لم يكن السوريون يحتاجون إلى مقتل عالم الآثار السوري "خالد الأسعد" ذي الثلاثة والثمانين عاما بطريقة وحشية حتى يبدأ سجال سوري حول إجرام داعش وإجرام النظام والعلاقة بينهما من عدمها. فالسجال بدأ عمليا منذ ولادة داعش ولايزال، وهو أمر يتكرر مع كل جريمة تقوم بها داعش ليعود السجال مجددا، بدءا من إعدام الصحفيين الأجانب إلى إحراق الطيار الأردني إلى سقوط مدينة تدمر بيد التنظيم وهدم سجنها السيء الصيت، إلى مقتل "الأسعد" الحائز على وسام الاستحقاق برتبة فارس من رئيس الجمهورية الفرنسية ووسام الاستحقاق برتبة فارس من رئيس جمهورية بولونيا ووسام الاستحقاق من رئيس الجمهورية التونسية، ودون أن ينتهي الأمر عند هدم معبد "بعل شمين" بعد أقل من أسبوع على مقتل الأسعد، وهو المعبد الذي صنفه متحف اللوفر في باريس بأنه الموقع الأهم في مدينة تدمر الأثرية بعد معبد بعل.
مجرد الإعلان عن مقتل "الأسعد" وانتشار صوره على وسائل التواصل الاجتماعي دفع العديد من محبيه وطلابه ومعارفه العارفين بأهميته إلى رثائه واستنكار موته بهذه الطريقة، حيث كتبت الدكتورة ريم تركماني: "يالفداحة هذا الخبر بمحتواه ورمزيته. الدكتور خالد الأسعد, عالم الآثار القدير ومدير الآثار والمتاحف في مدينة تدمر يذبح على يد داعش في شوارع المدينة التي كرس لها حياته. من يَعرف تدمر جيداً يعرف أنه كان لعقود عديدة أحد أهم رموز المدينة, غزيرٌ في معرفته لتاريخها وحكاية كل حجرة فيها ودلالة كل نقش. كان راقياً دائماً في تمثيله لتدمر وسوريا أمام الوفود من العلماء والشخصيات الرفيعة التي كانت تحج إلى المدينة. أتقن اللغة الآرامية التدمرية وترجم مخطوطاتها ونقوشها. عرفته منذ الصغر بحكم صداقة عائلتي مع عائلته ولم نعرف عنه سوى الخلق الرفيع وشدة الإخلاص لتدمر... أن ينتهي هذا الرمز بهذه الطريقة فهذا أكبر تعبير عن فشلنا الذريع الذريع في حماية كل ما هو جميل في هذا البلد"، في حين كتب أحد خريجي كلية الآثار والمتاحف في دمشق وطالب الدراسات العليا في بلجيكا "مصطفى سكاف": " الرحمة لروحك استاذي .."داعش" إجرام بحماية دولية".
داعش والإعلام ومجزرة دوما:
الأهمية العلمية للأسعد أثارت ضجة كبرى حول مقتله وصلت صداها الأكاديميات الغربية والمؤسسات الثقافية التي نعت الرجل، حد أن الدولة الإيطالية قررت أن تنكس أعلامها حدادا على الرجل، حيث قال المعارض السوري "بسام يوسف": "أعلن وزير الثقافة الإيطالي داريو فرانشيسكيني, يوم الخميس, تنكيس الأعلام بالمتاحف الإيطالية تكريماً لمدير الآثار السابق خالد الأسعد والذي أعدمته داعش في تدمر. كتب فرانشيسكيني على صفحته بموقع "تويتر" لقد سمعت دعوة (عمدة تورينو " بييرو فاسينو" الذي اتخذ هذه المبادرة في مدينته): الإعلام ستنكس في كل المتاحف والمراكز الثقافية التابعة للدولة، تكريما لخالد الأسعد". رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي على "تويتر" أيضاً، كتب كل "احتفالات الوحدة" التي ينظمها حزبه الديموقراطي (وسط يسار) مساء الخميس، ستقام تكريما لخالد الاسعد, "لا تستسلموا للهمجية أبدا".