محمود سلامة


07 آب 2014

تمتاز أعمال الفنان محمود سلامة الذي يعرّف عن نفسه بأنه سوري فلسطيني، بنزعة سريالية تأخذ من تجربة الفلسطينيين في اللجوء والشتات مواضيعها لتعود وتقدمها بقالب سوري، فالخيمة وشعار الأونروا، إضافة إلى الاوجاع الفلسطينية المعروفة، من شتات واستيطان وتهجير وتجريف للبساتين وتجزير، كلها حاضرة في لوحات الفنان، لكن بصلات وصل سوريّة، بعدما قرّبت المأساة بين السوريين والفلسطينيين، إلى درجة وصلت للتطابق في بعض الأحيان، كما حدث في غزة إذ باتت الصور تلتبس على المتابع أنها ملتقطة في مدينة حلب، والعكس صحيح.

وفي سيرة الفنان الذي انخاز للثورة منذ أيامها الأولى، نطالع أنه لم يدرس الفن أكاديمياً، بل عمل على تطوير موهبته من خلال جهود ذاتية في قراءة تاريخ ونقد الفنون التشكيلية، وأهم أعلامها ومدارسها.

وربما كان لبعده عن الصرامة الأكاديمية فضيلة، أكثر ما تبدو في أسلوب الفنان الذي يشكّل مزيجاً من كل شيء، ويتنقل بسلاسة بين مختلف الرؤى والأساليب التشكيلية والبصرية.

يستخدم الفنان الكمبيوتر وبرامج الأنيمشين، وكانت آخر ما وصلت إليه تجربته هو المزج بين فنيْ الملصق والكاريكاتير، وعن ذلك، يقول سلامة لموقعنا "سيريا أنتولد syria untold" إنه توقّف عن رسم الكاريكاتير لعشر سنوات بسبب تفرغه للرسوم المتحركة.

وحول الثورة يعتقد الفنان، الذي شارك في معارض فنية في سوريا ولبنان إضافة إلى أستراليا، أن الثورة السلمية بدأت نظيفة، وعكست في مرحلة ما رغبة الشعب في التحرر من الطغمة الحاكمة ومن فساد الدولة، خاصة في تحديها لهذا النظام الذي يقف في وجه التطور والتقدم.

وحسب رأيه أن الثورة السورية أخدت مساراً مختلفاً نتيجة قلة الوعي السياسي، الناتج بشكل أساسي من تغييب السوريين عن المشاركة في الحياة السياسية، على مدى عقود من حكم البعث، لكن خوض الشعب لتجربته التاريخية سيكون بمثابة المدرسة التي سنعود إليها في المستقبل.

لوحات سلامة تعمد على قوة الالتقاطة، ودقة الفكرة، ففي رسم يعنونه باللاجئين، تصيب رصاصة ساعة رملية، ما يشير إلى قتل الزمن. وفي لوحة أخرى يقوم الفنان بالتوأمة بين الموت التي تتعرّض لها سوريا وفلسطين، باختلاف شكل ونوع القنبلة، حيث الصواريخ في غزة والبراميل المتفجرة في سوريا.ولا تغيب عن رسوماته شخصيات الأطفال، بل إن الفنان يرسم بروح طفولية في كثير من الأحيان، وأطفاله سوريون بمقدار ما هم فلسطينيون، ويحدث أن نرى أن حجم الأسلحة الذي تخلفه الحرب، سيقوم بتفجير أحلام الطفولة.

محمود سلامة نكهة أخرى تضاف إلى المشهد الإبداعي السوري الذي لم يتوقف عن التوالد من رحم هذا الخراب، وصورة مقربة لجيل يحارب بأدوات الجمال كل أشكال القبح. ولعلها هي ذي حربنا التي نشتهي.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد