"كل العالم يتابع جنيف 2، إلا الشعب السوري ... مقطوعة الكهربا". قد تكون هذه العبارة التي كتبها المواطن السوري "صلاح المدني" تلخص بعضا من التناقضات التي يعيشها السوريون اليوم جرّاء بدء مؤتمر جنيف2، والتي تعكس التباعد بين الداخل المحتفي بهمومه اليومية ( طعام، دفء، و حرية بطبيعة الحال)، والخارج المحتفي بجنيف2 حد الصخب. وهو ما عكسته السيناريست "يم مشهدي" حين كتبت: "يا ترى لو كان المؤتمر ب سراقب اوكفر نبل , كانت اتدابحت العالم ع الطلعه إلو ضمن أي صيغه, مشارك, صحفي, عضو "، وكذلك الشاعر "عارف حمزة" حين قال:"لو كان بشار الأسد بجنيف. كانت الكهربا ما انقطعت عن الداخل السوريّ. وكان قتل الناجين بخطاباته الكيمياويّة".
رغم أن زاوية النظر هذه كانت واضحة في طريقة احتفاء الداخل والخارج بالمؤتمر الذي انطلق اليوم، إلا أنها لم تمنع الطرفين من متابعته، كل من زاويته، حيث بدا السوريون رغم كل آلامهم مشدودين لهذا الحدث، رغم اختلاف الدرجة.
السياسيون والمعارضون السوريون تنوعت رؤيتهم للحدث بين من رأى أن المؤتمر لن ينجب شيئا وبين من راهن على ضرورة خوض الصراع في الميدان السياسي، حيث قال المعارض "برهان غليون": يبدأ اليوم مؤتمر جنيف٢ العتيد الذي لايزال المجتمع الدولي ينادي به ويدعو اليه كمخرج وحيد للازمة السورية. لا ينبغي أن يكون لدينا أية أوهام عن نتائج أي مباحثات مع طغمة الأسد التي أظهرت خلال خمسة عقود أنها لاتفهم إلا لغة القوة والتي جعلت من تجريد الشعب من حقوقه والإجرام المنظم بحق أبنائه جميعا ودون تمييز نظام حكم كامل".
وكتب المعارض "محي الدين اللاذقاني" في رده على ما قاله وزيري الخارجية والإعلام السوريين ( وليد المعلم وعمران الزعبي) من أن الأسد باق: " اقلبوا صفحة جنيف طالما أن كل قرار سيخضع للإستفتاء كما قال المعلم ...فالج لا تعالج مع هؤلاء لا يوجد إلا حل واحد يعرفه الجميع فول ستوب". لنكون أمام حقيقة فاقعة أن الطرفين يذهبان إلى جنيف بأجندات مختلفة، وهو ما يعني أن طريق الحرية مازال طويلا، وأن جنيف 2 ليس إلا الخطوة الأولى في مسار طويل.
وهذا ما دفع الشاعر السوري" فارس البحرة" للسخرية بالقول: " الرئيس الأسد خط أحمر وبينقّط أبيض".
الفنانون السوريون كانوا حاضرين بقوة للتعبير عما شاهدوه خلال الساعات القليلة التي ضمت وفدي النظام والمعارضة في قاعة واحدة لأول مرة منذ اندلاع الانتفاضة السورية ( آذار 2011)، حيث كتب الممثل السوري المعارض "عبد الحكيم قطيفان": "جميع دول العالم اتفقت على(كلمة سواء) وهو إنتاج حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة ونافذه. والأسد اللاحم خارجها.إلا وفد الشبيحة يغرد خارج السرب !!!"، مطالبا العالم بأن "آن الاوان أن تقول كلمتك الحاسمة ..إن كان بقي لديكم قليل من قيم أو أخلاق..؟". في حين كتب زميله الفنان "فارس الحلو": "من يعرف سوريا الأسد يفتقد لمسيرات التأييد المليونية الشعبية في هذا الوقت الحرج!!!." ساخرا من وضع النظام اليوم، وغامزا بنفس الوقت من قناة الذين تظاهروا في "مونترو" خارج قاعة المؤتمر تأييدا للرئيس الأسد، حيث كتب "علي علوش" ساخرا: "اللي عملو مسيرات مؤيدة لبشار بسويسرا اليوم ..أكدو إنو العبيد عبيد ولو كان بأرقى دول العالم.. لكن معقولي حاملين صور سيادتو و لبيك بو حافيظ و بجنيف كمان .. يا عيب الشوم بس !".
فنان الكاريكاتير الشهير "علي فرزات" اختار السخرية من وفد النظام، حيث قال تحت عنوان "وصف حي..!": كان وليد المعلم يبدو متل كيس القريشة....وجنبه الزعبي عينيه باظظة متل الضفدعة اللي قاعد عليها المعلم..ولونا الشبل تخنانة وصايرة متل معجون الاسنان المعصور من النص..!".
سخرية السوريين تركزت على وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة الإعلامية للرئيس الأسد "لونا الشبل" التي حظيت بنسبة كبيرة من سخرية السوريين بسبب توزيعها الابتسامات في الوقت الذي كان فيه المعلم يتباكى على السوريين، حيث كتبت الإعلامي "باسل الجنيدي": "أشعر أني بحاجة لطبيب نفسي ..ابتسامات "لونا الشبل" أثارتني حقاً .. خصوصاً حينما لمز المعلّم أمامها : كيري"، في حين كتبت الإعلامية المنشقة عن التلفزيون السوري "علاعباس": "بعد ما كلمة المعلم انتتابتني حالة من الوحام عالشاكرية ،ما بعرف ليش؟؟؟؟؟؟".
ولكن رغم السخرية التي استحوذ على النصيب الأكبر منها وفد النظام، فإن البعض ناقش تركيبة الوفد مسلطا الضوء على خبث النظام في تضمينه الوفد رجل دين مسيحي بغية ترويح نفسه كحامي للأقليات حيث حرص على أن يضم الوفد كل مكونات الشعب السوري الطائفية كي يدفع عن نفسه تهمة الطائفية، حيث كتب الشاعر "فارس البحرة": "ولو كان بقيان حاخام بسوريا كانوا حطوه كمان بالوفد. بس الحق مو عليهم. الحق على يلي عميتوافد معهن".
وعن نفس الأمر كتب المعارض والسجين السابق "مالك داغستاني" وصاحب رواية " دوار الحرية": "من ضمن "العدّة" التي حملها وفد الأسد إلى جنيف كان هناك ٤ حقائب وخطاب مكتوب والمطران كبوجي".
بعض السوريون ربطوا بين المؤتمر وما نشرته وسائل الإعلام منذ يومين عن انتهاكات النظام وجرائمه في السجون، حيث تم توثيق مقتل آلاف السوريين تحت التعذيب، حيث كتب الكاتب "خالد حج بكري" عين على جنيف.. وعين على لاهاي.. والقلب في سوريا!"، فهل ينجح السوريون في جنيف ليوصلوا جلاديهم إلى لاهاي؟