عالم الآثار السوري خالد الأسعد، والذي أعدمته " داعش" بوحشية تشبهها جدأً، هو وجه من وجوه سوريا التي يتشارك النظام وداعش وأشباههما على إعدامها بنفس الوحشية. يوما ما، وعندما ينتصر الشعب السوري، ستنكس الأعلام حدادا على مجازر كثيرة ارتكبها هذا النظام وداعش و..و...في ذكرى مجزرة الغوطة الشرقية الكيميائية التي ارتكبها النظام " أبو داعش". نحن السوريون ننكس أرواحنا ودمعنا وقلوبنا ، لن ننسى"، مشيرا إلى تزامن مقتل الرجل مع مجزرة دوما (17 آب 2015)، ومع الذكرى السنوية الثانية لمجزرة الكيماوي (12 آب 2013)، ومسلّطا الضوء على العلاقة بين النظام وداعش من جهة، وبين داعش والإعلام من جهة أخرى، حيث يعمل داعش دوما على "إخراج" جرائمه بطريقة مبهرة تدفع الكثيرين للشك بقدرة داعش على القيام بهذا الأمر، وإلى وجود أجهزة استخبارات تحركها تحقيقا لأهداف معينة، وهو الأمر الذي استهجنه الباحث والآثاري "باسيليوس زينو" إذ قال لحكاية ما انحكت أن هذه "ليست قراءة تحليلية وإنما رغبوية، ولا يمكن فصل سياق ظهور داعش والنصرة عن تدمير دولة العراق وجيشها على يد القوات الأمريكية بعد الغزو وصعود الزرقاوي، وإعادة تشكيل عراق طائفي قائم على المحاصصات الطائفية والاثنية دستورياً، وتفكيك كل ما تبقى من هويته الوطنية الهشة أصلاً. أي قراءة لا تتناول هذه المسألة وتحاول فقط الربط بين داعش والنظام في سياق الحرب السورية وخاصة بعد انقلاب التنظيم على كتائب "الجيش الحر" لن تصل إلى أي نتيجة وستبقى قاصرة ومقتصرة على بناء سرديات المؤامرة. أما ربط هؤلاء البعض بين أجهزة الاستخبارات و"إثاراة الحس الإعلامي والتحريضي للبشر" يدفعني للتساؤل فيما إذا كان هناك إعلام عربي لا يعيش على التحريض المذهبي والطائفي! وعليه يمكن القياس بالقول أن الجزيرة والعربية والمستقبل والمنار والدنيا والميادين والأورينت وكلنا شركاء وصفا ووصال، ومئات المحطات التي تقوم على إعادة إنتاج سرديات تحريضية بعضها مذهبي وطائفي صراحةً أو مبطناً، تقف وراءها أجهزة استخبارات!".
البعض رأى أن مقتل الرجل بعد أيام من مجزرة دوما هو محاولة للتغطية على جريمة النظام، قائلين بأن داعش تعمل دوما على تغطية أو حرق كل ما يدل على جرائم النظام كما حصل حين أحرق داعش سجن تدمر الذي يعتبر أكبر وصمة عار في تاريخ نظام الاستبداد السوري. وهو ما تبناه المعارض السوري "بسام يوسف" حين قال: "داعش هدم سجن تدمر كشاهد على أكبر جريمة ارتكبها النظام بحق الشعب السوري. داعش أعدم خالد الأسعد الشاهد الأهم على سرقة النظام السوري وغيره لآثار تدمر. داعش دائما ينقذ النظام في مناطق القتال التي تقترب فصائل المعارضة فيها من انجاز انتصارها. داعش ابن بار لنظام العهر واللصوصية"، في حين عارضه في ذلك الباحث "بدرخان علي" إذ كتب على صفحته على الفيسبوك: "كلما أقدمت داعش و القاعدة في سوريا على جريمة ما، ينبري العديد من النشطاء السوريين والمثقفين للقول أن هذا العمل هو لتغطية على جريمة من جرائم النظام ..بناء على تحليل فاضح يقول أن داعش أداة النظام! داعش ماضية في مشروعها في بناء دولتها و القتل و التدمير البشري والعمراني ( ولا تسأل عن أحد منكم على فكرة .) داعش أكثر المجموعات المقاتلة "استقلالية " ومخلصة لمشروعها العقائدي. تغطية على جرائم النظام ؟؟؟ يا لهذا التبسيط".
