الطابع الاجتماعي أو النفعي التي كانت قائمة في عهد النظام البائد، كما أظهرت عبر شركة الاتصالات "سيريا فون" التي عملت سريعاً على توسيع دائرة خدماتها في حلب، من دون وضع أية أطر قانونية أو تشريعية لعملها، اندفاعاً يمهد لاحتكارٍ أحاديّ، أو تقاسم الاحتكار مع شركات أخرى. كما أبدت رغبةً في الانفتاح على التعاون مع تركيا في مجال الطاقة وغيرها من المجالات، وهو ما يعكس دور الحكومة السورية المؤقتة (مناطق النفوذ التركي) في ضمان مصالح تركيا الاقتصادية والأمنية والسياسية في سوريا، فيما تفاوض قسد على دورها في مستقبل سوريا، ويشكل تقاسم الموارد النفطية إحدى أهم نقاط الخلاف بينها وبين حكومة دمشق.
تعكس حالة التوافق والاختلاف، الدائرة اليوم بين قوى الأمر الواقع، حالة تنازعٍ سلطوية تنطلق من أرضية نظامِ اقتصاديٍّ وسياسيٍّ واحد، هو بالذات النظام الذي ثار عليه السوريون/ات في عام 2011.
سقوط نظام الأسد، لا يعني بالضرورة سقوط نظامه الاقتصادي والسياسي والأمني، إذ نعيش اليوم في مرحلة التأسيس لنظامٍ جديد على أرضية قوى الأمر الواقع، التي لم تقدم نموذجاً اقتصادياً تنموياً أو نظاماً سياسياً ديمقراطياً. وعليه فإن مهمة بناء نظامٍ اقتصاديٍّ تنمويٍّ تقدميّ، وديمقراطية تعددية ما زالت مهمةً منوطةً بالسوريين/ات.
هامش
[1] خالد التركاوي، موارد هيئة تحرير الشام..التقديرات الراهنة والافاق المستقبلية، مركز جسور للدراسات، استنبول، تركيا، كانون الأول 2022، ص 7-8.
[2] مضر خالد، " 6 كيانات جديدة ترث "وتد".. أزمة وقود خانقة بإدلب ومصادر أورينت تكشف الأسباب "، 4/11/2022، الرابط
[3] "بأسعار عالية..النصر تطلق شركة اتصالات في إدلب"، موقع نورث بريس، 7/9/2023، الرابط
[5] “سيريا فون” تبدأ تركيب أبراج اتصالات في حلب، عنب بلدي الرابط
[6] "سيريا فون" مشغل خليوي لـ "حكومة الإنقاذ" في إدلب .. مخاوف من احتكار قطاع جديد، 05/04/2022، الرابط
[7] " شركة من “عظام الرقبة” تضارب على سائقي نقل في إدلب "، موقع نورث برس، 12/10/2023، الرابط
[8] حسين الخطيب، "كيف تحتكر هيئة تحرير الشام اقتصاد ادلب؟"، موقع نون بوست، 19/06/2024، الرابط
[9] "ما شركة “E-Clean” التي تنظف الطرق والحاويات في إدلب؟"، موقع عنب بلدي، 17/08/2024، الرابط
[10] أمين بطل، "تحرير الشام" تواصل سياسة الاحتكار.. استحواذ على قطاع الإنشاءات والمناقصات، موقع قناة تلفزيون سوريا، 11/02/2022، الرابط
[11] خالد التركاوي، مرجع سابق، ص9.
