بعد اعتصام نفذه اليوم الخميس (11/7/2013) ناشطو حلب أمام مسجد بدر في حي بستان القصر في تمام الساعة الحادية تماما، أطلق سراح الناشط "زيد محمد"، والذي اعتقل سابقا من قبل الهيئة الشرعية لأنه علماني!
اعتصام اليوم كان بمثابة تصعيد وتهديد من الشباب المدني في حلب بمواجهة تهديد "الهيئة الشرعية" للناشط "زيد محمد" المعتقل عند الهيئة بالتوبة والتراجع عن علمانيته، وإلا!
وكان أرفق الشباب المدني الناشط في حلب دعوتهم اليوم للتظاهر بتهديد مفاده: "في حال لم يتم إطلاق سراحه سيتحول الاعتصام لمظاهرة تتوجه إلى مقر الهيئة الشرعية".
إذن تهديد مقابل تهديد، واعتصام مدني مقابل هيئة تمتلك السلاح وتحاول فرض تعاليمها على من ثاروا ضد الاستبداد طلبا لحرية تعبير حرمهم منها النظام، فوجدوا أنفسهم أمام مستبد آخر يحرّم عليهم العلمانية، ويطلب منهم الارتداد عنها!
فما الحكاية؟ وهل ثار السوريون ضد استبداد ليقعوا في براثن استبداد آخر؟ أم أن المعركة مستمرة ضد النظام والقوى التي تحاول سرقة الانتفاضة السورية وأهدافها؟
سيرياأنتولد syriauntold ذهب إلى حلب، إلى مصدر الحدث للاطلاع على الحكاية من أصدقاء الناشط المعتقل "زيد"، لمعرفة الحكاية من ألفها إلى يائها:
بدأت الحكاية بتاريخ الثلاثاء (9/7/ 2013) حين كان الناشط "عبيدة" يمتشق كاميرته ويلتقط الصوّر بجانب حاجز معبر كراج الحجز الذي تدور حوله قصص كثيرة الآن حول دور له في محاصرة حلب الغربية التي يتواجد بها النظام ( سنتحدث عن هذا الأمر في حكاية خاصة) ومنع الطعام عنها ردا على حصار حمص، حيث أقدم عناصر المعبر على ضرب عبيدة، الأمر الذي دفع أصدقاءه لتنظيم تظاهرة في اليوم التالي الساعة السادسة مساء " ضد كتائب المعبر، مشان ضرب عبيدة وإهانة الناس اللي عم تصير عـالمعبر، ومشان فك الحصار عن المناطق الغربية من حلب".
https://www.youtube.com/watch?v=EWsoJSOzads
تظاهرة أمام المعبر لفك الحصار.المصدر: يوتيوب. تم التأكد من صحته من قبل الناشطين الذين تم التواصل معهم
هنا قامت كتيبة الزير الموجودة بالاعتداء على المتظاهرين وإهانتهم، حيث يقول أحد المشاركين: "أهانونا، وأكلنا قتلة وتشبّح علينا، ووصلت معهن إنو يضربونا بالبي كي سي. أحد المصابين كان رفيقنا زيد وصارت بلوزتو كلا دم".
لم يستكن الشباب فمن تعلّم طعم الحرية لن يركن لأحد، إذ قرروا المواجهة وفق الطرق القانونية، فاتجه حوالي عشرين ناشط نحو مقر الهيئة الشرعية لأجل تقديم شكوى نظامية ضد الكتيبة المعروفة في بستان القصر "شقدا وسخة " كما يقول أحد الناشطين.
الحوار مع عناصر الهيئة فيما يخص الكتيبة المسيئة كان جيدا، إذ وعدت الهيئة الشباب بأنها "رح تحاسب كتيبة الزير وتعتقلن كلياتن، ووعدتنا بهاد الشي"، ولكن حين طرح موضوع فتح المعبر وفك الحصار عن المناطق المحاصرة من حلب، طلب أحد المسؤولين في الهيئة من الشباب أن ينتدبوا أحدا منهم للحضور في اليوم التالي لأخذ موعد لحضور "أحد اجتماعات الأمراء" الذي سيناقش موضوع فتح المعبر.