البعض يرى أن الأمر مختلف تماما في حالة "الأسعد" لأن الضجة الإعلامية لم تأت من اهتمام داعش بالأمر بل من أهمية الرجل نفسه، وهو أمر لم تكن تتوقعه داعش نفسها، حيث قال زينو" في لقاء خاص مع حكاية ما انحكت أن: "التنظيم لم يقم بدعاية عن إعدام الرجل كما حدث في عمليات سابقة كالطيار الأردني أو الرهائن الغربيين، وإنما الاهتمام العالمي بهذه الحادثة نبع بالدرجة الأولى من مكانة الرجل العلمية الكبيرة في الأوساط الأكاديمية الدولية بوصفه أحد آباء علم الآثار السورية والتدمرية على وجه الخصوص، حتى أن المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، نعته فور سماعها الخبر كما نكست المتاحف الايطالية أعلامها حداداً عليه. برأيي لم يتوقع التنظيم بالإضافة إلى عامة السوريين، باستثناء الآثاريين و أبناء تدمر ومن زاروا المدينة برفقة الأسعد الذي كان يتحدث بشغف ممتع عن مدينته، أن إعدام الرجل سيستقطب هذا الاهتمام العالمي الأمر الذي دفع البعض للربط بين هذه التغطية المكثفة والتزامن مع مجزرة دوما لنشر سرديات المؤامرة.. ربما يكون التنظيم قد صور عملية القتل بالفيديو وقد يعيد نشرها بعد اكتشافه أهمية الرجل وربما لم يفعل..لا أدري، لكنه بتفجير معبد بعلشمين خلال أقل من أسبوع ( 23 آب/أغسطس) فإنه يستخدم الاهتمام العالمي بآثار المدينة وبحدث قتل الأسعد ليبقى في دائرة الضوء وللترويج الدعائي. لماذا لايربط "البعض" بين تفجير معبد بعلشمين ومجزرة دوما واختيار اغتيال الأسعد وكأنه الحدث الوحيد؟ ولماذا لم يفجر المعبد في اليوم الثاني أو ينتظر حتى يرتكب النظام مجزرة أخرى في يوم يتفق فيه مع داعش!".
داعش والآثار: أية علاقة؟
إن المتتبع لجرائم داعش سيلاحظ علاقة غير واضحة المعالم بين داعش والآثار، وهي علاقة تكاد تمتد إلى كافة التنظيمات الجهادية التي تعادي الآثار بوصفها "أصناما" ينبغي التخلص منها، إذ سبق لطالبان أن دمرت تماثيل كثيرة في أفغانستان، في حين يرى البعض أن الأمر يندرج ضمن خطة "التهييج الإعلامي" التي تتبعها داعش لما يثيره الأمر من اهتمام إعلامي يكاد يكون مبالغا به أحيانا، إذا أخذنا بعين الاعتبار الحجم الإعلامي الذي تلقاه أحداث أخرى منها مجزرة دوما الأخيرة التي ارتكبها النظام.
إلا أن للأمر أبعاد أخرى لها علاقة بالشق الاقتصادي الذي يركز عليه التنظيم أيضا، إذ يقول الباحث "زينو" لحكاية ما انحكت: "داعش تستخدم الآثار لعدة أغراض فبتدميرها وتصويرها تقوم باستغلالها كوسيلة أيديولوجية لاستقطاب الجهاديين ووسائل الإعلام العالمية مما طغى في كثير من الأحيان على هزائمها. وبعد استهداف قوات التحالف لبعض الحقول النفطية التي يحتلونها وهبوط أسعار النفط، تزايد استغلال التنظيم للمواقع الأثرية وأصبح "أكثر تنظيما" بمعنى احتكار منح رخص التنقيب للراغبين لقاء ضرائب (الخمس) وأخد نسبة من الأرباح. وعلى ما يبدو أن اسم الأسعد كان ضمن قائمة زودها الوشاة والمتعاطفين مع التنظيم من أبناء المدينة فتم اعتقاله مع ابنه وليد، الذي أطلق سراحه فيما بعد، لإجباره على كشف أماكن الآثار والتحف ومع إصراره على الرفض تم إعدامه، أما التهم التي اختلقوها لا تستحق الوقوف عندها لأن الأمر يبدو وكأننا نناقش "أحقية" قتلهم و"شرعية" وجودهم و "صوابية" أفعالهم".