[12] "إدلب موطن المفارقات والتفاوت الطبقي"، موقع قناة حلب اليوم، 10/11/2024، الرابط
[13]* تقدير اعداد العاملين في القطاع المدني لدى حكومة الإنقاذ مبني على تصريحات متفرقة صادرة عن الوزارات في حكومة الإنقاذ، انظر: وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ، منشور بتاريخ 07/12/2024. انظر ايضاً حول اعداد العاملين في القطاع التعليمي: عجز التعليم في مناطق “حكومة الإنقاذ” السورية، المرصد السوري لحقوق الانسان، 20/01/2024. الرابط
[14] " إدلب.. “الإنقاذ” تخصم نصف رواتب موظفيها "، عنب بلدي، 2024/10/15، الرابط
[15] ماذا نعرف عن هيئة تحرير الشام التي أسقطت حُكم الأسد؟، موقع قناة BBC عربي، 08/12/2024، الرابط
[16] ثائر المحمد، "إدارة التجنيد العسكري" وسيلة هيئة تحرير الشام لإضعاف الجبهة الوطنية للتحرير، موقع قناة تلفزيون سوريا، 11/09/2021، الرابط
[17] "ما قصة "شقيق الجولاني" الذي أثار الجدل في إدلب"، عنب بلدي، 04/05/2024، الرابط
[18] "شقيق أحمد الشرع ينفي تعيينه "وزيراً للصحة"، موقع المدن، 17/12/2024، الرابط
[19] فائز الدغيم، وزارة التربية في "حكومة الإنقاذ" تنهي خدمة مئات ال/معلمين بلا تعويض، موقع قناة تلفزيون سوريا، 25/07/2022، الرابط
[20] خالد الخطيب، ""جهاديون" مناهضون لـ "تحرير الشام": الجولاني استأجر وزير تعليم استجداءً للداعمين"، موقع قناة تلفزيون سوريا، 28/02/2022، الرابط
[21] "منسقو الاستجابة: 90% من سكان شمال غربي سوريا تحت حد الفقر "، موقع قناة تلفزيون سوريا، 06/09/2023، الرابط
[22] هادي البشير، " معدل البطالة شمال غربي سورية يتجاوز 88%"، العربي الجديد، 17/02/2024، العربي الجديد، الرابط
[23] رزام السوادي، “المولات”.. ظاهرة لا تقدم “قيمة مضافة” لاقتصاد الشمال السوري، عنب بلدي، 21/12/2023، الرابط
[24] ربى عبد الغفور تلرفادي، انعكاس اتفاقية منطقة التجارة الحرة السورية التركية على العلاقات الاقتصادية بين البلدين (2004- 2016)، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد، جامعة حلب، 2019، ص 122.
[25] مجلة هيئة الاستثمار السورية، العدد 0، نيسان 2009، هيئة الاستثمار السورية، دمشق، سورية، ص 38.
[26] مجلة هيئة الاستثمار السورية، العدد 2، أيار 2009، هيئة الاستثمار السورية، دمشق، سورية، ص 18.
[27] مجلة هيئة الاستثمار السورية، العدد 2، مرجع سابق، ص18.
[28] international trade Centre data: available at: https://bit.ly/40d7svF
[29] international trade Centre data: available at: https://bit.ly/40d7svF
[30] قاسم البصري، هل تستغل شركات الاتصالات التركية السوريين؟، موقع الجمهورية على شبكة الإنترنت، 4/9/2019، الرابط
[31] منصور الحسين، "احتلال الشركات التركية لقطاع الاتصالات في الشمال السوري"، موقع الجمهورية. نت، 19/4/2023، على الرابط. انظر أيضاً: نظام اتصالات حديث في جرابلس بالاعتماد على “الألياف الضوئية”، موقع عنب بلدي على الإنترنت، 16/12/2018، الرابط
[32] عبد الناصر الجاسم، الحوالات المالية للسوريين..شريان الحياة، موقع مركز حرمون للدراسات المعاصرة على الإنترنت، 7/4/2021، الرابط
[33] "بنك زراعات التركي يبدي استعداده العمل مع سوريا - الجزيرة نت"، موقع الجزيرة. نت، 31/12/2024، الرابط
[34] حسين الخطيب، تركيا تعمل على إنشاء شبكة مواصلات دولية شمالي حلب لتعزيز التبادل التجاري، موقع عنب بلدي على الإنترنت، 1/9/2018، الرابط
[35] المدن الصناعية في الشمال السوري..خطوة للنهوض وجذب المستثمرين، مرجع سابق.