في اليوم التالي اتجه زيد ورفيقه الذي يقص لنا الحكاية لأخذ موعد الاجتماع المقرر لنقاش أمر المعبر، ولكن الشخص المعني لم يكن موجودا.
وأثناء انتظاره بدأ حديث بين الطرفين عن شكل الدولة السورية بعد سقوط النظام، حيث قال زيد أنه يطالب بدولة علمانية، مكررا المصطلح أكثر من مرة، الأمر الذي دفع أحد عناصر الهيئة الذي أغضبه الأمر للقول: " إنت علماني معناها لا تجي تشتكي عنا. الله معك". الأمر الذي دفع زيد للنهوض للمغادرة، إلا أن أحد "العناصر كان واقف. استفزوا لزيد وفشكلوا لما كان ماشي يروح"، ليحتد الموقف ويبدأ عراك بالأيدي، ينتهي باعتقال زيد بتهمة أنه يريد دولة علمانية وديمقراطية وأنه يريد أن يقرر الشعب شكل الدولة المقبلة، الأمر الذي دفع عناصر الهيئة لوصف زيد بـ"المرتد"، مطالبين أن يتوب خلال ثالثة أيام، وإلا!
أصدقاء زيد مصممون على عدم الرضوخ للهيئة، إذ طالبوها في بيان رسمي نشرته صفحة شاب حلبي"بإطلاق سراح زميلنا زيد فورا، والتوقّف عن الاعتقالات التعسّفية بسبب الاختلاف بالرأي، لأنّها تكرّر جرائم النظام وأقبية الفروع الأمنية، وإننا إذ ثرنا لأجل الحق والحرية، وليس لأجل تبديل قمع الرأي وتكميم الأفواه واحداً بآخر"، حيث امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي أيضا بحملات وبوستات تطالب بإطلاق سراحه، فكتبت مارسيل شحوار: "بتتذكر صورة الزلمي اللي قاعد بحلب وحاضن بسكلية بنتو اللي هي كل شي باقيلو بعد القصف:هي تصوير زيد. بتتذكر صورة البنوتة اللي حاضنها ابوها بالتاكسي. بعد ما قنصها القناص تبع كاراج الحجز . صورة الوردات الحمر،اللي بجنازة أمي: هي كمان تصوير زيد. ما في ثائر بحلب ما بيعرف زيد بقناعو الأسد. اللي كان يلبسو ويزمط فيه إيام المظاهرات الأولى بحلب. زيد اللي بيعرف يلتقط ثورتنا ووجعنا وفرحنا وفخرنا. ما رح يقدرو يفهموه. لأنو المعادلة بسيطة. هو ثائر. وقلبو عسوريا. ولسوريا وهني لأ".
وفعلا نفذ اليوم أصدقاء زيد تهديدهم واعتصموا في بستان القصر، رافعين اللافتات المطالبة بإطلاق سراحه، حيث كتب على أحدها: "عش عزيزا ولا تخلي حدا يخوفك من إنو تقول رأيك" و " من حق أي إنسان أن يعبر عن رأيه وله حرية الدين والمعتقد"، ليصار إلى إطلاق زيد بعد الاعتصام، ولتنتصر حرية الرأي والعلمانية على الردة التي هدّد بها رجال الهيئة، بفضل إصرار الشباب على مواجهة الهيئة وتصعيد الاعتصام ضدها لعدم التدخل في حريات المواطنين وشؤونهم، مؤكدين أن الحرية التي يسعون لانتزاعها من براثن نظام الأسد لن يسمحوا لـ"هيئة شرعية" أو غيرها بانتزاعها منهم.