داعش صنيعة النظام!
كثيرة هي التعليقات والمقالات والسجالات التي ربطت بين داعش والنظام، وقد أعاد مقتل الأسعد إحياءها من جديد، حيث يسود ثلاثة أراء حول هذا الأمر:
الأول يقول أن داعش هي صنيعة النظام وهي ستختفي بمجرد سقوطه حيث يستخدمها النظام شماعة ليقول للغرب والعالم "أنا أوالإرهاب" في محاولة لحشر السوريين والعالم بين السيء والأسوأ.
والثاني يقول أن داعش هي تنظيم إجرامي ولد بمعزل عن النظام وسيستمر بعد سقوطه ما لم تتخذ إجراءات عملية وعميقة لمواجهته، لأنه ابن ثقافة الانغلاق والتعصب وتعطل حركة الإصلاح الديني التي توقفت بتوقف الاجتهاد في الإسلام.
والثالث يقول أنه لا يمكن الاكتفاء بأي من وجهتي النظر السابقتين، لأن كلاهما ترى نصف الكأس بعيدا عن نصفه الثاني، فإذا كانت داعش ثمرة طبيعة لثقافة أغلقت نفسها على تراث ماضوي ظلامي، فإن قراءة الأمر دون سعي نظام الاستبداد للاستثمار السياسي والديني في هذا الماضي الظلامي يجعل الرؤية مشوشة، الأمر الذي يجعل الباحث "زينو" يرى في الرؤية القائلة بأن ثمة تواطئا بين النظام وداعش أو أن الأخيرة من صناعة الأول بأنها "قراءة تبسيطية وسردية مريحة للبعض الذين يختزلون تنظيماً بالغ التعقيد والمنهجية بتوصيفه وكأنه مجرد تجمع لرعاع أو عملاء لأجهزة استخبارات وبمجرد سقوط النظام سيختفون من الوجود، هناك للأسف تقديم للرغبات على التحليل. ويدهشني في الوقت نفسه أن بعض هؤلاء "البعض" يتبنون سردية أن داعش عميلة للنظام وفي الوقت نفسه يبررون مافعله الدواعش بأنه "قصاص" من الأسعد لأنه لم ينشق ويتصدر الإعلام كمعارض متهمين إياه بتبييض صورة النظام، وباعتبار أن مديرية الآثار تتبع لوزارة الثقافة فإن استهداف العاملين بها أو حتى المتقاعدين يمسي هدفاً مشروعاً في نظرهم. في حين مضى البعض الآخر بعيداً في السردية إلى حد الزعم أن الأسعد وثق سرقات النظام فقامت داعش بقتله! مما لاشك فيه أن النظام السوري يتحمل موضوعيا مسألة تغوّل التنظيم عبر تركه يتمدد على حساب بقية الكتائب المعارضة، لتنحصر المعادلة بنظر المجتمع الدولي بينه وبين تنظيم إرهابي، الأمر الذي دفع بسببه ثمناً فادحاً تمثل بفقدان تدريجي لمراكز العصب الاقتصادي وعدد كبير من القوات النظامية كما في حالة الفرقة 17. إذاً كان هناك على ما يبدو تواطؤ موضوعي بحكم المصلحة وتكتيكات الحرب لاستنزاف كتائب المعارضة المشرذمة ومتباينة الأجندات والممولين، ولكن الاقتصار على ذلك مضلل".