[36] قريبا..مدينة صناعية في بلدة الراعي شمال حلب، الموقع الإلكتروني الجسر ترك، 2019، الرابط
[37] “محلي” مارع يشرع ببناء مدينة صناعية، موقع حرية بريس على شبكة الإنترنت، 15/10/2018، الرابط
[38] المدن الصناعية في الشمال السوري..خطوة للنهوض وجذب المستثمرين، الموقع الإلكتروني تلفزيون سوريا، 09/12/2020، الرابط
[40] محمد أحمد خليل، واقع التعليم في المناطق المحررة وسبل تطويره.18-01-2022.
[41] موقع هيئة التعليم العالي في الداخل السوري، على شبكة الإنترنت، الرابط
[42] جامعة غازي عنتاب تستحدث ثلاث كليات في ريف حلب الشمالي، موقع عنب بلدي على شبكة الإنترنت، 4/10/2019، الرابط
[43] تركيا تنشئ 3 مستشفيات في مناطق درع الفرات شمال سوريا، موقع الخليج أونلاين على الإنترنت، 22/10/2018،الرابط
* تدفع جميع أجور ورواتب العاملين في مناطق النفوذ التركي بالليرة التركية، لكن موظفي الحكومة السورية المؤقتة تثبت اجورهم بالدولار الأمريكي وتتراوح قيمتها وسطياً بين 350 إلى 450 دولار امريكي. انظر: ثائر المحمد، "زيادة رواتب الموظفين في مؤسسات الشمال السوري.. كم بلغت نسبتها؟"، موقع تلفزيون سوريا، 24/12/2021، الرابط
* عدد المعلمين حوالي 10 آلاف معلم ومعلمة
[44] سنان حتات، الاقتصاد السياسي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مركز روبرت شومان للدراسات العليا تقرير مشروع بحثي، 31/1/2020، ص 2. انظر أيضاً: فرانشيسكا دو شاتيل، الجفاف وتغيّر المناخ ودورهما في الانتفاضة السورية: فكّ تشابك محرّكات الثورة، موقع الجمهورية. نت، 10/4/2014، الرابط
[45] طه علي أحمد، "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في ضوء "الأمة الديمقراطية" عند عبد الله أوجلان"، ANFNEWS، 29/5/2023، الرابط
[46] ميثاق العقد الاجتماعي، الموقع الرسمي لحزب الاتحاد الديمقراطي على الإنترنت، 6/1/2014، الرابط
[47] مصطفى محمد، " موازنة “الإدارة الذاتية”.. تمويل العجز بزيادة الضرائب وتشكيك بنزاهة الأرقام"، 17/06/2024، الرابط
[48] " في حديث لـ«الشرق الأوسط»... مسؤول كردي يفتح الصندوق الأسود للبترول السوري"، 15/08/2023، الرابط
[49] زانا العلي، إيرادات الإدارة الذاتية..النفط متصدراً ومحاولات لتنويع المصادر، نورث برس، 25/9/2023، الرابط
[50] عبد الله البشير، "احتكار مواد البناء بمناطق "الإدارة الذاتية" في سورية، العربي الجديد، 28/10/2020، متوفر على الرابط. انظر أيضاً: "انهيار قيمة الليرة السورية واحتكار المواد الغذائية يرهقان الأهالي في مناطق الإدارة الذاتية بدير الزور"، المرصد السوري لحقوق الإنسان، الرابط
[51] " الإدارة الذاتية وأزمة كورونا: قطاع صحي معتل وتحديات متزايدة"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 09/04/2020، الرابط
[52] " طلاب الجامعات في مناطق “الإدارة الذاتية”.. مستقبل دراسي مجهول بسبب عدم الاعتراف بالجامعات وصعوبة الانتقال لمناطق أخرى"، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 19/07/2022، الرابط
[53] " الإدارة الذاتية تنشر جدول الرواتب بعد الزيادة.. كم أصبحت؟"، موقع بيسان أف أم، 27/08/2023، الرابط