كحال أغلب المدن السورية اليوم، والتي تذبح بأنواع ووسائل وأساليب مختلفة، تصرخ مدينة دير الزور التي تذبح بصمت وبالعلن على أيدي نظام الأسد من جهة، وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش" من جهة ثانية، ولا شيء يغير من حال أهالي المدينة، ولا شيء ينقذهم رغم نداءات الاستغاثة التي أطلقها ويطلقها كل يوم ناشطو المدينة.

وإذا كان نظام الأسد من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة ثانية، قد أثخنوا في المدينة وأهلها الطعنات، فالطيران الروسي اليوم ينضم إلى جوقة المجرمين، ويباشر قصفه لقرى وبلدات دير الزور التي تغص بالمدنيين، وكانت آخر مجزرة قد ارتكبت على يد الطيران الروسي قبل بضعة أيام، بتاريخ 22-1-2016، حيث حصد الطيران الحربي الروسي أرواح زهاء 47 شخصاً، بينهم 20 طفلاً وأربع نساء.

في حوالي آب من عام 2014، وبحسب ما يروي "لحكاية ما انحكت" الناشط أحمد الرمضان أحد مؤسسي المجموعة، أطلق ناشطون من دير الزور، صفحة أسموها: "دير الزور تذبح بصمت"، أسوة بالصفحة التي أطلقها ناشطون في وقت سابق، والتي دعوها: "الرقة تذبح بصمت"، هذا أن كلا المدينتين، الرقة ودير الزور، تنوءان تحت إجرام تنظيم داعش، والذي حول الحياة في المدينتين إلى جحيم، ونظام الأسد الذي قضى ويقضي على آخر خيط للنجاة في المنطقة.

وبحسب الرمضان، أتى تعريف مهام "دير الزور تذبح بصمت"، باعتبارها حملة تمثل مجموعة من الناشطين الإعلاميين، والتي تعمل من أجل توثيق انتهاكات داعش ونظام الأسد في دير الزور والشرق السوري، كما يسعى المقيمون على الصفحة إلى نقل معاناة المدنيين في المنطقة، وما يتعرضون له من انتهاكات، وتوثيقها وتسليمها لمنظمات حقوق الإنسان.

وفعلياً، باشرت الصفحة بتوثيق أغلب الانتهاكات التي حدثت في دير الزور، وتحديداً تلك التي وقعت على أيدي تنظيم "داعش"، فعمدت إلى توثيق عدد كبير من المجازر المرتكبة بحق المدنيين، ومنها المجزرة التي ارتكبت في أواخر عام 2014 بحق أهالي "الشعيطات"، والتي راح ضحيتها المئات من أفراد المنطقة. بينما يقول الرمضان أنه في هذا الشهر الجاري وحده تم توثيق نحو 300 ضحية في دير الزور قضوا بسبب الطيران الحربي الروسي.

كما عمد القيمون على الصفحة إلى توثيق أسماء المعتقلين لدى تنظيم "داعش" من المدنيين من أهالي دير الزور، كما رصدت الصفحة، جملة الأمراض والأوبئة التي أصيبت بها مناطق مختلفة من دير الزور، بسبب الحصار ونقص الأدوية والمعدات الطبية، وهو ما أدى إلى انتشار أمراض كثيرة بين المدنيين، ومنها الجرب، اللشمانيا، والتهاب الكبد وغيرها من الأمراض.

سعت المجموعة إلى توثيق انتهاكات نظام الأسد بحق المدنيين، فصممت العديد من الحملات الإعلامية التي سعت من خلالها إلى الكشف عن الحصار الذي تطبقه قوات الأسد على بعض أحياء مدينة دير الزور، ومسؤوليته في انتشار الجوع في أوساط المدنيين، وبحسب أحمد الرمضان، وصل عدد الذين توفوا بسبب الجوع في دور الزور نحو خمسين شخصاً، بينما المناطق التي يتواجد فيها النظام فيتوفر فيها كل أنواع السلع الغذائية والتي يحرم منها نحو 200 ألف من قاطني أحياء مدينة دير الزور المحاصرة من قبل تنظيم داعش ونظام الأسد معاً.

ينفي أحمد الرمضان لحكاية ما انحكت أي علاقة لمجموعة "دير الزور تذبح بصمت" بأي جهة سياسية أو عسكرية، كما ينفي حصول المجموعة على أي تمويل، بينما أغلب العاملين في هذه المجموعة هم من الناشطين، والذين يضعون مصلحة سوريا ودير الزور بطبيعة الحال على رأس أولوياتهم.