ويذهب "زينو" أبعد من ذلك، حين يقول أن "داعش" نفسها كانت "ركناً أساسياً في عدة عمليات شنها "الجيش الحر" منها "عملية تحرير الساحل"، كما عرف الهجوم على ريف اللاذقية في 4 آب/أغسطس 2013، والهجوم على تل أبيض في تموز/يوليو 2013، ومطار منغ العسكري في آب/أغسطس 2013. ومع تعاظم نفوذ التنظيم في الرقة وطموحاته التوسعية في أرياف حلب وإدلب على امتداد الحدود السورية- التركية اندلعت اشتباكات بين شركاء الأمس في عزاز في أواخر 2013 وتجددت بشكل عنيف بين شهري كانون الثاني وآذار 2014 انتهت بطرد التنظيم من المنطقة، وينبغي ألا نتجاهل أيضاً أن للتنظيم مؤيدين من أبناء المناطق التي يقومون ببسط سيطرتهم عليها وليس مجرد كيانٍ غريب ونقي، ولكن هذا التأييد لا ينبع حصراً من إيمان بإيديولوجيا التنظيم وإنما من عدة عوامل ككراهية النظام أو الرغبة بالاستقرار والأمن بدلا من الحياة في ظل كتائب متصارعة وعصابات مسلحة والحاجة إلى الدعم الاقتصادي إلخ"، الأمر الذي يوضح أن داعش لم تهبط من المريخ بل هي نتاج الانسداد التاريخي الذي وصلته المجتمعات العربية والسلطات على السواء، وهو ما أعطى السلطات المستبدة ورقة تستخدمها ضد شعوبها. فأن يستخدم النظام السوري داعش ويستثمرها لصالحه، فهذا لا يعني أنها صنيعته، وإن كانت سياسته عمليا ساعدتها على النمو والتوسع وفق حاجات مصلحته الساعية لأن يكون الوضع السوري محصورا بين ثنائية "داعش والنظام" كي يبقى على رأس هذا الخراب الذي ساعدت المعارضة عمليا فيه حين حاربت بعض فصائلها إلى جانب داعش، وحين تغاضت في كثير من الأحيان عن العقل المبرر للجريمة، وهو ما انتبه له المعارض "محمد الصالح" حين كتب على صفحته على الفيسبوك: ": "يأتي الهمج ليقطعوا ذلك الرأس الذي حاول أن يبني. كل الهمج حاولت مسح التاريخ. الهمجية هم هؤلاء الذين يهللون لداعش .داعش ليست دولة العراق والشام التي أعلنها البغدادي فقط، بل هي كل المعاول التي تهدم وتقتل. داعش هي عقل كل من يمجد الجريمة".
هذه الجريمة التي لم يتردد الفيلسوف السوري الفلسطيني "أحمد برقاوي" عن إدانتها بلا هوادة بعيدا عن التلطي خلف جرائم النظام إذ قال: "دفاعا عن القيم: لا يقل لي أحد، إن هناك مئات الآلاف الذين قتلهم النظام ، فهل نقف عند مقتل شخص ؟ أجل الجرائم التي ارتكبها النظام توحش لا مثيل له في التاريخ، ولكن يجب عدم الصمت عن جرائم داعش بأي صورة من الصور، فالمعنى القابع وراء قتل خالد الأسعد هو قتل الحضارة والمدنية والإنسان والقلب. التوحش هو التوحش. و الوقوف ضد التوحش موقف استراتيجي لكل ذي ضمير أخلاقي، لكل عربي ولكل سوري بشكل خاص. القيم الأساسية التي ثار من أجلها السوري هي قيم الكرامة والحريّة والديمقراطية والفرح والمواطنة مجتمعة، كل سلوك يعادي هذه القيم خنجر في ظهر الشعب الذي دفع ويدفع أرواح بنيه من أجل تحقيقها".
كما أنه يتوجب علينا أن لا تنسينا جرائم داعش توحش النظام وجرائمه، يجب ألا يدفعنا كرهنا للنظام وتوحشه إلى غض النظر عن جرائم داعش، بل يجب العمل على محاولة فهمها بعيدا عن اختزالها إلى أنها "صنيعة النظام"، فالحرب ضد الطرفين والوعي بأدواتهما وجرائمهما وتكاملهما حينا وتضادهما حينا هو الطريق الأفضل للعودة إلى درب الدولة المدنية العلمانية. هذا الدرب الطويل والصعب دون شك، والمعبد بالآلام والمصاعب الشاقة أيضا.